حوار شامل مع المحامي رديف مصطفى

رئيس مجلس إدارة اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا
أجرى الحوار : علي الحاج حسين

س- عندما استقال أكثم نعيسة، تمسكت به، وانشقت اللجان بعدها، ومن ثم تركتها نهائيا، هل كان موقفك شخصي أم حقوقي أم انك وجدت أن أكثم على حق في البداية وبعدها اكتشفت الحقيقة فعدت إلى تمتين علاقتك بدانيال سعود؟

بدأ خلافي مع اللجان ابتداءً من الحرب الأمريكية على العراق و نحن الأكراد من الطبيعي جداً أن نكون سعداء بسقوط نظام صدام حسين صاحب جمهورية الرعب والمقابر الجماعية لأنه ارتكب الكثير من المجازر، و بعض الزملاء في اللجان كانوا يتكلمون عن المقاومة في العراق وعن موضوع التمسك برمز القومية العربية فكان هذا جذر الخلاف الذي تطوّر في جلسات إعلان حلب والتي كنت  فيها ممثلاً عن اللجان،  وكان موقف الزملاء في اللجان غير واضح وملتبس بعض الشيء بخصوص القضية الكردية  وقد تكلمت وكتبت عن هذا الموضوع على مواقع الانترنت ومن  خلال تلفزيون ” روج ” و طالبت بطرح واضح في وثائق اللجان حول إيجاد حل ديمقراطي وعادل لقضية  الشعب الكردي في سورية وفق العهود والمواثيق الدولية ضمن إطار الوحدة الوطنية في البلاد، ولكن غالبية الزملاء في اللجان اعترضوا على موضوع تسمية الشعب وأعتقد أنَّ هذا الموضوع أصبح فيه نوع من عدم الالتزام بالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان والتي من المفروض أن يُعمل بها في كافة منظمات حقوق الإنسان، وهي موجودة في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية  في المادة الأولى المتعلقة بحق تقرير المصير وكان من الممكن أن نقول نحن مع خيار هذا الشعب ضمن إطار الوحدة الوطنية وفق العهد الدولي هذا، وهناك جانب آخر وهو أنَّ أكثم نعيسة قدّم استقالته في تلك الفترة من  اللجان والأخوة في اللجان قبلوها مباشرةً وأنا كنت مع فكرة أنَّ كل من يريد أن يترك المنظمة ينبغي على المنظمة ألا  تتخلى عنه فوراً بل يجب  أن يتركوه فترة شهر أو شهرين ويحاولوا معه مجدداً، فيبدوا أنَّ هذا الموضوع أصبح فيه أخطاء والملفت للانتباه أن قرار المنظمة كان محصورا إبان الأزمة بشخص أو بشخصين بالإضافة الى أكثم طبعا  فأنا كعضو في مجلس الأمناء لم يكن لدي خبر أو علم بأنَّ الأستاذ أكثم كان قد قدم استقالته منذ فترة طويلة  وأنَّ هناك  زملاء فاوضوه  لكي يتراجع عن قرار استقالته وطرحوا عليه مشروع رئيس فخري للجان،عموما  أنا في الفترة الأولى كان موقفي يتعلق بقضية ما ولكن عندما أصبح الخلاف  شيء شخصي وأصبح أكثم يتهجم  ويتهم الآخرين كان لي رأي آخر  بالمعنى الأخلاقي  كُنّا أصدقاء دوماً ولم ننقطع يوماً عن بعضنا البعض، وعندما أصبح هناك هجوم  واتهامات بسرقة أموال لا أريد الخوض بالتفاصيل فانسحبت لأني غير موافق على الكلام جملةً وتفصيلاً وعلاقتي على طول الوقت مع الطرفين جيدة، وعلاقتي مع دانيال ومع الآخرين جيدة كأصدقاء وليس عندي مشكلة مع الآخرين لأني أركّز على العمل في الجانب الحقوقي والأخلاقي وأفضله على الجانب السياسي والشخصي، وجماعة المجتمع المدني هم دعاة الاختلاف  وقد نختلف أنا والآخرين حول قضية ما لكن بالمعنى الشخصي ليس بيننا مشكلة وأنا أحاول بشكل أو بآخر أن أجسد هذا الموضوع شخصياً وقد أنجح أو أفشل لنترك هذا للزمن، ولكن الأستاذ أكثم أثار قضايا شخصية واعتقد بأنه بهذا خسر المنظمة وأنا كشخص كنت أعتقد أنها من الممكن أن تؤثر عليَّ  فانسحبت من اللجان وأبقيت على مساحة ودّ جيدة واتجهت نحو  موضوع أن يساهم الشخص في  تأسيس منظمة تكون أقل مشاكل من هذه الناحية وعلى كل حال المنظمات القديمة تعاني من جملة مشاكل  ومعوقات  نتيجة  ظروف معينة  ونتيجة شخصنة المنظمات ونتيجة سيطرة خلفيات إيديولوجية وبذلك حاولنا أن نؤسس لتجربة جديدة ولا أدّعي بأنها نموذجية وقد تعاني من نفس المشاكل لكن نحاول أن نكون أقل أخطاءً ونستفيد من تجارب الآخرين.

عموما أنا اعتز بتجربتي في اللجان التي لازلت قريبا منها وهي حاليا تشهد تطورات ايجابية وهامة0

س- هل تعتقد بان صفة القومية يمكن إلحاقها بحقوق الإنسان في بلد متعدد القوميات مثل سوريا؟

عموما صفة القومية لا يجوز إلحاقها بحقوق الإنسان سواء في بلد متعدد القوميات او في بلد مؤلف  من قومية واحدة أنا هكذا اعتقد
وتسمية اللجنة الكردية  ليس له علاقة بالصيغة القومية لأننا لا نتحدث ونقول نحن لجنة حقوق إنسان كردية بل نقول “لجنة كردية لحقوق الإنسان في سورية”  فهي لجنة لجميع السوريين ولكننا تعمدنا الحديث عن هذا المحظور الذي يتعرض للاضطهاد والظلم  كجزء ومكون أساسي من مكونات المجتمع السوري من اجل تعويد الشارع السوري على هذا الموضوع بغية قبول الآخر المختلف كما هو ، عموما هذه مجرد تسمية ونحن ليس لدينا مشكلة  ونتفق مع كل السوريين بأن تكون سورية وطن نهائي و دائم لكل السوريين فموضوع التسمية باللجنة الكردية يتعلق بجزء من مكونات المجتمع السوري أكثر من تعلقه بالدلالة القومية، و من يقرأ برنامجنا ويتابع نشاطاتنا من خلال البيانات والتصاريح والتقارير التي نعدها لا يلمس أبداً بأنَّ لهذه المنظمة طابع قومي بل سيتأكد بأنها منظمة سورية بامتياز.

س- اللجنة الكردية، برأيك هل تستطيع أن تدافع عن حقوق الإنسان في سوريا بغض النظر عن دينه وقوميته، أم ستكون هي الأخرى مقتصرة على الإنسان الكوردي؟

بالتأكيد لا، وموضوع الدفاع عن حقوق الإنسان الكردي فقط مسألة غير واردة لدينا إطلاقا وبالأساس هي أي منظمتنا أنشأت للدفاع عن حقوق كل السوريين، وهذا الموضوع  يتعلق بالإمكانيات وبالمناخ الديمقراطي للبلد وبالقوانين وبحرية الرأي وبقانون الطوارئ وقانون أل 49،  واقتصار عملنا على فئة أو قومية أو طائفة ما أمر غير وارد ونحن ندعو للتساوي بين كل السوريين على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم، وأتساءل لماذا لا يحق للمسيحي أو الكردي اليزيدي أن يصبح رئيسا للدولة في سورية؟…نحن نركز على الدولة الديمقراطية الوطنية القائمة على ضمان حق المواطنة بغض النظر عن الانتماء القومي او الديني الخ نحن الآن منظمة للدفاع عن حقوق كل السوريين ضمن إمكانياتنا المتواضعة0

س- المنظمات العربية لا تشارك عادة في الاعتصامات الكردية، حتى ولو كانت للمطالبة بحقوق الإنسان، لماذا برأيك، وهل تختلف هذه المنظمات عن بعض الأحزاب العقائدية العربية التي أنتجت هذه المنظمات .

عموما إن غالبية هذه المنظمات لا تختلف كثيرا عن الأحزاب التي أنتجتها وإنني اعتقد بان
ما جرى في الاعتصام له دلالتين الدلالة الأولى تتعلق بان غالبية المنظمات الموجودة على الساحة العربية ما زالت تتعامل مع مسائل حقوق الإنسان بخلفيات إيديولوجية وهي تحت تأثير ما خصوصاً بعد تأزم الوضع العام مع سقوط النظام العراقي، والدلالة الثانية هي أنَّ الموقف يتعلق بالسلطة التي تلعب بهذه القوى والمجموعات لأنَّ ذلك من مصلحتها وهي صاحبة تجربة وباع طويل في هذا المجال  بألا يصبح هناك إلتآم بين الطيف العربي المعارض مع الطيف الكردي، وبالتأكيد أن هذا الموقف  هو موقف لا يمت لحقوق الإنسان بصلة فموضوع الجنسية  للأكراد هو حق من حقوقهم،  فالناس جاءت إلى دمشق  لتقوم باعتصام سلمي أمام مجلس الوزراء من أجل المطالبة بالهوية السورية وليس الهوية الكردية والتي جردوا منها منذ عام 1962 م في عهد حكومة الانفصال التي زايدت نتيجة العمل اللاقومي التي قامت به من خلال سياسة الانفصال عن مصر وزايدت من خلال مفاهيم متخلفة كانت موجودة تقول:  أنَّ هؤلاء الأكراد خطر على الأمة وإنهم سيتبعون إسرائيل و………الخ  وعلى منظمات حقوق الإنسان الموجودة في سورية أن تتضامن مع الأكراد كونهم مواطنين سوريين، أما موضوع الحضور فقد  اقتصر أمس في 5/10 على عدد بسيط جداً وهناك بعض المنظمات السورية حضرت لكن الذين حضروا عنها أعضاء أكراد ولم يكن هناك أي عنصر عربي عدا بعض الشخصيات المستقلة مثل الأستاذ خليل معتوق ورزان زيتونة ورياض سيف، وإنَّ هذا الموقف الغير حقوقي باعتقادي وببساطة ينال من شرعية القائمين على هذه المنظمات ، وحتى القوى السياسية المعارضة في سورية يجب أن تكون إلى جانب الأكراد في موضوع الجنسية وموضوع حقوق الشعب الكردي بشكل عام لان قضية الشعب الكردي في سوريا قضية إنسانية ووطنية تتعلق بالديمقراطية بامتياز، حتى إن السلطة ذكرت في أكثر من مناسبة أنه موضوع الأكراد موضوع حق ونحن بصدد حله، ولكن لماذا القوى السياسية التي تدعّي الديمقراطية والالتزام بحقوق الإنسان والمطالبة بها لا تحضر الاعتصام بأية حجة او بحجة أنَّ الظرف السياسي غير مناسب،وأتساءل: متى كان أو سيكون الظرف السياسي مناسب برأيكم؟…
تطلبون منا أن نستوعب الظروف الدولية والإقليمية بمعنى استيعاب ظروف السلطة ولكن نحن من يستوعب ظروفنا خصوصا وانه لا اعتراف بوجودنا الى هذه اللحظة ونحن محرومون من كافة حقوقنا القومية والديمقراطية، في ظل حالة الطوارئ وغياب الحريات فمن الذي يجب أن يستوعب الآخر؟..عندما تستوعب السلطة الأكراد وتحترمهم وتعيد جنسيتهم وتعيد أراضيهم التي صودرت بموجب الحزام العربي وترفع عنهم سياسات التمييز وتعترف بحقوقهم فالكرد سيخففون من شدة مطا ليبهم0

س- كيف تنظر إلى علاقات منظمات حقوق الإنسان في سوريا، مع بعضها البعض ومع المنظمات الأهلية والحقوقية العربية والدولية .

منظمتنا تأسست في 9/ 4/ 2006م ومازلت حديثة العهد في إقامة وتشبيك العلاقات مع منظمات حقوق الإنسان في الوطن العربي ولكننا مع ذلك قدمنا تقريرا عن وضع السجون والسجناء في سورية أعددته شخصيا إلى المنظمة العربية للإصلاح الجنائي في القاهرة والتقرير نشر وطبع على شكل كتاب ووزع بالإضافة إلى 12 تقرير من دول عربية، ولنا علاقات مع مركز عمان ووقعنا معه بروتوكول تعاون وبشكل عام علاقاتنا ضعيفة كون اللجنة حديثة العهد أما بالنسبة لعلاقاتنا مع المنظمات في الداخل فلا بأس بها، علاقاتنا ممتازة مع لجان الدفاع وجيدة مع المنظمة الوطنية والمنظمات الكردية الأخرى ولكن هنالك  مشكلة كبيرة  موجودة في بعض المنظمات الحقوقية السورية وهي مشكلة الشخصنة التي تُخضِع بعض المنظمات لمزاج أشخاص ومع أي خلاف يتم  بين شخصين من منظمتين تسوء العلاقة بين المنظمتين، والخلفية الإيديولوجية وعدم الإخلاص بالالتزام لمرجعية حقوق الإنسان تجعل هناك فجوة في التعامل بين المنظمات ، فعلى منظمات حقوق الإنسان أن تلتزم بمرجعية  حقوق الإنسان ويفترض أن تكون موافقة عليها وأحياناً المرجعيات تختلف نتيجة عدم الالتزام بالمرجعية الدولية وهذا يسبب مشكلة حقيقية قد تؤثر على العلاقات بين المنظمات وتسبب التباعد بينها ومثال على ذلك: قد يغلّب ناشط أو رئيس منظمة حقوقية ما أحياناً آرائه السياسية والدينية على موضوع مرجعية حقوق الإنسان فهناك منظمات حقوق إنسان في سورية تعمل بمصطلح” الشهيد ” وهو المصطلح السياسي الديني الغير حقوقي وهناك منظمات أيضاً تتحدث عن المقاومة في العراق وفي الطرف الآخر هناك منظمات كردية تتكلم عن الشهداء الأكراد ،  لقد خضنا تجربة جيدة في المرحلة الأخيرة إبان الغزو الإسرائيلي للبنان من خلال إصدار بيانات مشتركة ،  فأثناء الغزو الإسرائيلي على لبنان كان هناك مجازر بحق اللبنانيين وكان من بين الضحايا سوريين فقمت بنشاط شخصي بصفتي عضو في اللجنة الكردية في الدفاع عن السوريين الذين قضو ضحايا جرّاء تلك المجازر عموما كان عملنا جيدا في إدانة الغزو واستنكار المجازر التي استهدفت المدنيين اللبنانيين ، لكن لم تتكلم منظمة سورية واحدة عن عدم استهداف المدنيين من الطرفين علما بان هذا واجب حقوقي0

س- يقال بأنه هناك رسائل متنوعة يحملها بعض مدافعي حقوق الإنسان إلى معتقلي الرأي، منها ما يثبط عزائمهم أو يدفعهم للتخلي عن تواقيعهم، هل تعتقد بان هذه من مهام المنظمات الحقوقية .

من مهام المدافعين عن حقوق الإنسان الدفاع عن المعتقلين وعن حقوقهم وليس من مهامهم أن يكونوا جسراً أمنياً لإحباط عزيمة أناس معينين أو لينقلوا رسائل محددة بأي اتجاه و إنَّ هذا الموضوع  غير مستحب وهو عمل غير بطولي وهناك أمر مهم بشان موضوع التواقيع فأنا كناشط  في مجال حقوق الإنسان مهمتي إصدار بيانات بانتهاكات الدولة والإشارة لها،  والناشط الحقوقي غير مطالب بالتوقيع على وثيقة سياسية او بيان سياسي ومبدئياً على من يوقّع على أي وثيقة يجب أن يتحمل نتيجة توقيعه، وليس من مهام منظمات حقوق الإنسان والنُشطاء  أن يعملوا في حقل العمل السياسي المباشر علما بأننا ندافع عن حق كل من وقع على إعلان” دمشق – بيروت ” لأنَّ هذا  حقه في حرية الرأي والتعبير، وشخصياً أتحفظ على موضوع التواقيع واعتقد بان من يوقع على شيء ينبغي أن لا يتنصل منه إلا إذا عاد الى وضعه عند التوقيع أي خارج السجن.

س- المنظمات الكردية تكاثرت أيضا، وفقا لتعدد الأحزاب والدكاكين السياسية، ترى أليست مهزلة أن يصنع كل حزب منظمته الخاصة ؟.

يجب الحديث على مستويين: الأول يتعلق بالتفريق بين الحزب السياسي والمنظمة الحقوقية وبمؤسسات المجتمع المدني فالحزب السياسي له علاقة بالتنظيم السياسي والتمثيل الشعبي الجماهيري فإذا كان هناك انقسامات فهذه الانقسامات يكون عادة لها تأثير مباشر على تمثيل الشعب أما منظمات حقوق الإنسان فلا تدعي بتمثيل الشعب وقد يكون في كثرتها فائدة بخلاف كثرة الأحزاب خاصةً لأن التجربة كانت محظورة تماما تجربة منظمات حقوق الإنسان حتى عام 2000م  أنا اعتبر كثرة المنظمات ربما يتعلق بموضوع كثرة الخدمات ولا يوجد مشكلة إ ذا أصبح عدد المنظمات خمس أو ست منظمات وبالنتيجة هذه المنظمات هي منظمات خدمية لا تمثل شعب عربي أو كردي بل تمثل نخبة تقدم خدمات وقد تكثر في بلدان محددة وتقل في أخرى، أما المستوى الثاني فيتعلق بالمنظمات التابعة للأحزاب ولديّ  تحفظ على هذه واعتقد بان أي منظمة حقوقية تتبع لحزب سياسي أو لسلطة أو لجهة معينة ستفشل لأنَّ من طبيعة عمل منظمات حقوق الإنسان أن تكون حيادية وعلنية ومستقلة وهذا يكسبها المصداقية التي هي أساس العمل،  أما عندما يقوم حزب ما ويؤسس منظمة ملحقة به فهذه التجربة تشبه إلى حد كبير تجربة حزب البعث وقد لا تختلف عن عقليته في إنشاء منظمة اتحاد شبيبة الثورة واتحاد الطلبة او طلائع البعث.ومن المؤسف حقا إن بعض الأحزاب سائرة باتجاه إنتاج منظمات ملحقة بها او تحت سيطرتها 0

س- انتم الوحيد ون في اللجنة الكردية الذين أعلنتم عن أسماء مجلس الإدارة، بينما بقية المنظمات الكردية لا زالت تمتهن طابع النعامة، برأيك ايهما أجدى في العمل الحقوقي ولماذا علنية الأسماء في ظل نظام مستبد ومنتهك للإنسان وحقوقه؟

يتعلق هذا الأمر بطبيعة العمل نفسه فنحن نؤسس لتجربة مدنية سلمية وننشر ثقافة قد انقطعنا عنها منذ بدايات الكواكبي والأفغاني ومحمد عبده والعلنية تتعلق بطبيعة العمل نفسه فجميع منظمات حقوق الإنسان في العالم علنية  والعلنية شرط جوهري ولا اعتقد بان من يعمل على نشر ثقافة التسامح والحوار والتعدد والاختلاف وثقافة السلام والديمقراطية بالوسائل السلمية بحاجة الى السرية في العمل حتى في ظل نظام استبدادي لان السرية ستنال من مصداقيته وبالتالي من شرعيته، ومنظمات حقوق الإنسان بحاجة إلى العلنية ونحن نخوض تجربة رائدة على مستوى المنظمات الكردية وعلى مستوى الشارع الكردي في سوريا نحن نعد أول تجربة علنية وأعتقد بان الآخرين يسيرون باتجاه العلنية ومن خلال التجربة الشخصية  ثبت أنه لا يمكن العمل في حقوق الإنسان بالسر ونحن عندما اخترنا العلنية على السر كان لدينا دراية ومعرفة واضحة، والكثير من المنظمات في سورية تعمل في العلن فحن لا نختلف عنهم بشيء فلجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان والجمعية السورية والمنظمة الوطنية  وغيرها منظمات علنية أنا اعتقد بان السرية تتعلق بنقص الخبرة المعرفية لدى الكادر العامل في المنظمات السرية .

س- هناك العديد من المنظمات السورية العربية لحقوق الإنسان ولم توافق الدولة على إشهارها وإعطائها الترخيص ترى كيف يمكن أن تعطي ترخيص للجنة كردية لحقوق الإنسان؟..

أنا اعتقد بان الدولة عندما توافق على ترخيص منظمات سورية او عربية فستوافق على ترخيص اللجنة الكردية أيضا لأنه ببساطة سيكون هناك شيء ما قد تغير ولكن  المشكلة الآن بالقوانين السورية حيث صار لنا أكثر من 43 سنة ونحن نعيش في ظل حالة الطوارئ الادستورية مع عدم وجود قانون للأحزاب السورية وعدم وجود قانون عصري للجمعيات فالسلطة لن تعطي الترخيص لأحد، علما بأننا نعتبر أنَّ الترخيص حق طبيعي مكفول بالعهود والمواثيق الدولية التي وقّعت عليها سورية  وهذا ما يجعلنا ننشط في هذا المجال ونعتقد بان ذلك حق شرعي وقانوني ودستوري للمواطنين السوريين نحن نحترم القانون أكثر من غيرنا وندعو السلطة إلى الالتزام بالقانون والمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها ،  وقد تكون القوانين جائرة ولكن من المفروض ألا يكون هناك” ابن أميرة وابن جارية”المشكلة انه حتى هذا القانون الجائر لا يطبق على كل السوريين بالتساوي وكما يقول الشوام: “هناك خيار و فقوس” حتى في هذه القوانين الجائرة.أنا اعتقد بان السلطة مطالبة بإصدار قانون عصري وحضاري للجمعيات0

س- بعد فترة وجيزة من تأسيس اللجنة الكردية، استقال عدد من أعضاء مجلس الإدارة، ترى ما هي سبب استقالتهم، هل كانت شخصية، أم بسبب ضغوطات السلطة والخوف من العلنية؟

لا اعتقد أنّ انسحابهم كان له علاقة بالخوف أو بسبب الضغوط الأمنية لأنهم كانوا يعرفون أنّ التجربة علنية وشاركوا فيها أنا اعتقد على الرغم من أن هم من يجب أن يجيب على هذا السؤال بان الموضوع شخصي ويتعلق بالخبرة وبشكل عام النخب والمثقفين عندنا لا يمتلكون الحد الأدنى من تجربة  العمل المؤسساتي ولا أريد أن أضع  نفسي خارج الدائرة, في المنظمات يجب أن يقوم الأعضاء بالعمل الجماعي المؤسساتي لكي ينجح العمل فعندما تكلف إنسان بأن يقوم بإعداد تقرير بشكل شخصي عموما يكون التقرير جيد لكن عندما تكلف مجموعة فتحصل على نتائج ضعيفة جدا على العموم هذا يتعلق بتربيتنا وثقافتنا وقدرتنا على التغير والتبدل .

س- ما الذي يميز لجنتكم عن بقية منظمات حقوق الإنسان، ولماذا ألحقتم بها صفة الكردية؟

ما يميزنا على الساحة الكردية هو أننا أول تجربة علنية ونتكلم بصوت عال وبشكل واضح وصريح عن حقوق الإنسان في سورية وعن الوضع الكردي، ونحن نزعم أننا ملتزمين بالمرجعية العالمية لحقوق الإنسان بلا تحفظ ولهذا الموضوع وضع خاص،  أما موضوع الميثاق العربي فنحن لم نناقشه بعد ولكن العرب أنفسهم لم يلتزموا به مع الإشارة بان الميثاق العربي ينتقص في العديد من بنوده من مواد الإعلان العالمي والعهدين الدوليين  أما نحن فملتزمين بالمواثيق الدولية، ومن الممكن أن تنبثق عن المواثيق الدولية مواثيق إقليمية شرط أن تضيف حقوق جديدة وان لا تنقص من الحقوق الواردة في الإعلان العالمي وعلى ما يتكلم عن الليبراليين والديمقراطيين و النشطاء في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني بشكل خاص أن يتحدثوا عن الليبراليين في المنطقة العربية على سبيل المثال وان لا يتحدثوا عن الليبراليين العرب لأنه هناك أناس غير عرب يعيشون المنطقة.

أما ما يميزنا على الساحة السورية هو أننا أول منظمة سورية علنية تطالب بالعمل على إيجاد حل سلمي وديمقراطي وعادل لقضية الشعب الكردي في سوريا وفق العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وإيجاد حلول عادلة لقضايا باقي الأقليات كالآشوريين والسريان والأرمن والتركمان وغيرهم وضمانها دستوريا ضمن إطار المتحد الوطني .أما بخصوص موضوع إلحاق الصفة اعتقد باني أجبت سابقا0

س- ترى هل تمنع صفة القومية انضمام أعضاء من قوميات أخرى إليها، وهل لديكم القدرة على قبول نشطاء من مكونات المجتمع السوري الأخرى؟

لا أبداً، نحن برنامجنا ونظامنا الداخلي يؤكد أنَّ هذه المنظمة  هي لجميع السوريين وأي سوري يحق له أن يتبوأ أي موقع في المنظمة وحتى الآن لا يوجد لدينا أي عنصر عربي  ولكن هناك أصدقاء مقربين جداً ونتعاون معهم و نطمح أن يكون في منظمتنا عرب وأشور وأرمن ومن مختلف القوميات الموجودة في سوريا وهناك أناس عرب مقتنعين ببرنامج اللجنة ومن الممكن أن يتعاملوا معنا ولكن نشعر بأنَّ  لديهم تحفظ علينا ونحن نستخدم اسم كردية مثل أي معلم أثري يُستخدم أسمه ولكن المنظمة لن تقتصر أبدا على الأكراد.

س- تأسيس أي جمعية حقوقية يستند إلى برتوكولات دولية، ما مدى التزامكم بها، في تناسق الرؤية إلى حقوق الإنسان السوري بتعدد طوائفه وقومياته؟

نحن ملتزمون في برنامجنا وفي وثائقنا بشكل كامل بالعهود والمواثيق الدولية ذات الصلة وفيما يتعلق بموضوع الأقليات وبالمواطن وبحقوق المرأة وبكل هذه التفاصيل  وليس لدينا أي تحفظ حتى في مجال حرية العقيدة الدينية وفي كافة المجالات الأخرى والإنسان يمتلك كامل الحرية وهذه التجربة الإنسانية عالمية تتعلق بكل البشر بغض النظر عن انتماءه الديني أو القومي أو العرقي……الخ، وإنَّ حل هذه المشكلة بيننا وبين بقية المنظمات الأخرى التي تأخذ أحياناً طابع أيديولوجي أو طابع سياسي هو الفيصل الحكم المتمثل بالمرجعية ” الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية”ا ويجب أن نلتزم بهذه المرجعية وهذه المرجعية هي الحل على الرغم من حداثة اللجنة وقلة تجربتها 0.

س- أنت كانسان كردي ورئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان، كيف يمكن أن تقف بمسافة متساوية بين الدولة والأكراد وأن تكون حيادياً دون أن تغلّب القومية على واجبك الإنساني؟

لا أقف أبداً بمسافة متساوية بين السلطة وبين كل السوريين ليس الأكراد فقط لان الدولة ليست للجميع والآن أنا أقف الى جانب الضحايا الى جانب من تنتهك حقوقهم من السوريين وأنا اعمل على تغليب الواجب الإنساني ولكن هناك آخرين لا يعتبرون بان الوضع الكردي في سوريا من الاولويات ” وبالنسبة لعملنا الميداني في مجال  حقوق الإنسان فعندنا الاستقلالية تجاه الأحزاب والإيديولوجيات  والسلطات وأطروحاتها  بهذا المعنى نحن بالفعل على مسافة واحدة من الجميع ونحن بمواجهة كل من ينتهك حقوق الإنسان في سوريا سلطة ومعارضة، ، فالمهم أن أكون راصد لحقوق الإنسان ولا أسمح أبداً بأن تنتهك حقوق أي إنسان فعليَّ أن أدافع عن حقوقه سواء كان كردي أو آشوري أو أرمني.او عربي لا فرق

س- تحقيق الشهرة الشخصية عبر الأحزاب السياسية يكتنفه صعوبات ومطبات، بينما تشكيل مؤسسة مدنية سورية يحقق الشهرة بأسرع وأبخس الأثمان، ويحتاج الأمر لجهاز كومبيوتر وموقع على الانترنيت، فهل انجزتم الخطوة الأولى نحو الانخراط في العمل السياسي وتنتظرون بزوغ الفجر مع صدور قانون الأحزاب؟

لست ميالاً كثيراً لهذا الموضوع بأنه يتعلق  بالشهرة الشخصية التي قد تجدها هدفا لدى البعض في حدود ضيقة في مجتمع تحول الى حطام بشري في ظل الاستبداد ولكن في ظل هذه الظروف المتغيرة ومقارنة بالأناس الذين عملوا سابقا و سجنوا من 12 حتى 20 سنة ولم يحققوا الشهرة الشخصية مثل ما حققناها نحن أقول نعم  لأنهم عاشو تجربة مريرة وقاسية لاتمت الى الإنسانية بصلة ولكن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية وما نتعرض له كنشطاء حقوق إنسان من إهانات متكررة استدعاءات أمنية واعتقالات أحيانا أنا اسأل هل تتحقق الشهرة بالإهانة وحتى إذا تحققت فرضا فهي غير مرغوب فيها إطلاقا أنا أمس عندما تم وضعي مع أربعة أشخاص في باكاج  تاكسي تابعة للأمن وتم اعتقالنا وتعرضنا للضرب والإهانة فهل هذه هي الشهرة الشخصية؟… لا اعتقد أن موضوع عمل منظمات حقوق الإنسان في سورية و الناشطين فيها هي الشهرة الشخصية، خصوصا وإنَّ أغلبية نُشطاء الشأن العام فقراء ويعتدون على لقمة أولادهم من أجل مستقبل أفضل، وبشكل عام السوريين وضعهم المادي سيء أما في منظمات حقوق الإنسان فالوضع المادي للناشطين فسيء جداً ( معدمين) فما هذه الشهرة إذا تعرضت للإهانة وتُستدعى يومياً من قبل الأمن ومعرض للاعتقال بأي لحظة، ورئيس أي منظمة حقوقية في سورية يحاكم وفق القانون السوري الحالي على أساس انه يعمل في جمعية غير مرخصة ذات طابع دولي، والناشطين في مجال حقوق الإنسان ليسوا مطربين أو راقصات يسعون للشهرة او النجومية مع احترامي للجميع.

س- أعضاء مجموع منظمات حقوق الإنسان باشتراكاتهم السنوية لا يستطيعون شراء بطاقة طائرة ذهابا وإيابا إلى أمريكا، وإن لم تكونوا متعاملين مع الخارج فمن أين لكم مصاريف السفرات المكوكية والإقامة بفنادق خمس نجوم تكاد مصاريف ليلة واحدة تعيل أسرة بأكملها في الريف السوري الفقير لمدة سنة..

فهل لك أن تسمي مصادر تمويلكم؟

إنَّ مصدر تمويلنا ذاتي ونشاطاتنا نحاول أن نغطيها من مصاريفنا ا لشخصية ومن الاشتراكات الضعيفة جداً ولا توجد مصادر تمويل داخلية فالدولة لا تعطينا المال كون اللجنة غير مرخصة، والثقافة الحقوقية غير موجودة بالمجتمع فحتى النخب البرجوازية لا تتعاون، وبما أنَّ تجربتنا حديثة نسبياً فإلى الآن لم نثبت وجودنا في الشارع السوري حتى يقوم الشارع أو المجتمع بدعمنا، وهذه الثقافة ليست معممة أما بالنسبة لحضور المؤتمرات الدولية والدعوات إلى مراكز مثل مركز القاهرة ومركز عمان فهذه تتم على نفقة الجهة المضيفة الداعمة وقد أعددت تقرير عن السجون وأوضاعها في سورية وعن حقوق السجناء أيضاً،  وسافرت إلى القاهرة ونفقة السفر والإقامة على حساب الجهة الداعية، ونحن بهذا المجال طرحنا فكرة شبه جديدة وهي بأننا مستعدين لقبول التمويل الأجنبي الغير مشروط من جهات غير حكومية واعتقد أنَّ هذه الخطوة متقدمة نوعاً ما عن غيرننا من المنظمات رغم أنَّ غيرنا طرح هذه الفكرة،  ولكن للآن لم نتمول أبداً من منظمات خارجية إلا إذا اعتبرت هذه السفرات تمويل. 

س- هل تتصلون بمنظمات حقوق الإنسان في إسرائيل؟ وهل تتعاونون مع زملائكم اليهود؟

لا يوجد هناك أي اتصال، واعتقد أنَّ هذا الموضوع ليس ذو إشكال كبير لأنَّ هناك ناشطة حقوقية إسرائيلية” فيرين كولنا ” وقبلها فالستيا لا نغر معروفات بدفاعهن عن الفلسطينيين وبالنسبة للفلسطينيين تحدثوا عنها أكثر من الآخرين ولا أرى مشكلة إذا كانت منظمة حقوقية حقيقية تمتلك الشروط القانونية ونحن نعلم أنَّ هناك علاقات بين منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية مع منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية تتعاون على احترام حقوق الإنسان الفلسطيني والإسرائيلي, ونحن يمكن أن تعمل على مساعدتنا في تحرير الجولان لأنها بشكل طبيعي ينبغي أن تكون ضد الاحتلال.

س- تتهمون السلطة بالتفرد والاستئثار بالقرار وحجتكم المادة الثامنة من الدستور والتعيينات والمحسوبية والواسطة والرشوة، فهل أنتم تمارسون الديمقراطية والتداولية بإدارة منظمتكم أم أنكم تعتبرونها مؤسسة شخصية تديرونها ما حييتم؟

إنَّ موضوع المادة الثامنة من الدستور وموضوع الانتماء لحزب البعث يعطي للمرء ميزة سياسية وهي أنَّه من الحزب القائد للدولة والمجتمع وهذا نوع من أنواع التمييز السياسي الذي ينتهك حقوق الإنسان وهذه المادة تؤسس لسياسة التمييز بين السوريين وهذا ليس اتهام بل واقع نعيش مرارته، وهذا الموضوع ” الشخصنة والفردية” هو ثقافة تمتد إلى عهود وتعود إلى أكثر من فترة حكم حزب البعث فسورية لم تعرف أي تجربة ديمقراطية في حياتها السياسية إلا في فترة الخمسينات ولمدة قصيرة جدا، و ثقافة حقوق الإنسان والمجتمع المدني والديمقراطية هي حديثة العهد على مجتمعاتنا وذلك لأنه في فترة من الفترات كان الطيف المعارض أيضا متأثر بالتجربة الشمولية الاشتراكية الشيوعية فموضوع “الفردنة والشخصنة” هو موضوع له علاقة بتراث قديم وله علاقة بالتجربة الإسلامية التي كانت في زمن الدولة العثمانية والمتمثلة بالعقلية الشمولية، ولم ننتقل إلى مجتمع مدني ومازلنا نعاني من حالة ما قبل الدولة المدنية وهذا الموضوع موجود داخل السلطة وخارج السلطة ومن الممكن أن يغيب المجتمع والدولة بالكامل، وإذا كان موضوع الفردنة والشخصنة في السلطة كارثة فهو كارثتان وأكثر إذا كان ضمن منظمة حقوقية، فموضوع الديمقراطية ليس موضوع كتلوك والذي يريد أن يمارس الديمقراطية ويطالب  بها عليه أن يمارس هذا السلوك في إطار محدد، ولا يمكن لجماعات لا تمارس الديمقراطية أن تنتج حالة ديمقراطية، وموضوع” الشخصنة و الفردنة” وموضوع الحكم الأبدي يتعلق بتغيير ثقافتنا من أجل أن نمارس الديمقراطية ضمن الإطار الممكن في هذه المؤسسات الصغيرة،  وتحديد فترة رئاسة المنظمة بفترة أو  اثنتين وتحديد الفترة( الدورة) بسنتين واحترام هذه القوانين وإجراء التغيير وهذا ضروري جداً ونتمنى ألا نكون من الذين حولوا القوانين لأشياء شخصية، ولدينا رئيس مجلس إدارة في اللجنة لا يحق له الانتخاب لأكثر من دورتين ونحاول أن نؤسس ونعمل في أجواء غير صحية وغير مشجعة لثقافة الديمقراطية وإنَّ تجربة وثقافة الديمقراطية في بلدنا ضعيفة.

وندرك بان هذا يتطلب جهودا كبيرة0

س- كيف تقيمون واقع حقوق الإنسان حاليا مقارنة مع واقع حقوق الإنسان في أواسط القرن المنصرم، وأين ترون مصونية حقوق الإنسان في سورية هل هي في ثقافة التغيير أم في تغيير الثقافة؟

كان يقول الشيوعيون بأنَّ سمة هذا العصر هي الانتقال للاشتراكية أنا أعتقد بأنَّها في الوقت الراهن هي الانتقال للديمقراطية فهناك اهتمام دولي بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهذا عصر زخم بهذا الموضوع وإنَّ الأجواء الدولية الحالية أفضل مناخاً من الناحية السياسية من  مرحلة الخمسينات بل في الخمسينات كانت هناك منظمة واحدة  فقط تأسست للدفاع عن حقوق الإنسان ويوجد الآن توجه دولي نحو مركزية الإنسان والاهتمام بحقوقه فهذه السمة أدت لهذا الانتشار والاهتمام المتزايد بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ولا أعتقد أنَّ المناخ السياسي السائد هو أفضل مناخ من مناخ الخمسينات الذي كان مناخ جيد وكان هناك برلمان فيه أحزاب سياسية وانتخابات حرة والآن هذا كله غير موجود  وموضوع التغيير هذا ضرورة ملحة وأنا مؤمن بحتمية التغيير ونحن مقبلون على تغيرات دولية وإقليمية ومحلية هائلة وهذا المجتمع جدير بأن يعيش تجربة أفضل من التجربة التي يعيشها الآن فقانون الطوارئ والأحكام العرفية وعدم استقلالية القضاء وتبعيته للجهات التنفيذية وكل الظروف تشير بأنه يجب أن يحصل التغيير في هذا المجال ومن المؤكد نقصد التغيير السلمي ونعتبر أنفسنا جماعة إصلاحية بامتياز، أما موضوع تغيير الثقافة السائدة فهي بالتأكيد مطلوبة ولكن بالمقابل هذه الثقافة السائدة فرضت نفسها على المجتمع  وهناك قضايا كثيرة يجب التخلص منها، مثلاً عادة الثأر الموجودة عندنا في البلد وهذه ليس لها علاقة بالسلطة  بل لها علاقة بالمجتمع، ويجب أن تلعب المنظمات الحقوقية دور في تكثيف النشاط الاجتماعي وفي تعزيز التعاون بين أفراد المجتمع وإنَّ للسلطة دور معين لكن هناك مجالات عديدة لا تستطيع أن تضع المسؤولية على” رقبة” الدولة لأنَّه لا دخل لها ويجب على الإنسان ألا يتهرب من مسؤولياته.

س- ما هي طبيعة نشاط المؤسسات المدنية ومنظمات حقوق الإنسان في سورية؟

نتيجة الظروف والأوضاع الاستثنائية وعدم وجود ترخيص قانوني في ظل حالة الطوارئ فعمل هذه المنظمات يقتصر على إصدار البيانات والتقارير والأخبار الصحفية وأحياناً يتجاوز هذا النشاط لإعداد دراسات وتقارير ومؤخراً نقوم في هذه المنظمات بالاشتراك في الاعتصام والاحتجاجات السلمية ولكن عموماً هذا العمل يوجد فيه كثير من التقصير و إذا أخذ بعين الاعتبار موضوع  نقص الخبرة والكفاءة ولكن هذه المنظمات تحمل أهداف نبيلة جداً وقد حان الوقت لوضع استراتيجيات وآليات للعمل من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة ضمن الإمكانيات المتاحة، ويفترض البحث عن آليات للخروج من الأزمة التي تعيشها منظمات حقوق الإنسان وهذه المنظمات يجب أن تفكر بشكل جدي لخلق آليات معينة من اجل أن تحقق تطور نسبي ما معين في عملها.

س- ما هي أهداف هذه الجمعيات والمنظمات؟ وما هي أدواتها المستخدمة لأجل تحقيق أهدافها؟

 أهداف اللجنة مثلها مثل أهداف باقي المنظمات الحقوقية وهي رصد انتهاكات حقوق الإنسان وفضحها ونشر ثقافة حقوق الإنسان ونشر الوعي المدني واحترام الآخر وحرية الرأي والتعبير  ومحاربة الأمية القانونية ونشر ثقافة السلام والحوار والتسامح وقبول التعدد والاختلاف وهناك أهداف نعمل عليها تتعلق بالشيء المطلبي  مثل إلغاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية وإعطاء حرية للمرأة ومساواتها مع الرجل وحرية العقيدة والمطالبة باستقلال القضاء وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي التوقيع على العهود والمواثيق الدولية والالتزام بها دستوريا وقانونيا وهناك جملة قضايا أخرى، أما أدواتنا هي أدوات تقليدية فلا يوجد وضوح وتبلور بموضوع الأدوات  بحكم الظروف التي يعاني منها البلد ونحاول أن نعتمد على مواقعنا على الانترنيت ونصدر بيانات ونرصد هذه الحالات في أي مكان تكون ونعتبر أنفسنا محظوظين نسبياً عن غيرنا في الوسط الكردي لأنَّ الوسط الكردي مسيّس ففي موضوع الانتهاكات والاعتقالات فيوماً بعد يوم يصبح لدينا تعاون مع أحزاب سياسية بشكل حقوقي وشارعنا الكردي ومسيس أكثر من الشارع السوري العام عموما نحن نؤمن بالأدوات السلمية فقط.

س- ما هي الضغوط التي تتعرض لها لجان وجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان من قبل السلطات؟

 نحن ككل  النشطاء  في مجال حقوق الإنسان وفي الشأن العام في سورية ولا اعتقد بأنَّ هناك تمييز بهذا الموضوع فما يتعرض له العضو في الجمعية السورية لحقوق الإنسان أو العضو في لجان الدفاع  من ضغوطات نتعرض له في اللجنة،  وهناك حالة مراقبة كاملة لنشاطاتنا من خلال الاستدعاءات و هذا حال كل السوريين الذين يعملون بالشأن العام عموما المضايقات مستمرة تبدأ بالاستدعاء الأمني وتصل الى الاعتقال إضافة الى المضايقات الخاصة بالعمل وقطع الأرزاق إضافة الى المحاولات المتكررة في محاولة تشويه السمعة عبر كيل شتى أنواع التهم.

س- ما هو مستقبل الحريات العامة في سورية؟

إن الحياة في تغير مستمر وربما الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير نفسه وأنا متفائل بكل هذه التغييرات التي جرت في المنطقة والتي سيكون لها تأثير مباشر أما هذا التأثير فقد لا يظهر مثل ما قال به البعض خلال فترة زمنية صغيرة جداً لكن هذه التجربة بالذات من خلال مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وسير الأحزاب السياسية المعارضة باتجاه العلنية ويجب أن نساهم كنشطاء حقوق الإنسان في نشر ثقافة الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان ونشر العلنية تحديداً لأنَّ العلنية تكسر هذه الحواجز وتؤسس لحالة ما،  رغم أنها غير مقننة الى الآن وهي تخضع لسياسة غض النظر من قبل السلطة فالكثير من الإعلاميين السوريين والنُشطاء الحقوقيين  يتحدثون لوسائل الإعلام ويحضروا المحاكمات وهذه الحالة هي كسر لحالة الطوارئ واعتقد أنَّ هذا الشيء بالإضافة إلى الظروف الدولية والى انخراط السلطة نفسها في لعبة التطوير والتحديث كما تسميها هو شيء يُبنى عليه وأنا اعتقد بان المستقبل للحريات في ظل تنامي شعور المواطنين بالحاجة إليها.

 س- ما دوركم وما هو مبرر وجود هذا الكم الهائل من المنظمات المدنية طالما الدستور السوري والمواثيق الدولية التي صادقت عليها سوريا كفلت حقوق الإنسان المدنية والحريات الأساسية للمواطن، ودائما نهاية  الجهر بالرأي الناقد الاعتقال أو التصفية؟

لا اعتقد أن الدستور السوري  يكفل الحريات الأساسية للمواطن وتحدثت عن المادة الثامنة من الدستور على الصعيد القومي فهو لا يعطي الحق للأقليات القومية الموجودة في سورية وحتى لا يعترف بها وعلى الصعيد الديني يُصّر بأنه  لا يحق لغير المسلم أن يتولى منصب رئيس الجمهورية، وعلى الرغم من العهود والمواثيق التي صادقت عليها سورية إلا أنّها لا تحترم حقوق الإنسان، وسورية في عام 2006م ليست  أفضل حالا من الأربعين عام التي مضت والدستور رغم نصه على الحريات إلا انه يترك أمر تنظيمها للقانون مما يؤدي الى إفراغها من محتواها بشكل كامل ناهيك عن وجود مادة دستورية تجيز بشكل او بآخر حالة الطوارئ وتعطل الدستور بشكل كامل المادة 154،أنا اعتقد بان سوريا بكل مكوناتها التي ذكرناها سابقا اكبر من أن يكتب دستورها من قبل جماعة او حزب سياسي مهما كان وكلنا يعلم بان الدستور السوري كتب وفق المنظور الإيديولوجي لحزب البعث بل وفق منطقه السياسي العروبي الشمولي والاستبدادي  أما مبرر وجود هذا الكم الهائل من المنظمات فهو أولا نتيجة سنوات القمع والحرمان وثانيا نتيجة دور ما للسلطة نفسها من خلال خطاب القسم الذي أدى الى رفع القبضة الأمنية عن المجتمع بعض الشيء،  حيث انتشرت مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان بعدد لا بأس به وهذا يؤسس لحالة ديمقراطية ما، أما الخبرة ومصداقية العمل فهذا أمر ضروري جداً و لكن من يتحمل مسؤولية هذا الشيء؟…  ومنظمات حقوق الإنسان ليست منظمات سياسية لكي تتأثر بعدد أعضائها أو لها علاقة بالتمثيل وتوحيد الطاقات والجهود وبشكل عام  نحن  في منظمات حقوق الإنسان لا ننسى بأننا لازلنا نعمل في ظل حالة الطوارئ، وفي ظل حظر سياسي مفروض على المجتمع متمثلا بثقافة الخوف وثقافة المنع الخ مع كل هذا   نعمل على انتزاع حقوق المواطن بالعمل الحقوقي المدني و السياسي السلمي  الذي يجب أن يكون خالي من السلبيات الإيديولوجية، وأنا  أدعو كافة السوريين سواءً كانوا أحزاب أو مؤسسات أو جمعيات أن يعملوا في هذا المجال كلٌ من موقعه، وبهذا العمل تتوفر عناصر الإبداع  والعمل السياسي هو الناقل الأساسي لجميع الحريات فيجب العمل من أجل وضع أفضل في البلد  مهما كلّف الأمر.

س – لماذا الشرخ كبيرا بين الممارسة والتطبيق، إذ اقتصر دور المؤسسات المدنية والحقوقية على إصدار بيانات مقتضبة، بينما في وثائق تأسيسها تبنت برامج نظرية وتطبيقية تشمل البحوث والدراسات وعقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية والدورات؟

 هذا الأمر حالياً غير متاح في سورية لأنَّ السلطة إلى  الآن لا تعترف بنا ولا يتعامل معنا أي مسؤول من داخل النظام وهناك فقط التعامل الأمني لأنَّ العقلية السائدة في معالجة قضايا  الداخل هي عقلية أمنية لم تنتج سوى الحطام والخراب، و إنَّ الموضوع أولاً بحاجة إلى إصلاحات سياسية ضرورية.هذا الى جانب ضعف الخبرة المهنية على المستوى المعرفي لدى الكادر إضافة الى شح الموارد المادية وأنا اعتقد بان هذا الشرخ باقي خصوصا في ظل عدم قدرة المنظمات على وضع برامج واستراتيجيات عمل جديدة0

س – لو برهنت لجان وجمعيات وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان على حيا ديتها والاقتصار على النشاط الحقوقي والمدني فلماذا لا تقوم بتشكيل وفد مشترك يتفاوض مع السلطة حول طول وعرض وحدود الخطوط والدوائر الحمراء التي ترسم لكم وبذلك تتحاشون الدوس على ذنب القطة ولا يزج بكم في السجون؟

في موضوع حقوق الإنسان لا اعتقد بوجود خطوط حمراء نحن لا نعمل في السياسة ولا نسعى الى أية سلطة وموضوع حقوق الإنسان كل لا يتجزأ ولا يقبل الانتهاك او التصرف وبالتالي لسنا نحن من ندوس على ذنب القط بل نحن من يداس علينا, وأنا اعتقد بان هناك قضايا تسبق موضوع تشكيل الوفد، أولا يجب الاعتراف بهذه المنظمات والجمعيات وتقنين وضعها هم ما زالو لا يسمحون لنا بالعمل قانونا ويعتبروننا خارجين على القانون فكيف سيسمحون لنا او لأي مسؤول في السلطة بالالتقاء بوفد من منظمات حقوق الإنسان؟…  لا يزال إلى الآن التعامل مع منظمات حقوق الإنسان ضمن إطار الجهات الأمنية من أجل نقل أخبار وتعليمات ما ونحن نتمنى فعلاً أن تتخذ الدولة قرار بهذا الشأن بالالتقاء المباشر مع المنظمات من اجل مناقشة مطالبها وبالأخير نحن لسنا جماعات سياسية أو معارضة مع أننا نعتبر أنَّ حق المعارضة هو حق سياسي لجميع السوريين ونحن لا نسعى لا إلى السلطة أو لأي منصب سياسي مع العلم بأننا نؤمن بحق السوريين جميعا في الاقتسام المتساوي للثروة والسلطة ونبدأ من احترام أبسط الحقوق للمواطن السوري وهو حرية الرأي والتعبير وصولاً إلى الحقوق  الكبيرة المكفولة بالعهود والمواثيق، وإلى الآن نُشطاء حقوق الإنسان يتعرضون للمضايقة وللاعتقال واللغة المستخدمة تجاههم هي لغة القمع ولا يوجد أي لغة حوار ونتمنى أن تكون هناك لغة حوار وتعاون في هذا المجال وليس لدينا مشكلة، والسلطة عندما تحاول أن تعالج ملف ما فالمفروض أن تطلبنا لنعالج الموضوع سويةً مثل موضوع استقلال القضاء وكيفية حل هذا الملف أو عن تشكيل الجمعيات والنقابات أو المساهمة في دور أفضل او بخصوص ملف المفقودين او غيره، ولكن عملياً التعامل مع منظمات حقوق الإنسان هو عن طريق عملية القمع وهذا القمع يعتمد على سياسة رفع أو غض النظر عن بعض النشاطات وهناك مد وجزر في التعامل وفق حسابات السلطة نفسها.

 س- لماذا الشرخ كبيرا بين الممارسة والتطبيق، إذ اقتصر دور المؤسسات المدنية والحقوقية على إصدار بيانات مقتضبة، بينما في وثائق تأسيسها تبنت برامج نظرية وتطبيقية تشمل البحوث والدراسات وعقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية والدورات؟

رغم أن هذا السؤال تكرر على ما اعتقد فإنني أستطيع أن أؤكد لك بأنه سوف لن يقتصر عملنا على البيانات أو التقارير قطعا  ولا أعتقد أنَّ عمل منظمات حقوق الإنسان هو عمل صحفي رغم أنَّ الجانب الإعلامي فيه مهم  جداً، و الإعلام عمل مهني محترم في أغلب دول العالم فهو حيادي ومستقل وحر حتى سمي بالسلطة الرابعة أما في بلداننا فهو لا يتعدى كونه بوقا من أبواق السلطة ووضعنا أفضل قياساً للسنين السابقة ونعمل على إعداد الدراسات والحقوقية و القانونية و نسعى لبناء منظمتنا لكي نتحول إلى قوة اقتراحيه تجاه السلطة ومهمتنا هي نشر ثقافة حقوق الإنسان في كل الأوساط سواءً في  الوسط السياسي المعارض أو بين الموالاة، وإلى أي درجة نوفق في هذا الموضوع لا نعرف؟…

س- يفترض بالمؤسسات المدنية وحقوق الإنسان أن تتصف بالحيادية، فما بالكم تخلطون النشاط الحقوقي بالسياسي والحزبي، وصار الفصل بين مؤسسة مدنية وحزب سياسي معارض في غاية الصعوبة؟

موضوع التسييس في منظمات حقوق الإنسان هو مشكلة حقيقية ويجب أنَّ نتمعن في قراءة تجربة المغرب وتونس ومصر لأنَّ منظمات حقوق الإنسان فيها دفعت الثمن غالي جداً وأدت إلى انقسامات وتشرذمات في المنظمات اتصفت الطابع الإيديولوجي الصرف، وبالنسبة لنا في سورية بشكل أو بآخر نمر بأزمة فنحن في اللجنة الكردية انتبهنا لهذا الموضوع واشترطنا بألا تكون المنظمة منتمية أو تابعة لأي حزب سياسي معين ونسعى في المستقبل بأن يكون أعضاء مجلس الإدارة كلهم غير منتمين لأي حزب، ووضعنا شرط في النظام الداخلي بأنه لا يجوز لرئيس مجلس الإدارة أن يكون منتميا لأي حزب، لكن هذا المناخ قد نتورط  نحن فيه أيضا بحكم كونه المناخ السائد رغم التوجه الحالي نحو الفصل وهذا الموضوع في سورية مختلف فيه، فهناك كثير من المنظمات يتبناها  حزب معين، لدرجة أن حزب سياسي معارض يقول منظمتنا الفلانية ولا أريد أن أذكر تفاصيل وأسماء والكل يعرف هذا الأمر، وهناك كثير من الأحزاب السياسية تمتلك عقلية مثل عقلية حزب البعث الذي ينتقدونه بشكل يومي وهي محاولة لإنتاج منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة شبيبة الثورة وطلائع البعث.

س- كيف نفهم قول الأستاذ أنور البني أنّ حقوق الإنسان عمل سياسي ولكن بدون خلفية أيدلوجية سياسية؟

هذا الكلام لا يعمم ففي فرنسا مثلاً لا يصح هذا الكلام الوضع في سوريا يختلف تماما عما هو في العالم ويمكن وصفه بالشاذ نتيجة حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وفي ظل غياب الحريات الأساسية يمكن القول بان عمل منظمات حقوق الإنسان في هذا المجال عمل سياسي وبامتياز وأنا اعتقد بأنه هنا لايمكن الفصل بين الحقوقي والسياسي إلا إذا تجاوزنا عتبة الطوارئ والحريات نعم أنا اتفق الى درجة معينة مع الزميل أنور ولكن ما يحدث بالفعل هو أن الغالبية تقوم بعمل سياسي  صرف مغطى بلبوس حقوق الإنسان

س- علام تلومون الحكومة بعدم منحكم ترخيص وهذه المنظمات الحقوقية والمدنية ذات ارتباط لصيق بالعمل الحزبي المعارض، وأنتم أشبه بالأحزاب الصغيرة؟

إنَّ حق المعارضة هو حق قانوني ودستوري تكفله العهود والمواثيق الدولية ونحن لسنا معارضين سياسيين بهذا المعنى لكننا نعتقد بأنَّ حق المعارضة السياسية من حق جميع المواطنين وينبغي أن يصدر قانونا عصريا ينظم الحياة السياسية في البلد وهذا حق مشروع وأنا اعتقد بان منح التراخيص وإصدار قانون الأحزاب سيساهم في حل مشكلة الخلط بين السياسي والحقوقي0

س- هل تسمح السلطة لممثلي جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان بزيارة السجون والتحقق من توافر الشروط الدولية للسجناء؟ يرجى إيراد حادثة كمثال مع التفاصيل؟ 

الدولة لا تسمح بذلك أبداً  وعندما وقّعت سورية على اتفاقية منع التعذيب في عام 2004م تحفظت على المادة 20 والتي تتعلق بفتح أبواب السجون أمام الزيارات لمنظمات حقوق الإنسان وإلى الآن نحن قد نزور السجون كمحامين ولكن كمنظمة حقوقية غير مسموح لنا مطلقاً بزيارة السجون ونحن لا نخمّن ولا نظن أنَّه هكذا ستكون النتائج لأنه إذا راجعت أي دائرة حكومية وقلت بأنك من منظمة لحقوق الإنسان قد تعتقل لأنه غير معترف بك من قبل الدولة.وبالمناسبة فنظام السجون المعمول به حاليا صدر منذ عام /1929/0
س – إن استثنينا بياناتكم على الانترنيت والتي بالكاد يقرأها المواطن السوري، ويصعب على المتابع التمييز بينكم لتشابه المسميات وتتناسخون حتى البيانات، ما هي الوسائل الإعلامية والإرشادية الأخرى لديكم، ولماذا لا تقومون بإصدار كتب  أو كراسات  تعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان وحماية البيئة وغيرها من مجال نشاطكم بدل التشبه بالأحزاب السياسية المعارضة، وقد تنالون حمد وشكر الحاكم والمحكوم؟

هناك أمور خارجة عن إرادتنا تتعلق بعدم اهتمام الإعلام العربي والصحافة بالمعارضة أو مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان فهؤلاء الجماعات مغبونين إعلامياً، والانترنت عبارة عن وسيلة ونحاول ألا نستغني عنها ونستفيد منها في توزيع البيانات ولكن هذا موضوع يتعلق بالإمكانيات فالأحزاب أحياناً توزع جرائد و لديها إمكانيات مادية واشتراكات وعندها رصيد جماهيري ومنظمات حقوق الإنسان لا تتعدى كونها منظمة لا يتجاوز عدد أعضائها في بعض المنظمات عدد أصابع اليد، والآن نحن بصدد إعداد كتاب يتعلق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين والاتفاقيات الأساسية ولكن نحاول أن نجلده ونضع عليه شيء يتعلق باللجنة الكردية، والمواد  موجودة على الانترنت ولن نضيف عليها شيء ولكن سنكتب مقدمة ونضع غلاف وهذا كله في إطار نشر ثقافة حقوق الإنسان في سورية وإنَّ منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني لا تزال طفل يحبو في هذا الاتجاه ولكن لا نقلل من أهمية الموضوع وهذا يحتاج إلى شيء تراكمي من أجل الحصول  على مزيد من الخبرة ونحن بحاجة إلى دورات تدريبية مهنية في هذا المجال ومع ذلك هناك دراسات وقد أعددت دراسة مطوّلة عن حالة الطوارئ  في سورية لا بأس بها من الناحية القانونية ومن ناحية المعالجة.أنا اعتقد بان ما نقوم به في ظل الظروف الأمنية وفي ظل الإمكانيات الشبه معد ومة شيء جيد خصوصا وانه يساهم بشكل فعال في كسر حاجز الخوف لدى الناس 0

س- يفترض أن تكون مهمة مؤسسات حقوق الإنسان الدفاع عن الحق المهدور والوقوف لجانب المتضرر أو من تنتهك حقوقه، بينما في الحقيقة أنتم بحاجة لمن يدافع عنكم وتجرون وتسحبون بأمر من أصغر شرطي في البلد، فما هي أدواتكم ووسائلكم القادمة لأخذ دوركم؟ 

نحن ندافع فعلا عن حقوقنا وحقوق الآخرين بالمجاهرة بنقد الآخر والإشارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان وهذه الخطوة مهمة ويفترض أنَّ هناك عهود ومواثيق دولية تحمي نُشطاء حقوق الإنسان في كل العالم ونحن مازلنا على الصعيد الرسمي المحلي غير معترف بنا وغير مقبولين، وحقوق الإنسان غير محترمة من قبل السلطات ويتعرض كل المواطنين السوريين لانتهاكات حقوق الإنسان بمن فيهم نُشطاء حقوق الإنسان ونحاول باستمرار ونعمل بكل جهدنا للحد من الانتهاكات وإلغائها لأنَّ هذا الموضوع لا يتعلق بنا وحدنا فهناك مناخ سياسي عام ومسؤوليتنا هي المحاولة بأن نعمل بمهنية عالية.ومؤسف أن تكون الصورة على هذا الشكل ولكني  أؤكد بأنه لا خيار لدى الجميع سوى الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم0

س- كيف لي أن أثق بكم فيما لو تعرضت حقوقي للهدر، طالما أنكم عرضة للاعتقال والتصفية وفي أحسن الأحوال السفر خارج البلد.

أليس الأسهل والأفضل بالنسبة لي أن أدفع رشوة لضابط أو مسؤول يحل لي مشكلتي بدل أن تزيدوها تعقيدا؟

 هذا الذي يحصل فعلاً وهو ليس نتيجة أنَّ دور منظمات حقوق الإنسان ضعيف بل لأنَّه  ليس هناك حقوق ولكن هناك انتشار فظيع للرشوة والمحسوبية في القضاء المحلي، هذا ما يجعل المواطن في حالات كثيرة يلجأ إلى عنصر أمن قد يحل له مشكلته ولكن نحن دائماً نؤكد على حقوق المواطن نفسه الذي يدفع رشوة, وهناك موضوع انتهاك القوانين والفساد ولا يمكن أن يتحمل شيء المواطن، ولا يمكن أن يستمر الوضع بهذا الشكل ويجب أن تبنى ثقة  المواطن فينا على أساس أنَّ هذه المنظمات حديثة العهد وليس لها فرص أو إمكانيات مادية ضخمة وهذه الثقافة جديدة على المجتمع ولكن أتصور بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل عشر سنوات كان يشترك فيها بحدود من 2 حتى 15 شخص أما الآن فيخرج المئات في  هذا اليوم، ولا يوجد حزب سياسي في سورية الآن لا يتحدث عن ثقافة حقوق الإنسان وهذا العمل بحاجة إلى شيء تراكمي حتى ننتج ضمن هذه الظروف.ويا عزيزي يمكن أن تحل مشكلتك بالرشوة او مشكلتي ولكن هل نستطيع حل مشكلة وطن بالرشوة؟

س- ما هي أبرز الأسباب التي تجعل السلطة تصادر الحريات العامة، وما مبرر وجود قوانين طوارئ استثنائية، وما سبب عدم إباحة الحريات والديمقراطية في سورية؟

 الموضوع هو مصادرة الحريات للحفاظ على ديمومة الاستبداد فقط وأعتقد أن لا مبرر لوجود حالة الطوارئ في وقتنا الحالي خصوصا وأنها غير دستورية بل ومخالفة لقانون الطوارئ نفسه نحن نطالب بإلغاء كافة أشكال الاستثناء من الحياة العامة واعتقد بان وظيفة هذا الاستثناء ينحصر في كونه أداة سياسية لقمع المعارضة في الداخل, ويجب أن تطرح  دستورية حالة الطوارئ على طاولة البحث فوراً.كونها غير دستورية بالمطلق0

س- هناك حوادث قتل واغتيالات وتصفيات، أشهرها اغتيال رجل الدين المتسامح الشيخ محمد معشوق الخزنوي، هل تجاوز نشاطكم البيان أو التصريح الإخباري الذي يمكن لصحفي غرّ متدرب أن يكتبه ويعممه؟

تأسسنا بعد اغتيال الشيخ معشوق ولكنا طالبنا لاحقا بلجنة تحقيق مستقلة لكشف ملابسات الجريمة البشعة والتي أودت بحياة العلامة الخزنوي0

س- ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الإعلامي والناشط في مجال حقوق الإنسان؟
 هناك الكثير من الاختلافات بين الإعلامي والناشط في حقوق الإنسان وأوجه الشبه قليلة جداً وأعتبر أن مهنة الإعلامي هي مهنة سامية والناشط في مجال حقوق الإنسان بحاجة إلى الإعلامي لكي يصل صوته إلى الناس لكن لا أعتقد أنهما متشابهان وهذا الموضوع بسبب أن الحقوقي مهنياً يختلف عن الإعلامي كونه يعمل وفق مرجعية قانونية محددة ومختلفة0.

س- هل تعتقد أن المجتمع السوري ناضج ويعرف كيف يتصرف بحريته وحقوقه فيما لو “أهدتها” السلطة له؟

نعم بالتاكيدفلا يمكننا القول بالمطلق إنَّ هذا الشعب أو المجتمع غير جدير بالحرية لأنَّ هذا الكلام خاطئ وهو يصدر عن أناس ينتمون لمدارس الاستبداد، وإذا افترضنا أنَّ هناك أناس قاصرين فهذا يعني بأنه سيحجر عليهم لأنَّ أخطر مؤسسة موجودة في المجتمع هي الأسرة فلماذا لا نحجر عليها، وإذا كان هذا الشعب قاصر أو غير جدير بالحرية فالمفروض أن نحجر على كل البشر وهذا الكلام مرفوض جملةً وتفصيلاً، والشعب السوري مثل باقي شعوب العالم جدير بالحرية ويجب أن يحصل على حقوقه وبالعكس بحكم تجربتي البسيطة في حقوق الإنسان أجد إنَّ الشعب السوري مثقف ومحب للعمل.

س- النظام في سوريا يتعرض لضغوط متسارعة ومتزايدة، فهل أفسح لكم هذا مجالا أرحب، وهل تنتظرون الدعم الأوربي والأمريكي ماليا ومعنويا ومن ثم حق الترخيص حتى تباشرون بنشاطكم على أكمل وجه؟

 المشكلة إنَّ موضوع الضغوطات على سورية ليس له علاقة بحقوق الإنسان بل بالمصالح فأنا  عموما أرحب بالضغوطات الداخلية والخارجية في مجال حقوق الإنسان وهذا الموضوع اي موضوع الضغوطات مبالغ فيه قليلا ولأسباب معروفة وفي بعض الأحيان تنعكس سلبا علينا  ، وأنا اعتقد بان قضية الضغوط في مجال حقوق الإنسان قضية مشروعة وينبغي أن تتم في إطار الأمم المتحدة وبشكل فعال كون قضية حقوق الإنسان  قضية عالمية وتخص كلّ البشر وحقوقهم وموضوع الضغوطات قد تشجع او  لا تشجع على العمل بحقوق الإنسان اعتقد بان  الظروف المستقبلية ستفرض نفسها بشكل أفضل ونحن عموما  لا ننتظر الدعم الأمريكي أو الأوربي وهذه الضغوطات الدولية بالمحصلة هي لعبة مصالح قد تكون الآن وتزول غداً ولكن نحن دائمين لأنَّ قضيتنا قضية دائمة والآن من الممكن أن تكون من مصلحة دولة أن تضغط على سورية لتستخدم ملف حقوق الإنسان  بشكل ما ولكن غداً نتيجة توافق مصلحي تترك ملف حقوق الإنسان ونحن لا نراهن على هذه الضغوط ولكن نراهن على أننا موجودين قبل أن توجد هذه الضغوطات وهذه الحقوق هي حقوقنا.

س- هل يمكن أن يكون لمنظمتكم دور ما في الحفاظ على الوحدة الوطنية وتنضيب منابع العنف والدعوات التناحرية وتخفيف حدة التوتر القائم على أساس التناحر القومي أو الديني أو المذهبي أو الطائفي أو السياسي والحزبي؟

 بالتأكيد لنا دور فنحن ندعو الى العيش المشترك بين المواطنين على قاعدة المساواة في المشاركة في اقتسام السلطة والثروة كحق للجميع و  ندعو لثقافة حقوق الإنسان ونبذ الحقد والكراهية وندعو للتعددية وثقافة الاختلاف وإعطاء الحرية و إنَّ  بناء وحدة وطنية على أساس عقد اجتماعي جديد ينال بموجبه جميع المواطنين حقوقهم السياسية والقومية وغيرها من الحقوق هذا الموضوع بالتأكيد يكون في مصلحة الوطن السوري والمواطن ويساهم في تعزيز الوحدة الوطنية.

س- ما هي أهم المواد التي تطالبون تعديلها أو حذفها من الدستور السوري، وما هي القضايا التي ترون أنه يجب إدراجها فيه؟

  نطالب أولاً بتغيير المادة الثامنة من الدستور وهذا الدستور ذو طابع بعثي وكتب برؤية بعثية واضحة و بالحقيقة نرى أنَّ الموضوع يصغّر سورية لأنَّ سورية أكبر من ذلك وعندما يكون هناك دستور سوري حقيقي فالأوضاع ستكون مختلفة ولكن من يقرأ الدستور السوري الحالي يرى أنَّ هذا الدستور صيغ وفق منطق بعثي ولا أعتقد أن كل سورية بعثية ولا يمكن أن تكون   كذلك, والمرحلة التي كتب فيها الدستور السوري قد تغيرت وتغيرت كثير من القضايا والمفروض أن تتغير المواد المتعلقة بها، فالمطلوب تغييرات جوهرية حتى تكون مقدمة لإصلاحات قادمة.ثانيا: إلغاء المادة 154 والتي تعطل الدستور بشكل كامل كونها تجيز الاستثناء وهناك مواد تؤكد بأنه من يعيش في سوريا عربي وهذا غير صحيح فضلا عن أن الدستور منح صلاحيات لرئيس الجمهورية يمكن وصفها بالمطلقة وهناك مادة تميز بين السوريين على أساس ديني كونها تحدد بان يكون رئيس الدولة مسلما هذا انتهاك للحق في المساواة في حقوق المواطنة وعودة الى المادة الثامنة التي تميز بين السوريين على أساس سياسي فبمجرد الانتماء الى حزب البعث يحصل المنتسب على وضع سياسي يميزه عن الآخرين كونه صار من جماعة الحزب القائد للدولة والمجتمع وعلى الرغم من وجود مواد دستورية جيدة في هذا الدستور إلا أن الدستور ترك أمر تنظيم هذه المواد للقانون والقانون افرغ هذه المواد من محتواها الايجابي0

س- ما هو معنى إصدار ميثاق عربي لحقوق الإنسان طالما أن هناك إعلان عالمي لحقوق الإنسان، وهل حقوق العربي تختلف عن حقوق الإنسان عامة، أم هي دعوة لتمييز العربي عن القوميات والأقليات المتعايشة مع العرب؟

 من الممكن أن يكون الميثاق العربي فيه ظلم وكنت أفضل أن يتكلموا عن ميثاق حقوق الإنسان في المنطقة العربية حتى الليبراليين العرب وأنا ترددت مرة على توقيع  وثيقة لليبراليين العرب وذلك كوني سوري ولست عربي وموضوع ميثاق عربي أو ميثاق كردي أنا غير ميّال لهذا الموضوع وأنا كنت أتمنى ذكر المنطقة العربية التي تحتوي أقليات غير عربية كثيرة من أكراد وأقباط وأما زيغ ……… الخ فإذا لم يكن في الميثاق العربي لحقوق الإنسان تمييز فسوف يؤدي إلى التمييز ولا أعتقد بأنَّ هذا الموضوع إنساني وهذه الساحة لا تتحمل العدو ويفترض دائماً أن نحافظ على مساحات إنسانية وخاصة هكذا تجربة في المرحلة الحالية والوضع الراهن فيجب أن تحسب الخطوات المتخذة بدقة كبيرة.

إضافة الى أن هذا الميثاق حكومي صرف وينتقص من حقوق العرب أنفسهم وفق الإعلان العالمي0

س- ما هي الإجراءات التي تتخذها جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في منع استخدام المرأة كسلعة وتجارة “الرقيق الأبيض” التي راجت في دمشق على إثر الحرب في العراق، وهل قدمتم شيئا لهذا الواقع أم تجاهلتموه باعتباره حالة عرضية؟

 نحن لسنا جهة رسمية حتى نأخذ إجراءات حقيقية رسمية ونحن لا نملك حالياً سوى الثقافة، وتجارة الرقيق الأبيض خطيرة جداً ونحن نعمل في الساحة السورية ونحن نتكلم عن حقوق المرأة وهذا الموضوع قد يكون فيه تقصير في التناول من قبل منظمات حقوق الإنسان وهو أولاً وأخيراً يتعلق بموضوع المرأة والظلم والفقر وما يعانيه المواطن السوري، وجزء من عملنا أن نفضح هذه الأمور وهذه الظاهرة السيئة فيجب أن نطلع المنظمات الدولية والعربية حول هذه الظاهرة ونجد لها حل.واعتقد بان هذا الموضوع بحاجة الى تعاون بين الجميع على المستوى المحلي فضلا عن حاجته الى التعاون الدولي0

س- ما هي الطرق والإجراءات التي ستتخذها مؤسسات حقوق الإنسان في سورية لحل مشكلة المجردين من الجنسية من الأكراد، والتي لم تحل رغم الوعود الخلبية من أعلى المستويات؟

 لسنا وحدنا من سيقوم بحل هذه المشكلة بل أيضاً الأحزاب السياسية العربية المعارضة التي طالبت بحل هذه المشكلة والدولة وعدت بحلها، وهذا الموضوع  كارثة وبحاجة إلى وضع في متناول يد الإعلام العربي ولقد  أصبح عند الذين جرّدوا من الجنسية أحفاد ولم تحل مشكلتهم ولا يحق لهم أن يمتلكوا أو أن يوظفوا وأنا لا أعتقد أن عددهم 400 ألف كردي كما يقال وممكن أن يكونوا 250ألف او ثلاثمائة ألف شخص بغض النظر عن عددهم ولكن هي كارثة إنسانية حقيقةً وهذه متروكة للمستقبل، ولكن تجربتنا في اللجنة الكردية لم يمضي عليها ال6 أشهر وقال الكثير من الناس أنَّ الأكراد أجانب وأنهم ضيوف على البلد وشبهوا الأكراد بالطيور المهاجرة مثل قبائل البطريق التي كان لديها جناحين فحتى لو فرضنا صحة هذا الكلام رغم خطاه فالأكراد لم يبقى لديهم أجنحة ونحن نحاول أن نطرح هذه الحالة في المجتمع السوري وأنَّ الأكراد شعب يحق لهم ما يحق لباقي الشعوب واعتقد بأنه ينبغي تحريك هذا الملف على مستوى الأمم المتحدة هل المجردين لاجئين فعلا هل هم من النازحين داخل أوطانهم نتيجة الحروب أم جردو من جنسيتهم لأسباب عنصرية اعتقد بان المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته تجاه هؤلاء.

س- ما هو موقفكم من القضايا التالية كل على حدة: قانون 49 ، الأكراد “البدون” ، الحزام العربي، عرب الغمر، عودة المنفيين بمن فيهم من حمل السلاح بوجه السلطة، وما حل هذه المعضلات؟ 

نطالب بإلغاء قانون ال49 لأنه  قانون جائر،  أما الحزام العربي هو موضوع خطير جداً خلق مشكلة في الجزيرة وامتدت آثاره لفترات طويلة وستمتد أيضاً وخصوصاً عندما أخذت الأراضي من الناس الأكراد ومُلكت للعرب وهي محاولة لتغيير البنية الديموغرافية، وكان مهندس هذه العنصرية محمد طلب هلال وغيره وهذا الموضوع لا يقل خطورة وأهمية عن موضوع الإحصاء ومطلوب حله ومعالجته بشكل سريع جداً وتعويض الناس لأن حق الملكية حق قانوني وحق من حقوق الإنسان والحل النهائي يكون في تشكيل لجان من منظمات حقوق الإنسان ومن مؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى إعداد دراسات حقيقية وإمكانية حل هذه المشاكل بأقل الخسائر وبالأخير نحن في سورية بحاجة لثقافة التسامح والمصالحة، أما موضوع عودة المنفيين فهذا حق قانوني لهم ومن حمل السلاح منهم  فهناك محاكم وليحاكموا على أساس  توفير شروط المحاكمات العادلة .

لابد من إعادة الأرض للأكراد مع إيجاد حل منصف لعرب الغمر في أماكن أخرى إزالة للاحتقان0

س- في 24/03/2005م صرح السفير عماد مصطفى بأنه لن يبقى سجين رأي واحد في سورية، وتلاه مؤكدا وزير الداخلية، فهل هي مناورات لكسب ود الغرب أم تتوقعون إغلاقاً كاملاً لملف الاعتقال السياسي؟

 نحن نتمنى ونطالب بإلغاء ملف الاعتقال السياسي ,بعيد التطورات الدولية الهائلة وثورة النت أصبح العالم يعيش في قرية كونية صغيرة وهذا العقل الثقافي السلطوي الماضوي الغير قادر على استيعاب التطورات يظن بان إخفاء الحقائق قد يفيد كما في السابق وربما السلطة التنفيذية لم تعترف يوما بان لديها سجناء سياسيين السجناء السياسيين لازالوا موجودين في سورية والآن الأستاذ ميشيل كيلو معتقل على خلفية توقيع إعلان “دمشق- بيروت” وهذا موضوع رأي ومارس حقه، وأنور البني الناشط الحقوقي المعروف والمعتقل الذي لم يدخل السجن بسبب مشاجرة بل بسبب الرأي ونزار رستناوي والعشرات من الكرد الذين يحاكمون أمام محكمة امن الدولة والعشرات من الإخوان والتحرير الإسلامي أنا اعتقد بان هذه عادة وزراء الداخلية العرب،  فإذا كان وزير الداخلية  صادقاً في وعده فليفتح السجون لكي تزورها المنظمات الدولية لا أعتقد أن إنكار أنَّ لدينا سجناء سياسيين يفيد الدولة أو المجتمع ولا اعتقد بان ود الآخرين يكسب هكذا,نعم لازال هناك في سوريا العشرات من السجناء السياسيين ويتعرض غالبيتهم لسوء المعاملة والتعذيب مع العلم بان حملة الاعتقالات تشهد تصاعدا في أواخر هذا العام الذي أوشك على النهاية0

س- ما هو موقفكم من عقوبة الإعدام في سورية وهل تطالبون بتغيير هذا الحكم بما يحقق تكريم الإنسان وفق العقائد السماوية وأخلاقيات حقوق الإنسان الدولية؟

 هناك مواثيق دولية ونحن ضد عقوبة الإعدام في سورية و في كل الجرائم والعقوبة يجب أن تهدف الى الإصلاح لا الى مجرد الزجر فحجز الحرية نفسه يعد عقوبة بذاته لحجز الحرية واعتقد بان الفقه القانوني الحديث سائر باتجاه جعل السجون مدارس للإصلاح والتاهيل00

س – ألا ترى أن منظمات المجتمع المدني وحقوق  الإنسان مرهونة بتوجهات الشخص الذي يرأسها وليس مواثيقها وبرامجها؟

سبق أن تحدثنا عن الأجواء التي نعيشها والظروف والبيئة المحيطة والحالة السياسية وهذا المناخ موجود مع الأسف لكن أعتقد أنَّ هذا الموضوع من السهل التخلص منه وذلك في إطار منظمات حقوق الإنسان عندما تتحسن الظروف لأنَّ المرجعية واضحة ولأنَّ العصر هو عصر ثقافة التعدد والاختلاف ونبذ ثقافة الاستبداد عموماً سواءً على مستوى المؤسسات الاجتماعية  وحتى على مستوى الدولة.

س- فيما لو زالت الضغوط الخارجية على السلطة فسوف تشدد القبضة عليكم فهل لديكم إجراء احتياطي ليستمر نشاطكم؟

 نحن الآن غير مرخصين ونتعرض لضغوطات ومن الممكن أن تزيد الضغوطات او لا نحن لسنا ثوريين ولكننا مستمرين حتى تصبح لدينا إمكانية الترخيص، والسجون لا تتسع لكل السوريين ولا يمكننا العمل داخل السجون ويقولون ” جميل أن نموت في سبيل وطننا” وأنا أقول : ” الجميل أن نحيا في سبيل وطننا” وسنستمر في عملنا أعدك بمعزل عن الضغوط لان قضيتنا اكبر من الضغوط قضيتنا مواطننا ووطننا.

س- هل يمكن لمؤسسات حقوق الإنسان في سورية أن تكون بديلا نوعيا عن الأحزاب السياسية المعارضة؟

 لا أعتقد أنّ منظمات المجتمع المدني أو حقوق الإنسان قد  تكون بديلة للأحزاب السياسية المعارضة وأدعو إلى توسيع العلاقة وتمكينها بين مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لأنَّ مؤسسات المجتمع المدني مكمّلة لعمل هذه الأحزاب حتى لعمل الدولة وخصوصاً عندما تنتقل إلى مفهوم الدولة كدولة وتلعب هذه المنظمات دور ايجابي جداً بين المعارضة وبين الدولة، ونحاول أن نعمل على هذا الجانب لأنه مهم والأحزاب السياسية لها الحق في شرعية الوجود ولها مناخ معين وأناس معينين ولها وضع مختلف وقد تحصل اختلافات ولكن هي تكمل بعضها وأنا لا أنصح أي مجتمع أن يختصر حالته.وان يضع كل بيضه في سلة واحدة فالتعدد نعمة0

س- المنظمات الحقوقية في الغرب تنظر بعين الريبة والتريث للشارع الحقوقي السوري المتعاطي للشأن العام، فهل تقر بوجود أزمة مستشرية في منظماتكم، وهل ترى خروجا من المأزق لهذه مخرجا منه؟

 المنظمات الغربية قطعت شوط كبير ولديها إمكانيات هائلة وتمتلك المهنية العالية جداً ونحن في سورية كمنظمات حقوق الإنسان تجربتنا حديثة وتأثرت هذه التجربة بالمسائل السياسية والخلفيات الإيديولوجية وعدم الالتزام الحقيقي بالمرجعيات الدولية لحقوق الإنسان، وهناك من يقول هذا الخطاب  الحقوقي منحاز إما لشيء ديني أو قومي أو إلى دولة وحتى أنه في المنطقة العربية كان هناك محاولات لإنتاج إعلان إسلامي لحقوق الإنسان وهذا الموضوع نوع من التحايل على المرجعية الدولية ، وأتمنى من المنظمات الدولية أن يكون لها دور أكبر من الذي تقوم به وأن تكون المنظمات الدولية مستقلة وألا تنحاز  للحكومات الغربية عندما تكون في المنطقة أزمة مع دولة غربية فيجب على هذه المنظمات أن تساعد في إنشاء خطاب حقوقي سليم يمتلك الجرأة الحقيقية لتناول قضايا كثيرة وتبادل الخبرات مع منظمات حقوق الإنسان في المنطقة العربية واعتقد بان موضوع الريبة مبالغ فيه قليلا.

س- بما أن الدستور كفل حق المواطنين في التعبير عن آرائهم بكل الوسائل السلمية بما فيها التجمع والاعتصام السلميين، لماذا قمعت الحكومة الاعتصام السلمي الذي تم في 05/10/ 2006م، ولماذا غابت المنظمات والتنظيمات العربية عن هذه الفعالية، ورفضت التوقيع على بيان الاعتصام؟

 لنترك هذا الأمر للزمن والمشكلة أنَّ الدستور السوري غير معمول به والذي يُعمل به هو قانون الطوارئ والقمع الذي يتم على ارض الواقع دليل على ذلك، فالدولة تقوم بالقمع وتستند على حالة الطوارئ وليس على الدستور أو القانون وذلك من أجل الحفاظ  على ديمومة  النظام وعلى السلطة الأمنية التي بنيت على أسس سيئة جداً و أتمنى أن يحل هذا الملف الإنساني وأعتقد أنَّ قضية الأكراد في سورية هي قضية وطنية وديمقراطية وإنسانية بامتياز وكل من يهتم بالشأن الإنساني والديمقراطي عليه أن يدافع عنها لأنها جزء من القضية الوطنية في سورية، وغياب التنظيمات العربية عن فعالية الاعتصام يشكل عندي تساؤل كبير جداً وأتمنى أن يُطرح هذا السؤال عليهم  لأنَّ عدم حضورهم هذا ينال من مصداقيتهم وشرعيتهم في مجال العمل الحقوقي الذي يعملون فيه.

س- لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلزام الدول الموقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان باحترام الالتزام بهذه الاتفاقيات ؟

أتمنى أن تتطور الأمم المتحدة لكي يصبح موضوع احترام حقوق الإنسان في كافة الدول العربية ودول العالم والموضوع على درجة عالية من الأهمية وهناك تجارب أوربية واتفاقيات تفاهم واعتبروا أنَّ انتهاك حقوق الإنسان في أي دولة أوربية هو اعتداء على باقي الدول الأوربية ويحق لهم التدخل لوقف هذه الانتهاكات، وأنا أقول نحن ندعم حالة التدخل الإنساني شرط ألا تستخدم سياسياً وفق معايير دولية مزدوجة فنحن نتمنى أن تتطور الأمم المتحدة لدرجة إلزام الدول في احترام حقوق الإنسان على وجه المعمورة،  لكن لا ننسى أنَّ الأمم المتحدة بشكل أو بآخر عبارة عن اتحاد لحكومات كبرى وهي تعبّر عن حكومات ويمكن لنا أن نقترح ونعمل باتجاه تعزيز حضور المنظمات الغير حكومية في اتجاه احترام حقوق الإنسان واحترام الديمقراطية وتعدد الأحزاب ورغم النجاح الكبير الذي حققته على المستوى النظري والفكري إلا أنها فشلت في إيجاد آليات فعلية لمعاقبة كل من ينتهك حقوق الإنسان  .

س- ألا تعتبر  مفاضلة الشبيبة الجامعية خرقا لحقوق الطلبة في اختيار الكلية التي تتناسب مع قدراته، وما هي الإجراءات التي تتخذها المنظمات الحقوقية للوقوف بوجه هذا التعدي على حقوق الطلبة غير الشبيبيين؟

 من المؤكد أن حالة الاستثناء تضر بالمجتمع وإنَّ منح الاستثناء لبعض الطلاب بمجرد الانتماء السياسي ونشير إليه من خلال المقال بالسياق العام ولكن بالتأكيد هي حالة تؤسس لسياسة التمييز ونحن ضد هذه السياسة وهذا إجراء غير دستوري ويعد بحق عملا غير إنساني يؤدي الى تعليم الأطفال والشباب الانتهازية والفساد.

 س- هل لك أن تسم أربع شخصيات حقوقية سورية ناشطة من منظمات مختلفة؟

أنور البني – رزان زيتونة – دانيال سعود  -خليل معتوق

 س- كلمة تود أن ترسلها للنظام السوري بشأن حقوق الإنسان؟

 إنّ الإصلاح أصبح ضرورة سياسية ووطنية ومجتمعية ملحة ولمصلحة الدولة والنظام والمجتمع، وهي الآن ربما تخدم مصلحة النظام أكثر من مصلحة المجتمع وعلى الدولة السورية أن تباشر بالالتفات إلى وضع المواطن السوري في الداخل وإجراء إصلاحات سياسية وديمقراطية تشمل كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحل كل الملفات والقضايا العالقة باتجاه تأمين حياة أفضل للمجتمع السوري والا فان قطار الزمن قد فات.
_____________________________

  • بطاقة تعريف:


المحامي رديف أنور مصطفى رئيس مجلس إدارة اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا، من مواليد عام 1967م.

ينحدر من أسرة كردية ريفية من قرية بياندر في منطقة كوباني –عين العرب التابعة لمحافظة حلب، له العديد من الكتابات والمقالات في مجال حقوق الإنسان، اعد تقارير عديدة حول أوضاع السجون والسجناء في سوريا، شارك في العديد من المؤتمرات، كردي متزوج من سيدة عربية وأب لأربعة أولاد، يسكن في بيت بالأجرة في ظل أحوال مادية سيئة للغاية.

ومع ذلك يعمل محاميا متطوعا غير مأجورا للدفاع عن السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي.

درس الابتدائية في قرية بندر كبير و الإعدادية في مدينة جرابلس وحصل على شهادة البكالوريا في منطقة عين العرب، انتقل إلى جامعة حلب ودرس في كلية الحقوق ونال البكالوريوس في عام 1994م ” وانتسب إلى فرع نقابة المحامين بحلب عام 1997م حيث كانت رسالة أستذته تحمل عنوان ” الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، بدأ العمل السياسي منذ الصغر كون البيئة التي ينتمي لها بيئة سياسية نوعا ما انتسب إلى الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي في بداية الثمانينات ثم تأثر بالأجواء الشيوعية السائدة في جامعة حلب وكان ذلك في عامي 1985- 1986م وكان أحد النشطاء العلنيين في الحزب الشيوعي في الجامعة ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ورغم عودته الى الحركة الكردية بدأ يتحول إلى منحى آخر نحو ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان وأول تجربة له كانت في لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية في عام 2002م وكان عضوا في مجلس الأمناء مسؤول لجنة قانونية ومن ثم تحول إلى تأسيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سورية .

له العديد من الكتابات والمقالات في مجال حقوق الإنسان حاليا رئيس مجلس إدارة اللجنة الكردية لحقوق الانسان.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…