قضية للنقاش – 47 «المجلس الوطني السوري» الى أين ؟

صلاح بدرالدين

( أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أمس، أنها تنتظر من المعارضة السورية أن «تقاوم، بشكل أقوى، محاولات المتطرفين لتحويل مسار الثورة» في سوريا ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، كما أشارت إلى ضرورة إجراء إصلاح جذري للمعارضة السورية، وقالت إن الوقت قد حان لتجاوز دور المجلس الوطني السوري، وجلب أولئك الذين هم «في الخطوط الأمامية للقتال والموت اليوم» للمقدمة.

«ونحن بحاجة أيضا لمعارضة قادرة على المقاومة بقوة لجهود المتطرفين لاختطاف الثورة السورية» )
 وجاء الرد سريعا من ” الشخص الكردي الغلط في المكان الغلط ” الذي صدق نفسه أنه يقود فعلا مجلسه الممثل الشرعي الوحيد في نظر العالم  للشعب والثورة والمعارضة ! فبعد استجداء متواصل من جانب ” المجلس ” للمباركة الأمريكية ومساعداتها والتسبيح بحمدها منذ قيامه انقلبت الآية فجأة عندما تعلق الأمر باحتمال رفع الغطاء والاعتراف الدوليين عنه بتركيبته الراهنة الذي بني على مقاس معين وخشية المتنفذين فيه على مواقعهم وامتيازاتهم فكان اتهام أمريكا والمجتمع الدولي بالمسؤولية في تنامي الارهاب داخل صفوف الثورة السورية من دون الرد طبعا على أسباب الجانب الأهم الذي تناولته السيدة كلنتون وهو ضرورة ” تجاوز دور المجلس ” .

 من حق أي طرف دولي – بما فيها أمريكا – يعتبر نفسه صديقا للشعب السوري ويطالب باسقاط نظام الأسد أن يدلي بمايراه تجاه القضية السورية ومن حقنا كشعب سوري وثوار ومعارضة أن نتقبل أو نرفض مايراه الآخرون تجاه قضيتنا التي نزعم أننا أدرى – بشعابها – والسؤال الأهم والجوهري بعد تصريح كلنتون هو : هل اكتشف الغرب عموما والأمريكييون على وجه الخصوص كما كنا نحن الوطنييون السورييون نحذر منه منذ البداية من أن المجلس قام أصلا على أساس هش وخاطىء من دون تمثيل كل المكونات القومية والدينية والمذهبية والسياسية وظهر تحت عنوان الاسلام السياسي وتسلطه ورأس حربته الاخوان المسلمين بدعم اقليمي واضح وصريح ؟ وهل بان لهم ولو متأخرا أنه فشل في هيكلة نفسه خلال عام ونيف ؟ وهل تأكدوا أنه فشل في نيل ثقة الداخل الثوري بقواه الرئيسية من تنسيقياته الشبابية وحراكه الشعبي وتشكيلات جيشه الحر وممثلي مكونات الشعب بل أن مساحة الثقة تتقلص يوما بعد يوم بين الجانبين ؟ وهل توصلوا بعد تجربة بنغازي ومقتل السفير الأمريكي وتطورات الوضع في كل من مصر وتونس الى قناعة أن تزكيتهم لمايسمى ” بالاسلام المعتدل الاخواني ” كانت رهانا خاسرا وأن الاسلام السياسي واحد لايتجزأ والاخواني يمكن أن يكون سلفيا وبالعكس وهو الأقرب الى كل المجموعات الاسلاموية تكفيرية كانت أم جهادية ومتفق ضمنا مع الاسلام السياسي الشيعي الذي تقوده ايران ؟ وهل وقعت بين أيديهم وثائق ودلائل على أن المتنفذين بالمجلس بعيدون عن الاصلاح وأن الفساد المالي ينخرهم وعاجزون عن توحيد صفوف المعارضات وأصبحوا بيادق لمصالح اقليمية معروفة وأنهم عرضة للاختراقات من جانب النظام السوري والايراني ؟ وما صرحت به وزيرة خارجية أمريكا وتحديدا بشأن المسألتين الأساسيتين اللتان تشكلان التحدي الأبرز للثورة السورية وأولهما  اصلاح وتطوير وتعزيز هيكلية المعارضة باعادة بنائها من جديد لتمثل الثورة في الداخل وتعبر عن كل أطياف المعارضة وتستحوذ الشرعية الوطنية والثورية وثانيهما الحفاظ على نقاوة الثورة الوطنية الديموقراطية السورية وانقاذها من مخاطر تسلل الارهابيين وخاصة من جماعات الاسلام السياسي الى صفوفها كانت تعبيرا صادقا عن مشاعر جميع الوطنيين السوريين وثوار الداخل بشكل خاص وكنا وآخرون من الوطنيين الشرفاء ندعو الى ذلك منذ اندلاع الانتفاضة الثورية .

  واذا كان لابد من تبيان الحقيقة نقول بكل وضوح بأن ” المجلس السوري ” بطريقة بنائه وتركيبته وطبيعته السياسية هو المسؤول الأول والأخير ويكاد يكون الوحيد  عن العجز والفشل والاخفاق والحاق الضرر بالثورة بعدم تلبية حاجاتها الأساسية الى درجة محاولة اقتناص شرعيتها والأذى بكل المعارضة في الداخل والخارج وكذلك عن تنامي مجموعات سلفية وارهابية تهدد جوهر الثورة ودليلنا في مانقول هو تحكم الاسلام السياسي ورأس حربته الاخوان المسلمون (وهم لايختلفون كثيرا عن السلفيين المتطرفين وأشباه القاعدة كما يحصل الآن في تونس ومصر وليبيا وعلى صلات مع ايران) في وضع لبنات المجلس بحسب مقاسهم وبدعم منقطع النظير من الحزب الاسلامي الحاكم بتركيا مع الاصرار على استبعاد من لايواليهم ولايسير في ركابهم أي أن المجلس قام على أساس اللون الواحد في مجتمع سوري متعدد الأقوام والديانات والمذاهب والتيارات مع محاولات بائسة وخادعة في استجلاب أناس بتلاوين ليبرالية أو أكاديمية ولكن مضمونين لهم ولدينا أمثلة عدة من دون ذكر الأسماء مع الافتقار بطبيعة الحال الى تمثيل كل المكونات السورية وخاصة الكرد والعلوييون والمسيحييون لذلك فان مجلسا غير محصن على هذه الشاكلة يسهل اختراقه وتحريفه وافساده وبالتالي سقوطه غير مأسوف عليه  .

والقضية تحتاج الى نقاش .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شكري بكر إن ما يحدث في سوريا ومنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية بين السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ، وما إتفاق 10 آذار هو إتفاق عسكري وإداري لا علاقة له بالقضية الكوردية لا من قريب ولا من بعيد . فالبنود الثمانية التي وقع عليها كل…

شادي حاجي   إلى السياسيين الكرد، إلى المثقفين، إلى النخب في المجتمع المدني، لنكن واضحين منذ البداية: لا يوجد إنجاز كردي حقيقي في سوريا دون تغيير جذري في طريقة التفكير. وكل حديث عن مكتسبات أو انتصارات، بينما العقل الذي يدير المشهد لم يتغير، ليس سوى محاولة لتجميل الفشل أو تأجيل الاعتراف به.   التجارب السابقة لا تحتاج إلى مزيد من…

نحن، المنظمات الحقوقية السورية الموقِّعون أدناه، نتابع ببالغ القلق والاستنكار الجريمة الخطيرة التي تعرّض لها المدنيون في حي وادي الذهب بمدينة حمص، حيث تشير المعطيات الميدانية الأولية، وشهادات السكان المحليين، والمواد المصوَّرة المتداولة، إلى وقوع تفجير إرهابي داخل جامع علي بن أبي طالب التابع للطائفة العلوية، أثناء تواجد عدد كبير من المدنيين المصلِّين داخله، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين…

صلاح بدر الدين تدعو الكاتبة سميرة المسالمة، في مقالها “مواطنون في دولة سورية… لا مكوّنات ولا أقليات” (“العربي الجديد”، 22/12/2025)، إلى “مجتمع من المواطنين… يتحرّرون من الإرث الثقيل الذي خلفه النظام الأسدي باستعادة دورهم ذواتاً فاعلةً، وبناء الثقة المتبادلة فيما بينهم، من خلال تعريف أنفسهم شعباً واحداً لا مكوّناتٍ ولا أقلياتٍ متفرّقة، وتعزيز هُويَّتهم مواطنين لا رعايا”. وتضيف: “فالجماعات الإثنية،…