ما لا يقوله الإعلام السوري؟!

إبراهيم اليوسف

عنوان مقالي السريع هنا “ما لا يقوله الإعلام السوري” لا أرمي به، تناول تلك الحقائق الهائلة التي تتجاهلها ترسانة الإعلام السوري، من إذاعة وتلفزيون، وصحف، وفضاء إلكتروني، بل اختارت، أن تتوجه، عكس ذلك، إلى التزوير، وما أكثر الوقائع اليومية، الملموسة، التي يعرف حقيقتها المواطن السوري، بيد أنها بطريقة مغايرة، ضمن سياسة تحويل القاتل إلى ضحية، والضحية إلى قاتل، وإنما استوحيته من متابعتي المتعمّدة لبعض فضائيات التزوير في سوريا، حيث خف استضافة الأسماء القومجية، أو المتمركسة، أو المتخندقة ذيلياً، وسواهم ممن يتم استقدامهم -عادة- من بعض دول الجوار، أو غيرها، لقاءما هو معلوم أو مجهول، من المال الحرام، و الهبات، والأعطيات ، وما نحو ذلك ..!
بيد أن ما يلاحظ على هذا الإعلام، خلال اليومين اللذين تليا انشقاق السيد رياض حجاب -وهو يقذف بنفسه من المركبة الغارقة- و هو عموماً انشقاق بين مدى التفتت، والتآكل، الداخليين في أعلى مستويات آلة النظام، المعروف أصلاً بتصدعاته الهائلة، والذي لا يجمع في مركبته تلك، إلا معاشر الانتهازيين، أن هذا الإعلام بات يتوجه إلى خطاب الطمأنة الموجه إلى المواطنين، حيث يظهر محلل سياسي، عارف في قرارته، أن النظام ماض  إلى زوال، لذلك فهو مضطر أن يؤدي وظيفته التي أوكلت إليه، من خلال لوك عبارات صفراء، تدين الثورة، والثوار، وتمجد آلة القتل، مؤكداً أن سوريا بخير، وهو ما لا تصدقه جمهرات الموالاة التي يأكلها الذعر، خوفاً مما يدور، قبل سواها، من شارع الثورة الذي ما خاض الثورة، في يومها الأول، إلا و هو موقن أن النظام لابد مندحر، وأن ثورته، لابد وأن تتكلل بالظفر الأكيد، والقريب، لأن أطفال مدننا الباسلة، كسروا شوكة القاتل والخوف، وباتوا يرون، وهم يواصلون ثورتهم السلمية، قبل أن ينشق الجيش إلى جزئين: أحدهما تابع، موال، وآخر، يتواجهان، بيد أن من يستند إلى قضية  مشروعة، تتلخص في ضرورة الخلاص من حكم الدكتاتورية، يحمل إيماناً بالنصر، وقوة لا تضاهى، على عكس من يرتبط بمانح صكوك الطاعة، أو رصيد بنكي، أو لفافة مالية، تعطى له، من قبل “شبيح” أكبر، قد يطلق عليه النار، في لحظة ما، أنى تطلبت مصلحته، ذلك، مادام أن أخلاقيات القاتل، تسوغ له، كل شيء، وما أكثر ما يتخلص هؤلاء، حتى من آل بيتهم، في سبيل الاستئثار بسدة الحكم، والكرسي، وما أكثر الأمثلة،هنا، في التاريخين: القديم، والقريب، في آن واحد…!.
إن سايكلوجيا، الإعلامي والمحلل السياسي، المضللين، يمكن استقراؤها، من قبل المتابع، بجلاء، حيث أن حالة هؤلاء تذكر إلى حد بعيد، بحالة من يريد أن يتجنب إعلام أسرة المنكوب بموت عزيز عليهم، لذلك فهو يلجأ إلى مج العبارات المرتبكة، مهما تحصنت، بإيقاع اللغة، وجرس التعبير، وبريق البلاغة، إلا أن خطاب هذا الصنف، يكون هشاً، مهشماً، في قرارته، مرتبكاً، لأنه نفسه، عارف الحقيقة، كاملة، وإن اضطر إلى تزويرها، وشتان مابين موقفي الاثنين، موقف من لايريد مباغتة مخاطبه، بصدمة لا يتحملها، حرصاً عليه، وموقف من لا يقول الحقيقة، وهو يسعى –عبر سلوكه- إلى جعل مخاطبه، وقوداً لنار، يعدّ  هو منظرها، وشريك مشعلها، في إطار خطة حرق البلاد، والمنطقة، والعالم، كما كان رئيس عصابة الإجرام، يهدد، شخصياً، أو عبر بواقيه الخريصين..!

وفي ما لو عدنا، إلى عنوان المقال، أعلاه، ونسأل: ما الذي لا يقوله الإعلام السوري؟، فإن  الإجابة على السؤال هي: إن الإعلام السوري، لا يقر حقيقة الهزيمة والذعر اللذين لحقا به، و بجوق طباليه، وزماريه، وركاب سفينته الغرقى، ما يذكر تماماً – بخطاب محمد سعيد الصحاف الذي كان يتحدث عن هزيمة العلوج، بينما كانت الدبابات على مئات الأمتار، من مبنى التلفزيون العراقي، وكان الطاغية صدام حسين، قد أعد لاذ بالفرار، وأي فرار، من حكم التاريخ، على من يكون عدو شعبه..!؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…