ثمة أحزاب صغيرة غير مرئية لا تعرف إلا بذكر اسم السكرتير، منها من خرجت من عباءة التقدمي (طاهر سفوك -عزيز داوي) فأبقيا على تلك الصلة أو أحيتها سائر الأطراف لاحقا(من تحت لتحت) جراء الحنين لدفء التقدمي، وهناك من أرغم أن ينشطر عن البارتي (عبد الرحمن آلوجي) فمات مقهورا وقد أسر لي بأن معاملة بعض رموز البارتي له من أسباب تفاقم المرض عليه حيث قضى مأسوفا عليه، أما الثاني المقصي عن البارتي (نصر الدين إبراهيم) أذكر أني نصحته بأن يضحي بنفسه وألا ينفرد بتأسيس حزب ما، لكن يبدو لي أن طموحاته ومشاريعه كانت فوق مداركي ورؤيتي البريئة، فقام بتأسيس حزب من بقايا البارتي على قياسه وعلى قاعدة(مافي حدا أحسن من حدا) ثم راح يحابي سكرتير التقدمي في المجلس السياسي ثم انتهى به الأمر بعد تأسيس المجلس الوطني الكوردي أن يكون قريبا من سكرتير حزب الوحدة ليلف الغموض بالتالي كليهما في مسار لا أحد يعلم إلى أين ينتهي بهما المطاف..
أريد أن أخلص إلى القول صراحة من أن الحركة السياسية الكوردية المنضوية تحت لواء المجلس بشخوصها هي دون مستوى المهام والمسؤوليات، بل أنها عاجزة من أن تمثل الكورد في اللقاءات والمحافل، ربما استطاعت بعض هذه الأحزاب أن تلعب في دائرتها الضيقة، أما فوق ذلك فلا، من هنا أستطيع القول بأني لم أكن أستبعد من الأحزاب الكوردية في مؤتمر القاهرة ما حصل وهو الانسحاب والعجزعن المواجهة النقدية، بل ما حصل كان متوقعا، وهذا أقرب إلى الهروب منه إلى المواجهة وطرح الحجج في مسائل خلافية، أليس من الأنسب أن يناور المساهم الكوردي في نقاط الخلاف لكي يكسب أصدقاء ويبدو لي أن الانسحاب كان مخططا له مسبقا، ثم علينا أن نعي من أن مسائل خلافية سوف تثار بين قوى معارضة حليفة وقد يتطلب حلها أو التفاهم حولها زمنا من التعاطي السياسي، وعلينا أن نحتاط بألا يتحكم في سلوكنا ضيق الأفق القومي، ثم أن العنصر القومي العربي قد يفاجئ بحقوق الكورد المشروعة فلا يتقبلها في أول وهلة، ثم لا يلبث أن يقتنع بسواسية البشر وبحقوقهم، من هنا أقول أن الانسحاب الكوردي المتكرر لا يليق بالكرد كشريك ومحاور سياسي، ثم من السذاجة الاعتقاد من أن الكورد سيحصلون على حقوقهم كاملة دون نقصان في هذه المحطة النضالية، فلن تكون المحطة الأخيرة، ولسوف يستمر الكورد في النضال، ولابأس من أن يقرعوا خصمهم السياسي بالنقد، المهم هنا ليس خلق أجواء من التوتر والنفور بين رفاق النضال، بل الأهم هو كسب أصدقاء جدد من العناصر العربية والوطنية للوقوف إلى جانب قضية الكورد القومية العادلة..
للحقيقة والتاريخ والإنصاف نقولها من أن الحركة السياسية الكوردية الداخلة في قوام المجلس الوطني الكوردي، لا تعد نفسها من ضمن قوى الثورة السورية، لهذا فتفاهمها مع المجلس الوطني السوري أمر مستبعد وانسحابها من مؤتمر القاهرة كان متوقعا، ثم جاء الغمز واللمز على حالة سيدا، وغليون، وأوغلو ورميهم بالألقاب، وهذا التنابذ من سمات سلوك بعض أعضاء المجلس نخلص إلى القول من أن هؤلاء ليسوا جديرين بتبوء القيادة في هذه المرحلة، واستبعادهم عن الواجهة السياسية أمر مطلوب وملح..
ثمة مسائل نظرية اختلف حولها الشيوعيون في يوم من الأيام وكان بالإمكان تجاوزها، من ذلك على سبيل المثال هل العرب هم أمة أم لا ؟ وهل العامل الاقتصادي الذي يجعلهم أمة متحقق أم لا.؟ وهل يصح إطلاق لفظة الشعب العربي أم الشعوب العربية على العرب.؟وهل يصح أن نقول عن الأكراد في سوريا الشعب الكوردي.؟ أم نقول فيهم الكورد، القومية الكوردية، المكون الكوردي.إلخ أما كان بالإمكان التساهل في هذه المسميات وتجاوزها عما تثير من مسائل خلافية نحن لا نبغيها ألبتة، وعما تسبب من قطيعة وإثارة أغبرة سياسية كنا بغنى عنها، ربما الخلافات واختلافات اليوم ذكرتني باختلافات الأمس اليس بالإمكان تجاوزها وقد تجاوزها المجلس الوطني السوري فعلا عما أثير من خلافات بلقاء المعارضة السورية في باريس بعد القاهرة..
*(عضو اتحاد الكتاب الكورد) -سوريا-