فمؤخّراً صدرتْ عدّة تصريحات ومن أطراف متعدّدة تتمحورُ حولَ شيءٍ واحدٍ، وهو “التخوّف من نشوءِ كيانٍ كردي”، هذه التصريحات التي عبّرت عن تخوّف أطراف داخلية أو على الحدود، أو حتى دولية، في سعي كلّ طرفٍ لإرضاء طرفٍ آخر، في موازين المصالح الدولية والإقليمية، والكرد أيضاً هم جزء من هذه التجاذبات الدولية والإقليمية وعليهم التعامل بحكمة والسعي الجاد من أجل وحدة الصف حيالها.
كلّ هذه التصريحات غير مهمة بالنسبة لنا نحن الكرد، لأننا لن نتوقع ما هو أفضل، ولذلك فإنّ الأهمّ في هذا كلّه هو ما ينتج عن الاجتماعات التي تُدار في إقليم كردستان بين الهيئة الكردية العليا والمجلس الوطني السوري برعاية الإقليم ممثلة بشخص الرئيس البرزاني، إنّ كل ما هو حاصل يشبهُ سحابة صيف وستمضي، ولن تؤثر على سموق السنديان، وما يهمّنا هو وحدة الصف أولاً.
وحدةُ الكرد وتفاهمهم وتكاتفهم هو صمام الأمان بالنسبة لنا، وإنّ أيَّ حديثٍ آخرَ في هذه المرحلة لن يجدي نفعاً، فالخلافات الكردية – الكردية يجب أن تُوضعَ على الرف، وتؤجّلَ إلى حينها، لأنّنا مُلتزمون بحلّ خلافاتنا مع الأطراف السورية الأخرى من المعارضة، كالاجتماعات الجارية بين الهيئة الكردية العليا والمجلس الوطني السوري، آملين أن تمضي هذه الاجتماعات قُدُماً صوبَ ما يصبُّ في المصلحة السورية والكردية.
في الخلافات دوماً، لا غالب ولا مغلوب فيها، بل تنعكس سلباً على الثورة السورية، فالمهمّ هو إنقاذُ سوريا من براثنِ النظامِ الاستبدادي والإقرارُ الدستوري بحقوق الشعب الكردي، وحقوق الأقليات الإثنية والدينية الأخرى في البلاد.
والمطلوبُ من المجلس الوطني السوري أن لا ينجرف إلى الشوفينية والعنصرية من أي طرفٍ كان، ولا يأخذ بأفكارهم في المجلس، ومحاولة زرع الشقاق بين العرب والكرد وأطياف الشعب السوري الأخرى، لأنّ الكرد واقعٌ موجود على أرضه التاريخية، ويعيش جنباً إلى جنب مع أخوتهم السوريين، وإنّ أيّ محاولةٍ لإقصاء الشعب الكردي عن أي اتفاق أو مبادرة، أو أي حلّ لسوريا المستقبل، إقصاءٌ لأمنِ سوريا وتقدّمها في المستقبل، لأنّ المقياس في تقدّم الدول وحضارتها تُقاس بقدر احترامها للأقليات الموجودة فيها وتعاملها معها.
إنّ أيّة محاولة لإقصاء الكرد، أو نفيهم ستبوء بالفشل لأنّ الكرد واقع حاصل، سواء كشريكٍ في الأرض، أو شريك في الثورة، لأن الكرد ضحوا بشهداء في سبيل هذه الثورة، بدمشق وحلب والجزيرة قرابين للثورة السورية، وإيماناً منّا بسوريا حرة ديمقراطية، تعددية، وتوافقية، تحترمُ الجميع دون استثناء.