محمود والي.. ودناءة الرصاص

عمر كوجري

في إصابة في الرأس ورصاصات دنيئة وغزيرة يودع الشهيد محمود والي ” ابو جاندي” رفاقه في حركة شباب الثورة السورية، ورفاقه بمجلس الامانة في المجلس الوطني الكردي، وقبل كل هؤلاء رفاقه في حزب آزادي الكردي في سوريا.

رصاصة او رصاصتان في الرأس كانت كفيلة بوضع حد لحياة شاب كان يفيض حيوية ونشاطاً.

 وكان يترقب وراء الأفق ليرسم لوحة خلف المدى آسرة ومطواعة وأنيقة لغد يفترض أن يكون أجمل، وقصيدة يفترض بها ان تكون بمستوى عظمة الشهداء وروعة الشباب.

رصاصة حقيرة استقرت في رأس شاب كان من اوائل الشباب الذين قادوا الحراك الثوري في مدينة سري كانييه “رأس العين”..

إذن المستهدف والمسجى والغارق في عذوبة دمائه لم يكن يعتدي على أموال او أملاك او عرض أحد، لهذا كان خطراً على كل من فكر بإزهاق روحه، وكل من خطط وبرمج يومه وليله ليظفر برأس الشهيد العظيم محمود والي.
محمود والي اليوم في ملكوت السماء، كان حتى قبل ساعات ينظر إلى ذلك الأفق البعيد البعيد والقريب القريب، كان يتنسم عطر محبوبته الحرية، حين هبت من شمال قلبه، وأرادت ان تكون للطفولة والعشق والكلام الجميل، وقبل كل هذا للحياة القصيرة والضاجة بالعمل والنضال والإقدام معنى أبهى وأجمل.
لم تكن هاتان الرصاصتان الحقيرتان اللتان استقرتا في رأس محمود انيقتين ورؤومتين وحنونتين حتى يفضلا الاستقرار والتلاشي في الهواء أو في مكان آمن آخر غير روح وجسد محمود، لأن هاتين الرصاصتين أطلقهما شخص حاقد حانق على غد يتخيله محمود وأمثال محمود جميلاً ووادعاً حيث لا احتراب لا تقاتل لا قتلاً مجانياً يرقص بين جنباته.
أبو جاندي لم يكن أنانياً، ولا متعمشقاً بجلباب الحياة مثله مثل كل الشهداء في كل الأزمنة، ولو كان كذلك لما فاضت روحه اللحظة في أعالي السماء..
الشهداء مخلوقات لا تقترب إلى تخوم النبل فقط بل هم النبل عينه، لا تغويهم تهويمات وخيالات الشعراء لهذا هم مخلوقات فوق البشر، فوق طاقة الإنسان في اجتياح الموت في عقر داره، في إخافة الموت بل في هزيمة الموت.
كان ابو جاندي يعلم أن لا يقوم بعمل ترفيهي، وان الموت والقتل يترصده في كل حين لكنه ولأنه الشهيد العظيم فقد أخاف الموت، وقبل الموت أدخل الرعب في قلوب قاتليه، وكل من خطط لإسكات فيض دمه الأحمر الأحمر..
أبو جاندي، كل من يتفرج على دمك الذي يسيل، ويسيل حتى يصنع بركة خضراء او حمراء من ورد الوطن..

كل هؤلاء وأنا منهم ننحني لقامتك..

لصوتك الدافئ، ولقلبك الذي اختصر الوطن وروعة الوطن في لوحة لونها أحمر زاه.
طوبى لشعبك العظيم..

طوبى لرفاقك وهم اكثر إصراراً على مواصلة الدرب، وأكثر دراية بأن القتل والقتلة في هامش وحاشية التاريح المنسي والمغبر.
ألا شلت أيدي القتلة كائناً من كانوا..

ألا شلت أيديهم، وهم في مستنقع غبائهم واهمون.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…