التأسيس للمرحلة الانتقالية استحقاق شعبي

صلاح بدرالدين

اللقاءات التي تشهدها عواصم اقليمية بين سوريين مقيمين خارج الوطن خلال أكثر من عام قد تكون عادية ومثمرة في مجال العلاقات العامة والتعارف اذا مااستمرت في حدودها المألوفة واذا ماتمنهجت في اطار التسابق  والتنافس على تقديم الدعم الأفضل والأكبر للداخل الثوري في المجالات التي باتت معروفة من اجتهادات سياسية حول أنجع السبل لوحدة صفوف الثوار والتوحد على برنامج وخطط عمل وموقف متحد تجاه نظام الاستبداد وتوفير مستلزمات انتصار الثورة واستمراريتها وتحقيق أهدافها التي أجمع السورييون عليها وهي اسقاط النظام مؤسسات ورموزا وبنى وقواعد وثقافة وخطاب
 والاستعداد الدائم لوضع الخبرات في تصرف ثوار الداخل من دون محاولة اقتناص القرار أو الهيمنة أو استثمار الثورة لمصالح عقائدية – آيديولوجية – حزبوية أو لصالح أطراف خارجية ومن دون التناسي ولو للحظة حقيقة أن الثورة جاءت بهمة الشباب وتضحياتهم وتعززت بمبادرات وشجاعة الجيش الحر والجماهير الشعبية الواسعة وأن معارضات الخارج والداخل استفاقت بعد شهور ان لم نقل أكثر من اندلاع الانتفاضة الثورية ولايحق لها عمليا وأخلاقيا أن تمارس التسلق والاستئثار وادعاء التمثيل الشرعي الوحيد أو تقرير مصير السوريين أو التورط في عقد الصفقات في بازار المناقصات التي تتصدرها روسيا وايران ويزكيها الوسيط الدولي وأن الفروع تتبع الأصل وليس العكس نعم نقول أن تواصل السوريين في المهاجر أمر ايجابي اذا توفرت الشروط السالفة أما أن تعقد اللقاءات (من أجل اللقاءات) وتتكرر من دون انتاج مفيد للداخل فانها ستسيء الى الثورة والداخل وستزيد من الخلافات الفئوية والشخصية التي لن تكون في سبيل بلورة البرامج والمشاريع بقدر ماتكون من أجل تصفية الحسابات والكيديات والتنافس على المواقع والنفوذ والمصالح الخاصة وحينها سترتفع أصوات تدعو الى صرف تلك المبالغ الطائلة على المشردين والنازحين وعلى شراء السلاح والعتاد للثوار بدلا من تبذيرها على الفنادق والمواصلات .

 باعتبارأن عملية الوصول الى صيغة بنود وشروط ” المرحلة الانتقالية ” من الخيارات المصيرية يجب أن لاتخضع لأية مؤثرات خارج اطار الاجماع الوطني التوافقي .
    فعلى الصعيد الداخلي يجب أن تكون ملبية لمصالح وطموحات وحقوق المكونات جمعاء ليس على أساس معادلة (الأكثرية والأقلية) السيئة الصيت بل على قاعدة التوافق الوطني .
 والمجتمعون في استانبول الآن وفي الدوحة بعد أيام غالبيتهم الساحقة ان لم نقل كلهم من السوريين الموزعين بالشتات وصورة مصغرة من حيث التمثيل والمشاركة عن ” المجلس الوطني السوري ” والمجالس والهيئات الأخرى وهم بدورهم لايعبرون وغير مخولين عن ومن ألوان النسيج الوطني السوري لامجتمعيا ولامكونات قومية ودينية ومذهبية ولا شخصيات نضالية بل أن الغالبية السائدة الحاضرة دائما في تلك اللقاءات هي من ” المجلس السوري ” وله في – كل عرس القرص الأكبر – الذي يعاني من غلبة الاسلام السياسي ورأس حربته – الاخوان المسلمون – الممسك بكل مفاصله  الادارية والتقريرية والمالية والاغاثية وكل مايصدر عنه من قرارات لاتمثل الشعب السوري ولا الثورة  السورية ولا المعارضة الوطنية .
     على صعيد المؤثرات الخارجية من جانب المانحين للمال والمكان الجغرافي أي تحديدا قطر وتركيا وغيرهما فان توجهاتهم السياسية حول الشأن السوري لاتلتقي مع أهداف الثورة الا في الجزء اليسير وخاصة في حدودها القصوى النظرية المعرضة للتبدل في كل لحظة أي مسألة اسقاط الطغمة الحاكمة (الرئيس والعائلة) والحفاظ على النظام في حين أن الثورة وبحسب أهدافها وشعاراتها المعلنة وأسباب اندلاعها تسعى عبر تقديم التضحيات بعشرات آلاف الشهداء الى اسقاط النظام وتفكيك سلطته ورموزه ومؤسساته وقواعده فأنظمة وحكومات  الدول الاقليمية التي تتعاطى مع الملف السوري لها أجندتها ومصالحها وأهدافها المرسومة حول أية سوريا يفضلون وأي نظام حكم بديل يصون مصالحهم ويعزز نفوذهم وأي دستور جديد يكرس طموحاتهم ويزيل هواجسهم الى عقود قادمة .

  على ضوء هذه التحديات ودرءا لمخاطر التأثير السلبي في مسيرة ثورتنا الوطنية الديموقراطية  أو محاولات اجهاضها منذ الآن ومن أجل استيعاب دروس تجارب انتفاضات الربيع العربي في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن واستباقا لحدوث المحظور وقطعا للطريق أمام اندفاعة جماعات الاسلام السياسي لتصدر المشهد السوري بالأساليب الملتوية والوعود الكاذبة في مسائل الانفتاح والتعاون والتشارك والدولة المدنية وحقوق الآخر القومي والديني والمذهبي المختلف وحرية المرأة ومن ثم التسلل نحو مواقع تقرير المصير السياسي استقواءا بالعوامل الخارجية  نقول أن السبيل الى صيانة وتعزيز الثورة السورية هو الانصياع لشرعية الداخل المركزية الوحيدة ونقصد قوى الثورة من الجيش الوطني الحر والحراك الشعبي وتنسيقيات الشباب وعدم الارتهان للمعارضات الخارجية والداخلية بل فضح محاولاتها في تنظيم المؤتمرات بأكبر الحشود الانتقائية واستبعاد غير المرغوب فيهم فكريا وسياسيا وفرض مقاييس كيفية في تمثيل المكونات والجماعات والتيارات واستحضار شخوص من هنا وهناك باسم تمثيل تنسيقيات أو هيئات أو لجان وهم نفس الوجوه التي لايطالها التغيير منذ أكثر من عام وفقدت شرعيتها التمثيلية وأصبحت جزءا من معارضات الخارج من حيث المصلحة والولاءات والتوجه كل ذلك يتم من جانب قيادة ” المجلس السوري ” سعيا وراء شرعية ما حتى لو كانت زائفة وهنا بالتحديد أتوجه الى الاخوة والشركاء في الحراك الثوري بالداخل عامة وقادة الجيش السوري الحر الشجعان على وجه الخصوص وأطالبهم باسم المصير المشترك أن يولوا مهام توحيد صفوفهم الأولوية والأهمية القصوى حتى لا يصبحوا لقمة سائغة بمتناول الباحثين عن الشرعية الزائفة وحتى لا يتسابقوا فرادى وجماعات لنيل رضا هذا أو ذاك من المعارضات وأن لاينسوا ولو للحظة بأنهم هم وليس غيرهم المصدر الوحيد للشرعيتين الوطنية والثورية وبمقدورهم صون العلاقات المتكافئة والأخوية مع الجميع ولما فيه خير وانتصار الثورة وتعزيز صفوفها وتحقيق أهدافها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…