ولنا كلمة (7)

روني علي

   إن منهج الاعتقال الذي تمارسه السلطات بحق الرأي الآخر، وممارسة ثقافة القمع وكم الأفواه وإقصاء المخالف، لا يزيد الوطن سوى الكثير من عملية النخر في النسيج المجتمعي والمزيد من التفكك في الوحدة الوطنية ..
وإن اعتقال السيد محي الدين شيخ آلي، وفي هذا الظرف تحديداً، وبعد المضايقات والاعتقالات التي حصلت في الشارع الكردي في ذكرى اليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان، كما حصل مع الطالب جمال بوزران، ليس سوى رسالة تضاف إلى تلك الرسائل العديدة التي توجهها السلطات الأمنية إلى الشارع السوري عموماً والكردي على وجه الخصوص، تحاول أن تؤكد عبرها على دورها وحضورها في قمع المخالف وإقصائه عن دوره في عملية البناء الوطني

وإن جاءت هذه الرسالة، وفي هذه المرة، لتؤكد حقيقة عجز السلطة عن مواجهة الاستحقاقات الوطنية من خلال الحوار، وعبر الدخول في معالجة القضايا الوطنية وفق رؤية منفتحة، تضع مصلحة البلاد وتطوره فوق أي اعتبار آخر، وهي تأتي بالترافق مع بعض الانفراجات الدولية تجاه سياسات النظام، مما يؤكد لنا الحقيقة التي يشك البعض في مصداقيتها، بأن مرتكزات السياسة الداخلية لم تبعد بنفسها عن المؤسسة الأمنية، وأن ما يحصل من بعض حالات الانكماش في دورها، ليس سوى نتيجة للظرف الدولي أو للضغوطات السياسية على النظام، وما أن تحصل بعض الانفراجات حتى يكون المواطن الذي يعبر عن نفسه من منظور يختلف عن توجهات السلطة هو المستهدف، وبالتالي فإن الحراك الوطني الديمقراطي لم يزل يرزح تحت وطأة توازنات سياسات النظام لا أكثر ..
فبدلاً من توجه السلطة إلى التأسيس لمرتكزات المصالحة الوطنية، وبدلاً من التوجه نحو إعادة النظر في مجمل الانكسارات التي حصلت في الجسم الوطني، يكون القمع هو الوسيلة وهو الخيار الذي يعتمده السلطة في التعامل مع الآخر، وهذا ما يؤكد لنا مرةً أخرى بأن ما ننشده من تغيير، وما نطمح إليه من إطلاق للحريات الديمقراطية، هو مجرد أمنية في ظل ما هو مفروض على الأرض من سياسات وممارسات، وهذا ما يدفعنا إلى أن نتوجه مرةً أخرى إلى تلك القوى، وخاصةً الكردية منها، التي ما زالت تراهن على بعض الخطابات السياسية، أن تعيد النظر في قراءاتها، بغية إعادة النظر في ترتيبات البيت السياسي الداخلي، وذلك حتى لا نقع مرةً أخرى  في مخاضات لا تجلب لنا سوى المزيد من الترهل والمزيد من الانكسار، ولا نكون ضحية القصور السياسي في الرؤية والممارسة …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…