القضية الكوردية في سوريا …و المصير المجهول!

لازكين ديروني

القضية الكوردية في سوريا ليست وليدة اليوم أو الأمس أو ظهرت مع اندلاع الثورة السورية أو أنها بسيطة و قضية مواطنة كما ينظر إليها البعض و إنما هي قضية شعب و أرض وحقوق قومية و ظهرت القضية الكوردية في سوريا أيام تقسيم أرض الكورد و موطنهم كوردستان في معاهدة سايكس بيكو عام1916 ولكن هذه القضية أصبحت أكثر تعقيدا عندما ظهرت الأحزاب العربية القومية كحزب البعث الذي أنكر القومية الكوردية في سوريا و خاصة عند استلامه للسلطة في سوريا و اعتبر كل من يعيش في سوريا و يتكلم العربية فهو عربي و بدأ بتطبيق مشاريع عنصريه بحقهم
حيث جرد آلاف العائلات الكوردية من الجنسية السورية و جعلهم غرباء في وطنهم و محرومين من حق التملك و العمل و الزواج و السفر و غيرها و كذلك مشروع الحزام العربي و حظر التكلم و الكتابة باللغة الكوردية و منع إحياء مناسباتهم القومية و تعريب أسماء المدن و القرى الكوردية كل ذلك بهدف القضاء على القضية الكوردية في سوريا و صهر الشعب الكوردي في البوتقة العربية .
لقد نشأت الأحزاب الكوردية القومية في سوريا كرد فعل طبيعي للأحزاب القومية العربية  و ممارساتها الشوفينية تلك التي ذكرتها و كانت لا بد و من الطبيعي أن تكون قومية لأن الأضطهاد كان قوميا و كانت شعاراتها الوقوف في وجه تلك المشاريع و الدفاع عن حقوق الشعب الكوردي و رفع الظلم و الاضطهاد عن كاهله و لكن نتيجة الظروف الدولية التي كانت سائدة في تلك الفترة و بسبب الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفييتي آنذاك و بعض الطروف الإقليمية مثل إخماد ثورة البرزاني في كوردستان العراق و استلام الملا لي الحكم في إيران ,لم تفلح الأحزاب الكوردية في سوريا في تحقيق أي هدف من أهدافها و الدفاع عن الشعب و مصالحه أو إحراز أي تقدم تجاه القضية الكوردية و سرعان ما انحرفت عن مسارها و دخلت في صراعات فكرية , يمين , يسار, ماركسي , ديمقراطي , تقدمي,….الخ و أصابتها مرض الانقسامات و التكاثر و دخلت البيروقراطية و الروتين إليها و تحولت الى أحزاب كلاسيكية و مناسباتية وكل عضو فيها قيادي أي حزب بدون قاعدة و جماهير .
 و عندما بدأت الثورة في سوريا بشكل سلمي على شكل مظاهرات شعبية تقودها شباب تؤمن بالحرية و الديمقراطية و سرعان ما وجد الحراك الشبابي الكوردي تلك المظاهرات فرصة تاريخية لا تعوض للشعب الكوردي في سوريا و قضيته العادلة لاستعادة حقوقه القومية و نيل حريته فأسرع في تشكيل تنسيقياته الشبابية في كل المدن الكوردية و خرجت بمظاهرات تطالب بسقوط النظام و بالتنسيق مع إخوته في باقي المدن السورية حتى سميت احدى الجمع بجمعة آزادي ولكن لم يحلو ذلك الحراك للأحزاب الكلاسيكية العاجزة عن تبني الثورة و قيادة الجماهير للأسباب التي ذكرتها فبدأت تحارب تلك التنسيقيات و شبابها بشتى الوسائل فتارة اتهمتها بالمرتزقة و تارة بالغوغائية و الهمجية و قامت تلك الأحزاب بتشكيل مجالس كوردية ليس من أجل توحيد الصف الكوردي و المطالبة بحقوقه و إنما لتقدم نفسها للشعب السوري و العالم بأنها تمثل الشعب الكوردي في سوريا و رفعت سقف المطالب عاليا كالفدرالية و حق تقرير المصير لإرضاء أنصارها و لكسب ثقة الجماهير الكوردية من جهة و لاتهام المعرضة السورية من جهة أخرى بأنها لا توافق على الحقوق القومية للشعب الكوردي في سوريا و جعلت من نفسها كتلة خارج المعارضة فهي مع الثورة نظريا و لكنها بعيدة عنها عمليا و السؤال المهم هنا :ما هو مصير القضية الكوردية بعد سقوط النظام ؟هل النظام القادم سيعترف بحقوق الشعب الكوردي في سوريا دستوريا ويرفع عنه الظلم و آثاره ليعيش حياة كريمة إلى جانب إخوته في سوريا المستقبل ؟أم سيماطل كما تفعلها المعارضة السورية الآن و تزداد القضية أكثر تعقيدا ؟أم أن الطبقة السياسية الكوردية الحالية ستتخلى عن كل تلك المطالب و الشعارات في لحظة ما ؟و خاصة عندما تنزل المصالح على الأرض كالمطر؟
1/9/2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…