المجلس الوطني السوري: مبادرة هيئة التنسيق خروج عن الإجماع الوطني ومساواة بين الضحية والجلاد

أصدرت “هيئة التنسيق الوطني” مذكرة تضمنت مبادرة خاصة بالأزمة في سورية دعت فيها إلى “هدنة مؤقتة بين جميع الأطراف التي تمارس العمل المسلح”، وإطلاق “الطرفين” سراح “جميع المعتقلين والأسرى والمخطوفين”، وسماح “الطرفين” لهيئات الإغاثة بإيصال المعونات، و”إطلاق عملية سياسية تقوم على التفاوض بين قوى المعارضة ووفد من النظام يملك صلاحيات تفاوضية مطلقة ..”.
وكان ملفتاً للانتباه أن مبادرة “هيئة التنسيق الوطني” قد خلت من إدانة واضحة للنظام رغم جرائمه ومجازره الوحشية على امتداد الأرض السورية، ولم تحمل النظام وأركانه مسؤولية الدماء التي أرقيت ونحو 30 ألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى ومئات آلاف الأسرى والمعتقلين، بل وذهبت أبعد من ذلك بالحديث عن “طرفين” في الأزمة يتساويان في استخدام القوة والاعتقال والاختطاف وإعاقة وصول المعونات الغذائية والطبية، وهو ما لم تذهب إليه أي مبادرة عربية أو دولية.
وفي الوقت الذي يقوم فيه النظام بتصعيد جرائمه الوحشية وقصفه المدن الآمنة بطريقة مروعة كما حصل في مجزرة اعزاز التي قتل فيها قرابة 100 مدني (15/08)، ومجزرة حلب التي قتل وجرح فيها نحو 90 مدنياً أثناء محاولتهم شراء الخبز (16/08)، تخرج علينا مبادرة تساوي بين الجلاد والضحية وتعتبرهما طرفين متساويين إلى حدّ كبير في المسؤولية، وتسعى لإحباط معنويات الثورة والشعب بالقول إن الثورة “لا تزال بعيدة عن تحقيق انتصار حاسم”.
إن المجلس الوطني السوري يرى في مبادرة “هيئة التنسيق الوطني” خروجا عن الإجماع الوطني الذي تحقق في اجتماع المعارضة السورية في القاهرة (02 – 03/07) وتراجعاً عن أهم بنودها ممثلاً في إسقاط النظام ورئيسه ورفض التعامل معه، ودعم “الجيش السوري الحر” والمقاومة الشعبية، وتعمل على منح النظام مهلة إضافية للبقاء في السلطة، وهو ما عبر الشعب السوري برمته عن رفضه المطلق له من خلال ثورته المستمرة للشهر السابع عشر على التوالي.
إن المجلس الوطني السوري يعتبر أن تراجع “هيئة التنسيق الوطني” عن وثائق القاهرة، بما فيها العهد الوطني ووثيقة المرحلة الانتقالية، يجعلها في معزل عن باقي قوى المعارضة السورية، ويضعها في انسجام مع الأطراف التي سبق أن دعمت النظام وأطلقت مبادرات لإنقاذه، مثل روسيا وإيران، وإن شعبنا سيقول كلمته في هذه المبادرة وغيرها من المحاولات التي تسعى للالتفاف على ثورة الشعب السوري وتقويض ما حققه في طريقه لاسترداد حريته وكرامته.
الرحمة لشهداء شعبنا الأبرار والشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا ومعتقلينا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…