مؤتمر القاهرة.. قضية للنقاش – 32

صلاح بدرالدين

  تلقيت دعوة للمشاركة في مؤتمر المعارضة السورية من السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية وفي حين أقدم لمعاليه شكري وامتناني الاأنني وبعد تفكير طويل رأيت من الأنسب عدم تلبية الدعوة ليس لأنني لاأرغب في اللقاء بالعشرات من الأصدقاء والمعارف أو أقاطع مؤتمرات معارضات الخارج أو أن لي موقف ضد طرف أو مجموعة أو فرد بل لسبب بغاية البساطة وهو أنه بالرغم من بعض فوائد نقاشات المعارضين واجتهاداتهم (التي يمكن التعويض بالفيسبوك والسكايب) الا أن القرار النهائي لم يكن في يوم من الأيام بأيديهم وقد كان وأصبح الآن نهائيا في الداخل بعد مرور عام ونصف من فشل المعارضات جميعها في تمثيل الثورة والتعبير عن أهدافها وديمومتها وتوفير عوامل انتصارها وتوحيد صفوفها
وبعد عجز– المجلس الوطني السوري – عن ” اعادة هيكلته ” تنظيما وبنية وقيادة وبرنامجا وتوجها سياسيا وبعد مضي – هيئة التنسيق – في مضارباتها ومناقصاتها ومزايداتها على حساب الثورة ودماء الشهداء وبعد فشل – المجلس الكردي – في بلورة الموقف الموحد من النظام والاسقاط والحوار  وتوحيد الصف الكردي وادارة الأزمة بجدارة ومواجهة التحديات على الساحة الكردية بشجاعة ومن الواضح أن المدة الطويلة هذه والفرص الضائعة المتكررة أمام الأرقام الخيالية للضحايا تكفي لاختبار المعارضات والحكم عليها .
 وقد بلور اجتماع جنيف ونتائجه يوم الثلاثين من حزيران الفائت المشهد تماما : بقاء الأسد ونظامه أواستمرارية نظامه بدونه وحكومة ينضم الى ما هو قائم الآن في دمشق وزراء من ” المعارضة ” لايثيرون أية اشكاليات من دون تنفيذ البنود الخمسة الأساسية في خطة المبعوث الدولي كوفي عنان وبدون الانغماس في التفسير التآمري للأحداث لايخفى أن التحضير للقاهرة كان قد بدأ في اجتماع استانبول الأخير من اللون السياسي الواحد المؤيد للحوار مع النظام  وفي اللجنة التحضيرية المكلفة بغالبيتها المعارضة للحماية الدولية والتدخل الخارجي لوقف نزيف الدم وفي الهجمة الواسعة لحضور مؤتمر القاهرة  من جماعات – هيئة التنسيق – والعدد الكبير الآتي عبر مطار دمشق ذهابا وايابا أقول كل ذلك كان مرسوما اقليميا ودوليا وطبعا عربيا وسوريا بحيث يتم تمرير المطلوب تحت عنوان تأييد خطة عنان التي جعلها اجتماع جنيف الأخير قابلة لأكثر من تفسير أي الاستعداد للحوار مع النظام والتخلي عن هدف تفكيك سلطة النظام الاستبدادي ومؤسساته وقواعده وعدم تقديم المجرمين الى العدالة .
 الكرة الآن في ملعب الداخل الثوري من تنسيقيات وهيئات ولجان ثورية وجيش سوري حر ومتظاهرين ومحتجين والقرار بأيديهم وهم كما نردد منذ بداية الثورة مصدر الشرعيتين الثورية والوطنية ولايمكن لأي طرف من اطراف المعارضة السياسية بالداخل والخارج مصادرة تلك الشرعية أو السطو عليها ومطلوب من مؤتمر القاهرة اذا أراد ربط مصيره بمصير الشعب ليس ببيانات منمقة بل عدة كلمات  فقط  وهي ( نحن مع قرار الثورة والثوار في الداخل ) وبما أنني التزمت بهذا الكلام منذ زمن بعيد فلم أجد طائلا وراء حضوري ومشاركتي .


والقضية تحتاج الى نقاش

·        – عن موقع الكاتب على الفيسبوك .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…