ابراهيم اليوسف
تكتب إلي صديقتي اللاذقية، رسالة س.
م .س، سريعة، على هاتفي المحمول، فيها أعلى درجات كهرباء التوتر، تعنونها ب”عتاب شديد المرارة” معاتبة، أنني لم أكتب الكثير عن مدينة “الحفة”، بل رحت أركز على أماكن أخرى من الثورة السورية، وهي التي باتت تعول على أمثالي من الكتاب والإعلاميين الأحرار، تسليط الضوء على مايجري لهذه المدينة المحاصرة، منذ أيام، من عنف وحصار شديدين، بلغ تلك الدرجة التي نشر التلفزيون السوري على شريط إخباري لإحدى فضائياته، أن امتحانات طلاب الشهادتين لأبناء المدينة نقل إلى مدينة اللاذقية..!؟،
تكتب إلي صديقتي اللاذقية، رسالة س.
م .س، سريعة، على هاتفي المحمول، فيها أعلى درجات كهرباء التوتر، تعنونها ب”عتاب شديد المرارة” معاتبة، أنني لم أكتب الكثير عن مدينة “الحفة”، بل رحت أركز على أماكن أخرى من الثورة السورية، وهي التي باتت تعول على أمثالي من الكتاب والإعلاميين الأحرار، تسليط الضوء على مايجري لهذه المدينة المحاصرة، منذ أيام، من عنف وحصار شديدين، بلغ تلك الدرجة التي نشر التلفزيون السوري على شريط إخباري لإحدى فضائياته، أن امتحانات طلاب الشهادتين لأبناء المدينة نقل إلى مدينة اللاذقية..!؟،
دون فائض شروحات، وإن كان الحصار المضروب حول المدينة – وهو الحرب الكبرى أمام من يدفع الضريبة فلا حرب عادية أو صغرى في عرف من تطحنه الحرب- يحول دون تسريب ما ينبغي من معلومات كافية، يمكن الاعتماد عليها، للغوص في تفاصيل مايجري، ذلك لأن آلة النظام الدموي تحاول التعامل مع المجازر التي يخلفها، في كل منطقة، على طريقة خاصة، امتداداً لسلوك عقله الإعلامي المعتاد، وهو شل الثورة، من خلال شلِّ المكان، من جهة، وتقديم نفسه، للعالم الحر، على أنه الضحية، وأن هناك مؤامرة كبرى عليه،من جهة أخرى، ولابأس-هنا- من أن يبكي على من تخلفهم آلة قتله، جثثاً ممثلاً بها، منحورة، مهروسة،مسربلة، كما فعله المدعو بشار الأسد، عندما تصدق على أطفال الحولة واصفاً قتلتهم أنهم”وحوش..!”، وكأنه بمثل هذه العبارة يغسل يديه من دماء هؤلاء الأطفال الذين قتلهم أمنه، وشبيحته، وهيهات للقاتل من أن تمحوكل محيطات العالم وبحاره يده من أدران وأوزار مجرد نقطة دم إنسان بريء..!.
ومدينة الحفة، في ظلّ موقعها الجغرافي، ومواجهتها المباشرة لمهاد الشبيحة الأول، تشكل وضعاً جدّ حسّاس في خريطة الثورة السورية، لاسيما وأن هذا النظام قد أفلح حتى الآن-للأسف-في توفير أدوات الدمار اللازمة، لنسف خريطة سوريا، عن بكرة أبيها، بما في ذلك من نسف للتوزع السكاني، في هذه الخريطة، على مبدأ ثنائيته، في الوطنية واللاوطنية التي راح ينظِّرلها “الأسد الصغير”، في خطابه الأخير أمام ما يسمى ب” مجلس الشعب”، متصرِّفاً بعقلية “القبضاي” و”الشاطر”، و”رئيس العصابة”، لا برؤية رئيس الدولة، كما يريد أن يقدِّم نفسه، هذه الرئاسة التي تعدّ مشروعه الأسري الأكبر، في الحفاظ على الكياسة، ولو آل به الأمر إلى الخساسة، كما يبدو، لأنه بات يدفع سوريا جميعها إلى محرقة لامنجى منها، مادام أن”كرسيه مهدد”..!.
ومدينة الحفة، في ظلّ موقعها الجغرافي، ومواجهتها المباشرة لمهاد الشبيحة الأول، تشكل وضعاً جدّ حسّاس في خريطة الثورة السورية، لاسيما وأن هذا النظام قد أفلح حتى الآن-للأسف-في توفير أدوات الدمار اللازمة، لنسف خريطة سوريا، عن بكرة أبيها، بما في ذلك من نسف للتوزع السكاني، في هذه الخريطة، على مبدأ ثنائيته، في الوطنية واللاوطنية التي راح ينظِّرلها “الأسد الصغير”، في خطابه الأخير أمام ما يسمى ب” مجلس الشعب”، متصرِّفاً بعقلية “القبضاي” و”الشاطر”، و”رئيس العصابة”، لا برؤية رئيس الدولة، كما يريد أن يقدِّم نفسه، هذه الرئاسة التي تعدّ مشروعه الأسري الأكبر، في الحفاظ على الكياسة، ولو آل به الأمر إلى الخساسة، كما يبدو، لأنه بات يدفع سوريا جميعها إلى محرقة لامنجى منها، مادام أن”كرسيه مهدد”..!.
وأهل الحفَّة، هذه المدينة الآمنة، التي تتبع اللاذقية، وكانت أحد حقول التجريب التي يتأبطها الشبيحة، منذ تبلور تسميتهم، تذكر آلاف القصص والحكايات التي ذاقها أبناء هذا المكان، على نحو يومي، من قبل آلة الظلم والاستبداد، بمختلف أدواتها، الرسمية، أو غير الرسمية، وإن كان ثمنها، في كل مرة، كرامات هؤلاء، ودماءهم، وعلى حساب أنَّات جرحاهم وأيتامهم، ودموع وأحزان ثكالاهم ومرمَّلاتهم، وأبنائهم الذين طالما كان يتم ضربهم، على قارعات الطرق،أو داخل بيوتهم، أوفي المفارز الأمنية، لكسر شوكتهم إلى الأبد، كي يدوم ظل الطاغية الأسد،والشوكة هنا”عقد المواطنة” الأعظم الذي يصون إنسانية الإنسان.
تقول صديقتي” أكتب إليك، الآن، على إيقاع موسيقا قصف الطائرات المروحية، وقذائف الهاون، والرصاص، بينما الدبابات تدكُّ حرمة هذه البقعة الصغيرة، التي لا ذنب لأهليها، إلا أنهم باتوا يرفعون أصواتهم قائلين “لا” لنظام آل الأسد، وهم أنموذج يستطيع سرد ما يكفي لملء المجلدات في ظلم شبيحة ومخابرات هذه الأسرة، المستبدة، المتجبرة -في حدود أسماء لصوصها وظلامها الموصوفين- الجاثمة على صدورنا كسوريين، منذ عقود.
وتضيف الصديقة العزيزة: وقدلايتاح لي أن أكتب إليك، ثانية، بعد الآن.، مادامت حياتنا جميعاً مهددة، ولقد كانت لفتة جميلة منك، أن تكتب عن”جبل الأكراد”، وهم شركاؤنا في تلقي جرعة الظلم، ولكن لاتنس مكاناً عزيزاً لديك، في خريطة أعرف حبك لها، وأعني” الحفَّة” و”جبل صهيون”، وهي تستحق وقفة أطول منك، ومن غيرك..!
إنه لمؤلم جداً، أن يكتب امرؤ رسالة، بهذه المرارة، في لحظة مواجهة الذبح، والنحر، والقتل، وانتهاك الكرامة، ومن موقع الحدث الأليم، بل ما أشدّ وطأة الإحساس لدى الكاتب، إنما يكتب رسالة هي الأخيرة، وأنه يطلق صرخة هي الأخيرة، وهو ما عرفناه، في العام 2004، حين كنا نستبشر خيراً أنَّى لمحنا طائراً مغامراً يحلق في سماء المكان، معولين عليه، نشرما يجري من حصار لنا إلى الملأ، وإن كان ليس للكلمة -أمام عقل مثل هذا النظام- أن تفعل أي شيء، مادام هدير الدبابات، والطائرات، أثناء الحرب العاهرة، تبتلع كل شيء، كل هذا يحضرني الآن، وأنا أتصور حال صديقتي، ذات الروح الإنسانية، وهي المعارضة نشأة وروحاً-وقد كانت من عداد المتصلين بي -باستمرار- في انتفاضة آذار2004، مدينة المؤامرة الكبرى على أهلها الكرد.
إن الأسئلة التي تطرحها الثورة السورية، تختلف عن أسئلة كل ثورات المنطقة، ليس لأنها أكثرها نبلاً، وبسالة، و أهمية، وهذه هي الحقيقة، بل إن أسئلة هذه الثورة، هي أسئلة ذات بعد إقليمي، عالمي، لأن استمرار النظام المجرم، هو خطر كارثي ليس فقط على أبناء شعب سوريا، وحده، بل هو تحد وخطر على البشرية، جمعاء، وهذا ما بات العالم كله، يكتشفه، لأنه أحد ركائز الإرهاب العالمي، المهددة للسلام، والاستقرار، والأمان، ومهما عاث هذا النظام دماراً، وخراباً، فإن الثورة السورية تكتب نشيد انتصارها الأزلي، وكل مايفعله النظام الدموي، من محاولات آيسة، لتكذيب دورة التاريخ، إنما قام به من قبل، مجرمو التاريخ البشري، الأشارى، العتاة، الصلفون، دون جدوى، حيث راحت أسماؤهم للجحيم، بينما عاد التاريخ لأصحابه، من صانعيه، الفاعلين.
7-6-2012
• إشارة إلى الأسطورة الفينيقة المعروفة
تقول صديقتي” أكتب إليك، الآن، على إيقاع موسيقا قصف الطائرات المروحية، وقذائف الهاون، والرصاص، بينما الدبابات تدكُّ حرمة هذه البقعة الصغيرة، التي لا ذنب لأهليها، إلا أنهم باتوا يرفعون أصواتهم قائلين “لا” لنظام آل الأسد، وهم أنموذج يستطيع سرد ما يكفي لملء المجلدات في ظلم شبيحة ومخابرات هذه الأسرة، المستبدة، المتجبرة -في حدود أسماء لصوصها وظلامها الموصوفين- الجاثمة على صدورنا كسوريين، منذ عقود.
وتضيف الصديقة العزيزة: وقدلايتاح لي أن أكتب إليك، ثانية، بعد الآن.، مادامت حياتنا جميعاً مهددة، ولقد كانت لفتة جميلة منك، أن تكتب عن”جبل الأكراد”، وهم شركاؤنا في تلقي جرعة الظلم، ولكن لاتنس مكاناً عزيزاً لديك، في خريطة أعرف حبك لها، وأعني” الحفَّة” و”جبل صهيون”، وهي تستحق وقفة أطول منك، ومن غيرك..!
إنه لمؤلم جداً، أن يكتب امرؤ رسالة، بهذه المرارة، في لحظة مواجهة الذبح، والنحر، والقتل، وانتهاك الكرامة، ومن موقع الحدث الأليم، بل ما أشدّ وطأة الإحساس لدى الكاتب، إنما يكتب رسالة هي الأخيرة، وأنه يطلق صرخة هي الأخيرة، وهو ما عرفناه، في العام 2004، حين كنا نستبشر خيراً أنَّى لمحنا طائراً مغامراً يحلق في سماء المكان، معولين عليه، نشرما يجري من حصار لنا إلى الملأ، وإن كان ليس للكلمة -أمام عقل مثل هذا النظام- أن تفعل أي شيء، مادام هدير الدبابات، والطائرات، أثناء الحرب العاهرة، تبتلع كل شيء، كل هذا يحضرني الآن، وأنا أتصور حال صديقتي، ذات الروح الإنسانية، وهي المعارضة نشأة وروحاً-وقد كانت من عداد المتصلين بي -باستمرار- في انتفاضة آذار2004، مدينة المؤامرة الكبرى على أهلها الكرد.
إن الأسئلة التي تطرحها الثورة السورية، تختلف عن أسئلة كل ثورات المنطقة، ليس لأنها أكثرها نبلاً، وبسالة، و أهمية، وهذه هي الحقيقة، بل إن أسئلة هذه الثورة، هي أسئلة ذات بعد إقليمي، عالمي، لأن استمرار النظام المجرم، هو خطر كارثي ليس فقط على أبناء شعب سوريا، وحده، بل هو تحد وخطر على البشرية، جمعاء، وهذا ما بات العالم كله، يكتشفه، لأنه أحد ركائز الإرهاب العالمي، المهددة للسلام، والاستقرار، والأمان، ومهما عاث هذا النظام دماراً، وخراباً، فإن الثورة السورية تكتب نشيد انتصارها الأزلي، وكل مايفعله النظام الدموي، من محاولات آيسة، لتكذيب دورة التاريخ، إنما قام به من قبل، مجرمو التاريخ البشري، الأشارى، العتاة، الصلفون، دون جدوى، حيث راحت أسماؤهم للجحيم، بينما عاد التاريخ لأصحابه، من صانعيه، الفاعلين.
7-6-2012
• إشارة إلى الأسطورة الفينيقة المعروفة
يتبع: 2- “قبرة القبيرة” 3-“سوق الحميدية يكتب اسمه..!”