بلـند حسن
من بديهيات المعرفة التاريخية و الجغرافية لمنطقة الشرق الأوسط أن الكرد ليس شعباً طارئاً عليها فهو شعب عريق يعيش على أرضه التاريخية منذ القدم ,فقبائل الكرد كانت تعيش في المناطق التي تعيش عليها الآن قبل ظهور الخارطة السياسية لدول المنطقة في العصر الحديث ,والاتفاقية السيئة الصيت (سايكس- بيكو) التي رسم الحدود وقسمت المنطقة هي نفسها التي تطاولت على الخريطة الجغرافية الكردية وقسمتها بين دول المنطقة ومنها سوريا التي أصبحت ككعكة فرنسية في بدايات القرن الفائت .والاعتراف بهذه الحقيقة التاريخية والجغرافية مدخل إلى حل القضية الكردية برمتها في تركيا وإيران وسوريا (كردستان العراق دخلت حيز التنفيذ).
من بديهيات المعرفة التاريخية و الجغرافية لمنطقة الشرق الأوسط أن الكرد ليس شعباً طارئاً عليها فهو شعب عريق يعيش على أرضه التاريخية منذ القدم ,فقبائل الكرد كانت تعيش في المناطق التي تعيش عليها الآن قبل ظهور الخارطة السياسية لدول المنطقة في العصر الحديث ,والاتفاقية السيئة الصيت (سايكس- بيكو) التي رسم الحدود وقسمت المنطقة هي نفسها التي تطاولت على الخريطة الجغرافية الكردية وقسمتها بين دول المنطقة ومنها سوريا التي أصبحت ككعكة فرنسية في بدايات القرن الفائت .والاعتراف بهذه الحقيقة التاريخية والجغرافية مدخل إلى حل القضية الكردية برمتها في تركيا وإيران وسوريا (كردستان العراق دخلت حيز التنفيذ).
لكن النزاعات القومية والإقليمية والمصالح الدولية فيها بعد فوران النفط أغلقت أبواب التعامل مع هذه القضية ، إضافة إلى الانقلابات العسكرية التي أوصلت التيار القوموي العروبوي إلى سدة الحكم في كل من سوريا والعراق ، ذلك التيار الذي ألغى كل أنواع التعامل والحوار في قاموسه السياسي مع الكرد ، بل لجأ إلى فتح الجبهات العسكرية لمسح الكرد من الخارطة الديمغرافية ( العراق انموذجاً ) أمام السياسات الإلغائية هذه وجدت القومية الكردية تعبيراتها في تشكيل جمعيات ثقافية التي مهّدت لولادة أول تنظيم سياسي كردي على يد المرحومين د .
نورالدين زازا والشاعر أوصمان صبري ، لكن ذلك التنظيم تعرض للتنكيل والقمع والاعتقال أيام الوحدة السورية المصرية ، وبعد نجاح الحكومة الانفصالية في ضرب الوحدة حاولت تغطية انفصالها وأسبابها في سلسلة من الإجراءات الشوفينية ضد المناطق الكردية ومحاربة الوجود الكردي ، مستفيدة من هندسة الشوفيني ( محمد طلب هلال ) في إفناء الثقافة الكردية وتفتيت الشعب الكردي واقتلاعه من مناطقه مؤكداً في وثائقه بوجود ( الخطر الكردي ) .
واستمرت الحكومات السورية المتعاقبة منذ ذلك التاريخ في تنفيذ البنود الهندسية لمشروعه القاضي بضرب الكرد سياسياً وثقافياً واقتصادياً .
وما كان الإحصاء الشوفيني التي جُرّدَ بموجبه (150) ألفاً من الكرد من جنسيتهم السورية إلا حلقة في ذلك المشروع مروراً بالاستيلاء على أراضي الكرد في مشروع ( الحزام العربي ) واستقدام مئات العوائل من عرب الداخل إلى المنطقة في خطوة غير معلنة لتغيير الطبيعة الديمغرافية لها .
وأمام كل هذه الحلقات لم يلجأ الكرد السوريون إلا إلى المطالبة بحوار وطني جاد ، وإلى الوقوف طويلاً أمام أبواب السلطة التي لم تفتحها لهم خلال أربعة عقود .
كان الكرد حريصين على الحل السياسي والديمقراطي .
إذاً القضية الكردية في سوريا ليست وليدت أحداث آذار كما لمح إليها كتاب ومثقفون سوريون أيام الأحداث .
إنها قضية تهم ثلاث ملايين كردي ، لم تلجأ السلطة إلى الحوار معهم ، بل حاربتها ، من خلال توسيع حزام الفقر في مناطقهم ، ورفض المئات منهم – من حملة الشهادات الجامعية – في وظائف الدولة ، بحجة ( لمقتضيات المصلحة العامة ) .
دون أن ننسى المشاكل الخاصة بملكية الأراضي وإيجاراتها وما يطلق عليها بـ(وضع اليد ) وغير ذلك من المشاكل الزراعية التي تتفاقم مع مرور الزمن .
فتراكمت الاحتقانات وازداد الفقر وفي هذه الظروف السيئة بدأ المواطن الكردي بأنه مهمّشٌ ، ومعزول ، ومحارب في لقمة عيشه ، وغير مرغوب فيه ( مواطن من الدرجة الثانية ) ومع مرور الزمن اتّجه شعور الكردي إلى مزيد من الإحساس بالغبن المنظّم ، في ظلّ غياب الحريات العامة ، مع العمل بالأحكام العرفية وقانون الطوارئ إلى درجة أصبح أيُّ حديث في الشأن العام يُعَدُّ تعدياً على السيادة والوحدة الوطنية ، فالمطالبة برفع الأجور والرواتب تُعدُّ عملاً وخرقاً للسيادة الوطنية ، والاحتجاج الكلامي على رفع الأسعار يصبّ في النيل ( من هيبة الدولة ) ويعاقب المحتجّ عليه .
وهذا ينطبق على الكردي والعربي على حد سواء .
والعمل من أجل توفير أجواء ديمقراطية جريمة بشعة ، يقدم مرتكبها إلى محكمة أمن الدولة العليا بتهمة ( إثارة النعرات الطائفية ) أو ( الانتماء إلى منظمة سرية تحاول اقتطاع جزء من الأراضي السورية وإلحاقها بدولة أجنبية ) دون تحديد هذه الدولة .
وإلى غير ذلك من التهم الأمنية الجاهزة .
أمام هذه اللوحة التشاؤمية ، التي تفتقر إلى الضوء ، يعيش الشعب الكردي في ظروف قاسية فرضتها السلطة منذ أكثر من نصف قرن ، تعرقل التطور الطبيعي للمجتمع الكردي من نواحي السياسية والثقافية ، ولم يحصل الاندماج الاجتماعي بين الشقيقين العربي والكردي ( للأسف الشديد ) .بسبب تلك السياسات التمييزية .
ألا يمكن وصف ( الحالة الكردية ) في سوريا بأنها أزمة وطنية ؟؟ كيف يتوقع المراقب السياسي أن يحصل إذا قامت أجهزة السلطة بقتل عشرات الأبرياء وجرح المئات منهم كما حصل في أحداث آذار الأليمة التي دفعت الشعب الكردي إلى انتفاضة عامة عارمة ، أمام هذا الاحتقان العميق لم تتصرف السلطة بالحكمة والعقلانية ، بل هي من صبت الزيت على النار ، بقيامها باعتقال الآلاف من الأبرياء ، وإطلاق الرصاص الحي على كل نملة تتحرك ، فحدث ما حدث ، اتسعت الهوة بين الشعب الكردي والسلطة التي لا تتقن غير ثقافة الهراوات والزنزانات ، لأنها لا تفكر بحل آخر ، فالحل الوحيد الذي تجيده هو الحل الأمني بعيداً عن الأوراق السياسية والحوار .
كانت محنة آذار قاسية للغاية ، كانت امتحاناً للصبر الكردي ، لكن أحداث آذار أفرزت جملة من النتائج المؤسفة التي تحزّ في النفس ألماً وجرحاً … ومنها : أن السلطة السياسية – رغم استخدامها المفرط للقوة وقيامها بالاعتقال العشوائي ، وتغذيتها للنشاز العروبوي القبلي – أعلنت وعلى لسان السيد رئيس الجمهورية في حديثه إلى فضائية الجزيرة في 1/5/2004م بأنه لا توجد أي شيء مرتبط بالخارج حيث قال : ( حتى الآن لا نرى أي شيءٍ له علاقة بخارج سوريا ) بخلاف بعض التصريحات اللامسؤولة للمتنفذين في الدولة ، ولبعض المثقفين الذين وجهوا أصابع الاتهام للكرد بأن لهم ارتباطات بخارج سوريا ، .
ما يؤسف له ، أن بعض المثقفين العروبويين مازالوا حتى الآن يشككون بوطنية الشعب الكردي الذي لم يبخل في الدفاع عن الوطن ، وقدموا وجبات دسمة من الشهداء من يوسف العظمة ورفاقه وإلى الثورات التي دافعت عن الاستقلال ومعارك الوطن المصيرية عام 1967 ، 1973 ، 1982 .
لا اعتقد أن أحداً من أحفاد يوسف العظمة وإبراهيم هنانو وأبناء شهداء الكرد المدافعين عن الوطن له علاقة بالخارج ولا يوجد أحدٌ من طبّالي العروبوي أو من المتباكين على عرش صدام الذي لقي لعنة الحبل والتاريخ ولا من أجهزة السلطة ، يملك أدلة أو وثائق تدين ارتباط أحد بالخارج .
فالكرد ليسوا حصان طروادة لأحد ، أو لأي جهة ، ولن يكونوا حصان طروادة للمتربصين بوطننا .
فمن مهام السلطة أمام هذه الحالة القيام بحل المسألة الكردية بالحوار الديمقراطي وبالطرق السلمية بعيداً عن الاعتقالات والأسلوب العسكري ، والمواجهات العنفية .
لأن الحل السلمي الديمقراطي يشدّ أواصر الإخوة التاريخية بين الشعب الكردي والعربي ويزيد من ثراء التنوع الثقافي والحضاري ، ويرسّخ الاستقرار والأمن والرخاء ، التي هي من دعائم التعايش السلمي بين الشعوب في إطار وطن واحد .
ذلك الحل يفوّت الفرصة على الذين يسيل لعابهم من الانتقام من سوريا ، كل ذلك ممكن في ظلّ الديمقراطية ودولة القانون .
في 6/1/2007م
نورالدين زازا والشاعر أوصمان صبري ، لكن ذلك التنظيم تعرض للتنكيل والقمع والاعتقال أيام الوحدة السورية المصرية ، وبعد نجاح الحكومة الانفصالية في ضرب الوحدة حاولت تغطية انفصالها وأسبابها في سلسلة من الإجراءات الشوفينية ضد المناطق الكردية ومحاربة الوجود الكردي ، مستفيدة من هندسة الشوفيني ( محمد طلب هلال ) في إفناء الثقافة الكردية وتفتيت الشعب الكردي واقتلاعه من مناطقه مؤكداً في وثائقه بوجود ( الخطر الكردي ) .
واستمرت الحكومات السورية المتعاقبة منذ ذلك التاريخ في تنفيذ البنود الهندسية لمشروعه القاضي بضرب الكرد سياسياً وثقافياً واقتصادياً .
وما كان الإحصاء الشوفيني التي جُرّدَ بموجبه (150) ألفاً من الكرد من جنسيتهم السورية إلا حلقة في ذلك المشروع مروراً بالاستيلاء على أراضي الكرد في مشروع ( الحزام العربي ) واستقدام مئات العوائل من عرب الداخل إلى المنطقة في خطوة غير معلنة لتغيير الطبيعة الديمغرافية لها .
وأمام كل هذه الحلقات لم يلجأ الكرد السوريون إلا إلى المطالبة بحوار وطني جاد ، وإلى الوقوف طويلاً أمام أبواب السلطة التي لم تفتحها لهم خلال أربعة عقود .
كان الكرد حريصين على الحل السياسي والديمقراطي .
إذاً القضية الكردية في سوريا ليست وليدت أحداث آذار كما لمح إليها كتاب ومثقفون سوريون أيام الأحداث .
إنها قضية تهم ثلاث ملايين كردي ، لم تلجأ السلطة إلى الحوار معهم ، بل حاربتها ، من خلال توسيع حزام الفقر في مناطقهم ، ورفض المئات منهم – من حملة الشهادات الجامعية – في وظائف الدولة ، بحجة ( لمقتضيات المصلحة العامة ) .
دون أن ننسى المشاكل الخاصة بملكية الأراضي وإيجاراتها وما يطلق عليها بـ(وضع اليد ) وغير ذلك من المشاكل الزراعية التي تتفاقم مع مرور الزمن .
فتراكمت الاحتقانات وازداد الفقر وفي هذه الظروف السيئة بدأ المواطن الكردي بأنه مهمّشٌ ، ومعزول ، ومحارب في لقمة عيشه ، وغير مرغوب فيه ( مواطن من الدرجة الثانية ) ومع مرور الزمن اتّجه شعور الكردي إلى مزيد من الإحساس بالغبن المنظّم ، في ظلّ غياب الحريات العامة ، مع العمل بالأحكام العرفية وقانون الطوارئ إلى درجة أصبح أيُّ حديث في الشأن العام يُعَدُّ تعدياً على السيادة والوحدة الوطنية ، فالمطالبة برفع الأجور والرواتب تُعدُّ عملاً وخرقاً للسيادة الوطنية ، والاحتجاج الكلامي على رفع الأسعار يصبّ في النيل ( من هيبة الدولة ) ويعاقب المحتجّ عليه .
وهذا ينطبق على الكردي والعربي على حد سواء .
والعمل من أجل توفير أجواء ديمقراطية جريمة بشعة ، يقدم مرتكبها إلى محكمة أمن الدولة العليا بتهمة ( إثارة النعرات الطائفية ) أو ( الانتماء إلى منظمة سرية تحاول اقتطاع جزء من الأراضي السورية وإلحاقها بدولة أجنبية ) دون تحديد هذه الدولة .
وإلى غير ذلك من التهم الأمنية الجاهزة .
أمام هذه اللوحة التشاؤمية ، التي تفتقر إلى الضوء ، يعيش الشعب الكردي في ظروف قاسية فرضتها السلطة منذ أكثر من نصف قرن ، تعرقل التطور الطبيعي للمجتمع الكردي من نواحي السياسية والثقافية ، ولم يحصل الاندماج الاجتماعي بين الشقيقين العربي والكردي ( للأسف الشديد ) .بسبب تلك السياسات التمييزية .
ألا يمكن وصف ( الحالة الكردية ) في سوريا بأنها أزمة وطنية ؟؟ كيف يتوقع المراقب السياسي أن يحصل إذا قامت أجهزة السلطة بقتل عشرات الأبرياء وجرح المئات منهم كما حصل في أحداث آذار الأليمة التي دفعت الشعب الكردي إلى انتفاضة عامة عارمة ، أمام هذا الاحتقان العميق لم تتصرف السلطة بالحكمة والعقلانية ، بل هي من صبت الزيت على النار ، بقيامها باعتقال الآلاف من الأبرياء ، وإطلاق الرصاص الحي على كل نملة تتحرك ، فحدث ما حدث ، اتسعت الهوة بين الشعب الكردي والسلطة التي لا تتقن غير ثقافة الهراوات والزنزانات ، لأنها لا تفكر بحل آخر ، فالحل الوحيد الذي تجيده هو الحل الأمني بعيداً عن الأوراق السياسية والحوار .
كانت محنة آذار قاسية للغاية ، كانت امتحاناً للصبر الكردي ، لكن أحداث آذار أفرزت جملة من النتائج المؤسفة التي تحزّ في النفس ألماً وجرحاً … ومنها : أن السلطة السياسية – رغم استخدامها المفرط للقوة وقيامها بالاعتقال العشوائي ، وتغذيتها للنشاز العروبوي القبلي – أعلنت وعلى لسان السيد رئيس الجمهورية في حديثه إلى فضائية الجزيرة في 1/5/2004م بأنه لا توجد أي شيء مرتبط بالخارج حيث قال : ( حتى الآن لا نرى أي شيءٍ له علاقة بخارج سوريا ) بخلاف بعض التصريحات اللامسؤولة للمتنفذين في الدولة ، ولبعض المثقفين الذين وجهوا أصابع الاتهام للكرد بأن لهم ارتباطات بخارج سوريا ، .
ما يؤسف له ، أن بعض المثقفين العروبويين مازالوا حتى الآن يشككون بوطنية الشعب الكردي الذي لم يبخل في الدفاع عن الوطن ، وقدموا وجبات دسمة من الشهداء من يوسف العظمة ورفاقه وإلى الثورات التي دافعت عن الاستقلال ومعارك الوطن المصيرية عام 1967 ، 1973 ، 1982 .
لا اعتقد أن أحداً من أحفاد يوسف العظمة وإبراهيم هنانو وأبناء شهداء الكرد المدافعين عن الوطن له علاقة بالخارج ولا يوجد أحدٌ من طبّالي العروبوي أو من المتباكين على عرش صدام الذي لقي لعنة الحبل والتاريخ ولا من أجهزة السلطة ، يملك أدلة أو وثائق تدين ارتباط أحد بالخارج .
فالكرد ليسوا حصان طروادة لأحد ، أو لأي جهة ، ولن يكونوا حصان طروادة للمتربصين بوطننا .
فمن مهام السلطة أمام هذه الحالة القيام بحل المسألة الكردية بالحوار الديمقراطي وبالطرق السلمية بعيداً عن الاعتقالات والأسلوب العسكري ، والمواجهات العنفية .
لأن الحل السلمي الديمقراطي يشدّ أواصر الإخوة التاريخية بين الشعب الكردي والعربي ويزيد من ثراء التنوع الثقافي والحضاري ، ويرسّخ الاستقرار والأمن والرخاء ، التي هي من دعائم التعايش السلمي بين الشعوب في إطار وطن واحد .
ذلك الحل يفوّت الفرصة على الذين يسيل لعابهم من الانتقام من سوريا ، كل ذلك ممكن في ظلّ الديمقراطية ودولة القانون .
في 6/1/2007م