الأزمة السورية و غياب أجندة الشعب !!!

  افتتاحية دنكي كرد *

 

تجلت إرهاصات الانتفاضة السورية في البعض المطالب الشعبية المتمثلة في حقوق مشروعة حرم منها الشعب السوري لعقود طويلة على أثر سيادة مفهوم الاستبداد في ذهنية القوى الحاكمة لسوريا منذ أواخر خمسينات القرن الماضي ، بعد اغتيال الحياة السياسية و حل الأحزاب  و اطلاق يد القوى الحاكمة في البلاد من دون أي حسيب و لا رقيب ، على ضوء ذلك تم التأسيس للنظم الاستبدادية  بعد أن عاشت البلاد في منتصف الخمسينات عصراً ذهبياً من الديمقراطية .
لكن كلما تعمق مفهوم الاستبداد و زاد في ممارساته ، تعمق بالمقابل مفهوم الحرية و رغبة الشعب بالانعتاق من الظلم و الاضطهاد و الكفاح من أجل رد الاعتبار لتلك الكرامة المنتهكة من قبل الزمر الحاكمة ، و إن بقت هذه الرغبة محكومة بسياقات سياسية و اجتماعية و اقتصادية و رهينة الظروف الاقليمية و الدولية و مصالحهما ، و في نهاية العقد الأول من القرن الواحد و العشرين دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة و خاصة شعوبها من النضال ضد الهيمنة و الاستفراد لغاية رد الاعتبار للشعوب و رغبة منها للانتقال من الدولة الأمنية التي سادت خلال المراحل السابقة إلى الدولة الوطنية التي يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون و ينال كل ذي حق حقه وفق خصوصيته .
 و البداية كانت تونس التي انتهت بفرار زين العابدين بن علي و من ثم جاءت الثورة المصرية كانت نتيجتها تخلي محمد حسني مبارك عن السلطة ، و الثورة اليمنية التي انتهت على اساس مبادرة سميت بالمبادرة اليمنية تنازل فيها علي عبد الله صالح عن السلطة بشكل مشروط ، و كل هذه الثورات استمرت لفترات زمنية ليست بطويلة نسبياً ، و انتهت في النهاية على ضوء مطالب الشعوب و ان كان مشوارها طويلة لتحقيق ارادتها الحقيقية .
أما بالنسبة للثورة الليبية جاءت مختلفة من حيث دمويتها ، و من حيث التدخل الخارجي اللوجستي و العسكري  و انتهت بمقتل العقيد معمر القذافي و تم التأسيس لحياة سياسية جديدة من خلال الانتخابات الوطنية التي جرت و فوز القوى الليبرالية بالسلطة ، لكن السؤال ماذا بالنسبة لسوريا وانتفاضتها و آتونها المتقد ، أكثر من سبعة عشر شهراً و مازالت إنتفاضتها مستمرة بعد عشرات الآلاف و مئات الآلاف من الشهداء و الجرحى و المعتقلين و لاجئين لا مؤشرات للنهاية حتى الفترة الحالية ، فما الذي الحدث ؟؟؟ انطلقت الانتفاضة أو الثورة في آذار 2011 مستندة على ألف سبب و سبب لانطلاقها منها سياسية و اجتماعية واقتصادية ….الخ و حملت هذه الانتفاضة في جعبتها عدة مطالب مشروعة و فضلت الأسلوب السلمي كوسيلة للنضال في تحقيق مطالبها ، فجوبهت بأسلوب أمني و عسكري من قبل النظام الذي عمل جاهداً لعسكرة الانتفاضة السلمية و تسليحها و بالفعل نجحت في تحقيق مآربها بعد مساهمات و جهود جبارة من قبل معارضة الخارج و مطالبتها بالتسليح و الرهان على القوى الخارجية بتكرر النموذج الليبي و هذا ما لم يحدث ، مما أدى إلى حرف مسار الانتفاضة أو الثورة إلى مناحي لا تخدم المصالح الاستراتيجية للشعب السوري الذي أصبح رهينة الأجندات السياسية الخارجية و أعوانها ، فجاءت المعادلة السياسية السورية مشوهة ، عناصرها طرفان يتصارعان على السلطة الأول لن يتخلى عن السلطة و الآخر لا يتوانى عن الميكافيلية العمياء

 

* يصدرها مكتب الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي الكردي السوري (P.D.K.S)

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…