والمأخذ في محله بطبيعة الحال.
ولكن إلى أي حد يمكن أن يبقى هذا المأخذ محافظاً على شرعيته كحق لشعب يقتل أمام أعين العالم إذا ما قورن بسلوك طرف من أهل الثورة ذاتها ؟ طرف يكتفي بالفعل ذاته, أي إصدار البيانات فقط ؟.
نعم هذا الطرف إنما هي غالبية أحزاب الحركة الكردية المتمثلة حديثاً بالهيئة الكردية العليا.
هذه الهيئة التي تفائل بها الشعب الكردي خيراً لحظة تأسيسها كتائه إستدل طريقه في محيط غلب عليه الإرتماء في الأحضان .
لن أطيل في التقديم وسأعرض البيان الذي صدر من إجتماع الهيئة الكردية العليا الأخير بتاريخ 3102012 مع بعض الملاحظات التي أعتبرها إنتقاصاً من قيمة الثورة السورية والكرد كشعب يتطلع إلى تحقيق أهداف ضحى بالغالي والنفيس من أجل تحقيقها.
بيانٌ أعتبره هو وليد أدمغةِ لا تنتمي الى عهد الثورة بأي شكل من الأشكال, بل عاشت قبله بعشرات السنين ولكنها أًلحقت بالثورة على غير ما يشتهي هواها.
لذلك أسقط الحدث وهو التفجير الذي هز مدينة قامشلو قبل بضعة أيام كالتطعيم في هذا البيان الذي أراه حالة متقدمة من الترف الذي عهدناه في بيانات سابقة قبلنا بها على مضض.
المقطع الأول من البيان وتحديداً الجملة الثانية منه:(وتضمن جدول عملها جملة من الموضوعات التي تهم الساحة الكردية بشكل خاص والوضع الداخلي في البلاد نتيجة لتفاقم واستفحال الأزمة التي تشهدها سوريا) تطرح إشكالية كبيرة حول ماهية الثورة السورية وموقف الكرد منها.
أحقاً ان ما يحدث الآن في البلاد هو أزمة تشهدها سوريا ؟؟؟ هل يعرّف أحدهم الأزمة؟.
أريد أن أسأل أطرافاً داخل الهيئة, كانت وأعتقد مازالت تستخدم تعبير الثورة السورية في تصاريحها وأدبياتها الحزبية.
ما الذي تغير بين ليلة وضحاها لتقبلوا بتعبير الأزمة عوضاً عن الثورة في بيان الهيئة؟!! هل زاركم الأخضر الإبراهيمي في المنام وحمّلكم على تغيير موقفكم, أم هو البساط الذي سحب من تحت أقدامكم وأنتم لا تدرون؟؟!.
إذا كان ثمة أزمة في سوريا فلماذا شاركتم في هذه الفوضى التي تهدف إلى الفتنة بدل الإصلاح والتغيير وذلك من خلال خروجكم بمظاهرات يومية أو على الأقل اسبوعية تضامناً مع مدن الثورة.
أو مدن الأزمة كما تفضلون ؟!
أما المقطع الثاني:( وفي هذا السياق أدان الاجتماع التفجير الذي حصل في مدينة القامشلي يوم 30/9/2012 وأودى بحياة عدد من المواطنين الأبرياء وجرح آخرين وإلحاق أضرار مادية جسيمة بممتلكات المواطنين في القامشلي .
إن هذا العمل الإرهابي الغاية منه بث حالة من الخوف والفزع لدى أبناء القامشلي وكافة مناطق الجزيرة التي تنعم إلى حد ما بشيء من الاستقرار النسبي مقارنة بباقي مناطق البلاد) فهو كلام عام لم تستفرد الهيئة بجديد فيه لدرجة أنه يناسب كل الأذواق وكل الأطراف سواء كانت مع النظام أم ضده.
ويخالجني شعور أنه حتى الأطفال المولودون حديثاً بما فيهم الخدج يعرفون أن التفجيرات والأعمال الإرهابية هي ليست لبث الفرح والبهجة بين المواطنين.
وإذا كان المقطع الثالث 🙁 كما توقفت الهيئة الكردية العليا على الانتهاكات من الجانب التركي بمحاذاة الشريط الحدودي في المناطق الكردية والتي أسفرت عن استشهاد أحد أفراد لجان الحماية الشعبية وجرح اثنين آخرين كانوا يقومون بدورية اعتيادية في منطقة الدرباسية .
إن هذا العمل من جانب تركيا يعتبر محط شجب واستنكار شديدين من جانب الهيئة الكردية العليا وهو يهدف الى زعزعة استقرار هذه المناطق).
هوعملية تمييز بين عدوين ليس إلاّ ,فإن الطامة الكبرى تكمن في المقطع الرابع:( كما اتخذت الهيئة جملة من القرارات كتشكيل وفد شعبي لمراجعة مديرية التربية في الحسكة والمحافظ للمطالبة بحصة دراسية باللغة الكردية في المناطق الكردية وبتشجيع تعلم اللغة الكردية في المدارس الحكومية وتوفير الإمكانات اللازمة لها).
أيعقل أن يتعرض أشقائك ليل نهار للذبح والقتل والقصف والتهجير في كل المناطق السورية وأنت تخطط لتشكيل وفد لمراجعة مديرية التربية في الحسكة والمحافظ للمطالبة بحصة دراسية باللغة الكردية في المناطق الكردية وبتشجيع تعلم اللغة الكردية في المدارس الحكومية؟!.
ما هذه الهيئة التي تختصر ثورة شاملة ببعض دروس اللغة ؟! ما هذه النخوة اللغوية التي نزلت عليكم فجأة ؟!.
أليس هذا جهلاً بمبادىء الوفاء والعيش المشترك مع أشقائكم وأبناء بلدكم؟! متى كان الشعب الكردي يطلب محو أمية كردية ليقع في مستنقع الأمية الوطنية؟!
أنا أعشق اللغة الكردية وابني الصغير أوميد يعرف الكردية أفضل من بعض المتشدقين .
ولكنني أعتبر التسلق سياسة بغيضة أخلاقياً لأنني أنتمي إلى شعب فضّل الأخلاق حتى على حلمه كردستان.
أما المقطع الخامس والأخير فأعتقد أنه خارج إهتمامات وحدات الحماية الشعبية لأن هذه الأخيرة تتحرك وفق مبدأ قل ما تريد وسأفعل ما أريد.
أو… القافلة التي أترك للقارئ عناء تفسيره.
وأخيراً أطلب من القارئ الكريم العودة إلى نص البيان ووضع إسم الحزب الشيوعي السوري أو أي حزب من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا عوضاً عن الهيئة الكردية العليا ويرى إذا كان التغيير في الأسم سيقتضي تغييراً في أي مقطع من البيان أم لا.
ليس تشفياً وإنما توضيحاً للحقائق, أنا أقول ….
.
الولايات المتحدة الامريكية
7-10-2012