سيبقى منهج تفكير عقل النخب الكردية إشكالية كبرى إلى وقت لاحق في سبب مأساة الإنسان الكردي من تخبط وفقدانه منحى الاتجاهات الأربعة وفيما سينجزه من تفكير مثمر وفكر جمعي ومن حسن تصرف وإبداع ذاتي جماعي مقارنة أو بلا مقارنة ..
إن أهم أسباب فشل أو تعثر مشروع النهضة القومية الكردية يرجع إلى عدة عوامل في مقدمتها نمط وطبيعة الشخصية النخبوية القائدة والتناقضات التي تعيشها بنيويا والتي ترعرعت في بيئة فكرية وثقافية واجتماعية واقتصادية متخلفة وسيادة مفهوم الحزب التقليدي “العشيرة العصرية” والتمسك به وضعف روح الكردايتي التي لم تكتمل وتنضج في ظل نظام وصاية إدارة متخلفة عن العصر التي ما زالت تسيطر بثقافتها على عقول الناس ووجدانهم على غرار الأبوة البطريركية والنزعة الاستبدادية المنبثقة عن نمط ومنهج سلوكياتها العملياتية وكرهها اللا محدود للفكر والثقافة الحداثوية والنقدية وإشكالية الإصلاح والتحديث وتنمية الشخصية.
هذه العوامل الأساسية تتداخل فرادى ومجتمعة في أهميتها ودرجة تأثيرها وفاعليتها ونتائجها في تأخر دخول الكرد إلى عصر التنظيم والإدارة .
ما زال العقل الكردي مأزوما على كافة المستويات النخبوية وإن تفاوتت النسبة والدرجة عند هذا ذاك.
فهو لا يقبل التغيير وتحديث القديم ويمجد الذات ويتبع التقليد في معالجة أمور حياته لا بالمنطق البراغماتي ومنهج العلوم التجريبية في قراءة واقعه قراءة عقلانية نقدية مغايرة للتفكير والموروث التاريخي والسياسي النضالي للكرد في المراحل الماضية والكشف عن أبعاد هكذا نمط تفكير وتأثيراته المعرفية والسيكولوجية ودوره في أفول وسبات العقل الكردي إن لم نقل استقالته عن الوظيفة الفكرية وتعطبه وانحطاطه في الكثير من القضايا المصيرية وعجزه في طرحه للتفكيك والتحليل والنقد ومن ثم التركيب للخروج بثقافة وفكر حداثي حتى يتمكن الكرد من الانطلاقة من جديد لذا بقي التعثر والفشل من نصيبهم في كل مرة والواقع الراهن خير شاهد ودليل على ما هم عليه من وضع مأزوم.
إن غياب العقل النقدي الكردي وثقافة النقد بكل أشكاله كأدوات ووسائل عصرية ناجعة في تحريك الفكر الراكد وزرع الشك في حقيقة المفاهيم القديمة والمعيقة للتطور والتشهير بممارسات وسلوكيات تتعدى على حقوق الجماعة و تقويم مسار الحراك السياسي الكردي بدل الانتهازية والمساومة والتضليل الفكري والثقافي والمناورة الوجدانية الرخيصة والنزوع إلى الفردية والسياسة الارتجالية والمنبت الاجتماعي المهزوم تاريخيا يجعل من فرص التقدم والتغيير أمر صعب إن لم يكن مستحيلا في هذه الظروف إذا ما بقي الحكم والتدبير ومفاتيح الدخول على فضاء التحرر من قيود وثقافة التقليد من خلال عقلية وذهنية مثل هكذا شخصيات سائدة على الساحة الحركية الكردية الآن.
حيث أن حركة الشعوب تدار من قبل نمط الشخصية القائدة المبدعة وتعتمد أساسا على مدى قوتها لحل وإدارة الأزمات والتفكير الصحيح بالعقل الصحيح واستعدادها للتضحية من اجل أهدافها المعلنة وخلقها لفرص النجاح من خلال وسائل وأدوات ملائمة ومطلوبة لذلك.
كما أن قراءة وتفكيك وتحليل بنية العقل الكردي تثير تساؤلات عدة في مقدمتها سؤال الحرية، الذي يشكل جوهر النهضة والحداثة والتقدم الاجتماعي.
وفي مقدمتها الحرية الفكرية وتحقيق الاستقلال الذاتي للعقل الكردي وجعله عقلا نقديا تنويريا يستطيع الوقوف أمام التحديات ونظام العشيرة الحزبية المتخلفة عن العصر والسلوك الاستبدادي ومناهجه اللاعقلانية، التي سببت تراجع العقل الكردي أمام الموروث السلفي المعيق للتحرر العقلي في بناء الإنسان الكردي الجديد .؟ خلاصة القول: ستتبقى قوة وسلطة العقل فوق كل سلطة وسلطان وصانع للقوة والتغيير فلا تقدم وتغيير في الشأن العام الكردي بدون ملكة الفكر والتفكير الحر بعيدا عن قيود ووصاية الذهنية المتخلفة والسلوك الأناني للنخب الكردية الآنية……… والشواذ لا تلغي القاعدة الأساسية.
11.6.2012
xkalo58@gmail.com