توضيحات حول برنامج اليوم التالي لسوريا

رديف مصطفى

انني اعتقد بان الانخراط في بناء تصورات وتوافقات وطنية مشتركة حول المرحلة الانتقالية
وبرنامج اليوم التالي في سوريا لايقل اهمية عن برنامج اليوم الحالي في اسقاط
النظام على مستويين اساسيين الاول يتعلق بالانتقال الديمقراطي الامن والاتفاق
والتوافق بين السوريين لطمأة مكونات المجتمع السوري واقلياته والثاني يتعلق
بهواجسومخاوف المجتمع الدولي حول سوريا المستقبل و بما إنني كنت من بين السوريين
المشتركين في برنامج اليوم التالي الذي جرى في برلين برعاية المعهدين القومي الالماني
والامريكي للسلام والذي دام لمدة ستة اشهر مشكورين على جهدهما الرائع وأخص بالشكر
الخبراء الذين أشرفو على تدريبنا فضلا عن شكري للزملاء السوريين , علما بأني كنت
من ضمن مجموعة صياغة الدستور.
– أولا : المشروع منتج
وطني سوري وملكية وطنية رغم دعمه ومساندته من قبل جهات دولية  واختيار الأشخاص لم يتم على اساس أو من قبل جهات
دولية او من قبل جهات سياسية أو حزبية سورية بل من قبل لجنة تنفيذية سورية مستقلة 
-ثانيا: الجميع كنا على قناعة بأن برنامج اليوم التالي يتعلق بشكل اساسي بإسقاط
النظام بكل رموزه ومرتكزاته ولكن شكل هذا السقوط قد يكون له تأثيرا على مثل هكذا
مشاريع , عل سيكون سقوط النظام بأيدي سورية صدفة أو عبر تدخل دولي 
-ثالثا : الحوار والتوافق الوطني :

انطلقنا جميعا من
منطلق الوحدة الوطنية لسوريا واللجوء الى لغة الحوار الديمقراطي السلمي المبني على
حسن النوايا ورغبة العيش المشترك والمصلحة المشتركة لجميع السوريين في بناء دولة
مدنية ديمقراطية تساوي بين الجميع وتحفظ الحقوق والحريات

رابعا:

 في مجموعة صياغة الدستور اتفقنا على ثمانين
بالمائة من القضايا الأسياسية منها استبعاد اي دستور ينتمي لمرحلة حكم البعث
وبالقطع التام مع القوانين والمراسيم والمحاكم الاستثنائية ولكن بقت هناك قضايا
خلافية اساسية تباينت فيها وجهات النظر تتعلق بقضية الشعوب والأقليات الاخرى في
سوريا كما اختلفنا حول موضع الدين وموضوع حقوق المرأة فضلا عن اختلافنا على موضوع
إعمال دستور 1950 في المرحلة الانتقالية أو إصدار دستور مؤقت جديد

ملخص وجهة نظري حول هذه القضايا  الخلافية
كان الاتي:
لا بد من إصدار وصياغة دستور مؤقت جديد في المرحلة الانتقالية لأن دستور الخمسين
لا يلائم الشرعة الدولية لحقوق الانسان ولا يضمن حقوق وحريات الانسان الاساسية
فضلا عن عدم ضمانه لحقوق المرأة بما يرتقي إلى مستوى الاتفاقيات الدولية – كما أن
دستور الخمسين ينص على سوريا ذات لون واحد بعيدا عن مكونات الشعب السوري الاأخرى
كالكرد والاشوريين وغيرهم، علما بان الحالة الثورية السائدة حاليا في سوريا تقتضي
بالحاجة إلى دستورجديد وإدخال تعديلات على دستور الخمسين فيما يخص القضايا
المذكورة أعلاه عملية ستطول ربما لنفس درجة إعداد دستور مؤقت جديد فضلا عن دستور
الخمسين لا يتضمن ولايشمل المبادئ الاساسية لدستور ديمقراطي مشروع والدستور
لاهميته الكبرى ولكونه ابو القوانين فهو يحتاج الى شرعية شعبية ربما تكون الثورة
خير من يعبر عنها.
-وهنا كان طرحي بأني أعتقد بأن سوريا ينبغي أن تكون دولة مدنية ديمقراطية متعددة
القوميات والاديان والطوائف ذات نظام حكم برلماني لا مركزي والحكم فيها للشعب عبر
التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة تقوم الدولة على مبدأ فصل السلطات
واستقلال القضاء وسيادة القانون وحقوق المواطنة المتساوية للجميع لا يتدخل جيشها
الوطني في العمل السيياسي وتعد جزءا من محيطها العربي وعضو في جامعة الدول العربية
ومن محيطها الاقليمي والدولي وتعمل على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين 
– فيما يخص القضية الكردية :

أعتقد بداية بأن
القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية وديمقراطية وبامتياز وينبغي أن تكون على
سلم أولويات جميع السوريين ولا يمكن حل هذه القضية إلا بعد إسقاط نظام القمع
والاستبداد وعبر التوافق الوطني من أجل إيجاد حل ديمقراطي وعادل على أساس الاعتراف
الدستوري بالهوية القومية للشعب الكردي وبحقوقه القومية المشروعة ورفع الظلم عن
كاهله وإلغاء كافة السياسات ونتائجها والتعويض على المتضررين عنها ضمن اطار وحدة
سوريا ارضا وشعبا علما بأن هذا الطرح يسري بشكل أقل تفضيلا على الاشوريين
والتركمان  نظرا للخصوصية التاريخية التي
اتسمت بها القضية الكردية في سوريا من حيث الظلم والحيف الذي وقع على الكرد
وماعانوه من اقصاء وتهميش ولكون الكرد يعدون القومية الثانية في البلاد .

– فيما يخص عملية
التنمية في المناطق الكردية : أتباع نوع من سياسية التمييز الايجابي بحق المناطق
الكردية بغية إلغاء آثار نقص الخدمات والتنمية المعتمد الذي طبق لعقود ومن قبل
البعث والأسد 

– طرحت هناك فكرة أساسية وهامة جدا تتعلق بأن السوريين مطالبون الآن ممثلو الحراك
الثوري والقوى السياسية المعارضة والجيش الحر وممثلي المجتمع المدني والمكونات
المجتمعية والمرأة بعقد مؤتمر وطني شامل يتم الاتفاق فيه على ضمانات ومبادئ
دستورية ملزمة كما جرى في جنوب افريقيا تتضمن مبادئ فوق دستورية تتعلق بالتوافق
على القضايا المختلف عليها منذ الان كوثيقة مبادئ ملزمة دستوريا ليتم تضمينها في
الدستور بشكل تلقائي وتشكيل لجنة عليا لمراقبة تنفيذ الاتفاق وتضمين بنوده في
الدستور وبذلك تكون المرحلة الانتقالية في سوريا هادئة وأكثر امانا وبعيدة عن اي
حرب اهلية او اي نزاع مسلح
أما فيما يخص قضية المرأة والدين فقد أكدت على ضمان المساوة التامة دستوريا بين
المراة والرجل وضمان حقوقها  وأكدت على
مبدأ حيادية الدولة تجاه الدين وضمان حرية العقيدة الدينية وممارسة شعائرها بحرية
وينبغي أن تكون الاديان السماوية من أحد مصادر التشريع في سوريا مع تأكيدي على
ملائمة كافة التشريعات والقواننين السورية للشرعة الدولية لحقوق الانسان وعدم
مخالفتها للاتفاقيات الدولية في هذا المجال.

خلاصة أعتقد بأن
المشروع كان مهما جدا ومفيدا للغاية وهو الآن منشور باللغتين العربية والانكليزية وفي
متناول الجميع ومفتوح للنقاش علما بأنه ليس مشروعا ملزما وهو عبارة عن مقترحات وتوصيات
غير ملزمة مفيدة جدا للمساهمة في بناء تصور عن كيفية إدارة المرحلة الانتقالية في
سوريا بأقل الخسائر وبأسلوب ديمقراطي ضمن اطار ومبادئ العدالة الانتقالية.

     رديف مصطفى محامي وناشط في مجال حقوق الانسان

باريس 2/9/2012 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…