الحركة الكردية في كردستان سوريا أمام محكمة التاريخ

 د.إسماعيل حصاف*

في خضم المتغيرات المنتظرة في المنطقة، وما قد تفرز من نتائج بالنسبة للقضية الكردية، في ضوء الحراك الكردي، تقف الحركة السياسية الكردية ولاسيما قواها المتنفذة في الساحة، أمام محكمة التاريخ، وبالتأكيد سيكون الحكم قاسيا جدا، فيما لو تركنا دونما فائدة هذه الفرصة التاريخية، التي قد لاتأتي إلا خلال قرن كامل، ولنتذكر أنه قد مضى على سيفر 93 عاما.

لقد فوت الشعب الكردي على نفسه فرص تارخية عديدة ، كان بإمكانه تحقيق حلمه التاريخي، بسبب عوامل عدة أبرزها ذاتية تندرج في إطار التفكك والإنقسام وغياب البرنامج القومي الواضح،وبالتالي ما علينا إلا إدراك مستلزمات المرحلة وضروراتها الآنية بالنسبة للقضية القومية التي تنتظر حلا ديمقراطيا عادلا منذ سيفر عام 1920 .
واليوم، التاريخ الكردي يعود نفسه مجددا، ففي الوقت الذي بات سقوط النظام مسألة وقت، ومن خلال قراءاتنا السياسية، ففي الآفق القريبة، تعد طبخة أمريكية – بريطانية – فرنسية خاصة بإنهاء المشكلة السورية من خلال عدة خيارات محتملة:
 – إنشاء منطقة حدودية عازلة تقيم فيها حكومة إنتقالية، وقد تشكل سيطرة الجيش الحر على مدينة راس العين بدعم تركي ومؤتمر الدوحة مؤشرات واضحة على ذلك .
 – تقديم أسلحة متطورة للجيش الحر ولاسيما ضد الطيران .
 – تدخل عسكري سريع لضرب البنية الأمنية – العسكرية للنظام.
 – حظر جوي.
 وفي كل هذه الحالات لن تستمر السلطة في سوريا أكثر من شهر .

ومؤكدا أن المرحلة القادمة ستؤسس لصراعات سياسية ومنازعات جدية بين القوى السياسية السورية، لترتيب توازنات جديدة وملئ الفراغ السياسي مابعد سلطة الأسد.


والسؤال المطروح: أين يقف الكرد في المعادلة القادمة؟، ولم لا تفعل الحركة السياسية الكردية شيئا مجديا ؟، ألم نتعلم من تجربة العراق ، فالكرد هم من أسسوا العراق الجديد وفرضت نفسها بفضل التحالف الكردستاني.

لماذا لاتتحرك القيادات الكردية في كردستان سوريا في هذا الإطار، ولمصلحة من الحزبية الضيقة ، ولماذا يفضل البعض المصلحة الحزبية على المصالح القومية العليا – الكردايتي .
 اسئلة كثيرة تطرحها المرحلة الحالية، في وقت تسعى أطراف إلى تحويل كردستان سوريا إلى منطقة حرب مدمرة، ومن هنا فإن الواجب القومي يدعوكم أيها الساسة بالتحرك السريع والعملي من أجل أداء الخطوتين التاليتين :
– عقد مؤتمر قومي واسع يحضره جميع الأحزاب والتيارات السياسية والشخصيات الثقافية والوطنية الكردية من أجل بناء جبهة تحالف كردي قادرة على إيجاد مكانة مناسبة للشعب الكردي في اللعبة السورية الجديدة .
 – العمل من أجل التنسيق مع الجيش الحر ضد الدكتاتورية والإتفاق معهم، وإنطلاقا من خصوصياتنا القومية ، على ترك مسؤولية الدفاع عن الإقليم الكردستاني من حق الكرد.
 هذا ما يجب القيام به اليوم قبل غد، في وقت تحترق Serê kanyê وتتفرغ مناطقنا من الشباب التي قد تؤثرعلى عملية التغيير الديموغرافي، وتفاديا لتوسيع دائرة الحرب إلى المدن الكردية الأخرى.

وسؤالنا الأخير إليكم : ألا تعتبر التقاعس عن المهمة القومية في هذه اللحظات التاريخية مهزلة سياسية؟، التي قد لانجد مثيلا لها في تاريخ حركات التحرر العالمية.


إننا جميعا نقف أمام محكمة التاريخ!

* سكرتير البارتي الطليعي الكردستاني – سوريا Pêşeng

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شكري بكر إن ما يحدث في سوريا ومنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية بين السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ، وما إتفاق 10 آذار هو إتفاق عسكري وإداري لا علاقة له بالقضية الكوردية لا من قريب ولا من بعيد . فالبنود الثمانية التي وقع عليها كل…

شادي حاجي   إلى السياسيين الكرد، إلى المثقفين، إلى النخب في المجتمع المدني، لنكن واضحين منذ البداية: لا يوجد إنجاز كردي حقيقي في سوريا دون تغيير جذري في طريقة التفكير. وكل حديث عن مكتسبات أو انتصارات، بينما العقل الذي يدير المشهد لم يتغير، ليس سوى محاولة لتجميل الفشل أو تأجيل الاعتراف به.   التجارب السابقة لا تحتاج إلى مزيد من…

نحن، المنظمات الحقوقية السورية الموقِّعون أدناه، نتابع ببالغ القلق والاستنكار الجريمة الخطيرة التي تعرّض لها المدنيون في حي وادي الذهب بمدينة حمص، حيث تشير المعطيات الميدانية الأولية، وشهادات السكان المحليين، والمواد المصوَّرة المتداولة، إلى وقوع تفجير إرهابي داخل جامع علي بن أبي طالب التابع للطائفة العلوية، أثناء تواجد عدد كبير من المدنيين المصلِّين داخله، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين…

صلاح بدر الدين تدعو الكاتبة سميرة المسالمة، في مقالها “مواطنون في دولة سورية… لا مكوّنات ولا أقليات” (“العربي الجديد”، 22/12/2025)، إلى “مجتمع من المواطنين… يتحرّرون من الإرث الثقيل الذي خلفه النظام الأسدي باستعادة دورهم ذواتاً فاعلةً، وبناء الثقة المتبادلة فيما بينهم، من خلال تعريف أنفسهم شعباً واحداً لا مكوّناتٍ ولا أقلياتٍ متفرّقة، وتعزيز هُويَّتهم مواطنين لا رعايا”. وتضيف: “فالجماعات الإثنية،…