زياد نقيب برواري
مما لاشك فيه ولا غبار عليه ان كل جبار ومستبد ارعن مهما طغي واستباح وتجبر وقتل وسفك من دماء الابرياء سيكون مصيره هو نفسه الهلاك ، لكن هلاك كل طاغية ومستبد كانت وتكون بطريقة خاصة .
فمن دروس التاريخ كان من هؤلاء الطغاة والقتلة والمستبدين والجلادين من قتل منهم او سحل او مثلت بجثته او نفذت فيهم احكام الشعب والقانون والعدالة ،كما انه كان من بين هؤلاء الطغاة والجبابرة من نفذ هو بنفسه الحكم علي نفسه وقتل نفسه بنفسه متجنبا حكم الشعب والقانون والعدالة.
لكن المحصلة هنا انهم جميعا ذهبوا غير ماسوفين علي ذهابهم ورحيلهم.
وذلك كنتيجة لما اقترفته اياديهم من القتل والتنكيل والابادة ومحو الاخر وكل من كان يخالفهم الراي .
اخر من رحل من هؤلاء المستبدين والطغاة في النصف الاول من عام 2006 وفي اوائل القرن الواحد والعشرين وهو يحاكم امام محكمة العدل الدولية في لاهاي بمملكة هولاندا كان هو ديكتاتور يوغسلافيا السابق ميلوسوفيتش .
وقد كان مصيره الانتحار وقبل اصدار حكم العدالة فيه.
بعد محاكمة مثيرة للجدل دامت حوالي الثلاثة عشر شهرا وبعد ان لم يحاكم للاسف علي جميع ماارتكبه من جرائم وحشية بحق معظم شعوب بلاد وادي الرافدين وليس كما حوكم واعدم وكما راينا وراي العالم كله لجزء مما ارتكبه من جرائم وبحق فئة معينة من شعوب بلاد الرافدين ولجريمة محددة وليست كل الجرائم التي ارتكبها.
وهنا يستدل من عملية الاعدام هذه وكما راينا من فيلم التقط بجهاز تلفون خليوي محمول علي ان هذا الاعدام تم علي يد فئة معينة كانت تنادي باسماء معينة ولطائفة محددة وتحديدا تم الاعدام علي يد ميليشيات ما يسمي ب (جيش المهدي) .
وهنا عدة علامات استفهام تدور الان حول الالية والكيفية التي تمت بها عملية الاعدام هذه؟ وليس كما روج لها من ان محاكمته تمت وفق الية قانونية وباسم شعوب بلاد الرافدين كافة ! وهذا المؤشر خطير للغاية مما لاشك فيه ، لانه يستدل وبالدليل القاطع علي ان اعدام هذا الطاغية كان عملية ثأر شخصي وانتقام ولحساب طائفة وفئة معينة وليس احقاقا لحق جميع شعوب بلاد الرافدين والتي اكتوت بنيران جرائم ذلك الطاغية السفاح.
وليس تحقيقا للعدالة المزعومة كما كان يروج لها داخل جلسات المحاكمات التي رايناها وشاهدها العالم كله.
لانه وبكل بساطة كان المفترض ان تتم عملية الاعدام وان تمت بتلك السرعة المدهشة وقبل اكتمال محاكمته علي كل ماارتكبه ذلك السفاح المجرم علي مرأي وبحضور شرائح واسعة ومن كل الطيف المتنوع لشعوب بلاد الرافدين ، وان لايتم حصر عملية الاعدام بنطاق ضيق وبحضور فئة محددة من ميليشيات طائفية تنادي وتهتف باسم زعيم لايجيد من كلمات سوي ( وان صح التعبير ، ويردد كثيرا مفردة ها حبيبي في مقابلات مباشرة وعلي فضائيات معروفة ! كما ان نفس ذلك الزعيم كان قد قال في احدي مقابلاته انه يجب ان لايحاكم صدام وفق تلك الالية التي كان يحاكم بها بل انه دعا في تلك المقابلة من انه يجب محاكمته محاكمة صورية وكما كان يفعلها صدام نفسه وينتهي كل شي )؟!
ياحسرتاه لقد سرقوا فرحتي باعدام ذلك الطاغية المستبد، كما سرقوها من الملايين التي كانت تنتظر طريقة تليق بمجرم العصر غير مأسوف علي ذهابه الابدي.
لكنهم بدلا من ذلك حولوا ذلك المجرم الدكتاتور قديسا لا بل وشهيدا بنظر الكثيرين كردة فعل لما اقدموا عليه بشماتتهم وهتافاتهم الطائفية تلك.
والان وبعد ان تم ماتم فهل من محاسبة لتلك الطريقة التي تمت بها عملية الاعدام؟ ومن تولي مسؤوليتها؟ اليس هنالك كما يدعون من (مجلس للحجاج) ؟! عفوا ( مجلس النواب)؟! كي يدقق ويحقق كونه سلطة تشريعية مخولة بذلك وفق دولة القانون التي يدعونها؟! وهل من مسعي لتقليم اظافر وانياب تلك الميليشيا المملوءة بروح الثأر والانتقام وقبل ان لاتتحول الي وحش كاسر تفوق جرائمها جرائم ذلك السفاح الدكتاتور؟ هل من سبيل لقطع دابرها كي لاتنظم من بعد الان مسيرات منظمة وهي تهتف ضد الكرد وكردستان : ( كردستان عدو الله ، كردستان عدو الله ) ؟! ام انه سيخلوا الطريق والدرب لهذه الميليشيا والتي كان جل افرادها من ( فدائيي صدام) كي تقتل وتعدم وبالطريقة والكيفية التي ترغبها .
وفي الزمان والمكان اللذين تحددهما وبعدها (دولة القانون) تفرك يديها وتحكم ب ( اسم الشعب ) المسكين الذي لاحول ولاقوة له، والمشغول بالبحث عن الامن والغاز والكيروسين والپانزين الخ ؟ واخيرا هل هناك من يحاسب غياب حوالي نصف اعضاء ( مجلس الحجاج) عفوا مرة اخري ( مجلس النواب)؟! المتواجدين الان في مكة ومن اموال هذا الشعب المسكين الذي ضحكوا عليه وسلبوا فرحته وباسم ( الشعب والقانون)؟! فأي ضحك هذا علي الذقون؟