إبراهيم اليوسف
إنَّ أيَّ حديث عن الثورة السورية، يجب أن يضع في الحسبان بأن هذه الثورة شاملة، فهي ليست لمجرد مواجهة طاغية دموي، فحسب، لأننا في هذا المقام نكون أمام ثورات عديدة، مادام إعلام الثورة-في الحقيقة-ثورة في الإعلام، أو بشيء من الدقة، إنه يتموقع، جنباً إلى جنب، مع مواجهة شبابنا السوري لآلة الطغيان، في ساحات التحرير، منذ بدايتها، وإذا علمنا أن ثورات الربيع العربي في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، كانت تعتمد-في الأغلب-على الإعلام العربي والأجنبي، وإن كان هناك تواجد بدائي لما يمكن تسميته ب”المواطن الإعلامي”
إلا أن شخصية هذا المواطن الإعلامي لم تتضح إلا في الثورة السورية- بالرغم من المقدمات الشجاعة لأصحاب المواقع الإلكترونية في الداخل- حيث استشهد حتى الآن العشرات من هؤلاء الشباب الإعلاميين الذين كانوا ضمير الثورة، وصوتها المدوِّي، في أربع جهات العالم، بل إذا وضعنا في الحسبان أن غياب الإعلام العربي والأجنبي في الثورة السورية، كان بسبب العنف غير المسبوق-عالمياً-تجاه المواطن، والإعلام، في آن واحد، فإن صورة الأوضاع المأساوية لواقع إعلاميي الثورة ستبدو جلية، فالمنشد تقتلع حنجرته، والمصور تقتلع عينه، وهلمجراً، وبالرغم من كل هذا، فإن أعداد الفيديوهات والصور التي التقطت من قبل شباب الثورة قد بلغت الملايين، وكلُّها مرجع عالمي ليوميات الثورة، وواقعها، وهي بجهود هؤلاء الأبطال الإعلاميين الأكثر شجاعة، ويكاد يبزُّهم في ذلك، أو يوازيهم، بسالة، هؤلاء الإعلاميون السوريون، والعرب، والأجانب، الذين وجدوا بعد عام ونصف من الثورة، وبفضل وجود-المناطق الآمنة- إمكاناً للتغلغل إلى الداخل، والوقوف على حقيقة مايجري، واستشهد كوكبة منهم أيضاً.
وبالرغم من أن إعلام الثورة السورية، أوجد مدرسة في الثورة الإعلامية، إلا أننا-وللأسف-لما نزل نجد أخطاء كثيرة، ترتكب، ليس من قبل هؤلاء الشباب الإعلاميين الذين أبدوا براعة، ومهارة، وتفوقاً في أداء مهمتهم، دونما سابق خبرة، وتجربة،في بلد يعدّ فيه حمل المرء لعدسة التصوير تهمة كبرى، بل إن صور ذاكرة “الموبايل” طالما أسالت لعاب رجال الأمن، وجعلتهم يعتقلون حامليها، لتفتيشها، وقراءة ما فيها من رسائل وأدلة أسماء، وغير ذلك، ولكم من تم توقيفهم بناء على مثل هذا الأمر، وإنما كان يتم ذلك من قبل من باتت توكل إليهم مهمات إعلامية، هنا وهناك، ليلحقوا أضراراً كبيرة بالثورة..!
أرواح أزهقت مجاناً:
يأتي بعض ما أعدته إحدى الإعلاميات، في فيلم مصور، حول كيفية دخول دمشق ، بالرغم من آلة الحصار، مثالاً على ذلك النوع من الإعلام الذي يفيد الثورة من جهة، ليضرها من جهة أخرى، وإن كانت هذه الإعلامية تفعل ذلك، انطلاقاً من نوايا طيبة، تجاه الثورة، والثوار، وكادت تدفع بحياتها ثمن ذلك، إلا أن من شأن مثل هذا العمل أن يعين النظام في معرفة نقاط ضعفه، من جهة، والآليات التي يعتمدها الثوار في نضالهم، من جهة أخرى، ولعل النظام كان بحاجة إلى وقت وجهد كبيرين، حتى يكتشف كيف استطاع هؤلاء الشباب خلق هذه المعجزة العظمى، وإن كان ما أشير إليه، مجرد جزء من سفر مكرس في مدح الثورة والثوار.
وغير بعيد عن مثل هذا المثال، تأتي كيفية تهريب السيد رياض حجاب، رئيس مجلس الوزراء المنشق، في شريط فيديو كامل، بوساطة” الجيش الحر” بدءاً من مدينة درعا ومروراً ببلدة نصيب وانتهاء بالأراضي الأردنية، وهوما لا داع له، الآن، البتَّة، وكان من الممكن تأجيل عرض هذا الشريط، إلى مابعد انتصار الثورة، لأنه يضر على المديين القريب والبعيد، ولايفيد البتة، وكان من الضروري إحاطة هذا الحدث بالغموض، وبإعطائه الهالة التي يستحق، وعدم تسريب حقيقة طريقة تهريب الرجل، بل إن التسريبات التي سبقت تهريبه إلى الأراضي الأردنية، أخرت وصوله ومن معه، بل وعرضت حياتهم-جميعاً –للخطر، وجعلت ممرات الجيش الحر، تلك، مكشوفة، أمام أجهزة النظام التي تلجأ إلى الطائرات لقصف أي عمل نوعي، كهذا الحدث المفصلي المهم.
وتأتي عملية الإعلان، عن اختطاف إعلاميي الإخبارية السورية-بالرغم من أن الأمر نفسه يضرُّ بالثورة – والإشارة إلى أنهم موجودون في منطقة التل، من ضمن الأسباب التي سرَّعت من قيام الجيش الدموي المجرم بقصف تلك المدينة، وهدر دماء مئة شهيد، ناهيك عن فشل خطتهم تلك، وإضعاف موقفهم.
صناعة المصداقية:
تميز إعلام الثورة، بأنه الأصدق،لأنه يجسد ضمير الثورة السورية، لاسيما وأن صانعيه من شباب الثورة أنفسهم، وهو ما جعل الثورة الإعلامية ناجحة قبل كل شيء، إذ سرعان ما شكل هؤلاء الإعلاميون أخلاقيات إعلامهم، كصدى لأخلاقيات الثورة نفسها، وباتت مفردة”المصداقية”، تشكل نواة عملهم الإعلامي، وتسمه، وتميزه، ماجعل هؤلاء، وبأدواتهم البسيطة التي بدأوها -الهواتف النقالة وشبكة التواصل الاجتماعي- يهزمون ترسانة الإعلام السوري، هذا الإعلام الذي تخصص له المليارات المدفوعة من خزينة الشعب، والذي تدرب صبيانه وصباياه، في مدرسة”التزوير والنفاق”، لذلك فإن ظهور أحدهم، من خارج ميدان الثورة، والإعلان عن أمر انشقاق ما”كما انشقاق فاروق الشرع” المزمع أو المزعوم، أو”فكِّ الحصار عن حمص”، مع أن الأول ظهر في الإعلام السوري الرسمي، وهو يستقبل وفداً إيرانياً، كما أن حمص لما تزل منهكة تحت الحصار والقصف اللعينين، ليعدّ من أخطاء لها تأثيرها على مصداقية إعلام الثورة، ولابدَّ من عدم إفساح المجال أمام هؤلاء للإدلاء بتصريحات غيرمسؤولة، من خلال اعتماد ناطق إعلامي مجرّب للجيش الحرّ، من جهة، ولتنسيقيات الثورة من جهة أخرى، كما أن ماطالبنا به -عبر إعلام المجلس الوطني- وهو تخصيص شخصية محددة، لتبثَّ وقائع الثورة، يومياً، أو أسبوعياً، هوأمرجد مهم، حتى يتم تلقي المعلومة من مصدر يتمتع بالمصداقية.
خطاب الفرقة:
تبدو الآن خطورة تلك المنابر الفضائية التي راحت تجير الثورة ضد الطاغية، وبطانته، بعيداً عن هدفها الحقيق، إذ إن الحديث في مجال تطييف الثورة، وإسباغ صبغة طائفية على النظام الدموي، وأخرى على الثورة-للأسف- إنما يخدم الركيزة الكاذبة التي راح النظام يعزف عليها، عندما أشارت لسان حاله بثينة شعبان، في بداية الثورة عن ذلك، في ظلِّ الحديث عن السلفيين، والجماعات المسلحة، وهو ما سيعطي نتائج جد سلبية،لاسيما عندما نجد أن هناك ممارسات شاذَّة تتم، هنا وهناك، بغرض الإساءة إلى أخلاقيات الثورة، وهو ما يجب الانتباه إليه، ويمكن وضع حد له، لئلا يستغل النظام الدموي تلك النقاط التي لاعلاقة للثورة، وصناعها الحقيقيين، بها، مايعطي ذريعة حتى لشركاء هذا النظام في الدم السوري، في المحافل الدولية، للإساءة للثورة، بل لخلق الطمأنينة لدى مواطننا، حول حقيقة أن نهاية عمر النظام لتعني نهاية عمر الطغيان والاستبداد.
حقيقة، إن كل ثانية تمر من عمر الثورة السورية، لها أهميتها الكبيرة، وهي تشهد تطوراً هائلاً” لأنه عبر ثانية واحدة يضغط الطيار على زر إطلاق الصواريخ”، ولابدّ من الأهمية لعامل الزمان، لاسيما وأن النظام لم يعد يرهق نفسه بمسألة اعتقالات شباب الثورة، وإنما بات يجري إعدامات ميدانية في ساحات المدن الثائرة، كما في حمص وحماة ودرعا وديرالزور والرستن والحراك وريفي إدلب ودمشق ..إلخ..، مادام أن النظام بات يلجأ إلى قذف البراميل ذات ال500كغ، وهو ما يجعل من مهمة إعلامنا جد كبيرة، لفضح كل ذلك، وحمل وقائع انتهاكات الأعراض -اغتصاب رجل أمام زوجته وأولاده- وغير ذلك من أمات بشائع القصص الفظيعة التي يرتكبها نظام لا أخلاق ولا ضمير له، بات يدمِّر ممتلكات سوريا من مزارع وبيوت ومصانع ومتاجر، لاجئاً إلى استخدام “المناشير الكهربائية” والحراب في نحر من يقع بين أي جنده وشبيحته…!
وبالرغم من أن إعلام الثورة السورية، أوجد مدرسة في الثورة الإعلامية، إلا أننا-وللأسف-لما نزل نجد أخطاء كثيرة، ترتكب، ليس من قبل هؤلاء الشباب الإعلاميين الذين أبدوا براعة، ومهارة، وتفوقاً في أداء مهمتهم، دونما سابق خبرة، وتجربة،في بلد يعدّ فيه حمل المرء لعدسة التصوير تهمة كبرى، بل إن صور ذاكرة “الموبايل” طالما أسالت لعاب رجال الأمن، وجعلتهم يعتقلون حامليها، لتفتيشها، وقراءة ما فيها من رسائل وأدلة أسماء، وغير ذلك، ولكم من تم توقيفهم بناء على مثل هذا الأمر، وإنما كان يتم ذلك من قبل من باتت توكل إليهم مهمات إعلامية، هنا وهناك، ليلحقوا أضراراً كبيرة بالثورة..!
أرواح أزهقت مجاناً:
يأتي بعض ما أعدته إحدى الإعلاميات، في فيلم مصور، حول كيفية دخول دمشق ، بالرغم من آلة الحصار، مثالاً على ذلك النوع من الإعلام الذي يفيد الثورة من جهة، ليضرها من جهة أخرى، وإن كانت هذه الإعلامية تفعل ذلك، انطلاقاً من نوايا طيبة، تجاه الثورة، والثوار، وكادت تدفع بحياتها ثمن ذلك، إلا أن من شأن مثل هذا العمل أن يعين النظام في معرفة نقاط ضعفه، من جهة، والآليات التي يعتمدها الثوار في نضالهم، من جهة أخرى، ولعل النظام كان بحاجة إلى وقت وجهد كبيرين، حتى يكتشف كيف استطاع هؤلاء الشباب خلق هذه المعجزة العظمى، وإن كان ما أشير إليه، مجرد جزء من سفر مكرس في مدح الثورة والثوار.
وغير بعيد عن مثل هذا المثال، تأتي كيفية تهريب السيد رياض حجاب، رئيس مجلس الوزراء المنشق، في شريط فيديو كامل، بوساطة” الجيش الحر” بدءاً من مدينة درعا ومروراً ببلدة نصيب وانتهاء بالأراضي الأردنية، وهوما لا داع له، الآن، البتَّة، وكان من الممكن تأجيل عرض هذا الشريط، إلى مابعد انتصار الثورة، لأنه يضر على المديين القريب والبعيد، ولايفيد البتة، وكان من الضروري إحاطة هذا الحدث بالغموض، وبإعطائه الهالة التي يستحق، وعدم تسريب حقيقة طريقة تهريب الرجل، بل إن التسريبات التي سبقت تهريبه إلى الأراضي الأردنية، أخرت وصوله ومن معه، بل وعرضت حياتهم-جميعاً –للخطر، وجعلت ممرات الجيش الحر، تلك، مكشوفة، أمام أجهزة النظام التي تلجأ إلى الطائرات لقصف أي عمل نوعي، كهذا الحدث المفصلي المهم.
وتأتي عملية الإعلان، عن اختطاف إعلاميي الإخبارية السورية-بالرغم من أن الأمر نفسه يضرُّ بالثورة – والإشارة إلى أنهم موجودون في منطقة التل، من ضمن الأسباب التي سرَّعت من قيام الجيش الدموي المجرم بقصف تلك المدينة، وهدر دماء مئة شهيد، ناهيك عن فشل خطتهم تلك، وإضعاف موقفهم.
صناعة المصداقية:
تميز إعلام الثورة، بأنه الأصدق،لأنه يجسد ضمير الثورة السورية، لاسيما وأن صانعيه من شباب الثورة أنفسهم، وهو ما جعل الثورة الإعلامية ناجحة قبل كل شيء، إذ سرعان ما شكل هؤلاء الإعلاميون أخلاقيات إعلامهم، كصدى لأخلاقيات الثورة نفسها، وباتت مفردة”المصداقية”، تشكل نواة عملهم الإعلامي، وتسمه، وتميزه، ماجعل هؤلاء، وبأدواتهم البسيطة التي بدأوها -الهواتف النقالة وشبكة التواصل الاجتماعي- يهزمون ترسانة الإعلام السوري، هذا الإعلام الذي تخصص له المليارات المدفوعة من خزينة الشعب، والذي تدرب صبيانه وصباياه، في مدرسة”التزوير والنفاق”، لذلك فإن ظهور أحدهم، من خارج ميدان الثورة، والإعلان عن أمر انشقاق ما”كما انشقاق فاروق الشرع” المزمع أو المزعوم، أو”فكِّ الحصار عن حمص”، مع أن الأول ظهر في الإعلام السوري الرسمي، وهو يستقبل وفداً إيرانياً، كما أن حمص لما تزل منهكة تحت الحصار والقصف اللعينين، ليعدّ من أخطاء لها تأثيرها على مصداقية إعلام الثورة، ولابدَّ من عدم إفساح المجال أمام هؤلاء للإدلاء بتصريحات غيرمسؤولة، من خلال اعتماد ناطق إعلامي مجرّب للجيش الحرّ، من جهة، ولتنسيقيات الثورة من جهة أخرى، كما أن ماطالبنا به -عبر إعلام المجلس الوطني- وهو تخصيص شخصية محددة، لتبثَّ وقائع الثورة، يومياً، أو أسبوعياً، هوأمرجد مهم، حتى يتم تلقي المعلومة من مصدر يتمتع بالمصداقية.
خطاب الفرقة:
تبدو الآن خطورة تلك المنابر الفضائية التي راحت تجير الثورة ضد الطاغية، وبطانته، بعيداً عن هدفها الحقيق، إذ إن الحديث في مجال تطييف الثورة، وإسباغ صبغة طائفية على النظام الدموي، وأخرى على الثورة-للأسف- إنما يخدم الركيزة الكاذبة التي راح النظام يعزف عليها، عندما أشارت لسان حاله بثينة شعبان، في بداية الثورة عن ذلك، في ظلِّ الحديث عن السلفيين، والجماعات المسلحة، وهو ما سيعطي نتائج جد سلبية،لاسيما عندما نجد أن هناك ممارسات شاذَّة تتم، هنا وهناك، بغرض الإساءة إلى أخلاقيات الثورة، وهو ما يجب الانتباه إليه، ويمكن وضع حد له، لئلا يستغل النظام الدموي تلك النقاط التي لاعلاقة للثورة، وصناعها الحقيقيين، بها، مايعطي ذريعة حتى لشركاء هذا النظام في الدم السوري، في المحافل الدولية، للإساءة للثورة، بل لخلق الطمأنينة لدى مواطننا، حول حقيقة أن نهاية عمر النظام لتعني نهاية عمر الطغيان والاستبداد.
حقيقة، إن كل ثانية تمر من عمر الثورة السورية، لها أهميتها الكبيرة، وهي تشهد تطوراً هائلاً” لأنه عبر ثانية واحدة يضغط الطيار على زر إطلاق الصواريخ”، ولابدّ من الأهمية لعامل الزمان، لاسيما وأن النظام لم يعد يرهق نفسه بمسألة اعتقالات شباب الثورة، وإنما بات يجري إعدامات ميدانية في ساحات المدن الثائرة، كما في حمص وحماة ودرعا وديرالزور والرستن والحراك وريفي إدلب ودمشق ..إلخ..، مادام أن النظام بات يلجأ إلى قذف البراميل ذات ال500كغ، وهو ما يجعل من مهمة إعلامنا جد كبيرة، لفضح كل ذلك، وحمل وقائع انتهاكات الأعراض -اغتصاب رجل أمام زوجته وأولاده- وغير ذلك من أمات بشائع القصص الفظيعة التي يرتكبها نظام لا أخلاق ولا ضمير له، بات يدمِّر ممتلكات سوريا من مزارع وبيوت ومصانع ومتاجر، لاجئاً إلى استخدام “المناشير الكهربائية” والحراب في نحر من يقع بين أي جنده وشبيحته…!
*ستوكهولم