الحل في (الحل) أو الإصلاح والتغيير الجذري.. بعد حصاد نصف قرن من الزمن منذ تأسيس أول حزب كردي في سوريا

شادي حاجي

لعبت المصالح السياسية الحزبية الضيقة بالإضافة الى العقلية المناوراتية لبعض قادة الأحزاب الكردية والتعامل اللاديمقراطي وردود الأفعال الإنعكاسية والهوى والتحجر منذ تأسيس أول حزب كردي في سوريا والتي استمرت حتى يومنا هذا دورآ هامآ في إهمال حقوق الشعب الكردي في سوريا وعدم تحقيق أي مطلب أو أي حق من هذه الحقوق وعدم قدرتها على حماية نفسها وبالتالي حماية الإنسان الكردي عبر تاريخها من بطش الأنظمة الشوفينية والعنصرية المتعاقبة على الحكم في سوريا .

حيث رجحت كل الأحزاب الكردية ولن أقول أغلبها تلك المصالح على المصلحة الوطنية الكردية في سوريا ، وهذا ما أثرعلى عمل ودورالأحزاب الحقيقية والمواطن الكردي للقيام بدوره كما يجب وتحمل مسؤولياته التاريخية .

ونتيجة لذلك أصبح الشعب الكردي هو الخاسر الأكبر حتى اللحظة على الأقل من جراء تلك السياسات الخاطئة .

فالمسائل السياسية المتعلقة بحقوق الشعب الكردي في سوريا وتمثيل هذا الشعب انحصرت بالأحزاب فقط وببعض الأشخاص بعينها ولسنوات طويلة وطويلة جدآ وهذا ماسعت إليه قادة الأحزاب على ما نعتقد  نتيجة محاولاتهم الدائمة والمستمرة وبكل الوسائل ابعاد القيادات الشابة المنفتحة والواعية والقادرة على التحرك مما ادى الى الكثير من الإنشقاقات والإنقسامات التنظيمية والتي ادت بدورها أيضآ الى خلق جو من عدم الثقة ونوع من فراغ وهوة كبيرة مفتعلة على ما نعتقد  بينها وبين النخب الثقافية والأكاديمية والمئات من الكوادر الجامعية الكردية الذين ظلوا خارج العمل الحزبي المنظم بحجج وذرائع واهية واتهامات متبادلة من جراء تلك الممارسات وسببت أيضآ وكما هو معروف بترك الكثير من هؤلاء العمل الحزبي المنظم .

لأن قادة هذه الأحزاب اعتبرت دائمآ أن العمل السياسي هي من صميم عمل الأحزاب فقط وبأنهم الأدرى والأقدر للقيام بهذا الدور وهذه المسؤولية وبأن هذه المسائل غير قابلة للمس أو التدخل وتم تفسير أي تدخل من الأخرين خارج الأحزاب بمثل هذه المسائل وإنتقادها على أنه انتهاك لحقوقهم وبالتالي فهي ضرب من التشويش ومحاولة للتقليل من دور الأحزاب وإضعافها .

وعبرة قراءة لمسيرة الأحزاب نجد أنها لم تستطع أن تطور نفسها وتغير من استراتيجياتها وتكتيكاتها وفق التغييرات الهائلة التي حصلت في العالم وفي المنطقة وبقيت منغلقة على نفسها ومحصورة في الزاوية وبقي عملها لم تر النور ولم تتمكن من الخروج من مناطقها ومعاقلها المعروفة لعقود من الزمن وكما أنها لم تستطع أن تتوحد وتجمع قواها وتشكل أحزابآ قوية قادرة جامعة وتتحول الى احزاب جماهيرية وتغير من خطابها السياسي وفق تطلعات الجماهير الكردية ومتطلبات المراحل التي مرت بها .

وفشلت في جعل صوتها وقضيتها مسموعتين على الصعيد الدولي وفي مجال القانون الدولي مع علمنا بصعوبة العمل من خلال منظمة الأمم المتحدة وميثاقها لأن المنظمة اعضاءها دول وليست شعوبآ ، بل لم تستطع أيضآ ملئ هذا الفراغ  بشكل ما من خلال المنظمات الدولية غير الحكومية هذه المنظمات التي قامت بجعل صوت  الكثيرمن الشعوب والأقليات مسموعآ لدى الرأي العام الدولي .

وكما أخفقت في ايجاد قنوات التواصل مع الأحزاب العربية السورية وغير السورية على مستوى الوطن العربي والدول الإقليمية الاخرى والعالمية  حتى بالأمس القريب ولا حتى على المستوى الكردي إلا ماندر ودون المستوى المطلوب ودون أن تفعل هذه العلاقات وتتطور .

ووو……الخ .

طبعآ ومما لاشك فيه أن هناك اسباب كثيرة وعوامل عديدة أد ت الى كل هذا الفشل وهذه الإخفاقات ومن أهم هذه العوامل :
1- الضغوطات التي مارستها الأنظمة الشوفينية والعنصرية المستبدة المتعاقبة على السلطة في سوريا والى يومنا هذا تجاه الشعب الكردي وأحزابها السياسية عبر أجهزتها الأمنية والإستخباراتية القمعية وإختراقها صفوف معظم أحزابنا حتى باتت قادرة على الضغط باتجاه تعطيل معظم القرارات المهمة والمصيرية نتيجة ضعف الشعور القومي والوطني لدى القلة القليلة من القيادات ودورها في ذلك إما لعدم ادراكها للواجبات والمسؤوليات التاريخية المترتبة عليها أو لغايات ستكشفها الأيام القادمة عندما تنكشف ملفاتهم وتبحث في أمرها يوم تبيض وجوه وتسود وجوه  .
2-الانقسمامات والانشقاقات التنظيمية الناتجة بدورها عن الأجواء والمناخات اللاديمقراطية وغياب التعامل الديمقراطي ضمن الهرم التنظيمي كإحدى أهم الافرازات السلبية للمستوى المتدني للوعي الديمقراطي للعضو الحزبي في القواعد والقيادات و احتفاظ وتمسك معظم القيادات الحزبية الكردية بمناصبهم وبمواقعهم القيادية والدفاع عن أنفسهم حتى الرمق الأخير عبر تقزيم الأخر المخالف وذلك بتغليب مصلحتهم الشخصية على المصلحة الحزبية والمصلحة الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية وأصغرهم سنآ يكون قد عاصر خلال ترأسه لحزبه ثلاثة أو أربعة او خمسة رؤوساء للولايات المتحدة الأمريكية أو للدول الأوربية .
3– التوجه اللاديمقراطي لهؤلاء القادة بانتهاج ممارسة القمع والإقصاء وقطع الطريق أمام ظهور القيادات الشابة القادرة على التحرك والمدركة لمتطلبات العصر وقمع رأي الأقلية باعتماد أدوات ووسائل مختلفة .

ونتيجة لذلك بقيت صوت الحركة السياسية الكردية غير مؤثرة وغير معتبرة وغيرمسموعة وأثرت كثيرآ على إندفاعة الجماهير الكردية نحو الحركة السياسية  وهذا ماشجعت وماكانت تشجع الأنظمة والنخب العربية العنصرية المتعاقبة على الحكم على انتهاك حقوق الشعب الكردي والتمادي في هذه الإنتهاكات والتي وصلت أحيانآ الى درجة التطهير العرقي بالقتل والإغتيال والإبادة بدءآ من الإعتقال الجماعي للقيادة السياسية الكردية والكثير من الشخصيات الوطنية والإجتماعية المعروفة في الوسط الكردي في فجر يوم 12 آب 1960 الذين بلغ عددهم في المرحلة الأولى حوالي 80/ شخصآ معظمهم من قيادي الحزب وكوادره المتقدمة ، ومرورآ بعملية حريق سينما عامودة في يوم الأحد 13/11/1960 وإستشهاد أكثر من 282 طفل كردي كما يقال لأنه لاتوجد حتى الأن إحصائية دقيقة عن عدد الشهداء ولا عن عدد المشوهين و لم يكشف حتى الأن عن أسباب و خيوط هذه الفاجعة وعن مرتكبيها لعدم إجراء أي تحقيق جدي وشفاف حول الجريمة و المجزرة التي حصلت في بلدة عاموة الشهيدة .

والى تطبيق الكثير من المشاريع العنصرية والإجراءات الإستثنائية وهنا لابد لنا أن نستذكر الأحداث التي شكلت سياسة جديدة ضمن دائرة الاضطهاد القومي الممارس تجاه الشعب الكردي في سوريا في 5/10/1962 يوم الذي جرى فيه عملية الإحصاء الإستثنائي الجائر وليوم واحد في محافظة الحسكة والذي جرد على أثره بموجب المرسوم التشريعي ذي الرقم /93/ الصادر بتاريخ 13/8/1962 حوالي 120 الى 150 ألفآ من المواطنين الكرد من الجنسية السورية وحرم النظام الحاكم أنذاك هؤلاء المواطنين وأبناءهم الذين يناهز تعدادهم اليوم 300 ألفآ كنتيجة طبيعية للإزدياد السكاني من كافة الحقوق المدنية وأطلقت عليهم تسمية الأجانب .

ومما زاد في الطين بلة عندما صدر القرار ذي الرقم / 512 / لعام /1974 / لاحقآ عن القيادة القطرية لحزب البعث العربي الإشتراكي والذي تم بموجبه تجريد الكرد من أراضيهم الزراعية الخصبة والذي سمي بمشروع الحزام العربي السيئة الصيت وإستقدام عشرات الألاف من المواطنين العرب من محافظتي الرقة وحلب وزعوا على أثنين وأربعين مستوطنة .

حيث منحوا أخصب الأراضي ، إضافة الى بناء قرى نموذجية لهم تتوافر فيها كل مستلزمات الحياة والرفاه مما عرض الشعب الكردي في كردستان سوريا الى وضع معيشي خاص وصعب للغاية بغية إجبارهم على الهجرة من مناطقهم وأرضهم التاريخية كسبيل الى تغيير التركيبة الديمغرافية وإزالة الهوية القومية الكردية لتلك المناطق ذات التربة الخصبة والمياه الوفيرة والموارد المتعددة وعلى رأسها البترول والمنتوجات الزراعية علمآ أنه كان قد سبق تطبيق هذا الإجراء حملة اعتقال شاملة في 1 / آب 1973 ضد قيادة الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي).

بالإضافة الى الكثير من القرارت والمراسيم المجحفة التي صدرت بخصوص طرد الكرد من الوظائف العامة والطلاب من الجامعات والعمال من الشركات والمؤسسات العائدة للقطاع العام بحجة التهمة الجاهزة / خطر على أمن الدولة / وتعريب أسماء القرى والمدن والمناطق الكردية وحتى تعريب أسماء المحلات التجارية العائدة ملكيتها للكرد وتغيير أسماء الأطفال الذين يولدون حديثآ من أبوين كرديين الى العربية دون أي وجه حق وحريق سجن الحسكة المتعمد والذي راح ضحيته العديد من أبناء شعبنا الكردي والمجزرة المدبرة التي إرتكبتها الأجهزة الأمنية القمعية خلال إنتفاضة قامشلو في / 12/ أذار المجيدة والتي عمت كل المدن والبلدات والمناطق الكردية في كردستان سوريا وأماكن تواجدهم وعلى سبيل المثال وليس الحصر حلب ودمشق والذي استشهد فيه العشرات من خيرة شبابنا وأصيب المئات منهم باصابات مختلفة واعتقل الألاف منهم وزجوا في غياهب السجون والمعتقلات وتعرضوا لأبشع أنواع الضرب والتعذيب الجسدي والنفسي وكما استشهد بعضهم خلال عمليات التعذيب الوحشية وكما تعرض بعض الشباب الكردي من الذين كانوا حينها يؤدون الخدمة الإلزامية في صفوف الجيش السوري الى القتل أثناء التعذيب في المعتقلات العسكرية واغتيال شيخ الشهداء محمد معشوق الخزنوي بعد أن تردد نبأ اختطافه من قبل إحدى الأجهزة الأمنية في دمشق والكثير من حوادث القتل التي تجري في المناطق الكردية والتى تسجل ضد مجهول وفي الآونة الأخيرة حدثت بعض الإغتيالات لقادة وكوادر سياسية كردية وجود العشرات من النشطاء السياسيين ومن منظمات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان في المعتقلات السورية وأخر هذه الممارسات هو اختطاف السيد محي الدين شيخ آلي – سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي في سوريا ( يكيتي ) بتاريخ 20/12/2006 من مكان عام بحلب دون معرفة الأسباب أو المصير حتى تاريخه والتي تأتي في إطار الإنتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان والحملات الممنهجة لنشطاء المجتمع المدني والسياسي وهدرآ لطاقاته و من خلال تطبيق سياسة التمييز العنصري بشكل مدروس ومنهجي تجاه الشعب الكردي في سوريا ومحاولة إحداث فتنة داخلية عرقية بين العرب والكرد ومن خلال الإنكار الدستوري بوجودالشعب الكردي كشعب أصيل في سوريا وما يترتب على ذلك من الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية .

والإمعان في ممارسة الإضطهاد بحق ثقافته ولغته والسعي للقضاء على هويته القومية بكل الوسائل من تعريب وتهجير وتشيتت وفقر وتذويب وصهر في بوتقة القومية العربية والتضييق عليه إقتصاديآ وسياسيآ وثقافيآ وديمغرافيآ بهدف تقويضه كشعب يستحق الحياة كغيره والوصول بالتالي الى تحويل الدولة السورية الى دولة للعرب وحدهم يحكمها حزب البعث وحده ببرامجه العنصرية والشوفينية الشمولية .

وهنا وإزاء كل ما ذكرأعلاه من الجرائم والممارسات اللاقانونية واللاانسانية واللاديمقراطية التي ارتكبتها السلطات الحاكمة في سوريا يتبين مدى  الفشل و الإخفاق و الإهمال واللامبالاة وعدم الإكتراث وعدم القدرة لأحزابنا وقادتها على التصدي الحقيقي والجدي لتلك الممارسات و على تحقيق أي مطلب سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو حتى اقتصادى لا من حيث اعادة الجنسية ولا استرجاع الأراضي واعادتها لأصحابها الحقيقيين الذين ورثوها أبآ عن جد ولا محاكمة قتلة الشعب الكردي ومحاسبتهم باقامة الدعاوي ضدهم امام المحاكم الوطنية أو الدولية ولا حتى جمع وحفظ الوثائق التي تثبت ارتكاب تلك الجرائم منذ حريق سينما عامودا وحتى الأن أي طيلة نصف قرن من الزمن وأمام هذه الفوضى الفكرية والسياسية وهذا الضعف والتقاعس والإهمال لدى أحزابنا وقادتنا .

لا يريد أحد أن يراها كما هي لأنها مريعة الى حد الكذب المحزن ولا يريد أحدآ منهم أن يعترف اعترافآ صادقآ وبكل رجولة و جرأة وشجاعة بأنهم مسؤولون وبأنهم فشلوا وأخفقوا في مسعاهم .

وهنا قد يتسائل البعض وهذا من حقهم ماذا يتوقع هؤلاء بعد ما تقدم ذكره من أبناء شعبنا الكردي ؟ .

كما أنه من حق الأخرين أن يتسائلوا أيضآ الى متى ننتظر ونعاني البؤس والفقر والحرمان ؟ .

ومتى ستتوحد الأحزاب القريبة من بعضها فكريآ وسياسيآ وتندمج وتشكل أحزابآ قوية وقادرة على تحمل المسؤولية على الأقل ؟ .

 ما هو الحل ؟ .

وإذا كان هناك من جواب فالجواب هو كما نعتقد وبصراحة تامة هو أن الحل في (الحل) أي حل هذه الأحزاب فلترحل هذه الأحزاب وقادتها مادامت لاتقدر أن تحمي شعبها وتؤمن لها أبسط حقوقها ولم تحقق للشعب الكردي أي إنجاز يذكر سوى المزيد من التصريحات والإستنكارات ردآ على الجرائم والإجراءات التعسفية التي كانت  ترتكب بحق أبناء شعبنا الكردي والتقارير السياسية التي كانت تصدر بعد كل اجتماع موسع لهذه الأحزاب أو بعد إنعقاد مؤتمراتها والتي كانت تفضي على الغالب الى انشقاق الحزب وإنقسامه الى حزبين وبنفس الأسماء أيضآ بحجة إدعاء كل طرف بأنه هو الحزب الشرعي حتى أن الناس كان لايمكنهم أن يفرقوا بين هذا الحزب والحزب الذي إنشق عنه إلا بتسمية كل حزب باسم جماعة فلان أو جماعة علان .

والبيانات التي كان يحدد من خلاله كل حزب موقفه من هذا الحدث أو ذلك ، أو تشكيل التجمعات السياسية الشكلية تحت أسماء مختلفة والتي تؤخر ولا تقدم لا لأنها لم تكن خطوة جيدة ومباركة بل لأنها لم تفعل وتتطور كما كان مخططآ لها فلعبت دورآ سلبيآ من حيث يدرون أو لايدرون لأنها شجعت أكثر على الإنشقاقات والإنقسامات الحزبية وتأسيس أحزاب جديدة لاداعي ولامبرر لها وحاولت حماية هذه الأحزاب بالرغم من ضعفها وقلة عدد أعضاءها ، بالإضافة الى قيام هذه الأحزاب ببعض التظاهرات هنا وهناك بهذه المناسبة أو تلك معظم هذه المظاهرات كانت بدعوة من الأحزاب وقادتها رفعآ للعتب ولإيهام الشارع الكردي بأنهم قادرون على فعل شيئ ما لأن أعداد المتظاهرين في معظم هذه المظاهرات لم تتجاوز العشرات ولتكن  بضعة مئات في أحسن الحالات هذا إذا ما إشتركت مجموع الأحزاب الكردية ولم تكن بالألاف المؤلفة ولهذا السبب كانت تقمع بسهولة وبكل وحشية من قبل الأجهزة الأمنية القمعية حتى أنه في بعض هذه المظاهرات كان عدد رجال الشرطة والقوى الأمنية الأخرى يفوق عدد المتظاهرين وهذا دليل ضعف وعدم جماهيرية الأحزاب وقادتها وهنا لاأقصد أحزابآ معينة بل أقصد كل الأحزاب هذا لكي لايسيئ فهمي لأن هناك أحزاب تقوم بالتظاهرات أكثر من غيرها طبعآ مع إحترامي الشديد لكل الذين شاركوا في تلك المظاهرات وتعرضوا للقمع والضرب والإعتقال والتعذيب وهم محط إعجابنا وتقديرنا فنحن هنا لانقصد المتظاهرين بل نحاول كشف الأخطاء التي ارتكبت من قبل القادة دون أن يتعرضوا لأي حساب ودون أن يحاسبوا أنفسهم بأنفسهم بتقديم استقالاتهم  لذلك نقول أن كل تلك المظاهرات لم تكن بالشكل والقوة والعدد المطلوب الذي كان يجب عليه أن يكون لكي تحقق أهدافها لا أن يكون مردودها عكسيآ على نفسية ومعنويات المتظاهرين والشارع الكردي لأن دور العدد مهم جدآ في مثل هذه النشاطات وفي ظل الأنظمة الديكتاتورية المستبدة لأنها تدل على مدى قوة وجماهيرية هذه الأحزاب وقوة تأثير هؤلاء القادة بعكس الدول الديمقراطية والتي لايهم فيها عدد المتظاهرين بقدر ما يهم النوعية والشعار والطرح والفكرة التي قامت من أجلها المظاهرة لذلك نقول بأن كل الإنجازات التي تقول الأحزاب وقادتها أنها قد حققتها إذا كانت حقآ هي إنجازات فهي لاترقى الى مستوى تسمية هذه الإنجازات وهذه الأعمال بأنها أعمال نضالية لخلاص الشعوب وتحريرها ولاتعدوا سوى ذريعة وحجة لبقاءهم على رأس أحزابهم وما عدا ذلك فهو قصر نظر وعدم إدراك للأمور كما يجب وعدم الدقة والتوازن في الحسابات والقوى ونزيد على ذلك وبالإضافة لما سبق ما دامت هذه الأحزاب لاتستطيع أن توحد صفوفها وبرنامجها وخطابها السياسي وتشكل مرجعية سياسية كردية موحدة تمثل الشعب الكردي في سوريا تمثيلآ حقيقيآ.

فما على القادة إلا أن يتركوا الساحة السياسية ويفسحوا المجال لغيرهم من أبناء شعبنا الكردي فى كردستان سوريا لينظموا أنفسهم بالطريقة والاسلوب الذي يرونه مناسبآ.

وإذا كان هذا الحل صعبآ وسوف لن يقبله أحد لا أحزابآ ولا قيادات مثلهم مثل كل القيادات في الشرق حيث يعتبرون انفسهم منتصرين ماداموا أحياء ومحتفظين بمواقعهم ومناصبهم دون الإلتفات الى ما حصل للشعب من محن وكوارث.

في هذه الحالة وأمام تعنتهم وإصرارهم على الإحتفاظ بمواقعهم وأحزابهم وهذا ما نتوقعه ، لابد لنا من الأخذ بالقاعدة التي تقول ليس الشجاع من لايسقط ولامرة بل الشجاع الذي سقط ونهض ثانية وليمنحوا فرصة أخرى  وبناء على ذلك ندعوا الجميع أحزابآ ومنظمات مجتمع مدني وجمعيات وشخصيات وطنية وثقافية وأفرادآ وجماهير للوقوف أمام الكارثة التي حلت وستحل بالشعب إذا بقينا على الحال الذي نحن عليه الأن فلنحدد الأسباب الحقيقة لكل هذا الفشل ونضع الحلول الكفيلة والناجعة لإخراج الحركة السياسية الكردية من هذا المأزق .

لذلك لابد من إختراق ما لهذه المعضلة التي نحن بصددها التي تهم مصير شعب برمته .

وهنا لابد إذآ من اتباع الحل الثاني وهو اطلاق عملية إصلاح وتغيير جذري وهذا ما دعى ويدعوا إليه الكثير من المثقفين والسياسين الكرد الحزبيين وغير الحزبيين .

لذلك نقترح بعض الحلول لإطلاق مثل هذه العملية بعد أخذنا بعين الإعتباربعض المقترحات التي طرحت من قبل بعض الأصدقاء في مواقع أخرى بخصوص هذا الموضوع نظرآ لما في ذلك خير شعبنا وقضيتنا الكردية العادلة وفق الأليات التالية :
1 – العمل على إحداث وتشريع آليات قانونية أو أنظمة داخلية ديمقراطية لتجديد الهياكل التنظيمية وإجراء تبديلات جوهرية فيها بحيث لايبقى الشخص الرمز أو الكاريزمي مسيطرآ على ذهننا وعقولنا وفق الأليات الديمقراطية المعروفة في العالم المتمدن والإهتمام وإفساح المجال أمام العنصر الشبابي ليصبح عماد الحركة ومستقبلها النير لأن الاهتمام بالشباب علاوة على أنه ضرورة ملحة لإدخال دماء جديدة التي ستزيد من الحيوية وروح التجديد في صفوف الحركة فإن من شأن ذلك وضع طاقاتهم في خدمة قضية شعبهم المضطهد .
2 – العمل على إخراج سياسة ونضال الحركة السياسية الكردية في سوريا من  دائرة ملاحقة الحدث ومتابعته في سياق السياسة الحزبية اليومية أو المناسباتية كما هي العادة وفق الروزنامة السياسية الكردية المعروفة .

علمآ هذا ما يمكن مقاومته بسهولة من قبل السلطة والنظام الحاكم  عبر سياسة الاحتواء باعطاء الوعود النظرية التي قد لاتتجاوز لحظتها الراهنة .
3 – تجاوز واقع التشرذم والتشتت وإستكمال تأطير الحركة الكردية والبحث عن أفضل الصيغ النضالية لتنظيم وحشد الطاقات الكردية وإيجاد مرجعية عامة لتمثيل إرادة شعبنا وتحسين طموحاته المشروعة وللوصول الى ذلك لابد من ولادة قوة ديناميكية تحرك وتقيم وتجمع وتبني من خلال تشكيل لجنة أو هيئة من ذوي الخبرة والإختصاص ممن يتمتعون بالمؤهلات والقدرات التي تمكنهم من الإقناع والتأثير على كل الأطراف بدون استثناء وتحظى بثقة وإحترام وتقدير كل الأطراف وتكون ذات مصداقية من قبل الجميع لوضع الحلول لكل العقبات التي تحول دون التوصل الى الإتفاق على برنامج سياسي واحد ومرجعية سياسية واحدة بالإعتماد على قبول الأطراف بمبدأ (المكاسب النسبية) وفق المبدأ التالي : أن الذي يجعل منهجه في التعامل مع الواقع – لاسيما الواقع السياسي إما أن اكسب 100% وإما أن أظل في دائرة (الصفر) فإنه لن يكسب إلا الصفر : إذا كان الصفر مكسبآ .
4 – بذل المزيد من الجهود لوضع خطة كاملة للتواصل مع العشرات من المثقفين الأكادميين الكرد السوريين والمئات من الكوادر الجامعية الكردية الذين هم خارج الأطر الحزبية سواء المتواجدين في داخل أو خارج كردستان سوريا (أي في المهاجر) وإيجاد أفضل السبل والعلاقات معهم ووضع صيغة عمل جديدة ومشتركة بين الطرفين لأنهم خير من يجيدون في عصرالعولمة إدارة دفة الحرب الإعلامية التي لاتقل هوادة وأهمية عن المواجهات النضالية الأخرى والقيام بمهمة شرح عدالة القضية الكردية وذلك للحصول على التأييد الجماهيري لنصرة الشعب الكردي الذي يحتاج الى صداقة ودعم من شعوب العالم وإقامة العلاقات مع منظمات ولجان حقوق الانسان والبرلمانات الأوربية وتزويد وسائل الإعلام الكردية والعربية والأجنبية عمومآ بالأخبار الكردية ونشاطاتها ليتم تغطيتها التغطية المثلى في هذه الوسائل وهذا سيجعل الحدث  الكردي ساخنآ في الإعلام العالمي .
5 – اتباع أساليب ديمقراطية سلمية جديدة للنضال وتصعيد وتيرته ودفع الحركة السياسية الكردية  نحو المقدمة جنبآ الى جنب مع القوى المعارضة العربية السورية عبر التوجه نحو كل من الساحتين الوطنية الداخلية والخارجية وبذل كل الجهود للتواصل مع القوى الوطنية وجميع مكونات المجتمع السوري والقوى السياسية الأخرى والأوساط الثقافية والشعبية وإطلاعها على سياسة الاضطهاد  التي مورست وتمارس ضد الشعب الكردي في سوريا ومطالبتها بالتضامن مع القضية الكردية في سوريا وكسب تعاطفها والعمل معها بكل جدية عبر مختلف النشاطات – مثل عقد اللقاءات والندوات الحوارية المشتركة وبنفس الوقت وبكل جدية ومسؤولية محاولة الإستفادة القصوى عبر التواصل مع القوى الضاغطة على سوريا من الخارج العربية منها والأجنبية والعمل معها وفق سياسات موضوعية وواقعية بعيدة عن أساليب المغامرة والتطرف وتفعيل ماتم التوصل إليه مبدئيآ في إطار اعلان دمشق وفتح قنوات مباشرة وباعلى المستويات مع المعارضة العربية السورية الموجودة في الخارج لتوحيد المعارضتين الداخلية والخارجية ( اعلان دمشق + جبهة الخلاص + الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية والوطنية والثقافية الذين هم خارج هذين الإطارين الكردية والعربية والأقليات الأخرى) والإبتعاد عن سياسة الإستجداء والتوسل تجاه السلطات بحجج وذرائع واهية مثل عدم إزعاج السلطات وإعطاءها الفرصة لتنفيذ وعودها تجاه الشعب الكردي لأننا نعتقد أن مثل هذه المراهنات هي خاسرة ومضيعة للوقت وكمن يراهن على السراب  .
6 – الإهتمام والتركيز على دور منظمات المجتمع المدني الكردي ودور المنظمات الحزبية التي تشكلت في الداخل وفي أوروبا بشكل خاص وسط الجاليات الكردية السورية والعمل على توحيد جهودها وتفعيل دورها وتشكيل إطار موحد لها وإعطاءها صلاحيات أكبر للتحرك السياسي ودور تليق بالمكانة والمهمة التي من المفروض أن تقوم بها من خلال القيام بدور الدبلوماسية السياسية وإقامة العلاقات مع كافة المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ومع البرلمانات الأوروبية والأحزاب والجمعيات الكثيرة والمتعددة الأوروبية لكسب تعاطفها ودعمها للشعب الكردي في سوريا وقضيتها العادلة .

وتوجيهها وتشجيعها سياسيآ ومعنويآ لتلعب دورها كلوبي كردي منظم تمول ماديآ وتدعم وتساند الحركة السياسية في الداخل ويرفد نضالها السلمي الديمقراطي على أن يكون هذا التحرك السياسي ضمن الإستراتيجية السياسية للحركة الكردية في الداخل بأمانة وإخلاص .

آن الآوان للحركة السياسية الكردية في سوريا بجميع أحزابها وبكل هدوء ومسؤولية لتقييم سياساتها وتحديث وتطوير أليات عملها النضالي وتوحيد برامجها وخطابها السياسي وإستكمال تأطير الحركة الكردية وترجمة كتاباتها وأقوالها وإتفاقاتها الى أفعال ووضع الخطط المدروسة والمحسوبة جيدآ والعمل على تطبيقها بعيدآ عن الخوف وثقافة الخوف و مهما كلف الثمن وكفى للسياسيين بيع الناس أوهامآ وحقوقآ ووعودآ في الفراغ  فالناس باتوا غير مستعدين للتهليل ورفع رايات الأحزاب وأكل الشعارات وإذا كانت السياسة تنسى وهي مهنة لاقلب لها ولاضوابط ولا أحكام .

فالأم التي فقدت ولدها والزوجة الشابة التي ترملت في إنتفاضة أذار 12/3/2004 لاتنسى والأطفال لن ينسوا وللصبر حدود والى الإلتزام بمستقبل أفضل .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…