المجلس الوطني الكردي على مرمى السهام

الدكتور محمد شفيق إبراهيم

 بالفطرة ومن قديم الذمان ربط الكرد سبب بقائهم شعبا خارج التاريخ ومغيبا عن مجالس الشعوب ومحتلا اراضيه من قبل الغرباء، ربط الكرد كل ذلك بحالة الفرقة والتشرذم والتشتت، سواءا على المستوى الوطني السوري، أو على المستوى القومي الكردستاني، وبالرغم من احراز الكرد في العراق بعض التقدم في مجال الادارة الذاتية لانفسهم، بحكم الظروف التي اعقبت حرب امريكا على نظام صدام المقبور، ثم وقوف امريكا الى جانب الكرد للوقوف على قدميهم، والكل يدرك ذلك جيدا، ولولا الدعم الامريكي لما بقي الكيان الكردي اسبوعا واحدا على قيد الحياة، سواءا اكان السقوط كان سيتم على يد اعداء الكرد الابديين، أو نتيجة الصراع على السلطة من قبل الاحزاب الكردية هناك على شكل اقتتال داخلي ،
 اذا احراز الكرد لاي مكسب قومي يتعلق بتوفر عاملين اثنين:
 اولهما هو ضرورة التكاتف والعمل كصف واحد من قبل الاحزاب الكردية الكبيرة على الاقل، وضرورة ارضاء الاحزاب والقوى الصغيرة ايضا ، حتى لا يصار الى استغلالهم من قبل الاعداء.
 وثانيهما هو ضرورة وجود الظرف الدولي المناسب، وبدون وجود هذا الظرف يستحيل على الكرد احراز اي تقدم يذكر، وباسقاط هذه المعادلة على الشعب الكردي في سوريا العاملين غير متوفرين بشكل كامل، مع انني اعطي الاهمية الاكبر للعامل الدولي، لان توفره سيجبر الاحزاب الكردية على توحيد المواقف شاؤوا ام ابو، وخاصة اننا في سوريا اعتدنا على ان نكون تابعين لغيرنا سواءا للاشقاء في الاجزاء الاخرى من كردستان على شكل محاور موجودة منذ نصف قرن ولا زالت، أو للقوى الدولية اذا اعترفت فينا .
وعندما بدأت المرحلة الحالية في سوريا، تحركت الاقلام المثقفة والوطنيين والمستقلين ونادوا بضرورة ترتيب البيت الكردي من الداخل، حتى نكون جاهزين للتغييرات المرقبة، والتي كان الاعتقاد من قبل الكثيرين انها ستأتي سريعة لدرجة انه لم يبقى هناك وقت كافي والا فاتنا القطار، فلذلك جاءت الاستجابة من الاحزاب ايضا سريعة، والاخوة في خارج الوطن ايضا لم يقصروا في الاستعجال، وربما الكثيرين منهم كانوا قد احزموا حقائبهم للعودة والوصول الى قطف الثمار، ولهذه الاسباب جميعا جاء تشكيل المجلس الوطني الكردي عبر ولادة قيصرية، وعلى يد طاقم سيئ قليل الخبرة وسيئ النية ، اللذين وضعوا مصالحهم الحزبية فوق مصالح الشعب الكردي حتى في هكذا اوقات حرجة من تاريخه، وجاءت المحاصصة الحزبية والالتفاف على المستقلين والوطنيين الصادقين ليتمخض عن المؤتمر الوطني الكردي مجلس وطني كردي مشلول ووليد مشوه يعاني من تشوهات خلقية جعلت حياته كلها صعبة جدا، وبدون انجازات تذكر، وها نحن على اعتاب ذكرى تأسيسه، والشعور السائد ان مؤسسيه من الاحزاب الكبيرة تريد التخلص منه، والسهام تأتيه من كل حدب وصوب، وكل ذلك لان آلية تشكيله كانت مليئة بالاخطاء القاتلة، ولكنني بالرغم من كل ذلك اتمنى لهذا المجلس ان يستطيع ايجاد مخرج مشرف للتخلص من أخطاءه، ليستطيع لعب الدور المنتظر منه ان يلعبه الى جانب مجلس الشعب لغرب كردستان، لانهما معا يشكلان الجناحان الرئيسيان لقوة الشعب الكردي، وبدون اتفاقهما لن نوفر العامل الذاتي الاول الذي اوردناه في البداية لاحراز اي تقدم باتجاه انتزاع حقوق الشعب الكردي، وبدون تحقيق عامل وحدة الصف لن يكون هناك دعم دولي واضح لقضيتنا وقديما أجدادنا قالوا (اذا لم تحك ظهرك بايدك لن يحكها لك أحد).
24/10/2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…