تحية إلى حكماء العراق وفرسان الشرق

  بقلم: توفيق عبد المجيد

    مرة أخرى وليست أخيرة ، يثبت الكرد أنهم رجال دولة من الطراز الرفيع … مرة أخرى يثبت الكرد ، وسيثبتون دوماً وكلما استدعى الأمر ، أنهم حكماء العراق وفرسان الشرق بحق وحقيق … مرة أخرى يثبت الكرد أنهم أمثولة لرجالات عراق المستقبل ، ورجالات هذه المنطقة التي عانت ومازالت تعاني من أمراض مزمنة ، ومشاكل اعتاصت على الحل ، واستصعبت على الشفاء إلا على أيدي الحكماء والقادة الذين أثبتوا وبكل جدارة وامتياز ، وبعيداً عن المبالغة أنهم يستحقون مرتبة الحكماء والقادة.
مرة أخرى يردم الكرد خنادق الجراح التي توسعت وتعمقت ، مرة أخرى يلملم الكرد الجهود التي تشظت في الدوامات القاتلة ، فيحسنون الخروج من مغاليق المتاهات ليكونوا رجالاً لهذه المهمة التاريخية التي انتظرنا تحقيقها بفارغ الصبر ، ليفسحوا المجال أمام الديبلوماسية الكردية التي ارتدت أزياء الحداثة وتموضعت على خارطة المنطقة بكل جدارة وقوة واقتدار لتبلسم الجراحات ، لتقول لا للماضي الذي سحق هذا الشعب عقوداً بل مئات من السنين .
مرة أخرى أثبت القادة الكرد أن مصلحة الشعب الكردي والكردستاني فوق المصلحة الشخصية والحزبية مهتدين بقول البارزاني الخالد : إن الشعب أكبر من الحزب مهما بلغ ، وأن قوة أي حزب ليست في أعضائه بل في مؤيديه من المستقلين .
    عفواً وعذراً أيها الحكماء القادة !! فأنتم قد لا تحبذون أن نناديكم ونخاطبكم بألقاب أنتم في شرعتنا ومعتقدنا تستحقونها بجدارة واقتدار ، فقد أثبتم للخصم قبل الصديق ، قدرتكم اللامحدودة  على إثبات الذات في أعقد المحطات ، وفي الوقت المناسب ، وعلى التمكن من إدارة دفة السياسة الداخلية والخارجية بما يخدم الوطن العراقي والشعب الكردي ، كما أثبتم أنكم قادرون على إنقاذ سفينة العراق والكرد وكردستان من الأمواج العاتية ، ومن قراصنة البر والبحر الإرهابيين ، ومن ثم الوصول بها إلى بر الأمان ، وبرهنتم ( بأن الحياة رغم تعقيداتها أصغر من أن تعترض إرادة الإنسان وتحدياته الصادقة ) .
    تحية للقائدين العظيمين المام جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق الفيدرالي ، والأخ مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان ، وتحية أخرى لقيادة الحزبين الشقيقين الديمقراطي الكردستاني ، والاتحاد الوطني الكردستاني ، وكل من ساهم بجهد متميز أو متواضع في هذا الانجاز التاريخي العظيم الذي تحقق أخيراً بفعل الظروف الملائمة التي ساهمتم في إنضاجها ، فتجلى ذلك بكل وضوح في تكليف السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان يوم 26-3-2006 السيدين نيجيرفان البارزاني وعمر فتاح بتشكيل حكومة الإقليم الموحدة ، على أن يكون إعمار الإقليم وخدمة أسر الشهداء في أولويات مهماتهما ، وكلنا ثقة وأمل بأن  يعمل الجميع في وضع اللبنات الأولى لترسيخ دعائم الديمقراطية ، وتقوية الوحدة الوطنية ، وبناء دولة الحق والقانون والعدل التي سينتفي في ظلها بكل تأكيد كل تعد على الحريات العامة ، وتجاوز على القانون ، ويسارع القادة إلى تبييض السجون والمعتقلات بهذه المناسبة السعيدة فتعم الفرحة كل الوجوه التي حرمت منها ، وتعود البسمة إلى شفاه جميع الأطفال فتتكحل أعينهم بمرأى الأهل والأحبة .
ألف تحية إلى أرواح شهداء الكرد وكردستان الذين أوصلوا شعبنا الكردي  بتضحياتهم السخية ودمائهم الزكية إلى هذا النصر المؤزر وهذا اليوم العظيم .
    مبروك لنا جميعاً هذا الإنجاز الحلم الذي سيشع بكل تأكيد على المنطقة بأسرها ، فيصبح التجربة القدوة للأحزاب الكردية والكردستانية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

علي جزيري يُحكى أن (حسان) ابن رئيس «الجمهورية السورية» شكري القوتلي تأخر عشر دقائق عن الدوام المدرسي ذات يوم، بيد أن مدير المدرسة (جودت الهاشمي)، أنّبَهُ وأعطاه كتاباً ممهوراً بختم المدرسة، يطلب فيه ضرورة إحضار ولي أمره، ولبى حسان حينئذ أمر المدير، لكنه عاد إلى البيت مكسور الخاطر، فاستغربت والدته عودة ابنها الوحيد في ذاك الوقت المبكر، وحين…

صلاح بدرالدين مدخلالى جانب الانشغال اليومي بامور وشؤون الكرد السوريين كمهام لها الاولوية من خلال النضال في سبيل رفع الاضطهاد القومي، والاجتماعي، والسياسي عن كواهلهم، واستعادة حقوقهم القومية، والمساهمة في النضال الوطني العام من اجل الديمقراطية، والتقدم، ومواجهة الاستبداد، كان الهم القومي – الكردستاني – لم يفارق مشاعر جيلنا والذي من قبلنا، ليس كموقف سياسي عابر…

إبراهيم اليوسف الوطن في أرومته قبل الخريطة في حبرها أحدهم   لم يبدأ مشروع “الشرق الأوسط الكبير” من مقاعد البيت الأبيض، بل تسرّب ببطء من: غرف التفكير، مراكز البحوث، خرائط الجيوبوليتيك، وأقلام من ظنّوا أن المنطقة لا تستحق حدودًا ثابتة، وفق تصورات القطب الثاني الموازي بل المعادي للاتحاد السوفياتي السابق، كقطب قوي عملاق، قبل انهياره التاريخي. إذ إن…

شيرزاد هواري   تشهد منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة تصعيدات عسكرية متسارعة تقودها إسرائيل، مدعومة من حلفائها التاريخيين، في مشهد يشي بتحولات استراتيجية عميقة. هذه التطورات لم تأتِ من فراغ، بل تبدو كحلقة متقدمة من مسار طويل ابتدأ منذ ما يزيد عن قرن، مع توقيع اتفاقية سايكس – بيكو التي قسّمت إرث الإمبراطورية العثمانية على أسس استعمارية، دون أدنى…