عبد الرحمن آلوجي
ما كتب حول الحركة الكردية في سورية , وما نظر لها , واقتعد من اجلها – في أدبيات الحركة و خارجها – لا يكاد يحاط بالحصر و العدّ… ولكنّ ما يهمنا أن تسقط هذه الآراء, وتلك التنظيرات على الوقائع, وتترجم ميدانياً… فيخرج الأمر من إطار الأمنيات إلى حيزّ التطبيق الفعلي , وبخاصة فيما يتعلق بلم الشعث , وترتيب الداخل , والرقي به من حالات الإسعاف و التمزق وحكر الموقف, واعتماد الهيمنة المركزية … إلى واقع أكثر جدوى وتحضراً وانتقالاً …
ليس المهم أن نكتب ونحلل , ونحسن التقويم والنقد , ولكنّ المهم فعلاً أن نحسن عملية الرصد والمتابعة , واستشراق الأفق نحو تلمّس الحلول الناجحة , والوصول بها إلى تطبيق مثمر , في حدود الإمكانات والفرص المتابعة , مع مراعاة الجوانب التطبيقية المعقدة, و المحكمة بتراكمات وتشابكات ومسائل شائكة … لم تكن وليدة الأمس القريب بل كانت نتيجة حتمية لكل أسباب وعوامل الحصار والتفتيت , وتمزيق الصف الكردي وضربه من الداخل , بالإستناد إلى عوامل ذاتية هيئت لها الأرضية المناسبة , و التربة الممرعة ,لتفسيخ الحركة وتفخيخها , وترك عوامل أخرى أشبه بألغام لم تتفجر ولكنها قابلة لإنفجار في أية لحظة كنا أحد ضحاياها …
مما يضاعف الأزمة , ويؤزم الخطر المحدق , ويجعل المهمة النضالية شاقة , ورصدها وتحليلها شديدة التعلق بتلك المهمة , مما يفترض في المحلل والدارس المنصف أن يكون على اطلاع شامل , بل يكون من صلب العمل , وفي خضم المعانات , ويكون العمل النقدي أكثر عمقاً وجدوى وفاعلية إذا كان الدارس في العمق من المسألة , ولاعباً أساسياً فيها , أدرك كل الحفر و الإلتواءات والعقبات الكؤود التي حالت دون أن يأخذ السياسي المبدئي دوره في الإرتقاء إلى جزء من أهدافه , وشيء من مستلزمات نضاله … هذا النقد سوف يكتسب طابع الجرأة أولاً, و السطوع والتألق ثانياً , و القدرة على فهم المعضلة , وتقديم الناجح من الحل العملي ثالثاً….
وهو ما جعل النقد الموضوعي أداة لفهم الموقف وإدراك تعقيداته , والوصول إلى تقويمه و درس تفاصيله للوصول إلى صيغة تهيئ لعمل بديل , يقوى على التخفيف من الآثار السلبية المؤسية, والوقوف على الجوانب المرشحة للحد الأدنى من التوافق والتكامل في الصيغة السياسية , والانتقال به إلى ( آلية) تضبط وتنظم هذه الصيغة إلى ((واقع حياتي ميداني)) يمكن أن توجه وتبرمج هذه الصيغة , وفق خطة عمل منظمة , قوامها الخروج من الأطر الشكلية المتحكمة في العمل السياسي , سواء كان ذلك في إطاري ((الجبهة)) و(( التحالف)) أم في الإطار المعتمد أخيراً ((التنسيق)) والذي يمكن النظر إليهما من خلال ما تؤديه من عمل توحيدي , هو في مظهرها العام شكلي بحت, بالقياس إلى ما تنتج وتبدع وتتحرك فيه أحزاب هذه الأطر المحورية , والتي يمكن جمعها , في إطار ((رؤية مشتركة شاملة )) لا كتلك التي طرحت (( ورقة عمل شكلية)) لم تخرج من إطار الأمنيات , ولم تجد صداها على أرض الواقع , حيث تعطلت كل اللقاءات إلاّ من خلال القيادة العليا للجبهة والتحالف والتنسيق و في محاور ثلاثة مشتتة ومفرقة , أما على أرض الواقع فلم تكد تصل إلى فروع , بل تعطلت أعمالها حتى في حدود التنسيق العملي الأدنى , وخاصة في الإطارين القديمين , واللذين يتقاسمان في الحقيقة البرامج نفسها أو تكاد , دون فارق كبير ..
كما لم تعد إلى الواجهة تلك النشاطات المشتركة المفترضة, والتي ينبغي أنّ هناك أطراً جامعة يمكن أن تنتقل إلى صيغة شاملة , توحد مجمل الحركة , في طابع ائتلاف جديد أوسع وأكثر جدية , وأقدر على التحرك من خلال المنطقيات والفروع على الأقل , لتأخذ عل عاتقها مهمة (نضالية ميدانية ) أقل وأدنى من تلك التي جمعتها أحداث الثاني عشر من آذار , مع الأخذ بعين الإعتبار ما تتطلبه المرحلة من حسم في (القواسم العليا المشتركة) والتي ينبغي أن تؤلف نسيجاً سياسياً متكاملاً , يوحد الخطة الفكرية والسياسية الأساسية , من خلال برنامج نضالي, يعد بمثابة ((منهج سياسي متكامل)) يأخذ في الإعتبار الأساسيات التالية:
كما لم تعد إلى الواجهة تلك النشاطات المشتركة المفترضة, والتي ينبغي أنّ هناك أطراً جامعة يمكن أن تنتقل إلى صيغة شاملة , توحد مجمل الحركة , في طابع ائتلاف جديد أوسع وأكثر جدية , وأقدر على التحرك من خلال المنطقيات والفروع على الأقل , لتأخذ عل عاتقها مهمة (نضالية ميدانية ) أقل وأدنى من تلك التي جمعتها أحداث الثاني عشر من آذار , مع الأخذ بعين الإعتبار ما تتطلبه المرحلة من حسم في (القواسم العليا المشتركة) والتي ينبغي أن تؤلف نسيجاً سياسياً متكاملاً , يوحد الخطة الفكرية والسياسية الأساسية , من خلال برنامج نضالي, يعد بمثابة ((منهج سياسي متكامل)) يأخذ في الإعتبار الأساسيات التالية:
(1) – الإعتراف الدستوري بواقع وجود الشعب الكردي في سوريا , يتمثل في قومية واضحة السمات والمعالم , تشكل الصيغة المدنية الإجتماعية والسياسية لثاني قومية في سورية , ضمن النسيج الوطني العام , والذي يجب الإعتراف به كأحد ركائز العمل الوطني لأية صيغة سياسية متقدمة في سورية , انسجاماً مع الوجود التاريخي والنضالي والراسخ على الأرض لشعب عريق أصيل على أرضه…
(2)- إشراك هذا الشعب بما له من لغة و ثقافة وعادات وتقاليد , وقيم قومية وتراثية متميزة في صنع القرار السياسي , والمشاركة السياسية وفق تركيبته السكانية , ونسبته في البلاد , في مختلف مجالات الحياة الإدارية والسياسية والقضائية والتشريعية وسائر مفاصل الدولة والمجتمع , بما يترجم عمليا تنوع الأطياف والتركيبة الاجتماعية في المجتمع السوري , وما لذلك من أهمية بالغة في استحقاقات التميز بدلاً من اللجوء إلى الإلغاء والإحتواء والشطب
(3)- إعتماد النضال السلمي الديمقراطي والمدني وسيلة نضالية لبرمجة الأهداف , وتحديد المواقف , وترجمة الفكر النضالي التحرري للحركة في إطار (جامع) يشكل المرجعية الأساسية , لأيّ عمل تحاوري تفاوضي , من شأنه أن يساهم في (حل) القضية الكردية , ويفسح المجال أمام التطلع إلى عمل ميداني من شأنه أن يبلور الصيغة المرتقاة إلى (تحرك جديد) من شأنه أن يفتح الآفاق نحو (الحل المرجو) والذي يعد من أكبر مقومات العمل الوطني والذي يبقي هذا الباب مفتوحاً على أي عمل وطني جاد ويمكن أن يؤطر لصيغ نضالية جديدة تتماشى مع ملامح المرحلة والتطور المطلوب
(4)- إغفال الصيغ التفصيلية التي تحول دون ((وحدة العمل السياسي وآليته وبرامجه)) يمكن تركه لحوار مقبل على الصعيد القومي الوطني يفصل البرامج , ولصيغ الخطط اللاحقة , والصيغ المقربة على طاولة (حوار) مجد , هذه الصيغ التي يمكن أن تكون مجال تداول مستقبلي من شأنه أن يجمع على الحد المطلوب , ويترك المجال فسيحاً أمام الإجتهادات والتفرعات اللاحقة , والتي ينبغي تركها لخصوصية (العمل الحزبي) لكل تنظيم , بما يحمل من قناعات ومفاهيم وأساليب عمل خاصة , مما يمكن وضعه لاحقاً في إطار التفاهمات المشتركة , والتي يمكن فرز بعضها والإبقاء على بعضها الآخر , في إطار التميز والإختلاف وتعدد المشارب , وتشنج بعض المواقف , مما يمكن أن يشكل ركيزة عمل ميداني لاحق , يعزز الخاص , ويفرز العام , ويجمع بينهما في وحدة وتنوع…
(5)- برمجة الأعمال والمواقف والتحركات الميدانية , بحيث تخضع لعملية حساب دقيقة , تستطيع الإفادة الممكنة من طاقات الأحزاب المنضوية , والجماهير المنتظمة , بما لا يمكن تصنيفها إلاّ في (إطار عمل جامع منتظم ) تدرس آثاره ونتائجه , وتقوّم أعماله , قبل الإنطلاق إلى أي عمل من شأنه أن يشكل استعراضاً , أو دعاية إعلامية , أو ضجة غير فاعلة , وهو ما لا يمكن خوضه إلاّ وفق صيغ وبرامج مجدية و شاملة و مؤثرة , بحيث يغدو التظاهر أو الإعتصام أو التنديد بأي عمل منتجاً وفاعلاً و عملاً جماعياً مشتركاً , يأخذ في الحسبان (برنامج العمل السياسي) المتفق عليه , وصيغه النضالية , وخططه اللاحقة , بما يزج بأكبر طاقة في الساحة السياسية, وبما يرفع من وتيرة العمل النضالي , لتحقيق القدر المطلوب , بجرأة و بموضوعية ومرونة , وتعكس كلمة الحركة , ودقة توجهها , وسلامة نهجها , وبعدها عن أي عمل إنفرادي مبتور , لا يأتي إلاّ بمزيد من التشتت وبعثرة الطاقات , والإنقسام والإتهامات غير المدروسة , والأساليب غير المنتجة , وغير المساهمة في توحيد الموقف…
(6)- الخروج من إطار خطاب سياسي تقليدي باهت , لا ينسجم مع آفاق المرحلة , وتطورات القضية الكردية عامة, وتحولات مفصلية في السياسة الدولية و الإقليمية , وقضايا حقوق الإنسان , وضرورة الإنفتاح على المد العالمي , مما يفترض أن تكون الحركة في وعيها وإدراكها و برامجها وخططها اللاحقة منسجمة مع المفرزات الجديدة , والأساليب النضالية المفترضة , حيث تشكل انعطافة نحو عالم جديد , يركز على الإنفتاح والحرية والديمقراطية , وقضايا السلم و المدنية , بعيداً عن كل الأساليب القمعية المهترئة , وسياسات التسلط والتمييز والتفريق وبعثرة الجهد..
الأمر الذي يقرب الهوى بين المختلف , ويحدد هوية المتعدد, بما يثري ويعلي و يقرب …
الأمر الذي يقرب الهوى بين المختلف , ويحدد هوية المتعدد, بما يثري ويعلي و يقرب …
هذه النواة يمكن أن تشكل محور عمل , وطاقة التقاء , ومستند برنامج سياسي , لمؤتمر وطني جامع وشامل ومؤسس يمكن أن يكون البادرة العملية لأي تحرك من شأنه أن يقود إلى خطاب موحد ويبرمج لآلية عمل جديدة كانت من أبرز اقتراحاتنا , ولا تزال محور اهتمامات البارتي وكوادره الأساسية… وهي تأخذ بالحسبان مسألة حيوية وهامة , قوامها نقل الأمنيات إلى واقع عملي وميداني بما يهيء للمرحلة , ويجعلها (أداة نضالية) تنتج أكبر قدرة على التحرك , والإنتقال إلى الإستفادة من طاقات (تنظيم العمل) وسحبه إلى الهيئات والمراكز والفروع , ثم إلى القطاع الجماهيري و النخبوي , بشكل يتكامل فيه العمل الجماعي , ويترجم إلى صيغ نضالية ثابتة , يمكن أن تكون منطلقاً لتحرك ميداني واسع و عريض , فيثور على كل ما هو تقليدي وجامد , وبعيد عن الإجترار و التردد و التراجع ,يحدد الإطار العام و العملي للبرنامج النضالي , وفق صيغة تشاورية موحدة يكون للنخبة والجماهير تمثيل واسع فيه, بما يحد من الخلافات المصطنعة , والصيغ الاستعراضية الأخرى المتحجرة , أو الحزبية الضيقة و المفتتة والبعيدة عن الصيغ الديمقراطية و التبادلية والتي اصطلينا بنارها على مدى سنين أربع مما لا يتناسب مع مفهوم العصر والتوافق و التكامل والائتلاف بما يجمع على صعد تنظيمية وسياسية ويوحدها على قدر عريض من الأسس والقواعد التي سبق ذكرها و التي تعد بمثابة المنطلق الأساسي لإتحاد طوعي ومتكامل , تتفاعل من خلاله كافة الطاقات والإبداعات والقوى والشرائح والأطراف التي تؤلف النسيج الجامع لعمل سياسي يمكن أن يشكل المرجعية القانونية , لأي تحاور وطني مقبل على صعيد سياسي واضح المعالم والسمات , والأسس والمباديء….