لقد تداركت الحركة الكردية خطورة حالة التشظي ، التي كانت تعيشها منذ عقود ، حينما بادرت غالبية فصائلها في 30-12-2009 إلى إعلان المجلس السياسي الكردي بعد جولات من الحوارات بين ثمانية أحزاب كردية حينذاك .
وفي نيسان 2011 انضم إلى هذا التجمع الواسع ثلاثة أحزاب أخرى ، كان في مقدمتهم الأخوة في حزب الاتحاد الديمقراطي وقد أعلن عن هذا الإطار الجديد تحت اسم – أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا – .
وفي حزيران 2011 ومن خلال الاجتماعات المتواصلة لهذه الأحزاب ، تقدم كاتب هذه المقالة المتواضعة باقتراح يقضي العمل لبناء المجلس الوطني الكردي ، وكانت الثورة السورية عاملاً مساعداً لتوحيد الخطاب الكردي .
ورغم جهودنا لضم كافة الفصائل إلى المجلس لكننا لم نفلح في ذلك .
وبالرغم من النواقص التي برزت أثناء التأسيس فقد شكّل المجلس الوطني الكردي إنجازاً قومياً كبيراً وخطوة نوعية حسمت وضع الكرد كطرف رئيسي في الثورة السورية .
وبذلك انتقلت الحركة الكردية من حالة التشرذم والانقسام إلى موقع متقدم يلبي تطلعات جزء كبير من أبناء شعبنا الذي يشكل 15 % من مجموع سكان سوريا .
ولا يخفى على أحد بأن مجلسنا حظي بدعم وتأييد سائر القوى الوطنية والديمقراطية السورية متمثلة في أطرها السياسية وتنسيقياتها الشبابية بالإضافة إلى المساندة الكردستانية لهذا المشروع القومي الكبير الذي شكل حافزاً معنوياً للجماهير الكردية .
وأعتز بأنني كنت واحداً من ضمن عدد من الرفاق وقادة الأحزاب الكردية الذين ساهموا في انجاز هذا الصرح الذي جاء في حقيقته على قاعدة توافقية بامتياز لأسباب عديدة لسنا بصدد سردها .
وأكدنا على ضرورة ترسيخ الحالة المؤسساتية المبنية على الشراكة والتفاهم وعلى بناء مؤسسات ديمقراطية قابلة للاستمرار والديمومة ووضع حد لكل الممارسات الفردية والحزبية الضيقة واعتماد المثل الديمقراطية في العمل السياسي بعيداً عن نزعة الاستئثار والإقصاء .
وليس هناك من اثنان يختلفان على ضرورة استقلالية الحركة الوطنية الكردية في سورية وحماية قرارها الوطني لان الحياة علمتنا بأن هذه المسألة ينبغي أن نحافظ عليها وتبقى محصنة .
لكن هذا لا ينفي أهمية العمق الكردستاني لشعبنا وحركته الوطنية وحاجة شعبنا لتلقي المساندة من أشقاءه في أجزاء كردستان الأخرى الذين لعبوا دوراً ايجابياً في هذا المنعطف التاريخي الخطير وقدموا الدعم المعنوي لأشقائهم وفي هذا المجال لا بد من تثمين دور رئاسة إقليم كردستان وبشكل خاص الرئيس البارزاني واهتمامه بمعاناة الكرد واستقبال الآلاف من شبابه كما نحيي دور الاتحاد الوطني الكردستاني الذي لعب دوراً متميزاً في تلطيف الأجواء وتحسين العلاقات بين المجلسين الوطني الكردي ومجلس الشعب لغربي كردستان وكانت للقيادة الكردستانية دوراً بارزاً في انجاز اتفاقية (هولير )التي لابد من تنفيذ بنودها وترجمتها على الأرض من جانب المجلسين بروح قومية عالية وقد أثارت هذه الاتفاقية غضب القيادة التركية التي ندين تصريحات مسؤوليها اللذين يفتعلون الذرائع للتدخل في المناطق الكردية وهذا ما لم نفاجئ به.
لكن الغريب في الأمر هو إن تركيا
الطورانية التي لا تكتفي بنفي وجود أكثر من 20 مليون كردي في كردستان الشمالية (تركيا) ولا تقر بحقوقهم القومية وترفض أيضاً إقامة أي كيان كردي حتى خارج حدودها وتدّعي بأنها تدعم مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية والكرامة.
إنني اعتقد بأن المجلس الوطني الكردي مؤهل اليوم لترميم ومعالجة ما حاول البعض تلويثه كما إنه لن يسمح لأحد الاستئثار بالقرار وأن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على الشعب الكردي .
والذي يريد أن يكون قائداً حقيقياً فاعلاً في هذه المرحلة الدقيقة التي نحن بأمس الحاجة إلى القادة عليه أن يكون بين شعبه يشاركهم همومهم ومعاناتهم, كما إن عقلية الاستقواء بقوى كردستانية شقيقة لم تعد مقبولة ولا مستقبل لها وهي مرفوضة من جانب القيادات الكردستانية أيضاً والتي لاتريد سوى الخير لشعبنا وبذلت جهوداً حثيثة لتوحيد الخطاب الكردي وتفعيل اتفاقية (هولير) وتعميق الحالة المؤسساتية وقد جاء بيان أحزاب المجلس الوطني الكردي الإحدى عشر بتاريخ 29-7-2012 ليحد من عقلية الاستفراد والإقصاء ولتصويب مسار المجلس الوطني وتطوير حالته المؤسساتية إنني أرى بأن المرحلة القادمة وما تحمل في أحشاءها من مخاطر جدية تستدعي الارتقاء بالمجلس الوطني الكردي إلى مواقع متقدمة تضمن تعزيز الصف الكردي وتفعيل دوره وتكريس علاقاته مع القوى الوطنية السورية وإيجاد صيغ أكثر توافقاً مع العصر لتوحيد حركته السياسية وحماية اتفاقية هولير وتحصينها .
وأخيراً فإن عهد الاستبداد والاستفراد والتشفي قد ولّى وإن مرحلة جديدة قد بدأت عنوانها سورية ديمقراطية تداوليه برلمانية علمانية ولكل أبناءها من كرد وعرب وكلدو آثور .
صــــالح كــــــدو
سكرتير الهيئة القيادية
لحزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا