صيانة المجلس الوطني الكوردي وتفعيله

  م.

رشيد

    مع انطلاقة ثورات الربيع العربي وانتقالها إلى سوريا، أصبحت الظروف الموضوعية للحركة الوطنية الكوردية مهيأة أكثرمن أي وقت مضى لاثبات الحضور الكوردي وتفعيل دوره على الساحة السياسية، كما أصبح توفير الشروط الذاتية لها أكثر إلحاحاً من ذي قبل، وذلك بترميم البيت الكوردي وتوحيد صفوفه وخطابه، فكانت الدعوات والمبادرات كثيرة في هذا المنحى، إلى أن أثمرت بتشكيل المجلس الوطني الكوردي في 26- 10-2011 من غالبية الأحزاب السياسية والفعاليات الاجتماعية المستقلة والتنسيقيات الشبابية المتواجدة في المجتمع الكوردي في سوريا، وأصبح عنواناً موحداً وشرعياً(معترفاً به) يمثل الشعب الكوردي محلياً وكوردستانياً واقليمياً ودولياً.
    وبسبب تركيبة المجلس المتعددة في المناهل والتوجهات، والمتنوعة في الفكر والتنظيم، كان لا بد من هيكلته بشكل منطقي وواقعي، ومأسسة هيئاته وتشكيلاته على قواعد ديموقراطية سليمة، ووفق ضوابط ملزمة وحازمة، ومعايير دقيقة وواضحة، ولكن للأسف سيطرت المحسوبيات والتوافقات والاصطفافات الحزبية على كيان المجلس ، وتعشعشت الأنانيات والمصالح الشخصية الضيقة في آليات عمله وإدارة شؤونه، كما أن غياب معايير الوطنية والنزاهة على أساس الكفاءات والخبرات..

في تبوء المهام والمسؤوليات، واعتماد المزاجية والارتجالية وعدم الشفافية في تناول القضايا ومعالجتها، أدت إلى تعطيل المجلس وإضعاف أدائه وبث الخلل والهشاشة في بنيانه ومفاصله.

    فالأطراف والأفراد التي انضمت إلى المجلس بأجندات خاصة، أصبحوا وبالاً وخطراً عليه، ففي كل منعطف هام أو حدث مفصلي يواجه المجلس، يبحث هؤلاء عن حجج وذرائع للتهرب من الاستحقاقات والمسؤوليات المنوطة بهم، لأن غايتهم افشال المجلس وتحريفه عن مساره المطلوب على الصعيدين القومي والوطني، ودفعه نحو متاهات ودوامات لا تخدم سوى أعداء الشعب الكوردي وقضيته، فما التلويح بالتحفظات والاعتراضات والاصطفافات (بدلاً من الانسحابات)، وإدخال المجلس في نقاشات وسجالات مارثونية عقيمة إلا لإعاقة عمل المجلس وافراغه من مضمونه ومفعوله، لأن الانسحابات من المجلس بالنسبة لهم انتحاراً ولعنة وحماقة ستعرضهم للمساءلة والمحاسبة وطنياً وقومياً، ولاسيما في ظل الظروف الدقيقة والمفصلية الراهنة.
    لهذا كانت الدعوات قائمة وملحة من قبل الغيورين والحريصين على مصير المجلس، لترميمه وصيانته لسد الطرق أمام كل من تسول له نفسه بالنيل من المجاس أو الاساءة إليه.
    وعليه فإن انعاش المجلس وتفعيله هام وضروري ليتصدى لمهامه وواجباته ومسؤولياته، ويتطلب ذلك:
1-  الحزم في القرارات والحسم في المواقف، وتجاوز التوافقات والتوازنات المعطلة، وتخطي الأرقام الخاملة والثقيلة، والتي تشكل بمجملها أعباءً وداءً للمجلس وآلياته.
2- الترفع عن الخصومات الشخصية والصراعات الحزبية، والارتقاء إلى مستوى أهمية وخطورة المرحلة المفصلية التي يمر بها شعبنا ووطننا.
3-  ضرورة اشراك كافة المكونات الفاعلة والجادة والكفوءة..

من حزبيين ومستقلين وشباب في صياغة القرارات وتشكيل الهيئات وتنفيذ البرامج المتعلقة بالمجلس وعلى كافة المستويات والأصعدة بدون اقصاء أو استثناء.
4- الاهتمام الزائد والعاجل بالعمل المشترك لتوحيد الجهود وتنسيق المواقف لحماية الأمن والسلم الأهليين في المناطق الكوردية، فعلى الصعيد الكوردي  يجب تفعيل وتطبيق بنود اتفاقية هولير وما انبثقت عنها من قرارات وتوصيات بشأن تشكيل الهيئة الكوردية العليا واللجان الفرعية المكملة لها، أما على الصعيد الوطني فينبغي تشكيل وتفعيل الهيئة الوطنية للسلم الأهلى من كافة مكونات الشعب السوري من عرب ومسيحيين…
5-  الاستفادة القصوى من العمق الكوردستاني دبلوماسياً ولوجستياً وسياسياً..في تثبيت الحضور الكوردي اقليمياً ودولياً بقضاياه وحقوقه ومطاليبه، وبخاصة من الجهود الخيرة والمشكورة التي يبذلها السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان العراق من أجل توحيد الصف الكوردي ودعم موقفه لتثبيت حضوره وتفعيل دوره وشرعنة وجوده واعلاء شأنه وتأمين حقوقه.

——————-  انتهت ———————

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…