ماذا سيحمل لنا العام الجديد ؟

صوت الأكراد*

بعد أيام قلائل ستودع البشرية عاماً ، لتستقبل عاماً جديداً ، ومع إطلالة كل عام جديد ، تتوجه الأنظار إلى أن يحمل العام الجديد تباشير حياة سعيدة ومستقبل مزدهر ، خال من الآلام والمآسي والمحن على طريق بناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان .
لقد كان العام الفائت مليئاً بالأحداث المثيرة والوقائع والتطورات المتسارعة على مختلف الصعد والميادين شملت على الصعيد العالمي زيادة في تطور العلم والتكنولوجيا ، والاهتمام بمسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، ومكافحة الإرهاب ، ومناهضة الأنظمة الشمولية والاستبدادية، رافق ذلك وقوع العديد من الكوارث الطبيعية في مناطق مختلفة من العالم ، أسفرت عن خسائر مادية وبشرية هائلة ، تستقبل البشرية العام الجديد وهي أكثر تفاؤلاً بما يحمله في طياته من طموحات باتجاه خدمة قضايا الإنسان ، ومواجهة الأخطار المحدقة بمستقبله .

وعلى صعيد الشرق الأوسط ، فقد تفجرت صراعات ونزاعات في بعض دول المنطقة ، وخاصة في فلسطين ولبنان والعراق ، تحولت إلى عنف مسلح ، يهدد أمن واستقرار المنطقة ، ويضعها أمام مصير مجهول ، الأمر الذي يستدعي العمل بجدية من أجل إحلال الحلول التفاوضية ، محل المواجهات المسلحة ، لحل القضايا السياسية والقومية والمذهبية في المجتمعات التي حالت عهود الظلم والاستبداد والتخلف دون حلها في هذه
المنطقة وعلى الصعيد الوطني السوري : لم يطرأ أي تغيير يرتقي إلى مستوى طموح الشعب السوري بكافة مكوناته القومية والسياسية ، إذ لا تزال الحريات العامة ، والأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية مكبلة بقانون حالة الطوارئ والأحكام العرفية ، ولازال الفساد الإداري ينخر مفاضل الدولة في دوائرها ومؤسساتها ، ومستوى معيشة المواطنين دون الحد المطلوب ، ولا تزال ملاحقة واعتقال النشطاء السياسيين ، وأعضاء لجان إحياء المجتمع المدني وحقوق الإنسان الذين يطالبون بضرورة توحيد جهود أبناء الشعب السوري ، لبناء نظام وطني ديمقراطي قادر على حل كافة القضايا والمشاكل العالقة في البلاد .
أملنا في العام المقبل ، أن نقبل على المزيد من الحلول الديمقراطية العادلة للقضايا والمشاكل العالقة من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية … ومنها القضية الكردية من خلال الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كثاني قومية في البلاد ، وتضمين حقوقه السياسية والثقافية والاجتماعية ، وكذلك حل قضية باقي الأقليات القومية المتآخية في إطار وحدة البلاد .
وعلى صعيد القضية الكردية في سوريا: فإن التنكر التام لوجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية، ومشروعية حركته السياسية وبالتالي لحقوقه القومية والديمقراطية ، والإصرار على بقاء المشاريع العنصرية المطبقة بحق أبنائه لا يزال قائماً ، رغم الوعود المتكررة ، ولا يلوح في الأفق القريب ما يبشر بوجود حلول ديمقراطية عادلة للقضية الكردية ، على الرغم من التوجهات السلمية والديمقراطية التي تمارسها الحركة الوطنية الكردية ، والنداءات التي توجهها بشأن إنصاف الشعب الكردي في سوريا هذه التوجهات التي من شأنها توحيد الصف الوطني، وتمتين وحدته، وخدمة مسيرة التغيير الديمقراطي ، وتفسح المجال أمام البناء والتقدم والازدهار .
وأن ما يدعو إلى التفاؤل، هو ما حصل من تواصل وتفاهم مشترك بين الحركة الوطنية الكردية، والأحزاب والفعاليات المجتمعية الوطنية في (إعلان دمشق) الذي أقر لأول مرة في تاريخ الحركة الوطنية والديمقراطية في البلاد ، (إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا، بما يضمن المساواة التامة للمواطنين الأكراد السوريين مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية والثقافية وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الدستورية والسياسية والاجتماعية والقانونية ، على قاعدة وحدة سوريا أرضاً وشعباً ..) .
وعلى صعيد الهيئة العامة للتحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا، فقد خطت خطوات نوعية في طريق التفاهم والعمل المشترك، وتوج عملها مؤخراً بالوصول إلى رؤية مشتركة لحل القضية الكردية، وقرارها حول تشكيل مرجعية كردية من خلال عقد مؤتمر وطني كردي في سوريا ، عبر تشكيل لجنة تحضيرية لوضع برنامج سياسي ينطلق من الرؤية المشتركة للتحالف والجبهة ، والبدء بالترتيبات اللازمة لعقد المؤتمر المنشود ، ودعوة الأحزاب الكردية والهيئات المدنية والحقوقية والشخصيات الوطنية الكردية المستقلة إلى هذا المؤتمر بهدف الوصول إلى توحيد الخطاب السياسي الكردي، وتشكيل مرجعية كردية ، لتقود نضال الشعب الكردي من أجل رفع الاضطهاد القومي ، وإلغاء المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية بحقه ، وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية ، والإسهام مع كافة الأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية في البلاد ، لبناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة وحقوق الإنسان .
ختاماً نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً ، ونحن أكثر تفاؤلاً وأملاً بالقادم الجديد في أن يجلب لشعبنا السوري بكافة انتماءاته القومية والسياسية التقدم والازدهار وللبشرية السلام والوئام .

وكل عام وأنتم جميعاً بألف خير


* نقلا عن (صوت الأكراد) كانون الأول 2006

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…