نزعة التيئيس مقابل رؤية التأسيس كرديا

حواس محمود

يحلو لبعض المثقفين الكرد وقد استمرأوا نقد السياسي متجاوزين إلى نقد الثقافي وهذا أمر طبيعي ولكنهم يتجاوزون ذلك إلى نقد لا بل الهجوم الكاسح على مقومات الكردايتي ثقافيا وسياسيا بصورة تيئيسية عدمية لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب! لقد دفعتهم نزعاتهم الأنانية الفردانية الذاتية المريضة إلى ثقافة الهدم لا البناء وهذا ما يتجلى من خلال عناوينهم الفاقعة الصارخة التهديمية التي تبث روح التشاؤم والتحطيم على كل نبتة ثقافية أو بوادر جنين ثقافي أو سياسي قادم قد يبشر بالخير .
أنا لا أفهم كل الكتابات التهديمية في كل الجوانب الكردية إلا بأنها تعود إلى ذوات مريضة سواء كانت سياسية أم ثقافية ، فنحن نعيش مرحلة النهوض والتجديد والتأسيس لا مرحلة الموت والتقليد والتيئيس انها مرحلة أفول ثقافة الخوف والريبة والتمزق والاتهامية والفردانية الأنانية المريضة ، وكذلك نخطو الخطى على أنقاض تابوات السياسة والثقافة والسيوف المسلطة على رقابنا وأقلامنا ، نحن نخطو باتجاه مؤسسات عدة تخصصية وعامة وتأسيس قاعات ومراكز لنشر العلم والمعرفة وبناء عقل كردي متطور ولكن ورغم هذه الايجابيات التي بدأنا نتلمسها من أحزابنا الكردية رغم سلبياتها العديدة ونقدنا لها لكن هنا فيما يتعلق بالمراكز الثقافية – اوصمان صبري – جلادت بدرخان – نور الدين ظاظا- وقاعات المجلس الوطني الكردي ، نحن نثمنها خير تثمين ونجد من الخطأ الفادح نقدها أو التهجم عليها بحجة أنها مصادرة أو متاجرة لأسماء ثقافية وسياسية كردية لامعة رغم عدم خلو الأمر في ذلك لكن الأمور تدرس وتقارن وتحاسب بالنتائج طالما أن الأمر جديد وفيه هامش الثقافة الواسع واتاحة الفرص لمن يقدم محاضرة أو ندوة فهذا الأمر ايجابي حتما ، مهمة المثقف ليست الهجوم فقط وأنما ذكر الايجابيات إن وجدت .
ما بال بعض مثقفينا وقد أعلنا عن تأسيس اتحاد الكتاب الكرد أيضا كمؤسسة بازغة لم يعرف الجمهور الكردي خير هذا الاتحاد من شره ، إيجابياته من سلبياته ، وقد سلطوا أقلاما تنفث سما في الحركة الثقافية الكردية (نعي الثقافة الكردية ، سقوط الحركة الثقافية الكردية ..

الخ)  وقد اشبعوا السياسيين نقدا وهجوما ولازالوا ورغم اتفاقي معهم في سلبيات الحركة السياسية الكردية وكذلك الثقافية لكن ما هكذا تورد الإبل كما يقولون ، ثقافة الهدم ليست مطلبنا ، النقد للبناء لا للهدم ، وان كان للبعض من المثقفين الذين يسلطون سهام الهجوم على كل ما هو كردي سياسة وثقافة إن كانوا يحملون مشاريع واقعية فليأتونا بها ونكون لهم من الشاكرين ، أما أن يصوبوا كل سهام االهجوم تجاه كل بازغ كرديا سياسيا أو ثقافيا ونحن نعيش مرحلة تاريخية فاصلة فهذا مردود عليهم جملة وتفصيلا ، لأنه الآن بدأ عهد العمل وانتهى عهد الكلام فقط الآن، الكلام وحده لا يصرف إلا في خدمة النظام .
الجد والعمل وحده الكفيل بتحقيق نهضة كردية ، تصبو إليها الجماهير الكردية ، ومن كان يريد للكرد تقدما وازدهارا فليتفضل في ساحة القول والعمل معا لنعمل على تأسيس وعي كردي بازغ وناهض ومتقدم .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…