الشعب الكردي من تحت الدلف إلى تحت المزراب

دلكش مرعي

  عندما تفتقر الشعوب إلى التفكير والمنطق العلمي السليم وتتعرض بسبب فقدان هذه الخاصية إلى  قرون من الظلم والعدوان والاستبداد وحالات القهر والفشل والهزيمة والاحتلال تفقد هذه الشعوب على المدى البعيد القدرة في توجيه دفة مصيرها بسبب تفكيرها وقيمها وعقائدها المتخلفة من جهة وبسبب تكريس هذا التخلف في الوعي العام من قبل المحتل المستبد عبر قرون من جهة أخرى فعندما تأتيها فرصة لتعبّر عن نفسها في ظروف معينة فيتماها ممثلوا هذه الشعوب بسلوك المحتل المستبد وممارساته كرد فعل على – هذا الهدر الكياني – وبسبب الاحتقان النفسي وفقدان الاعتبار والقيمة وإهدار الكرامة عبر تلك المدة الطويلة تسلك هذا السلوك لتفريغ ما بداخلها من احتقان وبؤس وانكسار داخلي دفين على ذاتها وعلى من حولها لتقول – أنا لست أنا – أنا لست ذاك البائس الفاشل المقموع المتخلف الذي احتل أرضه وعرضه وكرامته كل تلك المدة انظروا فأنا أيضا استطيع أن استبد واقمع وأقتل وأسجن وأدخل الرعب في قلوب الناس وغيره من الأعمال العدوانية المتماهية بسلوك المستبد
فمن المؤسف القول بأن المتخلف المنكوب المبتلي بالفشل ينمي – هوية الفشل -والضياع عبر فكر وقيم وعقائد تراثه الموبوء بدلا من البحث عن الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل وهذا الضياع للوصول عبر هذا البحث إلى – هوية النجاح – فالمتخلف لا يملك النهج المعرفي لتأسيس كيانه الوطني ومكانته أو بناء مشروع وجوده كبقية أقرانه من البشر فنزوة الحياة والنماء وبناء الذات المعطلة لدى بعض الشعوب المقهورة تؤدي على الدوام الى ظهور نزوة العنف والصراعات العقيمة في الساحة الوجودية لهذه الشعوب فمن يلقي نظرة على الصراعات الجارية بين الأحزاب الكردية في غربي كردستان التي تتناحر لإثبات الذات الحزبية التي وصلت في بعض الأحيان إلى حد القتل والسجون والنفي سيدرك بأن الشعب الكردي أصبح يعاني من ورطة حقيقة خطيرة يرثى لها  ولا يعلم إلى أي وجهة ستقوده هذا الصراعات العقيمة والشاذة ..

وإذا ما استمر هذا الوضع وتفاقم فأن هذه الأحزاب ستدفع بهذا الشعب – من تحت الدلف إلى تحت المزراب – أي من استبداد النظام القاتل الى الاستبداد البائس  للأحزاب الكردية المتناحرة … فقد تنفس الشعب الكردي الصعداء بعد انطلاقة الثورة السورية واعتقد بان ساعة الخلاص والتحرر بعد نصف قرن من الظلم والقمع والاستبداد والدكتاتورية والمشاريع العنصرية بحق الشعب السوري عموما والشعب الكردي بشكل خاص بات قريبا وقاب قوسين أو أدنى ولكن من المؤسف بأن حلم الشعب الكردي لم يدم طويلا وتبخر بسبب تلك الصراعات الحزبية التي وصل بعضها كما ذكرنا إلى حد القتل والعنف  لإثبات الذات في الشارع عبر مظاهرات التحدي المزركشة ليثبت كل طرف قوته عبر تجميع بسطاء الكرد في الشارع ليس من أجل حقوق هذا الشعب بل من اجل إثبات الذات الحزبية … اختصاراً إذا استمرت هذه الأحزاب على نهج هذا السلوك ولم تغيره  فعلى غربي كردستان السلام

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…