بيان إلى الرأي العام من المجلس المحلي في سرى كانيه للمجلس الوطني الكُردي في سوريا

يمر بلدنا في ظروف عصيبة و يخضع لمتغيرات سياسية عديدة لها وقعها و أثرها على الساحة الوطنية عموماً و في مدينة سرى كانيه ( رأس العين ) و ريفها والتي تكاد أن تكون سوريا مصغرة لما فيها من تنوع قومي و ديني ، حيث المكونان الكوردي والعربي لهما التواجد الأكبر في هذه المنطقة من البلاد إلى جانب الأخوة المسيحيين و الشركس و الشيشان و الأرمن و غيرها من هذه المكونات التي تتعايش  بوئام وسلام منذ مئات السنين و تربط بينها أواصر الحياة المشتركة في مختلف نواحي الحياة .

و لاشك أن للثورة السورية المباركة تأثيرها على واقع مدينتنا و التي خاضت في غمار الثورة منذ فجرها بهمة شبابنا  حيث تنوعت المواقف و الاصطفافات السياسية بشكل متباين بين مختلف الفئات و المكونات في حين أننا لازمنا جانب الثورة وساندنا حق الشعب السوري في الحرية والكرامة.
و حاول النظام منذ الأيام الأولى للحراك الجماهيري في مدينتنا ضرب مكوناتها ببعضها من خلال المفارز الأمنية وفرع حزب البعث ، كان آخرها أزمة الوقود المفتعلة و الفوضى المترافقة معها بسبب نأي السلطات بنفسها قصداً عن واجباتها الخدمية تجاه المواطنين مما خلق جواً مشحوناً ومهيأً  لأي صِدام ، وفي هذه الأثناء و في جانب آخر يقوم النظام بمؤسساته الأمنية والحزبية ومن خلال أشخاص معروفين بسلوكهم وسيّرهم المثيرة للجدل بتوزيع السلاح على بعض المواطنين من الأخوة العرب و الشيشان و المسيحيين وبشكل ممنهج ومنظم ، ويرافق هذا العمل في الأوساط الأمنية والمحابية لها حملة مغرضة على الكُرد بعيدة عن الواقع و التعايش السلمي السائد بين مكونات المدينة منذ مئات السنين؛ مما يساهم في إذكاء شعور الابتعاد و الاغتراب و التحريض على الانجرار نحو أخطاء فادحة لا تخدم سوى فكرة الاستبداد.
وما يدعو للأسف و الريبة أن هؤلاء الأشخاص المتعاونين و المتعاملين مع النظام في مهمة التسليح لا يقدّرون الظروف التي تمر فيها البلاد متناسين المصلحة العامة للشعب السوري بل يسعون للاستفادة الشخصية من الفوضى الحاصلة دون أي رادع وطني أو أخلاقي وكذلك يحاولون إبراز أنفسهم كشخصيات محورية بين ذويهم و محيطهم الاجتماعي ، فقد نجح البعض من هذه الشخصيات في جرّ أهلها واستقدامهم من القرى المحيطة و سوقهم نحو مخاطر كبيرة و لأسباب و منافع شخصية لا أكثر.
إننا في المجلس المحلي في سرى كانيه للمجلس الوطني الكُردي في سوريا ندعو أبناء مدينتنا من كافة مكوناتها الوطنية إلى نبذ ورفض ظاهرة التسليح بكل أشكالها ومن أية جهة كانت .

كما نؤكد على ضرورة التواصل والتعاون  و تعزيز الأواصر الاجتماعية و القيم الإنسانية المشتركة بين هذه المكونات  للحفاظ على السلم الأهلي في مدينتنا الحبيبة ؛ لعلنا نتجاوز معاً وبسلام الأزمة التي تعصف بسوريا و نصل بأهلنا من جميع المكونات إلى بَرّ الأمان وصولاً إلى سوريا تجمع كل أبنائها تحت السقف الوطني بحرية بعيدة عن الاستبداد والظلم.
المجلس المحلي في سرى كانيه للمجلس الوطني الكُردي في سوريا

14- 8 – 2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…

فرحان كلش طبيعياً في الأزمات الكبرى تشهد المجتمعات اختلالات عميقة في بناها السياسية والفكرية، ونحن الآن في الوضع السوري نعيش جملة أزمات متداخلة، منها غياب هوية الدولة السورية وانقسام المجتمع إلى كتل بطوابع متباينة، هذا اللاوضوح في المشهد يرافقه فقدان النخبة المثقفة الوضوح في خطوط تفكيرها، وكذا السياسي يشهد اضطراباً في خياراته لمواجهة غموضية الواقع وتداخل الأحداث وتسارعها غير المدرك…

عبدالله كدو المرحلة الجديدة في سوريا عامةً، وعلى الساحة الكردية خاصة، ملبدة بالعواطف الجياشة، بعضها بريء وبعضها الآخر مصطنع. وعليه، نجد أعداداً كبيرة، من بينهم كثيرون من العامة، يحاولون تسجيل حضور معين في المشهد الجديد، منطلقين أحيانا من دوافع شخصية تحت ذريعة الدفاع عن المصلحة العامة المزعومة. بالطبع، هذا الحديث لا يشمل المغرضين المكلَّفين من قبل جهات لا تريد الخير…