لنبتعد عن التعاطي البائس مع الآخر

صالح دمي جر

الإخوة الأعزاء في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (ب ي د),

منذ اللحظات الاولى للثورة السورية وضع النظام السوري كل ثقله لإجهاض أي تحرك من شأنه أن يدعم الشباب الثائر وفي كل المناطق السورية بدءاً بدرعا وصولاً إلى المناطق الكردية التي تعامل معها على نحو مختلف بحيث تركها تتظاهر,إلى أن وجد ضالته في التصدي لتلك التحركات بواسطة الكرد أنفسهم بحيث أعطى الضوء الأخضر لكم أنتم أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي  لتدخلٍ ,ظاهره حماية تلك المناطق من دخول العصابات إليها وضبط الأمن منعاً لأي تدهور قد يحصل مستقبلاً ,وحقيقته الضغط على الحراك الشبابي لحمله على عدم رفع شعار إسقاط النظام .
وللتستر على الحقيقي وإبراز الظاهر تعاملتم مع  الواقع  بإزدواجية  حيث بدوتم على المستوى الإعلامي داعمين للثورة والتغيير في سوريا  ولكن على أرض الواقع كانت الآية معكوسة ومازالت.

فأنتم تقفون في وجه الشباب الثائر وتتصدون لهم يومياً وتمارسون مختلف صنوف التضييق, والترهيب أحياناً  لحملهم على عدم التظاهر إلا وفقاً لأهوائكم  وشعاراتكم وشروطكم .
وإذا كانت هذه الإزدواجية  قد نجحت في المراحل الاولى من عمرالثورة وأبقت موقفكم ضبابياً  نوعاً ما , إلا أنها لم تعد تجدي نفعاً في الآونة الأخيرة  وخصوصاً بعد أن تناول الإعلام ممارسات أنصارحزبكم, في منطقتي عفرين وكوباني من تفريق للمظاهرات وخطف للناشطين وإقامة حواجز على الطرقات منعاً لوصول المواطنين إلى أماكن إقامة الندوات الجماهيرية .
 ولكي لا أبدو وكأنني اطلق التهم جزافاً  حول هذه الممارسات والذهنية  البائسة في التعاطي مع من يفترض أن تتخذونه شريكاً لكم في هذه الأوقات العصيبة .سأتناول هذه الحادثة وعلى لسان  أحد مسؤوليكم:
في تصريح لوكالة الفرات للأنباء وحول حادثة خطف سكرتير حزب آزادي الكردي في سوريا السيد مصطفى جمعة  قبل أيام على الحدود بين سوريا وإقليم كردستان العراق, أظهر مسؤول وحدات الحماية الشعبية في منطقة ديرك ( م – ب ) التابع لكم والمؤتمر بأوامركم وتعليماتكم  نفسه وكأنه يترأس مجموعة  من قطاع الطرق عندما إستخدم تعبير “مصطفى جمعة بين أيدينا“.


فمن أنتم  بالله عليكم؟  ومن أعطاكم الحق بأن تخطفوا شخصية كردية أو حتى مواطناً كردياً وتتباهوا بأنه بين أيديكم وكأنه مجرم حرب؟!.
وإذا كنا نعلم كما قال السيد (م-ب) ” ان الشعب الكردي مستهدف من قبل الأنظمة الحاكمة لكردستان التي تعمل بكل جهد لاستهداف حركة الحرية في كردستان و تحاول بكل قواها زعزعة الاستقرار في مناطقنا“.
 فكيف تفسرون المقطع التالي من تصريحه؟!!
 يقول مسؤول وحدات الحماية الشعبية المحترم  ” رغم علمنا بأن مصطفى جمعة و منذ فترة يعمل مع صلاح بدر الدين و بالتنسيق مع الدولة التركية باستهداف حركة الحرية في غرب كردستان كما ظهرت في وثائق الدولة التركية الموجهة لقنصليتها في إقليم كردستان العراق و أثناء التحقيق معه و الوثائق التي كانت بحوزته تأكدنا بأنه كان متوجها للإقليم لتفعيل تلك الاتفاقيات و بالرغم من خلقه للمشاكل و الإضرابات في مناطق عفرين و كوباني في الآونة الأخيرة إلا إننا لن نتخذ أي إجراء بحقه الآن و وضعه الآن بصحة جيدة “
أوليس هذا التصريح صباً للزيت على نار فتنة يمقتها  الشعب الكردي كيفما كانت؟!.


إذا كانت هذه الوثائق موجودة فعلاً فلماذا لا يتم عرضها على الرأي العام الكردي وقد قبضتم عليه بالجرم المشهود ؟ وهل ذكر اسم السيد صلاح بدر الدين في وثيقة مشكوك بصدقيتها أصلاً يجعل من السيد مصطفى جمعة عميلاً لتركيا .

وتعلمون كما نحن أن لكل منهما مواقفهما وقنواتهما المتباينة أحياناً في التعاطي مع هذه الثورة ؟!
إذا كان مصطفى جمعة عميلا للدولة التركية فعلاً فلماذا تركتموه وأنتم أساساً تراقبون الحدود لإلقاء القبض على هكذا أشخاص؟ أو هل يجد أصلاً عميل للدولة التركية مشقة في الذهاب إليها ومن ثم إلى إقليم كردستان معززاً مكرماً لدى الأتراك وزائراً شرعياً في إقليم كردستان؟!
 هل التسلل خلسة إلى دولة اخرى وفي ظروف أمنية دقيقة كهذه هو إحدى هوايات السيد جمعة ؟ أم انه حقيقة مخلص لكرديته وملتزم بقضيته وهذا ما ضيق عليه الخناق من قبل الأنظمة الحاكمة لكردستان فلم يجد بديلاً لهذا الطريق ؟
إذا كان جمعة مصدر المشاكل والإضطرابات في مناطق عفرين وكوباني فلماذا لم تتخذوا أي إجراء بحقه وقد نصبتم المحاكم علناً على بعض الكرد؟!!
 وإذا كان تركه حراً لاحقاً نابع عن قناعة لديكم بأنه ليس كما وصفتموه – وهو ليس كذلك- فما الداعي أساساً لهذه التصريحات؟
طبعاً أتيت على ذكر هذا التصريح وهذه الحادثة على سبيل المثال وليس الحصر .

ولا أقول هذا للتشفي وتبيان أن السيد مصطفى جمعة قد دخل إقليم كردستان لاحقاً وأجرى لقائاته على أكمل وجه .

ولكن لأستنتج أن كل الوقائع والأحداث والحقائق على مر التاريخ  تشير وتؤكد أنه يستحيل أن يستطيع أي فريق إقصاء الأخر مهما اوتي من نفوذ وسلطة.

لأن الفريق الآخر – على علاته وضعفه- له ما يبرر وجوده .
يجب أن نتفق حيث اللاإتفاق مصدر كل مصائبنا وسبب كل إزعاج وبلبلة في حياة شعبنا الكردي.
بدون تقبل الآخر يستحيل أن نحيا سوياً في وطن واحد أو حتى في محيط واحد.


إذا, لينطلق كل منا من ذاته ولنبتعد عن الخطاب التخويني والألفاظ المثيرة للعاطفة الكردية الوقادة.

ولنعلم علم اليقين أن النظام السوري وعصاباته.

هم وحدهم يريدوننا أن نتقاتل وننشغل عنهم ببعضنا لنضعف امام جبروتهم وبطرهم اللامحدود ونتحول الى بيادق تائهة لا حول لهاولاقوة.
هو وحده العدو وكل ما عداه يبقى قابلاً للنقاش والحوار بيننا.
الولايات المتحدة الامريكية

1-7-2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   تُغرق الأخبار المتعلقة بالمفاوضات النووية النظام الإيراني في دوامة من الأزمات الداخلية والخارجية. هذه الأزمات لا تقتصر على فئة معينة في الحكم، بل تشمل النظام بأكمله، وتتفاقم مع مرور الوقت. يمكن رؤية دلائل هذه الأزمات في خطب أئمة الجمعة، وردود فعل نواب البرلمان، والتناقضات في تصريحات المسؤولين.   التحدي الكبير للنظام حدد النظام الإيراني هويته…

د. محمود عباس كوردستان ليست خريطة معلقة على الجدار، ولا نشيدًا قوميًّا يُتلى في المناسبات، ولا لهجة تُنطق في وادٍ دون وادٍ آخر، كوردستان هي وحدة الوجع، وحدة الدم، وحدة الجبل الذي احتضن الثائر، ووحدة الأم التي ودّعت أبناءها في جميع جهاتها الأربع دون أن تسأل، من أي جزء أنتم؟ لكنّ المأساة الكبرى لم تكن فقط في احتلال…

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…