حقيبة الحكومة الأخيرة

 إبراهيم اليوسف

لست أعلم، أية مشاعر تمتلك هؤلاء الذين أعلن المدعو بشار الأسد عما يسميه بالمرسوم الجمهوري، المتضمن لأسمائهم، كوزراء، في حكومة يرئسها المدعو رياض حجاب-رأس الانحلال القيمي والأخلاقي- كي يقدم هؤلاء وبينهم كتاب، وساسة، واقتصاديون، أنفسهم ككباش للتضحية، بشكل بخس، مجازفين بأسمائهم، وماضي خطابهم ورؤيتهم، في أحرج فترة في تاريخ سوريا، لاسيما وأن المثال الذي قدمه د.جابر عصفور، كيساري مصري، في ظل ثورات المنطقة، عندما قبل بأن يتم استوزاره في آخر حكومة شكلها الرئيس المخلوع حسني مبارك،

كان يمكن أن يظل درساً فجائعياً مريراً، صاعقاً، في ذاكرة كل من يتوحم على كرسي السلطة، بعد أن سقطت كل أرجله الوهمية، وبات الجلوس عليه عاراً، وانتحاراً، مهما ظهرت هناك وهناك من ذرائع،نتيجة إطالة العالم المتفرج، لفصول ” مسرحية الدم السوري”،غير مبال، بأرواح من تلتهمهم دوامة العنف الأمني، وهم أهلهم آباء، وأمهات، وأخوات، وأخوة، وأطفالاً، سواء من يقضي واقفاً في ساحات الكرامة،هاتفاً بسقوط النظام المجرم،أومن استشهد في بيته،بعد أن قصفته طائرات النظام الأعتى، عالمياً، بصواريخه، وأسلحته الثقيلة، والمتوسطة، والخفيفة، بما في ذلك النحر من الوريد إلى الوريد، على أيدي الشبيحة، أو من  يتم قتله تحت التعذيب.
لن أمضي في التحدث، عن شخصية المدعو رياض حجاب -المنبوذ أنى حل- ولم تمَّ انتقاؤه، ولا شخصيات ثلاثة شيوعيين، أتأسف، الآن، لتهاويهم، ومصائرهم، في مصيدة لايقع فيها عاقل، وكيف أنهم سوف يصافحون الطاغية بشار الأسد، ملوث اليد، والضمير، والرؤى-وكان على أحزابهم أن يكونوا في طليعة من ينادون بإسقاط النظام المجرم ومحاكمته- بل وإن المعضلة الكبرى تكمن في أن أغلب هؤلاء-ممن أعرف- اقتصاديون، ويعرفون وفق أرقام، ومعطيات، ودراسات، شخصية، أوحزبية، أن هذا النظام فاسد، وساقط، ولايمكن إصلاحه بالوصفات، وإن هذا الكلام عمره عقود، وازداد الأمر سوءاً، خلال عقد ونيف مضى، بل إن خلال عام ونيِّف من عمرالثورة السورية، سقطت “ورقة توت” النظام، أمام جهَّال السياسة، وحتى الشبيحة الذين يعرفون أن تعاملهم مع النظام هو ليس إلا من قبيل الاسترزاق، بيد أن الحال -هنا- مختلف، لأننا أمام مسألة تتعلق بجاذبية “شهوة” السلطة، المشار إليها، بيد أن الفرص تآتت، لأكثر من تم استوزاره، بعد فوات الأوان، حيث لاخيار أمام ثنائية: إما أنك مع القاتل، أومع الضحية، الذي لايمكن أن يكفر، ولاأن يخطَّأ،تحت أية ذريعة أخرى، حتى وإن كانت الذريعة هي ادعاء الوطنية،لأن لا وطن دون مواطن، وإن تخوفات هؤلاء تسقط، في ما إذا عرفنا طبيعة السوري، وروحه،ورؤيته للمستقبل، وكيف أنه وطني من الطراز الأول، وأنه لايرضى إلا بسوريا مدنية، تعددية، ديمقراطية، حرة، .
لقد انهار نظام الأسد، تماماً، والعالم كله، بات يتحدث عن مرحلة”مابعد الأسد”، ولم يعد يفيده الفيتو الروسي، ولاتواطؤ الغرب معه، في مسرحية متبادلة الأدوار بين الأطراف الثلاثة، إذ فضح أطفال سوريا الذين يصرخون في كل شبر من ترابها “الشعب يريد إسقاط النظام” أية مزاعم قد يتشبث بها المهرولون للدفاع عن الطاغية، لذلك فإن الرهان عليه، ليعدُّ أمية سياسية، واستهتاراً بكل القيم والمبادىء الإنسانية، والوطنية، بل إنه لن تكون هناك حكومة أخرى، للنظام، نفسه، لافي ظل الأسد الابن، ولا نظام الاستبداد الابن، في دمشق، لذلك، فإنه أفضل مايفعله، أي شملته قائمة الحكومة الجديدة – ويحمل بقيا موقف وشهامة ورجولة ووطنية وإنسانية- أن يرفع صوته قائلاً:لا، على مسمع العالم كله، لأن كل ملائكة الكون، لن يمنحوا هذا النظام القذر شرعيته، وكل بحار العالم لن تغسل أيديه الملوثة بدماء الأطفال، وبيع سوريا، للدمار، ولابد من الاعتبار من دروس التاريخ، فما أوضحها..!.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…