القادم المجهول الى اين ؟؟

حاجي سليمان

لست بناقد لاستطيع التمعن في انتقادات الحركة ونواقصها  أو التوقف عند إلهائاتها المميتة التي تؤدي احيان الخروج من سيرها التي اسست من اجلها اصلا دون قصد نتيجة قراءات خاطئة للواقع الحالي وما يترتب عليها من مهام ثقيلة وواجبات في غاية الضرورة تحسبا لأي طارئ لإن القادم المجهول له دلالات غير مطمئنة على الصعيدين الدولي والاقليمي وبالتالي ستكون القضية الكردية هي الخاسرة كونها لم تدخل بعد في الحسابات الدولية و الاقليمية هذه من جهة , ومن جهة اخرى ان حركتنا الكردية لم تستطع بعد الوصول الى صيغة توفيقية فيما بينها على المطلب الكردي رغم تقدم ملحوظ في بعض الاتجاهات وخاصة في الاتجاه الوطني مع بقية القوى الوطنية السورية وبيان الرؤيا بانهم شركاء معا في الوطن والمصير ولكن تبقى خطوات ناقصة وبطيئة مقارنة بالاحداث والتطورات المتسارعة ، كونها في حلقة صراعية مفارغة تعيد نفسها وهي المنافسة في الشعارات والمحاربة بين المصطلحات كما كانت في الماضي ايام انتشار الفكر الماركسي حيث لم يبقى حزب وإلا ذيل اسمه بالالتزام او الاهتداء والاسترشاد او الاعتماد وهكذا كان الصراع يدور بين الحركة متناسية دورها الاساسي في الدفاع عن قضيتها المضطهدة وحينما خفت لهجة الصراع في هذا المنحى نتيجة التطورات والتفاعلات العكسية في المنظومة الاشتراكية وتراجعها بل ارتدادها عن ايديولوجيتها العلمية والتحاق معظم دول الاشتراكية بالمعسكر الغربي نتيجة السياسات والممارسات الضدية للمنهج العلمي التي اتخذتها قيادات تلك الدول من جهة ومحاولات القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية للحد من انتشار المنظومة الاشتراكية والقضاء عليها باي ثمن وذلك للاستفراد بالعالم متبعة في ذلك سياسة الغاب بصورة مطلقة حسب مصالحها وسياساتها الدولية، من جهة اخرى ورغم كل التغيرات في العالم لم تخف شدة الصراع والمهاترات  بين اطراف الحركة الكردية ولكن استمر بمنحى اخر وهو الصراع على من هو الاصح في  التأييد للاحزاب الكردستانية الثلاثة تاركين ساحتهم الاساسية والتي من المفروض ان تكون النضال فيها (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمال الكردستاني) ووصل بهم الامر الى استخدام الاسلحة في احيانا كثيرة ونشوء خلاافات تناحرية خطيرة ,  متجاهلة تأثيراتها الجنونية في ضمير ووجدان الشعب الكردي وزرع الحقد والكراهية البينية القاتلة.وافساح المجال امام الفتن العائلية والوصول الى  تقاتل حزبي من شأنه تقسيم المجتمع الكردي وتفتيته الى فئات وتيارات وبالتالي عصابات تقاتل بعضها البعض  , وكانت النتيجة فقدان الترابط الاسري بين بعض العوائل بسبب تلك السياسة الحمقاء والتي كانت تخدم الاجهزة الامنية السورية بامتياز.

مما ادت تلك المناوشات الاسرية الى افتراق الكثيرات من العوائل عن بعضها والضياع في المجهول .

.
ورغم ذلك لا تدري الحركة بما تقوم بها خدمة للمتربصين على القضية الكردية,بل استمرت في صراعاتها ولكن بنمط آخر واسلوب مغاير مما كانت عليها في الماضي (العقدين الاخيرين) وهي الان في الصراع على المصطلحات بين المطاليب الكردية وتشير التنبؤات بان الظروف مهيئة لزيادة التوتر والصعود نحو الاسوأ ما لم يتدخل العقلاء من الحركة الكردية والغيورين على مصلحة قضيتنا  لحسم النتيجة لصالح الواقعية حسب ظروف وامكانيات شعبنا وحركته السياسية على قاعدة ان السياسة هي فن الممكن والمطالبة في الباقي من المطاليب والعمل على تهيئة الظروف الذاتية اولا من توحيد الكلمة والخطاب الكردي من خلال مؤتمر وطني يشارك فيه الجميع دون اقصاء لاحد من الاطراف الموجودة وبالاضافة الى اشراك وجهاء الكرد من المثقفين والسياسيين والاجتماعيين الذين من هم خارج الاطر الحزبية ولابد من تجاوز المألوف الحزبي الضيق وعدم حصراللقاءات على الحزبيين فقط , وفي الوقت نفسه ارى من الضروري ان تقوم الحركة بندوات مكثفة بين الجماهير الكردية واتطلاعهم على المخاطر المتوقعة من خلال قراءة صحيحة للواقع الحالي , لان المنطقة في غليان وكانها على فوهة بركان ولااحد يدري متى هي لحظة الصفر والانطلاق نحو الفوضى العارمة والتي لايخمن احد بتنبؤ نتائجه وفي اغلب الظن ستكون وخيمة مهلكة ومدمرة بالنسبة لشعبنا الكردي ,ما لم نحسب لها الف حساب .
ولكن للاسف الشديد لم تبحث الحركة حتى هذه اللحظة عن سبل وامكانيات لمواجهة المصاعب المتوقعة لحماية شعبنا , وعلى ما يبدو ليس هناك وقت للتفكير بمثل هذه الامورعند اطراف الحركة الكردية كونها مشغولة بصراعات جانبية ومنافسات شعاراتية حيث المنافسة في اشد اوجهها لكسب عواطف واحاسيس الشارع الكردي دون تنبئات مستقبلية والخوف من مخاطرها , وكأن القضية  في صراع مع الزمن على المنافسة في من هو الاكثر عددا بين الاطراف الكردية من غيره ؟؟؟؟ او من سيحصل على الانتسابات الجماعية من الجماهير الكردية قبل غيره ليكسب صفة الرابح الاعظم او الحزب الاقوى مستغلة في ذلك مشاعر وعواطف الشعب الكردي الوفي ؟؟  الا يدرون بان القوة في الارادة والتصميم ولا تكمن في العدد ؟؟ اليس هذا تفكير ساذج ؟ حيمنا لم يكن هناك تفكير جدي وخوف علني من المجهول القادم ؟؟؟؟ والتي تعتبربحق من اخطر المخاطر المتوقعة القادمة .
اليس من المتوقع ان ينتقل الوضع الفوضوي العام من العراق الى الساحة السورية او بالاحرى هناك من يحاول نقل تلك الحالة الى سوريا  ؟؟ وقتها كيف سيكون مصير شعبنا الكردي الذي بالكاد يحصل على لقمة عيشه نتيجة السياسات الظالمة التي طبقت بحقه من قبل السلطات المتعاقبة على دفة الحكم في سوريا
اليس من واجب الحركة ان تستغل هذه الاجواء  في ظل فقدان التوازن بين المصالح الدولية في المنطقة , في البحث عن وسيلة تجمع بين كل التوجهات والشعارات وتسخرها في مواجه الموجات الشوفينية والعنصرية القادمة على شعبنا وباسلوب اقناعي توفيقي بحيث يرضى الجميع لايجاد وسيلة لكسب الرأي المعاكس  لصالح طموحات شعبنا الكردي , ألم تسأل الحركة يوما نفسها ماهي امكانياتها في مواجه القادم المضاد( المدمرحسب الاستطلاعات العقلانية والموضوعية ) في ظل التشاحنات المتوترة الاقليمية والتي ملئت قلوبها بالحقد والكراهية تجاه شعبنا انتقاما من ما حصل عليه  الشعب الكردي في كردستان العراق من مكاسب وطموحات ؟..

اليس من الاجدر التفكير والبحث عن وسائل توافقية بدلا من الاتهامات البينية تارة بالتطرف والصبيانية واخرى بالانهزامية والامنية ؟؟ اليست هناك امكانية التوافق بين التوجهات الموجودة الثلاثة في الحركة الكردية ,؟؟ كما يقال ( – متشدد — وسط عقلاني – مرتخي اكثر من اللازم -) من هو المستفيد  في إدامة مثل هذه الداومة التي دوخت الحركة ان لم تكن مدوخة اصلا ؟؟ .
اليس ان برنامج كل الاحزب تؤكد كردستانية الجزء الرابع من كردستان ولااسميه خوفا من ازدياد الجدل حوله وان يتهمني الغير بالميلان الى هذا الطرف او ذاك ؟
اليس ان شعبنا الكردي شعب اصيل يعيش على ارضه الاصيلة منذ فجر التاريخ وهذا يكفي بان يطبق عليه كافة القوانين والمواثيق الدولية في ظل اي تغيير قادم في منطقة الشرق الاوسط اذا كنا مهيئين وموحدين في الكلمة والموقف ؟؟؟ اليس  البحث والانشغال عن دواعي المواجهة البينية من خلال قبول المصطلحات او عدمها مضيعة للوقت والجهد معا , اضافة الى زرع التفرقة وتثبيت التباعد بين الاراء المختلفة في المجتمع الكردي .
لذا اعتقد بان المسؤلية التاريخية والاخلاقية هي من نصيب الحركة الكردية بالدرجة الاولى ,فعليها ان تقوم بواجباتها تجاه المجهول القادم؟؟ وان تترك الخلافات الحزبية والمنافسات الاصطلااحية التي تكبح دورها ودورالقوى الخيرة في هذا المنحى , وتحد من تفعيل النوايا الصادقة داخل الحركة وخارجها للقيام بمهامها الاساسية .
اليس من مهام الكتاب والباحثين ايضا بان يعبروا عن ارائهم ووجهات نظرهم بروح انتقادية جادة وان يعلنوا بشفافية عن المخاطر المستقبلية المتوقعة , من خلال النبش في مستجدات الراهن الحالي المخيف والاستفادة من العبر وتصور التنبؤات,  ربما تصبح مواقفهم هذه عامل دفع للقوى الوطنية الكردية الى وضع الامور الى جادة الاحتكام للعقل  , وعدم إثارة العواطف والمشاعر الجماهيرية نحو اقتراب يوم الفرج علما ان هذا مطلب الجميع ..

ولكن هيهات .
وفي الختام اريد ان اقول لست بصدد تخويف الشارع الكردي ولكن بدافع الرغبة في التهيء لأي شر قادم عبر المناخ الراهن الحالي الذي لايبشر بالخير وبروز بوادر طبخة مؤامراتية غير مسرة استنادا الى تقرير  بيكر – هاملتون , وان تكون حركتنا وشعبنا على اتم الاستعداد لكل طارئ وفي اية لحظة ممكنة قد تكون المفاجئة كالتي كانت  في -12-3-2004- والتهيء للاسوأ المتوقع اي تكرار مثل تلك المؤامرة وباسلوب اوحش , وتحسبا فيما ذكرته من الضروري وضع الخطط وبرامج بما يتناسب وحجم المخاطر القادمة في ظل الغليان الحاصل من خلال دراسة مستجدات المنطقة وقراءة اطماع وسياسات الدول الكبرى في منطقة الشرق الاوسط  وليس خافيا على احد بان قدوم الدول الغربية بقواها الى منطقتنا ليس حبا بشعوبها ولابتطبيق الديمقراطية فيها بقدر ما هي البحث والصراع على مصالحها الدولية , فعلينا ايضا معرفة كيفية استغلال الظروف حسب مصالح شعبنا بحيث نفبرك الامور في التقاطع مع مصالحهم والاستفادة من مجيئهم الى المنطقة وطروحاتهم الداعية في تطبيق الديمقراطية وتبيض صفحة حقوق الانسان من خلال حماية الانسان وحفظ كرامته.

———————-

منظمة اوربا للحزب اليساري الكردي في سوريا
hacims@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…