وفيصل يوسف، بالاضافة إلى رصيده الكردي كقيادي محنّك، ومبدئي، ومجرّب، من الناشطين الأكراد الأوائل الذين انفتحوا على إخوتهم في مختلف أشكال الطيف الوطني، بل كان من أوائل الناشطين الأكراد العاملين في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وله علاقات واسعة سورياً وعربياً ودولياً، ناهيك عن يكتب المقال السياسي بموضوعوية وواقعية، وفيما يلي حوار هادئ وسريع مع الأستاذ فيصل يوسف حول عدد من القضايا الأكثر إلحاحاً.
> لقد تناوب حتى الآن أربعة قادة سياسيين على رئاسة المجلس الوطني الكردي
في سورية، والسؤال: هل تؤمن بأن من الممكن أن يكون هناك دور للعامل الشخصي في قيادة دفّة المجلس، وترك بصمات خاصّة في مجال العمل القيادي؟
< المجلس الوطني الكردي، كما تعلمون، كيان جديد في الساحة السياسية السورية، وهو مكوّن من مجموعة من الأحزاب الكرديّة، وعدد من الشخصيات المستقلّة، إضافة إلى ممثّلين عن قوى الحراك الشبابي، وبهذه الاختلافات الموجودة في التوجّهات والرؤى السياسية، إضافة إلى عدم وجود لائحة تنظيمية واضحة الملامح تحدّد صلاحيّات وواجبات الهيئة الرئاسية للمجلس، حيث من الصعب القول، إن العامل الشخصي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في القيادة، بقدر ما يتطلّب إرادة سياسية جدّيّة، وجهداً جماعياً للقوى المنضوية في إطار المجلس؛ لكن يمكن التعويل على العامل الشخصي في إطار الثقة الممنوحة لرئيس المجلس، ومدى الانسجام بين أعضاء هيئة الرئاسة، والذي يمكن لها أن تؤثّر إيجاباً في عمل المجلس، بشكل أو آخر.
هل تتوقّفون بعد انتهاء أي دورة رئاسية تداوليّة عند الايجابيّات والمآخذ التي ظهرت في تلك الفترة؟
نتيجة لقصر مدة الدورة الرئاسية (وهي شهران فقط) ووجود العامل التداولي، من الصعب الحديث عن إيجابيّات ومآخذ الدورة الرئاسية، لكن بشكل عام، يتمّ التوقّف عند بعض التصرّفات الفرديّة لأعضاء هيئة الرئاسة أو لبعض الأحزاب، إن حدثت.
مع اقترابنا من مرور عام على انطلاقة المجلس الوطني الكردي، هل من الممكن تقديم وجهة نظر نقدية في عمل المجلس خلال الفترة السابقة؟
من الناحية التنظيمية، يفتقر المجلس الوطني الكردي إلى العمل المؤسّساتي، نتيجة عدم وجود لائحة تنظيمية واضحة المعالم، كما أسلفنا سابقاً، كذلك فإن إرث الخلافات الحزبية والممتد لعشرات الأعوام، يظهر جليّاً في العديد من النقاشات، ويؤدّي إلى التعامل مع الكثير من المواضيع الهامّة بنظرة حزبية ضيّقة، ما يخلق أجواء من التشنّج وعدم الارتياح، وخصوصاً بالنسبة للمستقلّين في المجلس.
ومن الناحية السياسية، المجلس الوطني الكردي، ومنذ تأسيسه، يحظى بدعم شريحة كبيرة من الشعب الكردي في سورية، لكنه في اعتقادي لم يستطع أن يطرح نفسه كشريك أساسي فاعل في الساحة الوطنية، وخصوصاً على صعيد التوافقات مع الأطر السياسية المعارضة الأخرى في البلاد.
ثمّة حديث، ومن قبل مصادر قيادية في المجلس الكردي، أن هناك رأيين في الموقف من المجلس الوطني السوري، كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟
في حالة مجلسنا المكوّن من عدد كبير من الأحزاب السياسية والمستقلّين وقوى الحراك الشبابي، فمن الطبيعي أن تتعدّد الآراء في إطار النقاشات من مجمل القضايا العامّة، لكننا في قيادة المجلس الوطني الكردي متّفقون على موقف سياسي واحد في مجال علاقات التعاون والتنسيق مع أطراف المعارضة الوطنية بمجملها.
الخبر الذي قرأناه عن محاولة المنبر الديمقراطي النيل من المجلس ومن خلال شخصكم، كيف يمكننا قراءته؟
تجمعني مع الإخوة في المنبر الديمقراطي علاقات صداقة قديمة، وثقتهم بي هي محلّ تقدير واعتزاز بالنسبة إليّ، ونحن في المجلس نتواصل معهم ونتّفق حول مواضيع عدّة.
لقد لعب الشعب الكردي في العراق دورهم الكبير ليكونوا حاضنة للمعارضة العراقية، ألا ترون أنه كان من الممكن أن يلعب الشعب الكردي في سورية الدور نفسه للمّ شتات المعارضة؟
خصوصيّة النضال السياسي وطبيعة التنظيمات الكرديّة في سورية، تختلف عن غيرها من الدول، ففي الحالة العراقية، المناطق الكردية كانت متمتّعة بالحكم الذاتي منذ بداية التسعينيات، الأمر الذي خلق ظروفاً مناسبة لقيامهم بالدور الذي ذكرتموه.
في سورية، المهمّة الأساسية التي تقع على عاتق الشعب الكردي بعد سنوات طويلة من التهميش السياسي والحرمان من أبسط الحقوق السياسية والمدنية، هي دعم الثورة السورية وإسنادها والالتزام بالفكر الوطني، وهذا في اعتقادي قد تحقّق بمجهود الحراك الشبابي الكردي ووعيه القومي الناضج.
وشعار «الشعب السوري واحد» الذي طرحه الشباب الكردي في بداية الثورة خير دليل على ذلك.
إذا كان المجلس الوطني السوري ارتأى حلّ القضية الكردية حلاًّ ديمقراطياً ضمن وحدة البلاد، كيف تنظرون كمجلس وطني كردي إلى الأمر؟
ونحن أيضاً في المجلس الوطني الكردي نطرح فكرة «حلّ القضية الكردية حلاًّ ديمقراطياً ضمن وحدة البلاد»، لكننا نختلف مع الإخوة في المجلس الوطني السوري حول ماهيّة النظام الديمقراطي الذي سيحكم البلاد، وفي البرنامج المرحلي للمجلس الوطني الكردي الذي صدر مؤخّراً تبنّينا فكرة «سورية دولة ديمقراطية تعدّدية لا مركزية متعدّدة القوميّات والطوائف»، وأنه «لا بد من حلّ القضية الكردية وفاق العهود والمواثيق الدولية»، وعلى هذا الأساس نتحاور مع جميع أطياف المعارضة السورية.
يتحدّث بعض المستقلّين عن مسألة تهميشهم في المجلس، وهو نفسه ما ينطبق على تنسيقيّات الشباب التي كانت سبّاقة في الانخراط في الثورة السورية ولا يؤخذ رأيها، ولا يعطى لها أي دور الآن، فبم تعلّقون على هذا الكلام؟
عدد أعضاء المستقلّين والتنسيقيّات الشبابية في الأمانة العامة للمجلس، والتي هي أعلى هيئة قيادية يبلغ (17 عضواً) مقابل (14 عضواً) للأحزاب، وفي الهيئة التنفيذية (32 عضواً) للأحزاب مقابل (43 عضواً) للمستقلّين والحراك الشبابي، لذا أؤكّد لك أنه لا أحد يستطيع القيام بسياسة التهميش لأي طرف كان، لكنني، كما قلت لكم سابقاً، فإن عدم وجود ضوابط قانونية محدّدة لعمل الأعضاء (أحزاباً أو مستقلّين) يخلق مثل هذه الأجواء.
على صعيد الهيئة الكردية العليا، ماذا يمكن أن تقوله لنا هنا؟
الهيئة الكردية العليا تأسّست عقب اتّفاقية هولير بين المجلسين (الوطني الكردي ومجلس الشعب في غربي كردستان) والتي رعتها رئاسة إقليم كردستان مشكورة، والاتفاق يعدّ من الناحية النظرية إنجازاً هامّاً في سبيل وحدة الصف والموقف الكرديّين، وهو محلّ ارتياح من قبل الشريحة العظمى من أبناء الشعب الكردي في سورية، وما نأمله في الأيام القادمة أن تترجم جميع بنود الاتّفاقية (من دون استثناء) إلى عمل مشترك بين المجلسين، وبما يخدم مصلحة وطننا وشعبنا.