ولعل صفة الدكتاتور التي حلم الأسد الصغير، بأن ينعت به، وذلك عندما قال ذات مرة، رداً على من اتهمه بسذاجته، في الحكم، وخلاصته: إلا أن هناك من يراني، في المقابل، دكتاتوراً!؟، ويبدو أنه كان جد معني، بأن يؤكد في المختبر السوري، كمال دكتاتوريته، بما يرفعه إلى اللياقة بوراثة أبيه، وبشرط مؤسسة الفساد الدموية التي كانت معنية ب”صناعته”، وفق الشرط الوراثي المسبَّق، والموصوف.
وفي استعراض، للانتهاكات التي تمت عبر عقد ونيف من وصول هذا الطاغية، إلى سدة الحكم، خلال الطريق اللاشرعي، وعبر بوابة المؤسسة الأمنية التي فرضته، في إطار حمايتها لمصالح متواشجة، ذاتية، وإقليمية، ودولية، فإننا نجد التضييق على الحريات،والزج بأصحاب الرأي في السجون، وإطلاق أيدي أجهزة المخابرات، ومصادرة الحريات العامة، ومنع الإعلام الحر، وتصفية كل من يقول “لا” لنظام الحكم، واعتبار ذلك خيانة وطنية، بالرغم من أنها أبسط أشكال حرية الرأي، وتطبيق فحوى”عقد المواطنة” المطلوب.
وطبيعي، أن من يكون في مثل هذا المقام، فإن سبيله إلى بسط حكمه، لن يكون إلا عبر خيار الاستبداد والقمع والعنف، وهو الخيار الذي لا مستقبل له، أياً كان شخص المعتمد عليه، لأنه خيار ساقط، مهما كان إرث تعميده الدموي هائلاً، إلا أن الأسد الصغير، لم يرد، وبتوجيه بطانة الحكم الموروثة عن أبيه، أن يكون مجرد طاغية عادي، بل إنه راح يترجم ذلك، عبر الحديد والنار، بشكليهما الحقيقيين، لا المجازيين، ليكون الكلاشينكوف، إلى جانب الآربيجي، والهاون، والقنبلة.
ولتكون الدبابة، إلى جانب المدرعة، والغواصة، والبرمائية، بل وطائرة الهليوكوبتر، والطائرة المقاتلة، وهي كلها أدوات لايمكن أن يستخدمها أحد، إلا دفاعاً عن ترابه من شبح محتل يريد محوه، لا في مواجهة من يريد أن ينشر الحرية والسلام في الوطن، بعد ثبات سقوط هذا النظام، معنوياً، من قبل شعبه، وهنا، أصعب أنواع السقوط، لأن أية مواربة أو مداراة، لإعادته إلى ماضيه، أمر في عداد المحال، وهو ما لا يريد الأسد الصغير تصديقه حتى الآن، غيرمدرك أن ما تركه من قتل وخراب ودمار وحرق، لايمكن أن يستقيم مع بقائه، ونظامه الراحلين لا محالة، لاسيما وأن هناك أربع سقطات لنظام حكمه، إحداها شعبية، والأخرى وطنية، بالإضافة إلى السقطة العربية، والدولية، وهذا ما لايمكن إخفاؤه بأية وصفة، إقليمية، أو دولية، تحتقر الدم السوري الطاهر، حتى ولو بحثنا عنها في” روسيا” أو الصين”…!
وما وصلني ليلة أمس، من خلال عدد من الناشطين، في التنسيقيات الكردية، في جبل الكرد اللاذقي -ووزعت الخبر على بعض وكالات الأنباء ومنها ميديا نيوز- وهو أن طائرات النظام قد رشت غازات ممنوعة، في منطقتهم -كما تم في منطقة الحفة وجبل صهيون، وربما غيرها من الأمكنة المماثلة-وهي من عداد الغاز الكيماوي المحرم، ومن بينها س 516 وغيره: بالإضافة إلى إلقاء القنابل اللولبية في أماكن عدة، تكمل”عدة” الجريمة لدى الأسد الصغير، ونظامه، وتجعله في مصاف صدام حسين أوعلي الكيماوي-وكلاهما من كيماويي الألفية الماضية- إلى جانب غيرهما ممن أمروا أو نفذوا قصف شعبهم بمثل هذه الغازات المحرمة، الأمر الذي يجعلنا أمام صفة أخرى ، هي”الكيماوي” للموصوف الأسد، ليكون “كيماوياً” بامتياز.
ولكن، في ألفية جديدة، صارت هيروشيما وناغازاكي وحلبجة من جراحات التاريخ الماضي، وهذا ما ذهبت إليه شهادات بعض ممثلي التسيقيات، وقد قرأت عما يفعله هذا الغاز بضحيته، عن طريق أحد شبان الثورة،أثناء تواصله معي، قبل عرضه، بوساطة الفضائيات التي نقلت الحدث.
أن يكون بشار الأسد كيماوياً، تلك صفة اختارها، هو بنفسه، إذ لم يعد يهمه أية صورة له، سترتسم في” ذاكرة الأجيال” السورية القادمة، وهي تقرأ كتب التربية الوطنية الجديدة، طاهرة من اسم هذا الطاغية، وصانعيه، حيث سيستذكر تلامذة سوريا، ذات يومي سوري جد قريب، ثورتهم، وشهداءها، الذين ستحفر أسماؤهم، على لوحة الشرف الوطني، كي يشار إلى حفنة من مجرمين مارقين، لوثوا تاريخ المكان، فلفظهم، وشر أعمالهم، إلى الأبد.!
*مقال قيد النشر