لقاء مع عضو اللجنة السياسية لحزب ازادي الكردي في سوريا الأستاذ محمد سعدون

أجرى الحوار حسين أحمد
Hisen65@gmail.com

مرّ أكثر من عام على الربيع العربي وتغير الكثير من الأنظمة الاستبدادية وخاصة في: تونس – مصر – اليمن – ليبيا – سوريا, هناك من يقول: أن هذا الربيع ربما لن يكتمل إلا بنجاح الثورة السورية , وفشلها يعني إن هذا الربيع سيصبح خريفاً مرعباً لكل الشعوب التي نادت بالحرية والديمقراطية والتعددية.

أليس مطلوب منا نحن كشعب كردي أن نساهم في زرع الورود والأشجار لكي يكتمل ربيع المنطقة برمتها.

لكل مرحلة سماتها لكل فترة مستحقاتها: فالفترة التي سبقت الحرب الكونية الأولى كانت هناك إمبراطوريات عديدة في العالم (العثمانية, البريطانية, اليابانية ….) تتحكم بمصير أكثرية شعوب العالم
لكن بعد تنامي قوى رأسمالية جديدة أخذت تبحث عن أسواق جديدة بالإضافة إلى تنامي الشعور القومي لتلك الشعوب التي ترزح تحت تلك الإمبراطوريات بدأت حرب تحرير تلك الشعوب من تلك الإمبراطوريات لكن القوى الكبرى بدأت التدخل باسم الانتدابات لمساعدة الشعوب في إنشاء دولها.

إلى أن تنامت رأسمال الدول الكبيرة وتخطت حدود تلك الدول باحثة عن أسواق جديدة فبدأت بتحريض الشعوب المستعمَرة للتخلص من مستعمِريها ليضعوا حراس على مصالحهم في هذه المرة من تلك الشعوب المحررة .

أنشأت الأمم المتحدة و بدأت الحرب الباردة إلى أن بدأت الحرب الثالثة بانهيار الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن الماضي ولا زال الحرب جارية لكن شعار هذه الحرب التخلص من دكتاتوريي اليوم حراس مصالحهم في الأمس (لا صديق دائم ولا عدوٌ دائم بل مصالح دائمة) لأن عمر الشعوب أطول فنقول متى ما التقت مصالح الدول الرأسمالية مع مصالح الشعوب تقرع طبول الحرب.


الربيع العربي جزء من هذه الحروب , هناك مخطط لتغيير المنطقة لتكون على النموذج التركي لأنها الأنجح في المنطقة اقتصاديا أولا والتخلص من الإسلاميين المتطرفين ثانيا.
وأما بالنسبة للثورة السورية فلا بد أنها سوف تنجح بإرادة شعبها الذي يضحي بكل شيء من أجل إنجاحها والكرد في سوريا جزء لا يتجزأ من هذه الثورة لأنهم المستفيدون أولا لأنه إذا نظرنا إلى خارطة العالم بعد كل حرب كونية تحصل شعوب جديدة على حقوقها وقضية الشعب الكوردي في جميع أجزاء كوردستان جزء من مخطط التغيير في المنطقة ولا يمكن أن تستقر المنطقة دون حل القضية الكوردية  لذلك ترى الكورد مشاركون في جميع الثورات التي تقام في مناطق تواجدها.

      
 يطالب المجلس الوطني الكردي بتغيير بنية النظام, أما المجلس الوطني السوري فمطلبه الأساسي هو إسقاط النظام بكل مرتكزاته ومكوناته وشخوصه, مارايك وما أوجه الاتفاق بين هذا وبين ذاك ..؟

المجلس الوطني الكوردي تبنى الثورة السورية حتى تحقيق أهدافها وهي إسقاط النظام أي المجلسين متفقين وطنبا لكنهما مختلفين في شكل حل القضية الكوردية  وأطراف المعارضة كلها متأثرة بفلسفة النظام لا ترى غير نفسها لكن الكورد سوف يستمرون في الثورة وحتى بعد إسقاط النظام إن لم يتحقق مطالبهم .

اقرّ المجلس الوطني الكردي في مؤتمره الأول بالإجماع على صيغة مبدأ “حق تقرير المصير”  للكرد في سوريا, انتم في حزب ازادي الكردي في سوريا كيف تفهمون هذه المسألة .؟

أولا لم يقر المجلس الوطني الكوردي حق تقرير المصير بالإجماع لأن كثير من الأحزاب المنضوية تحت قبة المجلس الكوردي غير مؤمنة بهذا الشعار ناهيك عن المستقلين الذين يؤمنون بهذا الشعار أو ذاك لكنها أقرت بالتهديد بالانسحاب من المؤتمر من قبل بعض الأحزاب (وحزبنا آزادي من ضمنها) والتنسيقيات المشاركة في المؤتمر , وإذا نظرت إلى قرارات المؤتمر فسترى أن هذا الشعار جاء ملحقا بها .

المطلب الأساسي للشارع الكردي هو إسقاط النظام, وانتم كممثلي هذا الشارع لم تطالبوا بإسقاط النظام , ألا يوجد هنا شرخ عميق بين الشارع وبين الأحزاب الكردية المنضوية تحت قبة المجلس الكردي ..

الشرخ موجود ليس بسبب تبني شعار الإسقاط  لأن المجلس تبنى هذا الشعار كما أسلفت القول لكن كثير من الأحزاب الكوردية غير مؤمنة بالثورة أساسا وغير منخرطة بشكل جدي فيها إلى اليوم, لأن الحركة الكوردية في البداية  تبنت الثورة خوفا من فقدانها مكانتها من بين الشعب الكوردي في سوريا لأن الشباب الكورد انخرطوا في الثورة دون إذن من الحركة ونحن التيار اليساري عانينا كثيرا من انتقادات حلفائنا من بقية الحركة في الفترة الماضية أثناء المظاهرات والمسيرات والاعتصامات التي كنا نقوم به في فترة ما قبل الثورة (اجتماع جرمز …) لتقييم مظاهرة قامشلو في 2005.

 من المعروف أن الهيئة العامة للثورة السورية هي التي تقرر وتعلن عن أسماء “الجمع الثورية ” بما يتلائم مع الحراك العام داخلا وخارجاً , فأحيانا  نرى المجلس يتهرب من بعض ” التسميات الجمعية ” فمثلا جمعة تدويل القضية ” قررتم في المجلس  تسمية يوم الجمعة ” بجمعة الفيدرالية مطلبنا ” الا ترون بأنكم تخرجون من جوهر الثورة السورية .

ماذا تقول …؟

يأتي الخلاف في تسمية الجمع بعد كل اجتماع بين المجلس الوطني الكوردي والمعارضة السورية وتنصل المعارضة عن حقوق الكورد في سوريا وجوهر الثورة ليس في تسمية الجمع بل بمشاركة الثورة وأهدافها.  

 يبدو ان هناك تباينات واختلافات عميقة داخل المجلس الوطني الكردي فهناك من يطالب بالفيدرالية وهناك طرف أخر يطالب بإدارة ذاتية وجهة ثالثة تطالب بحكم ذاتي للكرد في سوريا, والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن الاتفاق على رؤية موحدة والعمل من اجلها ما رأيكم ..؟؟

هذه المرحلة مؤقتة والكل اتفقوا من خلال المجلس على حق تقرير المصير إلى أن تتحقق الثورة أهدافها في بناء دولة ديمقراطية علمانية أو مدنية عندئذ تلجأ الحركة الكوردية إلى الشعب الكوردي لتحديد شكل حكم الكورد على الكورد ضمن الدولة السورية وعن طريق صناديق الاقتراع.
 
قامت بعض الأحزاب الكردية بافتتاح المكاتب الحزبية والصالونات الثقافية في كل الأماكن الكردية في الوقت الذي ينتهك فيه الكرامة السورية في كثير من المحافظات السورية.

الشارع الكردي يقول بأنكم ربما أخذتم موافقة النظام في ذلك لإلهاء الشارع الكردي عن الثورة مارايكم ….؟؟

افتتاح المكاتب الحزبية جاءت للمنافسة الحزبية لا بترخيص من السلطة كما أشرت لكن ليت هذه المكاتب للمجلس والتي كانت تعد البيت الكوردي في كل منطقة ويحق لأي كوردي أن يتجه إلى بيته.

والمكاتب الحزبية ترجعنا إلى مربع الصفر في توحيد الحركة الكوردية  وتخلق اليأس في نفوس المستقلين.

لو أن الأحزاب الكردية قامت بدورها الثوري والشعبي لتحريك الشارع الكردي لما كان هذا الشارع محتاجاً إلى “تنسيقيات” نريد منكم توضيحا مفصلا في هذا الخصوص ..؟

صحيح هذا, لأن شباب الكورد انخرطوا في الثورة السورية تضامنا مع الشعب السوري دون إذن من الحركة لأن الشعب الكوردي يعد جزءا من الشعب السوري وتحرك شباب الكرد كانت بحاجة إلى تنسيق العمل فيما بينها لقيادة الشارع أثناء المظاهرات فدعت الحاجة إلى إنشاء التنسيقيات لكن مع الأسف بدأت الحركة الكوردية بالتدخل في شؤن التنسيقيات أيضا للتحكم بها خوفا من تجاوز هذه التنسيقيات الحركة الكوردية وفقدانها مكانتها بين الشعب الكوردي.

 نسمع عن انشقاقات في صفوف بعض الأحزاب الكردية هل هذا الوقت هو وقت الانقسامات أم إننا اليوم بحاجة إلى الوحدة ورص الصفوف والإمكانيات الكردية لكي نبني سوريا الجديدة التي سيكون للكرد مستقبلا فيها ..؟؟

الانشقاقات في الحركة عامل ضعف للحركة وعامل الضعف موجود في نفوس الحزبيين وهو تضخم الأنا الشرقي والشرق معروف بحب الأنا المرضي (الأبوة المطلقة , القائد المطلق , رئيس العشيرة المطلق الصلاحية , الحكومات الانقلابية في الشرق الذين يتحكمون في كل شيء ….) وكذلك أي قيادي أو سكرتير تهز مكانته يقوم بانشقاق حزبه إن يستطيع لأنه يرى مصلحة حزبه في شخصه فقط  .

إن الانشقاقات تنظيمية بحته , والحركة مقبلة على الفك والتركيب من جديد وحتى الآن نحن في مرحلة الفك إلى أن نصل إلى مرحلة التركيب.
   
 ما رأيكم كمجلس وطني كردي في مستقبل سوريا, وهل سيكون سوداويا أم سيكون مستقبلا ديمقراطيا مدنيا تعدديا ..؟

إن النظام يروج بسوداوية المرحلة المقبلة وتخويف الشعب السوري من استلام الإخوان المسلمين السلطة لكن الثورة السورية تهدف إنهاء الاستبداد في سوريا وسوريا ما بعد الثورة سوف تكون توافقيا والتوافق جزء من الديمقراطية ينعم فيها كل الأطياف بحقوقه لكن مرحلة الديمقراطية قد تستغرق طويلا.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة: أجري هذا الحوار قبل اكثر من شهرين, ولظروف خاصة لم يتم نشره ” المحاور ”

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…