وحدة الصّف الكردي

  افتتاحية جريدة آزادي *
بقلم هيئة التحرير
 
تنطلق وحدة الصف الكردي من أسسٍ يمكن وصفها بأنها شرط موضوعي لإنجازها، وأولها بناء موقف موحد من الثورة السورية التي أجمعت عليها القوى المختلفة، بوصفها ثورة شعبٍ عانى مرارة الإقصاء والإلغاء والظلم والفقر والسجن والاعتقال.

وثانيها الاتفاق على وصف النظام، واتخاذ موقف موحّد ضده، كونه أوصل البلاد إلى الحالة المزرية والدوامة القاتلة والحرب الأهلية التي بدأت بوادرها تنتشر في النفوس قبل انتشارها في الأرض، والنظام يرتكب مجازر مروعة بحق الشعب الأعزل، ويمارس سياسة ممنهجة في القتل والتدمير.
وثالث الأسس يكمن في تأطير وحدة الكرد سياسياً، والعمل على ترجمة الرؤى المشتركة على الأرض، لأن المصلحة القومية الكردية العليا تفرض على الكرد أن يكونوا موحدين في هذه الأزمة الخطيرة التي افتعلها النظام حفاظاً على بقائه، مع بذل كل الجهود للتفاهم على الحد الأدنى من المشتركات السياسية.

فالنظام الذي استباح الدم السوري، وأراق الدماء غزيرة دون رادع أخلاقي أو سياسي، واجتاح المدن السورية بالأسلحة الثقيلة معلناً حربه الشعواء على الشعب، يجب أن يكون عاملاً مهماً في توحيد السوريين كلمتهم وخطابهم السياسي لدفع الثورة نحو الأمام وتوفير شروط النصر.
ورغم كلّ المبادرات العربية والدولية مازال النظام مستمرّاً في ضرب المدن والبلدات السورية، واعتقال الآلاف، مما هجّر آلاف الأسر السورية، في الداخل والخارج، ولا يولي الاهتمام لكل النداءات العربية والدولية لإيقاف شلالات الدم في الشوارع السورية، لذا فهو الذي يتحمل استمرار الأوضاع بهذا الشكل، ويتحمل تبعات ما يجري من قتل وتدمير.

والشعب الذي بدأ ثورته سلمياً، ويصرّ على الاستمرار حتى الانعتاق من الاستبداد والدكتاتورية، وكسر قبضته الأمنية سيبقى وفياً لثورة الحرية، ولن يبخل في تقديم الغالي والرخيص لتحقيق أهدافها، وما يتعلق بمؤتمر الكبار في جنيف بشأن سوريا لا يمكن التعويل على الحلّ الذي قدّمه كوفي عنان لكونه خطة غير متكاملة، وغير واضحة المعالم، ولا تتضمن سقفاً زمنياً لتطبيقها، وتتصف بالضبابية وسوء التفسير.
وإن الشعب الكردي وجد نفسه منخرطاً في الحراك الثوري منذ البداية، وبتأثير مباشر من  الحراك الشبابي الثائر، ومازال يرى نفسه جزءاً من هذه الثورة، لكونه الأكثر ضرراً، نتيجة حرمانه من حقوقه القومية والديمقراطية في وطنه وعلى أرضه، وتعرّضه لمحاولات الذوبان المقيتة في البوتقة القومية العربية، وقد لاقى الويلات من النظام، حيث تعرّض للقمع والتنكيل والإنكار، وطبّقت بحقه سياسات ممنهجة لتذويبه قومياً، ومشاريع عنصرية استهدفت كيانه ووجوده، كالحزام العربي الأسود والإحصاء الجائر الذي أحدثَ تصحّراً في حياة الكرد، الذين يدفعون فواتيرهما غالية.

* جريدة يصدرها الإعلام المركزي لحزب آزادي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…