هل الشعب الكردي في سوريا بحاجة إلى قوة عسكرية

 دلكش مرعي

من المعروف عالميا بان معظم حركات التحرر الوطنية كانت تستند في نهجها التحرري إلى قوتين اساسيتين هما الجناح العسكري والجناح السياسي إلى جانب برامج واضحة المعالم والأهداف تضمن نهج الحركة وشفافية اهدافها بالإضافة إلى أمور أخرى متنوعة .

ولم يشذ عن هذه القاعدة  إلا الأحزاب الكردية في سوريا  التي كانت تسمى نفسها بحركة التحرر الكردية … والجناح العسكري كما هو معروف يحدد مهامه حسب الحالة الواقعية والقيام بالممكن المتاح تعبيراً عن روح المقاومة وعن عدم الاستسلام للمعتدي أو المغتصب حتى ينجز مهامه في التحرير…
ومن إيجابيات الجناح العسكري وفي حده الادنى ومهما كان ضعيفاً فأنه يخلق لدى المحتل المستبد نوع من توازن الرعب التي تؤدي إلى الحد من ممارساته العدوانية اتجاه الشعوب المحتلة أو المضطهدة فكلنا يتذكر تصرفات بعض عناصر الأمن من الذين كانوا يعبثون بكرامة الانسان الكردي  ويزرعون الرعب في الشارع الكردي حتى وصل الأمر لبعضهم إلى أخذ الجزية من العديد من ابناء هذا الشعب دون وجود أي قوة رادعة تردع تصرفات هؤلاء ناهيك عن وجود أي مقاومة حقيقة في بقية المسارات الأخرى … ما نحن بصدده هو الجدل الحاد الذي يدور رحاه كردياً  بين من يتبنى شعار سلمية الحراك الكردي وبين من يتبنى شعار عسكرت هذا الحراك … كردياً نحن نعتقد بإن وجود قوة كردية مسلحة  مستقلة وممثلة من الطيف السياسي الكردي الواسع ومن الجماهيري الكردية وليس من حزب بعينه تكون مهمتها الاساسية الحفاظ على أمن المنطقة الكردية والدفاع عنها وضمان سلامتها تحسباً لأي طارئ أو فراغ أمني قد تحصل في المنطقة الكردية  سيكون توجهاً إيجابياً وسينصب في مجرى الدفاع عن الذات وعن قضية شعب اغتصب حقوقه عبر عقود بل وقرون من الزمن وهو دفاع مشروع حسب جميع القوانين الحقوقية الصادرة من المحافل الأممية … اما بالنسبة للزوبعة الاعلامية التي اثارتها بعض الفضائيات وبعض الشوفينين الذين يدعون زوراً بأنهم مع حرية الشعوب ومع حرية الشعب السوري وغيرها من الشعارات الفضفاضة الخلابية فقد اسقط هؤلاء القناع عن عنصريتهم وعن حقدهم الأسود اتجاه الشعب الكردي فلماذا لم يحتج هؤلاء على السلاح الذي يحمله جنود وصف الضباط والضباط الكرد على جبهة الجولان ولماذا لم يحترموا دماء ابناء هذا الشعب الذين سقطوا شهداء دفاعاً عن حدود سوريا وأرضها على هذه الجبهات ؟؟؟ أنه سلوك الغاصب المستبد المتغطرس فهؤلاء يسلكون نفس سلوك الأنظمة المهيمنة على كردستان هذه الأنظمة التي دأبت عبرعقود بل وقرون من الزمن على غرس مشاعر النقص والعجز لدى هذا الشعب وغرس وهم تفوقه  في نفوس ابناء هذا الشعب  وبأن هذا الشعب لا يستطيع مقاومة جبروتهم  وقوتهم وبأنه ليس امام  الكرد من مخرج إلا الخضوع والاستسلام لهيمنتهم ولم يدركوا بعد بأن زمن الطغاة قد ولى ورحل وانتهى في هذه المنطقة مع اندلاع الثورة التونسية وربيعها ولم يعد بالإمكان إدارة عجلة التاريخ نحو الوراء ولم يعد بالإمكان خداع الشعوب بعد هذه الثورة عبر شعارات المقاومة والممانعة والشعارات القومجية  نعم قد حصل بعض الأخطاء من هذا الحزب أو ذاك فهل حصول هذا الخطأ يستدعي كل هذا الضجة الاعلامية للإساءة إلى الكرد وإلى تطلعاتهم المشروعة وهل سيرتهن حقوق الشعب الكردي بأخطاء الأحزاب الكردية التي تجاوز عددها والحمد لله الخمسة والعشرين حزباً ؟ أن حجج هؤلاء هي حجج واهية وشوفينية ومكشوفة الأهداف والمرامي  … أما بالنسبة للقوى التي تقف ضد هذا التوجه كردياً فهي قوى كلاسيكية في توجهاتها الفكرية ومعروفة للجميع ولا تنتمي بتفكيرها وبسياساتها إلى هذا العصر فهي كانت ومازالت تغذي مشاعر الإحباط وتحطيم وشل المعنويات داخل الشارع الكردي وشرذمته عبر عقود من الزمن لخلق المزيد من حالات العجز والتخلف داخل هذه الشارع كي تبقى هي سيدة هذا الشارع وتبقى الشارع في حالة تبعية وخضوع لتوجهات هذه القوى فهي لم تمتلك يوماً المؤهلات الضرورية لقيادة المراحل السابقة وهي ليست مؤهلة لتقود هذه المرحلة المصيرية في حياة الشعب الكردي  مع احترامنا الشديد لبعض المناضلين الذين عملوا بإخلاص داخل هذه الأحزاب لخدمة هذا الشعب  … ؟ ولكن من المؤسف أن نقول بأن الانسان البائس المقهور يعيش وضعه كعار وجودي يصعب عليه احتمال عجزه في هذا الوجود فهو من اجل التغطية على هذا العجز يبقى في دفاع دائم عن سياسات عاطفية بائسة وخائبة ومتخلفة للهروب من المسئولية الوطنية وخلق شتى المبررات لكي لا يفضح عجزه امام الآخرين فالسترة – من حيط لحيط – هي احدى دفاعات المهزوم وهواجسه الاساسية ونهجه في الحياة  فترى المتأزم يتحدث دائما عن الظروف الموضوعية والذاتية والدولية التي لم تنضج بعد وغيرها من الخزعبلات والترهات .

وينسى بأن خلق هذه الظروف هي من صنع الانسان ذاته وهي ليست معجزة أو هبة تأتي من  السماء فالحرية هي من صنع الاحرار والقضاء على التخلف هي من صنع العقول العلمية النيرة وغير ذلك من الامور لسنا بصددها هنا ولكن من المؤسف ان نقول بأن هناك قوى مازالت تعتمد على من اغتصب حقوق هذا الشعب وأجرم بحقه ويتحرك هذه القوى عبر مسارات سياسية شاذة وغريبة الاطوار يصعب تفسير تطرفها حتى علمياً … 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…