تجربة الاتحاد السياسي

صبري رسول

لم تعرف الحركة السياسية الكردية خلال تاريخها الطويل تجربة الاتحاد السياسي، رغم توفر عوامل نجاحه أكثر من التجارب الوحدات التنظيمية، بين فصيلين أو أكثر, شهدت الحركة السياسية عدة تجارب وحدوية فاشلة، وإن أردنا الدقة في المصطلح، فنجاحها جاء جزئياً، ومحدوداً، فالتجربة الأولى كانت بين عدة فصائل ومجموعات(حزب العمل الكردي (شيخ آلي، وحزب الديمقراطي الكردي (البارتي) (إسماعيل عمر) وحزب الاتحاد الشعبي الكردي(حسن تنورية وفؤاد عليكو) وجزء من حزب الشغيلة، ومجموعة كوادر اليسار الكردي (صديق شرنخي) تمخّضت عنها ولادة حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) الذي سرعان ما انقسم على نفسه، نتيجة خروج مجموعة واسعة من الكوادر المتقدمة منه، وأعلنوا بعد عدة سنوات حزب يكيتي الكردي.
هذه التجربة تركت آثاراً سلبياً وإحباطاً في نفوس الشعب الكردي.

والتجربة الثانية جاءت بتوحيد الفصيلين: الحزب اليساري الكردي وحزب الاتحاد الشعبي في إطار وحدة اندماجية تنظيمياً تحت اسم حزب آزادي الكردي، 2005م، وهذه التجربة هي الأخرى باءت بالفشل الذريع، وعاد كلٌّ إلى صفوفه قبل الوحدة وتحت اسمين (آزادي).


هذه التجارب أثبتت أنّ القيادات الكردية غير مؤهّلة لقيادة التجارب الوحدوية، وعاجزة في استيعاب طبيعة المرحلة، ولا تملك القدرة في قيادة الكتلة البشرية التي انتسبت إلى صفوف الحزب بعد إعلان الوحدة، لأنّها انخرطت في صراعات هامشية، واستنزفت قدرات الحزب وطاقات كوادره في مسائل تنظيمية ثانوية، امتدّت أفقياً وعمودياً لتُحدِثَ شللاً في جسم الحزب، ومن ثمّ البدء في حروبٍ إعلامية وشخصية، إلى درجة لم يعُد من الممكن الاستمرار في جسمٍ واحد.
أما الاتحاد السياسي، بوصفه نوعاً متقدماً من أنواع التحالفات السياسية، فلم يلقَ حقّه من التنظير والتطبيق.

صحيحٌ أنّ هناك عدة تجارب في صيغٍ تحالفية منذ نهاية الثمانينات وإلى قبيل انطلاق المجلس الوطني الكردي خريف 2012، إلا أنّ جميعها كان مجرّد أشكال تنظيمية باهتة، لم تخدم قضية الشعب الكردي، لمحاولة بعض الأطراف الاستحواذ على سير التحالف وتسخيره لسياساته الحزبية.
الآن وفي الظروف المستجدة خلال الثورة السورية، بات الاتحاد السياسي أمراً ملحاً، يجب التفكير فيه والعمل على إيجاد صيغٍ اتحادية تلائم طبيعة المرحلة التاريخية، وتنسجم مع الحراك الثوري في الشارع، بآلياتٍ جديدة، وذهنية منفتحة تواكب تطلعات وطموح الشعب الكردي.


مشروع الاتحاد السياسي قد يكون منهجاً جديداً لممارسة العمل السياسي، مع يقيننا أنّ أكثرية الأحزاب الكردية ترفض مثل هكذا مشروع، بل قد لا تفكّر به أصلاً، إلا أننا نؤمن بأنّه حانَ الوقت لطرح مثل هذه الرؤية لإيجاد ما يناسب التطورات والمتغيرات السريعة التي تلاحق أنفاسَنَا ولا تترك لنا مزيداً من التفكير، ونبشّر الشعب الكردي بانطلاق مشروعٍ اتحاديِّ في القريب، والأمر مطروحٌ على الجميع، أحزاباً، وتجمعات، وتنسيقيات، فهل من مجيب؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…