ولنا كلمـة (6)

روني علي

    تنتحر الكلمات حينما تنتابها القشعـريرة، حين لا كلماتٍ، ولا لسانٍ قادرٍ على لفظها، ولا صدرٍ  يتحمل وقعها، فنبحث عن المترادفات لنبعد عن أنفسنا الشبهة والاتهامات، أن نقول الحقيقة بغير كلماتها… ونتخبط… لأن للحقيقة كلمة واحدة ولا تحتمل الترادف والمجازات، بل حتى التأويلات، وباسم الحقيقـة تؤد الحقيقة وتغتال، كما الحرية سابقاً، ويغتالونها كلما أرادت أن تخرج إلى حيز الوجود، والاغتيال هنا أيضاً يصبح على دفعات .

إلا أن الأنكى هو أن يصبح للإنسان ـ وفي قلب الإنسان الواحد ـ مجموعة من التلوينات حتى  تكاد تصاب بعمىً في الألوان، وتترنح، وتدخل في دوامةٍ من التفسيرات وكأنك أمام قطعةٍ من قوس قزح، تعرفه بلون وتتعرف عليه بآخر وآخر، بقناع وقناع، بأسلوب وأسلوب، بمشروع ومشروع، داعية لكل القيم النبيلة ومرتعاً للنقائص البديلة .

وهكذا المشاريع، وخلف المشاريع، وسقف المشاريع، وأرضية المشاريع، طرحها جميل … حقيقتها نبيلة، لكن ممارستها في القبح أجمل حين … تمارس !!

فأنت أيها الكردي كم من مشروع متوجه إليك ويحتويك، من الخصم، من الصديق، ومن حاميك، وحتى في كل واحدةٍ منها سيوف مسلطة عليك لتقطع أوصالك إرباً إرباً..

خصمك يجزؤك ليمحي وجودك ….

وصديقك لسهولة احتوائك… وحاميك ليرضي الخصم والصديق ويعيد التوازن إلى المعادلة – ولا جعلني الله في خانة السوادويين أو الواشين – وتتجزأ إلى متناثرات وأشلاء ..

ومن تجابه ..

لتلم أوصالك المبعثرة حياله وقلبك المنتشي بنشوة الصراع الطبقـي / الفكري / السياسي..

والخلفيات..

والماضي المليء بالإنجازات…!!  وتخوض في صراعات الوجود والماهية ..
فللمعركة  طرفان ..

طرفك وطرف الخصم ..

لكن كم هي أطراف معركتك …؟!
وللوحدة معنىً واحداً ومدلول واحد..

أما وحدتك فتحتاج إلى جرعات وجرعات..

إلى مقدمات ومباركات وضوء أخضر، وبالأخير  تنجز بالإخفاقات..

لأنها ودائماً لا تستند على حقيقتها بل على المترادفات..

وحينها..

وعندها، تنتابها القشعريرة وتنتحر الكلمات..

وتتلاشى من الوجود لتجد نفسك الذات والأنا، وتبقى وحدك أنت الكردي تبحث للكلمة عن المجازات وللحقيقة عن المترادفات ولنفسك عن الملاذ … عن التسكينات ..؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…