من يحكم دمشق الآن؟

عبد الرحمن الراشد

بعد دراما أمس المثيرة، قد لا يعيش النظام حتى يحتفل بالعيد بعد شهر من الآن، وقد لا يطول به فيكمل شهر رمضان، ومن يدري ربما لا يعيش الليلة! كنا البارحة نطالع الشاشة ولا نسأل عمن مات، لكننا نتساءل عمن لا يزال حيا، ماذا حدث للرئيس نفسه، بشار الأسد، الذي – حتى كتابة هذه السطور – لم نر له أثرا، في الوقت الذي قتل فيه كبار وزرائه وقياداته، ولم يظهر للرئيس أثر بعد، ولا بقية الأحياء من رجاله، اختفاء الأسد يعني أنه إما قتل مع من قتل، وهذا محتمل، لكنه احتمال بعيد، أو أنه حي وقابع في قبو في مكان سري، وحتى لو ظهر وألقى كلمة فإن جميع أتباعه يشعرون بأنه المسؤول تماما عن كل الفشل المتتالي، الرجل الذي لا يتعظ أبدا من كل هزائمه المتعددة لسنوات، لقد جرهم إلى أزمات، وقاد إلى المحرقة في الثورة، ورغم كثرة الحبال التي مدت إليه فإنه لعب دور نيرون ليحرق سوريا.
بعد المقتل الجماعي لقيادات النظام في دمشق، نتساءل: هل بات عمر نظام الأسد ساعات أم أسابيع؟ لم يعد أحد يسأل إن كان سيبقى أم سيسقط، فالإبادة، التي تعرض لها قادة النظام العسكري الأمني السوري، أكبر من أن يشفى منها معنويا وعضويا.
نتيجة لما حدث أمس، سيهجم على العاصمة معظم المقاتلين، مدركين أن القبض على لحظة الانتصار ممكن اليوم في ظل تخبط النظام وضعف قواته المكسورة معنويا وعضويا، وعلينا أن نتذكر معارك بداية هذا الأسبوع في العاصمة، كان هناك اختراق سريع ومفاجئ برهن على أن عناصر الجيش الحر أكبر من كل ظنون المحللين، هجومهم السريع من داخل أحياء القدم والميدان اضطر قوات النظام إلى استخدام المروحيات والأسلحة الثقيلة، وأثبتت تلك المواجهات أن النظام هش، وجيشه مرهق، بعد أن عارك بعيدا وطويلا عن العاصمة لأكثر من عام، وأعتقد أن اقتحام المقاتلين دمشق أربك النظام وأخاف أتباعه، وربما هو الذي قاد إلى مذبحة القادة في اليوم الثالث من الاقتتال.
وسواء ما حدث كان انفجارا أو انقلابا مضادا، أي تصفيات داخلية، فإن النظام أصيب إصابة لا يمكن أن يشفى منها، ويبدو أن دمشق الأسد قد تنتهي مثل بغداد صدام، التي سقطت فورا، كيف قاتلت قواته في حمص وتقاتل منذ أكثر من عام، والآن تنهار سريعا في دمشق؟ إنها عزيمة الثوار السوريين، وإصرارهم الذي لم نر له مثيلا في تاريخنا المعاصر دلل منذ البداية على أنهم قادرون على الزحف باتجاه العاصمة وإن ببطء، ورغم إمكانياتهم البسيطة، ووفقا لذلك، فإن الجميع، من حكومات وقوى إقليمية ودولية، ستعيد حساباتها.
ما الذي نفع الروس عندما تمسكوا برئيس فاشل في قدرته على إدارة معاركه السياسية والعسكرية؟ فعليا ورطوا أنفسهم مع نظام دموي، ومكروه عربيا، ومهزوم هزيمة منكرة.
alrashed@asharqalawsat.com

الشرق الأوسط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…