هل يختلف سلوك الأحزاب الكردية عن سلوك حزب البعث

 دلكش مرعي

الحقيقة أن من يقارن مقارنة بسيطة بين البنية الفكرية لحزب البعث والبنية الفكرية للأحزاب الكردية سيلاحظ بأن هذه البنية هي متشابه من حيث الجوهر وإلى حد كبير فمن خلال مقارنة بسيطة سيلاحظ المقارن بأن حزب البعث قد تبنى في منطلقاته النظرية فكرة تلازم الفكر القومي مع الفكر الاشتراكي وهناك احزاب كردية تتبنى نفس الفكرة دون زيادة أو نقصان وقد تبنى بعضها فيما مضى شعار الاهتداء بالماركسية أو سميت نفسها باليسار الكردي أو الشغيلة أي انها جميعاً تبنت فكرة تلازم الفكر القومي مع الفكر الاشتراكي وهو فكر شمولي عقائدي اثبت فشله تاريخياً …
أما شعار بقاء الأمين العام إلى الابد التي كان يرفعها نظام البعث لبقاء – الأسد – رئيساً إلى الأبد هي ذاتها لدى الأحزاب الكردية فكل أمين عام  وكل مسئول كردي هو أيضاً بقائه إلى الأبد ولا يتزحزح من منصبه حتى الممات …  أما بالنسبة للنمط والسلوك السائد فهو أيضاً متشابه بين الجميع فمن كان ينتقد سياسات البعث واستبداده كان يعتبر الناقد عميل للإمبريالية والصهيونية ومتآمر على البلد وغيرها من التهم المعروفة والجاهزة…  ومن ينتقد سياسات الأحزاب الكردية فهي عميل لأعداء الكرد وجاسوس ويتعرض الناقد عبر الإيملات لوابل من الشتائم والتهديدات …  ما نود قوله هو أن هناك بون شاسع بين المفاهيم الشمولية وبين فكرة حركات التحرر الوطنية التي تسعى سياسيا إلى تحرير الأرض واجتماعيا إلى تحرير الإنسان من قيم التخلف وقيم الجهل  وتجسيد المزيد من قيم العلمانية والديمقراطية والمزيد من الحريات الشخصية داخل قيم المجتمع … بينما الفكر القومي هو فكر انتجه البرجوازية الأوربية لتوحيد المقاطعات الأوربية قبل ما يقارب القرنيين من الزمن فقد كانت معظم الدول الاروبية كانت مقسمة إلى مقاطعات مستقلة واستغل البرجوازية الاوربية الفكر القومي لتوحيد هذه المقاطعات المتناثرة لتبقى ضمن دولة قوية موحدة من جهة ولتوسيع الأسواق التجارية للسلع المصنعة التي كان ينتجها البرجوازية الأوربية في تلك المرحلة من جهة أخرى بينما االاحزاب الكردية تستغل هذا الفكر لشرذمة الشعب الكردي ولتحقيق مصالح شخصية او حزبية ضيقة على حساب حقوق الشعب الكردي … اختصارا يمكن القول بأن سبب تماهي المقموع المضطهد بسلوكيات المستبد والذوبان في عالمه إن سبب هذه الظاهرة هو أن  المقموع والمستبد ينتميان إلى نفس التراث الفكري والقيمي والعقائدي وهذه الحالة تعتبر من بين أقوى العوامل المقاومة للتغير وعرقلة التحرر الوطني والاجتماعي لدى شعوب المنطقة عموما ولدى الشعب الكردي بشكل خاص فالدينامية النفسية هي متشابه لدى المقموع والمستبد داخل المجتمع المتخلف  فظاهرة – أنا الديك وحلال على لشاطر ودبر راسك – كتوجه لإثبات الذات هو التوجه السائد لمعظم الشرائح عاموديا وأفقيا  داخل المجتمع المتخلف ..

فالشاطر في الدول المتطورة هو الذي ينجز انجازاً سياسيا أو علمياً أو فنياً أو ادبيا  متميزاً يخدم هذه المجتمعات والإنسانية عموماً ….بينما من يدقق النظر في تركيبة الأحزاب الكردية سيلاحظ بأن الشاطر هو ذاك الأمي فكرياً وسياسياً ويحتل مناصب عليا داخل الأحزاب الكردية ويقود المنظمات الحزبية في هذا المجال أو ذاك بينما الطاقات المؤهلة التي تمتلك الخبرات والمؤهلات لقيادة المرحلة فهي مهمشة أو متهمة بالعمالة كالتهم التي كان يوجهها حزب البعث لبعض المعارضين الشرفاء .

فلو كانت هناك قيادة كردية مؤهلة تقود الكرد في غربي كردستان لما التجأ الكرد في هذا الجزء إلى القيادة الكردية في شمال وجنوب كردستان مع احترامنا وتقديرنا لكل مساعدة أخوية يقدمها هؤلاء للشعب الكردي  في غربي كردستان وكل جهد يوحد طاقات الشعب الكردي في هذا الجزء

كلمة أخيرة نقول : بأنه من المستحيل أن تعالج قضية الشعب الكردي وحقوقه المشروعة عبر فكراً قوموي متأزم أثبت فشله عبر نصف قرن ولم يحقق سوى التشرذم والتبعثر وأوصل الشعب الكردي في غربي كردستان ألى هذا الواقع المتأزم … فإما أن يعتمد الكرد على الخبرات والكفاآت الكردية والنخب المؤهلة لقيادة هذه المرحلة المفصلية من حياة هذا الشعب وعبر نهج سياسي صحيح لتحقيق حقوق الكرد المشروعة في هذا الجزأ أو السير في حلقة تراثنا المتأزم الذي ندور في فلكه منذ قرون وقرون

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…