محنة الآبوجي (سياحة في العقل الغائب)

جان دوست

 

الآبوجي (وأقصد به الآبوجي الذي يمارس الكتابة) كائن مغلق، ببغائي، بينه
وبين استعمال العقل مسافة مليئة بالايديولوجيا.

وهو عصي على التطور محصن ضد
“السموم الخارجية” غير قادر على خوض معركة فكرية، يعج قاموسه بمفردات عنفية،
يهدد ويتوعد، يستقوي بعنصر أمي لا يفقه شيئاً من العلم ولا السياسة ولا الأدب.

وهو
كائن عُصابي معقد التركيب النفسي متربص بك مشحون دائماً فما إن تقترب من منظومته
الفكرية وتنتقد قولاً للزعيم هنا، أو تصرفاً للمريد هناك حتى ينبري للدفاع.

واي
دفاع! الكذب أساسه والهوبرة قاموسه والكلام البذيء الذي لا يدل إلا على بؤس قائله
وإفلاس منظومته التي يتكئ عليها دأبه الذي لا يحيد عنه.

لم أجد ولا مرة في حياتي “رجلاً أخو أخته” من هذا الصنف يرد على
مضمون مقال نقدي ويترك كاتبه.

فأحدهم من الزعانف الميتة والسراجين المفضضة (حسب
وصف جبران خليل جبران) لا يمل من تكرار اسطوانة الضمان الاجتماعي وجعلها عيباً مع
العلم أن هذا الشيء من صميم الحياة الاجتماعية في كل أوربا (وأحمد الله أن بيني
وبين الضمان الاجتماعي طلاقا بائنا منذ مدة طويلة).

وهذا آخر من فقهاء الظلام
والدجل لا يني يردد كالببغاء ويذكرك بعمل قمت به في الماضي..

كالعمل في فضائية عبد
الحليم خدام مثلاً وأقصد فضائية زنوبيا التي لو عادت اليوم لعملت فيها براحة ضمير
مقارعاً النظام الشمولي في دمشق عبر برنامجي “آخر السطر” الذي كنت أعده
وأقدمه على تلك الشاشة.

ولكن السؤال المهم هنا وهو موجه لهؤلاء الزعانف الميتة (
التي لا تستطيع تحريك السمكة مهما كانت تلك السمكة قوية): ترى لو لم يكن جان دوست
يعيش -كما تدعون- على الضمان الاجتماعي، ولو لم –ينضرب على عينه – ويعمل في فضائية
صاحبكم الحنون وحاضنكم لمدة عشرين عاماً عبد الحليم خدام، فكيف كنتم ستردون على ما
يأتي في مقالاته؟ دعوا الآن هاتين “المنقصتين” وهاتوا برهانكم إن كنتم
صادقين.

إن هذا السلوك العُصابي لا يدل إلا على ضحالة تفكير الآبوجي واستمراره في
الدوران حول محوره المعوج وعدم قدرته على السجال الفكري وخوض النقاشات النقدية..

إلى
الآن لم أجد رجلاً محترماً من الآبوجية يناقش الفكرة ويترك قائلها وشخصه ومقاس
حذائه ونمرة ثيابه الداخلية ربما.

ما ينشرونه “كمقالات” على بؤسها
ورداءة مستواها غيض من فيض.

فالايميلات التي تأتي من قبلهم “وأغلب الظن أن
أصحاب هذه الردود الهزيلة هم مرسلوها” يعج بفاحش الكلام الذي لا أملك سوى
الرد عليه بمثله أو أسوأ منه أحياناً.

لم أجد إلى الآن كاتباً محسوباً على
الآبوجيين يكتب باحترام في رده.

فالخصم عندهم “عميل، خائن، باع شرفه لأردوغان
–لا حظ معي أنهم لا يأتون بسيرة بشار الأسد وليس لهم علاقة به- مرتزق، قلمه مأجور،
تافه، مريض نفسياً، منحل خلقياً، قواد مخنث كما جاء على صفحة فيسبوكية لإحدى هذه
الزعانف” إلى آخر هذه السلسلة الطويلة من النعوت التي لا علاقة لها لا من
قريب ولا من بعيد بمضمون المقالات التي تتناول ظاهرات غير صحية وسلوكيات خبيثة
وسياسات مدمرة.
 في ألفباء الردود هناك قاعدة ذهبية لكي تتغلب على خصمك وهي: تفنيد ما جاء
به من معلومات عبر الحجة والمنطق والوثائق إن توفرت.

لا عبر السباب والنرفزة
والشتائم والنبش في الأوراق القديمة فهذا كله لا يفيد في إقناع القارئ بصحة كلامك
(اللهم إلا القارئ الذي على شاكلة الكاتب الزعنفة).

وكمثال أقول: هناك ظاهرة في
كوباني اسمها زراعة الحشيش، لم أختلقها أنا ولا علاقة لراتبي من الضمان الاجتماعي
بذلك، كذلك لا أظن أن “معلمي” السيد عبد الحليم خدام القابع في قصره
الباريسي على علم به، وزراعة الحشيش على المستوى الكارثي الذي أشرت إليه تتم على مرأى
ومسمع من “حماة قيم الشعب” وهذا ليس تجنياً على أحد، وحتى لو كان كذباً
وتجنياً فالرد عليه يكون بإحدى هذه الطرق: لا يوجد حشيش في كوباني والأمر كله كذب
في كذب وما يزرعه الناس عبارة عن شعير وفصة وشوفان والدليل كذا كذا كذا..أو: نعم
هناك زراعة للحشيش ولكن تتم بشكل سري ولا تستطيع الأحزاب العتيدة الوصول إلى تلك
الأماكن لوعورتها حيث يبلغ ارتفاع أقصر قمة جبلية في كوباني أربعة آلاف متر (مزحة
ع الماشي).

أو: الأحزاب لا تريد فتح جبهة مع مزارعي الحشيش فهي مشغولة بإقامة
الحفلات الغنائية ومقارعة العدو الأردوغاني.

أو: 
الحشيش مفيد في هذه الظروف الاقتصادية العصيبة حيث هناك من يريد إعالة
أسرته ولا يجد أمامه سوى هذه الآفة اللعينة (شو لكان بدكون ياه يسافر على أوربا
ويعيش ع الضمان الاجتماعي؟؟) أو إذا كان المرء منصفاً سيرد هكذا: للأسف الظاهرة
موجودة وتتنامى بسرعة وأحزابنا مطنشة وهي هكذا تعطي صورة سيئة جداً عن ضعفها وضعف
إدارتها للبلاد.

وكفى الله المؤمنين شر القتال.

 في السابق كتبت رداً على وثيقة طبَّل لها وزمَّر حزبُ الاتحاد
الديمقراطي  قبل أن يسحبها مشكوراً من
صفحته على الانترنيت وهي وثيقة أتاتورك “الحنون”، فما كان من أحد محامي
النهج الآبوجي آنذاك (منشق حالياً وعائد من إجازة العقل) إلا أن نعتني بالمرتزق
وذكرني هو الآخر بعملي في فضائية زنوبيا!! يا سبحان الله أإلى هذه الدرجة بلغ بكم
خواء فكركم؟ وليس عندكم سوى هذه الكليشيه المهرهرة؟.
 أدعو هذا الرهط من أصحاب الردود إلى استدعاء عقولهم من إجازاتها المفتوحة،
أدعوهم إلى استعمالها لكي لا تزداد صدأ على صدأ حتى تصاب بالجلطة الفكرية، أدعوهم
إلى احترام الآخر مهما كانت قسوته في النقد.

وأدعوهم إلى رباطة الجأش عند الكتابة
والإمساك بالقلم من رأسه لا من منتصفه، وإن كانوا يستعملون مفاتيح الحروف
الكومبيوترية فعليهم بعدم استعمال جميع الأصابع لأن ذلك يزيد الأخطاء المطبعية.
وأنصحهم أيضاً بقليل من دراسة القواعد العربية وعرض ما يكتبون على الجهابذة الذين
بجوارهم من الصامتين الشامتين.

  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…