وتعزيزاً لرأي الدكتور كسرى حرسان حول ظاهرة هجرة الكورد

خليل مصطفى

يستحيل على أيِّ كان النهوض والارتقاء ، إلا إذا أجهد نفسه بمحاربة جهله وفوضويته وفقره ، بمعنى أن يُغيِّر شأنه من حالة إلى حالة أخرى ( ويسري ذلك على الجماعة ) .!؟ والمقصود بالتغيير هنا : رغبة ( إرادية ذاتية) بالتحول من حالة ( سلبية ) إلى حالة إيجابية .!؟ ومفهوم التحول هنا : ترك المعني (أياً كان) لما هو عليه من شأن (مادِّي أومعنوي)، واتخاذه للقرار الذي يدفعه لسلوك سبل الانتقال إلى شأن آخر جديد (مختلف)، فترك ما كان عليه من شأن (حالة سابقة)، ليصبح لاحقاً في شأن جديد (حالة راهنة)، وهذا التحول بحدّ ذاته يعني الهجرة من الحالة “الفوضوية” نحو الحالة التنظيمية ،
والهجرة من الحالة الجاهلية ، تعني التحول من ثقافة دونية “وضيعة” إلى ثقافة رفيعة “راقية” عبر اكتساب العلوم النافعة ، والهجرة من حالة الفقر ” العسر” يعني التحول إلى الغنى ” اليسر” ، والتحول الإيجابي ” النجاح ” مشروط باتخاذ الوسائل السليمة ، وهي المختلفة عن الوسائل الملتوية الآتية بالنجاح عبر مبدأ : الغاية تبرر الوسيلة ، فهذا المبدأ مرفوض عند المثقفين العقلاء ولا يريدونه .!؟ بتلك المقدمة أعزز رأي الدكتور كسرى حرسان ” مشكوراً ” حول عرضه ألتوصيفي لـ هجرة الكورد “الشباب” ومحاولة معالجتها، ويُشكرُ “أيضاً” لما قدم من تنويه “رائع” يخصَّهُ وعمل أعضاء المجلس الوطني الكوردي .!؟
1 ــ مصيبة الهجرة الشبابية لخارج حيِّزهم المكاني بكل أبعادها المادية والمعنوية ، هي جريمة “موصوفة” ناجمة عن لامبالاة الأهل ، تجاه مسؤولياتهم لشؤون أبناءهم ، وإهمالاً لدورهم في متابعة ومراقبة وإرشاد أبنائهم.!؟ وترك الشباب يتنزهون بغرائزهم كيفما يشاؤون ، أو كبتها بداخلهم لتتسرب ” الغرائز ” رويداً رويداً ، فتقودهم من انحطاط لانحطاط ..!؟ فكما أن الاهتمام بالشجرة ” تقليمها مثلاً ” يعتبر حقاً من حقوقها ” الطبيعية ” لكي تنمو .!؟ وعليه كذلك الشباب من حقهم ” الطبيعي ” على الأهل : أن تتم متابعتهم ، ومراقبتهم ، وإرشادهم (تَقْليم سلبياتهم) ، ومدَّهم بما يحتاجونه ، وهنا فمن الطبيعي رؤيتهم أفراداً صالحين في سلوكياتهم (المادية والمعنوية) ..!!
2 ــ أسئلة لا بدَّ من الإجابة عليها بشكل صريح وواضح “بروح صادقة وشفافية نزيهة ” .!؟ كـ : ماهية الثقافة الدارجة في المجتمعات التي ضمت هؤلاء الشباب .!؟ وماهية السلوكيات اليومية للأفراد (في المنزل والشارع والحي والمدرسة والقرية والمدينة .!؟ وماهية الإستراتيجية “الفكرية والعملية” التي ينتهجها النظام الحاكم للمجتمع الذي ينتمي إليه الشباب .!؟ وماهية الثقافة التي اكتسبها الشباب من واقعهم الملموس ، بدءاً من أقوالهم وأفعالهم المعبرة عن سلوكياتهم اليومية “مع الآخر” .!؟ ولذلك فمعرفة حقيقة المجتمع الذي خرج منه الشباب نحو المهجر “ضروري” ..؟ ومعرفة المجتمع الذي يذهبون إليه ليكسبوا رزقهم ، ويستقروا فيه “ضروري”..؟ فإن كان الواقعان متشابهين فلا خوف على مستقبل الشباب إن عاشوا هناك وإن عادوا للمكان الذي خرجوا منه .

أما إن كانا مختلفين “وهي الحقيقة الواقعية” فالمصيبة واقعة على الشباب هناك ، وعلى ذويهم ومجتمعاتهم إن عادوا لأوطانهم ..!؟
3 ــ فالشاب المتهالك ثقافياً  “كواقعه” ، نجده يلهث خلف غرائزه المنفلتة ، فلا يملك عقلاً يردعه ، ولا خُلقاً يعصمه ، فتثور وتتمرد عنده الغرائز ، لأن سنوات تعلمه عجزت عن إيصاله إلى مراتب الرجال الراشدين ، فهو “للأسف” ضعيف التفكير ، قوي الشهوة ..!؟ فأيُّ حظ من الوعي ” الفطنة وأصالة الفكر ” يمتلكه ..!؟ وأيُّة وسائل ” سديدة ” تعلَّمها كي يسلكها ليصل إلى الأهداف الجميلة ..!؟ وتعزيزاً لرأي الدكتور كسرى حرسان ، الداعي لإيجاد الحلول الناجعة لمشكلة هجرة شباب الكورد، من خلال همسته المؤلمة، عبر الإنترنيت “ولاتي مه”.

وعليه فأعتقد : بضرورة إيصال كل ما ينمي ويهذب عقول الشباب ، ويقوي ملكاتهم ، كي تغير نظرتهم للحياة والأحياء وفق رؤية صائبة ..!!  وضرورة تصحيح الأساليب التربوية والتعليمية بالاعتماد على التراث “ما هو متميز بالسمو” ، وتلك مهمة العقلاء والمفكرين والباحثين (المثقفين المتمرسين) ، وعلى هؤلاء المتمرسين أن يشعروا (يحسوا) بأنهم يُمثِّلونَ النموذج الأسمى في واقعهم المُعَاشْ ..!! وضرورة أن يعرف جميع أفراد المجتمع : ماذا يُريدون ..!؟ ولماذا يُريدون ..!؟ وذلك وفقاً للمبادئ الأخلاقية التي تقرها العقول الناضجة والواعية ، وتتقبلها الإرادة النبيلة والسليمة ..!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…