اتفاق هولير: إيجابياته , سلبياته

المحامي زردشت مصطفى
رئيس اتحاد القوى الديمقراطيّة الكرديّة

تحت مظلـّة حكومة إقليم كردستان وبرعاية السيّد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان تمّ عقد اتفاق هولير بين مكوّنين كرديين في سوريا وهما /مجلس شعب غرب كردستان, والمجلس الوطنيّ الكرديّ / , وكان له ما له من إيجابيات ,وعليه ما عليه من سلبيات , وحتـّى نقف على محاسنه ومساوئه لا بدّ أن نعرّج قليلاً على المكونين السابقين لمعرفة ماهيّة كلّ منهما ,  فأمّا بالنسبة لمجلس شعب غرب كردستان فهو إطار سياسيّ متفرّع عن الحزب الأمّ (العمال الكردستانيّ ), وهنا نقرّ أنّ لهذا الحزب قاعدة شعبيّة في الساحة الكرديّة السوريّة, وله جناح عسكريّ على الأرض لا يختلف عليه اثنان, ولديه كوادر سياسيّة يواصلون الليل مع النّهار دون كلل أو ملل في هذه الظروف الاستثنائيّة التي تمرّ بها البلاد.
وأمّا المكوّن الثاني فهو المجلس الوطنيّ الكرديّ الذي تندرج تحت اسمه مجموعة أحزاب سياسيّة يُقَدّر عددها بــستّة عشر حزباً, ولكنْ تفتقر غالبيتها إلى القاعدة الشعبيّة الواسعة التي يكفل لها حقّ تمثيل الكرد إنْ كان هذا هو المعيار الحقيقيّ في نزع الشرعيّة.
ونحن الكرد في سوريا وبحكم إيلائنا المسألة السياسيّة قدراً من الاهتمام على يقين لا يشوبه الشكّ أو الريبة أنّ (اتفاق هولير) كان خطوة على الطريق , ولكنّه لم يرقَ إلى المستوى الذي يمنحه الشرعيّة المطلقة ؛ ليكون ممثـّلاً وحيداً للشعب الكرديّ في سوريا.
إنـّنا في اتـّحاد القوى الديمقراطيّة الكرديّة في سوريا / أحزاباً سياسيّة وحراكاً شعبيّاً له حضوره الفاعل على الأرض, وشخصيّاتٍ كرديّة سياسيّة مستقلـّة / نُشيد ونمجّد جهود السيّد الرئيس مسعود البارزانيّ الساعية إلى رصّ الصفّ الكرديّ , وتوحيد الخطاب السياسيّ الكرديّ في سوريا , ولكنّنا في الوقت ذاته نؤكـّد أنّ تجاهُل هؤلاء للمكوّن الثالث (اتحاد القوى الديمقراطيّة الكرديّة) مؤشر خطير يقود إلى مزيد من التشتت والانقسام, في  وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى التكاتف وعدم إنكار الآخر وإقصائه.
والحقيقة أنّ هذا المكوّن الثالث له قاعدة شعبيّة لا يُستهان بها على أرض الواقع, وهو جزء من الثورة السوريّة المباركة المطالبة بإسقاط النظام البعثيّ الشموليّ بكلّ رموزه ومرتكزاته منذ اندلاعها في أواسط آذار من العام المنصرم, كما ويطالب الاتحاد باستقلاليّة القرار الكرديّ السوريّ مع الحفاظ على البعد القوميّ الكرديّ في سوريا , وكذلك كان سبّاقاّ إلى تقديم العون للثورة السوريّة ومؤازرة النازحين تحت وطأة القصف من قبل كتائب الأسد هرباً من جحيم الموت الذي طال أكثر من عشرين ألف مواطن سوريّ بحسب آخر إحصائيّة للمرصد السوريّ لحقوق الإنسان
إنّ هذا التجاهُل لاتـّحاد القوى الديمقراطيّة لا يخدم الشعب الكرديّ في سوريا ولا يخدم قضيّته العادلة , ونحن نجزم يقيناً أنّ الحراك الثقافيّ والشبابيّ والاجتماعيّ الكرديّ في سوريا لن يقبل على نفسه الوقوع ثانية في فخّ الإقصاء والتهميش المُمارَس بحقـّه منذ أربعين عاماً ونيّف , ولن يسمح باعتقال الفكر ومصادرة الحريّات والذوبان الإلزامي في عقليّة الاستئثار بكلّ شيء على حساب الآخر.
لقد استطاع الاتحاد خلال فترة وجيزة أن يجد له موطئ قدم على الخارطة السياسيّة الكرديّة والوطنيّة وأن يثبت حضوره اللافت في مؤتمر المعارضة في القاهرة من خلال دفاعه المستميت عن الحقوق القوميّة المشروعة للشعب الكرديّ السوريّ .
وانطلاقاً من المسؤوليّة التاريخيّة الملقاة على عاتقنا جميعاً وإيماناً منـّا بأنّ التاريخ لايرحم فإنّنا نرى ضرورة إعادة النظر في هذا الموضوع , وفتح قنوات الاتصال بين جميع مكوّنات الشعب الكرديّ في سوريا وعدم إقصاء طرف على حساب طرف آخر حتى تكون عمليّة التحوّل السياسيّ ولا سيّما بعد سقوط النظام الجائر مبنيّة على أرضيّة متينة توافق تطلـّعات الشعب الكرديّ التوّاق إلى الحريّة المنشودة.
مرّة أخرى نبارك جهود رئيس إقليم كردستان العراق الرامية إلى  ترتيب البيت الكرديّ  وتوحيد الخطاب السياسيّ للحركة الكرديّة  لمصلحة الشعب الكرديّ الذي يرى في شخصه الكريم المرآة التي تعكس صورة الأب الروحي للكرد المرحوم / ملا مصطفى البارزانيّ / الذي نذر حياته كلـّها في خدمة القضيّة الكرديّة  والكردستانيّة.

3/آب/2012م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…