منْ يتحمّل المسؤولية التاريخية والأخلاقية أمامَ الشعب الكردي؟!

بافي لقمان

ماذا لو لم تُنفّذ اتفاقية هولير؟!
وإنْ لم تُنفّذ، فهل من بديل؟!
إذا ما استقرأنا الأسبابَ التي أدّت إلى الدعوة إلى عقد اتفاقية هولير، فإنّنا نجدُ كيفَ أنّ الخريطة السياسية الكردية، وبما لها من تداعيات على الشارع الكردي، صارت أو اقتربت منْ شفا اقتتال داخلي، لن يرحم أحداً.

إنّ هذا الإحساس بالكارثة دفع بحكومة الإقليم، ممثلة بالرئيس البارزاني، إلى دقّ ناقوس الخطر، واتخاذِ خطوات سريعة وفعالة درءاً لشبح الاقتتال الداخلي الكردي – الكردي، وكانَ ذلكَ بدعوةِ الأطرافِ الكُردية إلى عقدِ اجتماع عُرف فيما بعد باتفاقية هولير.
وأصبحت اتفاقية هولير هي الضامن الحقيقي ولا يزال لإبعاد خرق الصف الكردي.
دعت الاتفاقية إلى توحيد الصف الكردي، وإقامة هيئات منتخبة من جانبي المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان، يكون بذلك الكرد صوتاً واحداً، وصفاً واحداً في مقابل أي خطر، أو أيّ اتفاقات تمثل رأي وآمال الشارع الكردي.
لكن بعد مضي ما يُقارب على ثلاثة أشهر، يحقّ لنا السؤال، ماذا قدمت اتفاقية هولير على الأرض؟
هل استطاعت تنفيذ ما دوّن على الورق وتفعيله على أرض الواقع؟
سنكونُ شفافين وواضحين في هذه النقطة لأنّ زمن المجاملات والتهجمات الحزبية قد ولاّ.
سنقولُ بكلّ وضوح إنّ اتفاقية هولير كانت ضرورة ولا تزال ضرورة لنا نحن الكرد لكي لا نقعَ في فخّ الاقتتالِ الداخلي الذي سيسعد القوى والدول المعادية للحق الكردي، وهم كُثر.
 لقد استطاعت أن تكون خياراً ولو مؤقتاً لتأجيل الخلافات في البيت الكردي، وأن تكونَ صفّاً واحداً أمامَ المعارضة العربية من اجل الحوار معها تحتَ سقف الحق الكردي المتفق عليه من قِبل جميع الكرد.
 لكن وعلى الطرف الآخر  نجدُ أن الاتفاقية لم تنفذ على الأرض كما يجب، وقد شابها التقصير كثيراً وهذا الأمر مرتبط بالنوايا الحقيقية للتنفيذ.
لكن ما يجب أن يعلمه الجميع أنّ تنفيذ اتفاقية هولير والسعي للمضي بها لم يعد مجرد تنفيذ لاتفاقية عابرة، بل إنّها تخصّ المستقبل الكردي وضمان حقوقهم.
وسيتحمّل الطرف الذي يتقاعس عن التنفيذ، أو الذي يربك تنفيذه المسؤولية التاريخية أمام الشعب الكردي، وأمام هذه  المسؤولية سيحاسب من قبل الشعب الكردي ذاته في مُقبل الأيام، حيث سيكون الحراك الديمقراطي والمحاسبات عن طريق صناديق الانتخابات.
لقد خسر الجمهوريون أصواتهم لأنهم خسروا الحرب على العراق، ولم يديروها بالشكل المطلوب، وخسارتهم كان خسارة لكل الأمريكيين وأفسحت المجال أمام الديمقراطيين.
 فكل عمل لا يخدم الشعب، سيكون في مهب الريح، لأن الشعب أصبح واعياً ولن يرحم أبداً.
ولنعمل من أجل سوريا الجديدة الديمقراطية والتعددية، واحترامِ حقوق الجميع، من أقلّيات دينية وعرقية، حيثُ لا هيمنة لطرف على آخر، ولا ديكتاتورية للأغلبية.
سوريا الجديدة التي تحترم حقوق الجميع وبخاصة الأقليات، التي ستثبت بذلك أمام العالم قدر احترامها وتطبيقها للديمقراطية.


سوريا العيش المشترك بين الكرد والعرب، والكلدو آشور وباقي مكوّنات الشعب السوري.
سوريا الجديدة التي ترسم خطها البياني وبالبونت العريض حيثُ ستكون الصناديق هي الفيصل بين الجميع.
سوريا الجديدة التي لا مكان للسلاح فيها، سوى صوت الانتخابات.

وسيعرفُ الشعب الكردي منْ يتحمل المسؤولية أمامه وقتها.
إنّ رياح التغيير التي تهبّ على سوريا هي فرصة لن تتكرر أبداً، لأجل بناء سوريا التي نطمحُ إليها، ويجب أن لا نترك الفرصة تمرُّ هكذا بدون أن نستفيدَ من أخطائنا السابقة.


وتفعيل ما نؤمن به في سبيل هذا البناء، لدولة الديمقراطية والتعددية واحترام الآخر.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خوشناف سليمان بعد عام من سقوط نظام بشار الاسد وفراره المذل في ديسمبر 2024، دخلت سوريا مرحلة انتقالية هشة ومعقدة، تشبه رقعة شطرنج ضخمة تتداخل فيها تحركات اللاعبين المحليين والاقليميين والدوليين. يقود هذه المرحلة شخصيات مثيرة للجدل، معظمها خرج من تنظيمات كانت مصنفة ارهابية، لتصبح اليوم قطعاً تحتل مربعات حساسة داخل مؤسسات الدولة الناشئة. المشهد يعكس مأزق اعادة بناء الدولة…

شكري بكر إن ما يحدث في سوريا ومنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية بين السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ، وما إتفاق 10 آذار هو إتفاق عسكري وإداري لا علاقة له بالقضية الكوردية لا من قريب ولا من بعيد . فالبنود الثمانية التي وقع عليها كل…

شادي حاجي   إلى السياسيين الكرد، إلى المثقفين، إلى النخب في المجتمع المدني، لنكن واضحين منذ البداية: لا يوجد إنجاز كردي حقيقي في سوريا دون تغيير جذري في طريقة التفكير. وكل حديث عن مكتسبات أو انتصارات، بينما العقل الذي يدير المشهد لم يتغير، ليس سوى محاولة لتجميل الفشل أو تأجيل الاعتراف به.   التجارب السابقة لا تحتاج إلى مزيد من…

نحن، المنظمات الحقوقية السورية الموقِّعون أدناه، نتابع ببالغ القلق والاستنكار الجريمة الخطيرة التي تعرّض لها المدنيون في حي وادي الذهب بمدينة حمص، حيث تشير المعطيات الميدانية الأولية، وشهادات السكان المحليين، والمواد المصوَّرة المتداولة، إلى وقوع تفجير إرهابي داخل جامع علي بن أبي طالب التابع للطائفة العلوية، أثناء تواجد عدد كبير من المدنيين المصلِّين داخله، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين…