جان كورد
الروس والصينيون، وهم يشكلون معاً قوةً سياسية وعسكرية واقتصادية وبشرية هائلة في العالم ويمتلكون صوتين للفيتو في مجلس الأمن الدولي، لايزالون من أنصار الاسد السوري سياسياً على الصعيد الدولي وأهم داعميه بالسلاح والعتاد حتى الآن، إضافة إلى ايران التي تموله بالمال والخبرة في مجال مكافحة المعارضة والاعلام والاستخبارات… والغرب الذي يبدو خجولاً من حاله التعيس وموقفه الضعيف، لايجد في الواقع حتى الآن لنفسه سبباً اقتصادياً مغرياً لمغامرة عسكرية على غرار مغامراته السابقة في بلاد البترول (الكويت والعراق وليبيا) ويعلم أنه قد يضطر لدفع أثمان الصواريخ والقذائف الباهظة من جيوبه في هكذا حرب على دولةً مثل سوريا تمتلك دفاعات جوية حصينة وكثيرة، وليس من جيب الشعب السوري الخاوي من المال، فسوريا ليست ثرية مثل تلك البلدان، ولذا يبتكرالغربيون مبرراً تلو الآخر لعدم التدخل العسكري في سوريا لايقاف المجازر والتدمير، ومن هذه المبررات:
الروس والصينيون، وهم يشكلون معاً قوةً سياسية وعسكرية واقتصادية وبشرية هائلة في العالم ويمتلكون صوتين للفيتو في مجلس الأمن الدولي، لايزالون من أنصار الاسد السوري سياسياً على الصعيد الدولي وأهم داعميه بالسلاح والعتاد حتى الآن، إضافة إلى ايران التي تموله بالمال والخبرة في مجال مكافحة المعارضة والاعلام والاستخبارات… والغرب الذي يبدو خجولاً من حاله التعيس وموقفه الضعيف، لايجد في الواقع حتى الآن لنفسه سبباً اقتصادياً مغرياً لمغامرة عسكرية على غرار مغامراته السابقة في بلاد البترول (الكويت والعراق وليبيا) ويعلم أنه قد يضطر لدفع أثمان الصواريخ والقذائف الباهظة من جيوبه في هكذا حرب على دولةً مثل سوريا تمتلك دفاعات جوية حصينة وكثيرة، وليس من جيب الشعب السوري الخاوي من المال، فسوريا ليست ثرية مثل تلك البلدان، ولذا يبتكرالغربيون مبرراً تلو الآخر لعدم التدخل العسكري في سوريا لايقاف المجازر والتدمير، ومن هذه المبررات:
عدم وجود تكليف دولي من مجلس الأمن بذلك…
المعارضة السورية مشتتة…
الإخوان المسلمون والأخوات المسلمات سيسيطرون على البلاد بعد سقوط الأسد…
التدخل العسكري سيلهب المنطقة برمتها لأن ايران وحزب الله لن يقفا مكتوفي الأيادي…
لننتظر نهاية المبادرة العربية… و…
ها هي خطة كوفي عنان، فلندعمها ونرى ما سيحدث…
المعارضة السورية مشتتة…
الإخوان المسلمون والأخوات المسلمات سيسيطرون على البلاد بعد سقوط الأسد…
التدخل العسكري سيلهب المنطقة برمتها لأن ايران وحزب الله لن يقفا مكتوفي الأيادي…
لننتظر نهاية المبادرة العربية… و…
ها هي خطة كوفي عنان، فلندعمها ونرى ما سيحدث…
وهكذا تتوالى التبريرات والمبادرات دون نتائج ملموسة، في حين أن نظام الأسد مستمر في قمعه للشعب السوري وموغل في سفك الدماء وتدمير المدن والقرى السورية على رؤوس المدنيين، أمام أعين العالم كله.
هذه المواقف الدولية غير المساعدة في إنجاز الثورة السورية لهدفها الأول، أي اسقاط نظام الأسد، لاتؤثر سلباً على التطورات الميدانية في الساحة السورية فحسب، حيث الشعب الأعزل يقف في مواجهة جيش عرمرم للنظام، مدعوم بمختلف قوى المرتزقة والشبيحة وأجهزة القمع المدنية، وانما تدفع بسوريا نحو منزلقٍ خطير حقاً، فالانشقاقات المتتالية عن جيش النظام أدت إلى تكوين “الجيش السوري الحر”، الذي يقاتل في العديد من الأرياف والمدن بأسلحة بسيطة منتزعة من أيدي القوات السورية ومنهوبة من مخازنها، وتتعاظم قوة هذا الجيش بالتزامن مع اصراره على التحييد السياسي وبناء سوريا ديموقراطية يتولى فيها الجيش مهام الدفاع عن الوطن والشعب والدستور، عوضاً عن تسخيره لقصف المدن السورية وتقتيل شعبها، وفي مقابل ذلك يخسر جيش النظام يومياً ضباطاً كبار من رتب العقداء والعمداء، اغتيالاً أو اختطافاً أو انشقاقاً طوعياً، بعد أن فقدوا ثقتهم في الجيش النظامي، وبالتالي فإن هذا الوضع العسكري الهش يفسح المجال لنشوء حربٍ طويلة الأمد، في غياب القرار الدولي الحاسم بشأن التدخل العسكري، إضافة إلى نشوء وضعٍ لايحمد عقباه في الأرياف وبعض أحياء المدن الكبيرة، حيث بعض القوى الشعبية الموالية للنظام والمعارضة له أيضاً تقوم بإنشاء الحواجز المسلحة على الطرق العامة، وتفتش الناس والعربات، حسب ما تسميه ب”قوانين حماية الشعب” على حد تصريحات بعض مسؤولي حزب الاتحاد الديموقراطي (الكوردي) في مناطق عفرين وكوباني، الذي يبدو وكأنه حرر “كوردستان سوريا” دون حرب تحرير، وها هو يقيم المحاكم الشعبية الصورية، حتى في داخل مدينة حلب مثلاً، لتحكم على الناس بالاعدام أو التشهير الذاتي أو بالغرامات المالية أو بمنع التزود بالوقود، كما تطلق عناصره النار على الذين لايخضعون لارادته أو يرفضون الانصياع لأوامر التفتيش على تلك الحواجز.
ولقد شاهدنا اليوم على قناة “الجزيرة” نقاط تفتيش مشابهة لما في ريف حلب، في منطقة جبل الأكراد القريبة من مدينة اللاذقية أيضاً، وضعها الأهالي على الطرقات العامة، ومعلوم أن الانتقال بين القرى العلوية في منطقة جبال العلويين يخضع لرقابة مماثلة أيضاً… كما أن لقوات الجيش السوري الحر نقاط تفتيش وحواجز في أنحاء المدن الثائرة… والعشائر العربية في وسط وشرق البلاد تفكر في تنظيم هكذا سيطرات مسلحة…ألا يذكرنا هذا بلبنان أثناء الحرب الأهلية الدامية؟
يبدو ان خطة كوفي عنان الموضوعة بقرار دولي والمدعومة عربياً، لن تحقق شيئاً ملموساً على أرض الواقع السوري، واضطراب موازين القوى بهذا الشكل الذي نراه على الساحة السورية، يوماً بعد يوم، بين قوى النظام وقوى الثورة السورية، دون أن يحقق طرف على آخر انتصاراً ساحقاً سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والتصرف الذاتي من قبل هذه المجموعة السياسية – المسلحة أو تلك، طالما لم يتوصل المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرارٍ بالتدخل لصالح الشعب السوري ضد وحشية النظام، وطالما لم يحدث انشقاق قوات عسكرية ضخمة عن جيش النظام يؤثر بشكل حاسم في تغير ميزان القوى لصالح الثورة.
سوريا صارت على حافة الهاوية بسبب تعنت النظام الذي لايستطيع الاعتراف حتى اليوم بأنه غير مرغوب فيه من قبل شعبه، ولايتصور ابداً بأن ما يحدث في سوريا ثورة شعب يرفض الاستبداد والطغيان الفئوي، وأن الشباب السوري يريد كغيره من شباب المنطقة حياة في الحرية الحقيقية، كما يعتقد هذا النظام بأن أسلوبه في إدارة البلاد يمكن أن يكون أنموذجاً رائعاً في قيادة الشعوب، وأنه يتعرض إلى مؤامرة دولية بسبب مواقفه العظيمة حيال الدفاع عن قضايا الأمة العربية، وهو النظام ذاته الذي يقصف المدن السورية في يوم ذكرى احتلال جزء من بلاده، وكأن هذا الاحتلال لم يتم أبداً، ويكتفي برسالة تذكير للأمم المتحدة بصدد “الجولان” المحتل، في حين أن جيشه، جيش التحرير والدفاع، يسفك دماء المواطنين دون انقطاع، منذ اندلاع الثورة السورية الكبرى… حتى أن السوريين صاروا يحسدون أهل الجولان على الأمن الذي يتمتعون به في ظل الاحتلال الاسرائيلي، كما نسمع من بعضهم.
سوريا في المنزلق الخطير، وقد تتشقق البلاد كثوبٍ عتيق بسبب عمق الصراع واستمراره بين الشعب والنظام، وتضارب مصالح الفئات وتجاذبات المكونات المختلفة، وكثرة الأيادي المنغمسة في اللعبة السورية اليوم.
وإذا لم يتحرك العالم الخارجي لوقف هذه الكارثة الدموية، فإن سوريا قد تلحق الصومال واليمن في عدم الاستقرار وفي تعاظم المحاور المتصارعة، أما أن تعود البلاد إلى الحظيرة الأسدية كما كانت عليه قبل شهور، فهذا حلم أتباع الاسد وشبيحته ومجرميه الكبار، والحلم غير الحقيقة والواقع.
هذه المواقف الدولية غير المساعدة في إنجاز الثورة السورية لهدفها الأول، أي اسقاط نظام الأسد، لاتؤثر سلباً على التطورات الميدانية في الساحة السورية فحسب، حيث الشعب الأعزل يقف في مواجهة جيش عرمرم للنظام، مدعوم بمختلف قوى المرتزقة والشبيحة وأجهزة القمع المدنية، وانما تدفع بسوريا نحو منزلقٍ خطير حقاً، فالانشقاقات المتتالية عن جيش النظام أدت إلى تكوين “الجيش السوري الحر”، الذي يقاتل في العديد من الأرياف والمدن بأسلحة بسيطة منتزعة من أيدي القوات السورية ومنهوبة من مخازنها، وتتعاظم قوة هذا الجيش بالتزامن مع اصراره على التحييد السياسي وبناء سوريا ديموقراطية يتولى فيها الجيش مهام الدفاع عن الوطن والشعب والدستور، عوضاً عن تسخيره لقصف المدن السورية وتقتيل شعبها، وفي مقابل ذلك يخسر جيش النظام يومياً ضباطاً كبار من رتب العقداء والعمداء، اغتيالاً أو اختطافاً أو انشقاقاً طوعياً، بعد أن فقدوا ثقتهم في الجيش النظامي، وبالتالي فإن هذا الوضع العسكري الهش يفسح المجال لنشوء حربٍ طويلة الأمد، في غياب القرار الدولي الحاسم بشأن التدخل العسكري، إضافة إلى نشوء وضعٍ لايحمد عقباه في الأرياف وبعض أحياء المدن الكبيرة، حيث بعض القوى الشعبية الموالية للنظام والمعارضة له أيضاً تقوم بإنشاء الحواجز المسلحة على الطرق العامة، وتفتش الناس والعربات، حسب ما تسميه ب”قوانين حماية الشعب” على حد تصريحات بعض مسؤولي حزب الاتحاد الديموقراطي (الكوردي) في مناطق عفرين وكوباني، الذي يبدو وكأنه حرر “كوردستان سوريا” دون حرب تحرير، وها هو يقيم المحاكم الشعبية الصورية، حتى في داخل مدينة حلب مثلاً، لتحكم على الناس بالاعدام أو التشهير الذاتي أو بالغرامات المالية أو بمنع التزود بالوقود، كما تطلق عناصره النار على الذين لايخضعون لارادته أو يرفضون الانصياع لأوامر التفتيش على تلك الحواجز.
ولقد شاهدنا اليوم على قناة “الجزيرة” نقاط تفتيش مشابهة لما في ريف حلب، في منطقة جبل الأكراد القريبة من مدينة اللاذقية أيضاً، وضعها الأهالي على الطرقات العامة، ومعلوم أن الانتقال بين القرى العلوية في منطقة جبال العلويين يخضع لرقابة مماثلة أيضاً… كما أن لقوات الجيش السوري الحر نقاط تفتيش وحواجز في أنحاء المدن الثائرة… والعشائر العربية في وسط وشرق البلاد تفكر في تنظيم هكذا سيطرات مسلحة…ألا يذكرنا هذا بلبنان أثناء الحرب الأهلية الدامية؟
يبدو ان خطة كوفي عنان الموضوعة بقرار دولي والمدعومة عربياً، لن تحقق شيئاً ملموساً على أرض الواقع السوري، واضطراب موازين القوى بهذا الشكل الذي نراه على الساحة السورية، يوماً بعد يوم، بين قوى النظام وقوى الثورة السورية، دون أن يحقق طرف على آخر انتصاراً ساحقاً سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والتصرف الذاتي من قبل هذه المجموعة السياسية – المسلحة أو تلك، طالما لم يتوصل المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرارٍ بالتدخل لصالح الشعب السوري ضد وحشية النظام، وطالما لم يحدث انشقاق قوات عسكرية ضخمة عن جيش النظام يؤثر بشكل حاسم في تغير ميزان القوى لصالح الثورة.
سوريا صارت على حافة الهاوية بسبب تعنت النظام الذي لايستطيع الاعتراف حتى اليوم بأنه غير مرغوب فيه من قبل شعبه، ولايتصور ابداً بأن ما يحدث في سوريا ثورة شعب يرفض الاستبداد والطغيان الفئوي، وأن الشباب السوري يريد كغيره من شباب المنطقة حياة في الحرية الحقيقية، كما يعتقد هذا النظام بأن أسلوبه في إدارة البلاد يمكن أن يكون أنموذجاً رائعاً في قيادة الشعوب، وأنه يتعرض إلى مؤامرة دولية بسبب مواقفه العظيمة حيال الدفاع عن قضايا الأمة العربية، وهو النظام ذاته الذي يقصف المدن السورية في يوم ذكرى احتلال جزء من بلاده، وكأن هذا الاحتلال لم يتم أبداً، ويكتفي برسالة تذكير للأمم المتحدة بصدد “الجولان” المحتل، في حين أن جيشه، جيش التحرير والدفاع، يسفك دماء المواطنين دون انقطاع، منذ اندلاع الثورة السورية الكبرى… حتى أن السوريين صاروا يحسدون أهل الجولان على الأمن الذي يتمتعون به في ظل الاحتلال الاسرائيلي، كما نسمع من بعضهم.
سوريا في المنزلق الخطير، وقد تتشقق البلاد كثوبٍ عتيق بسبب عمق الصراع واستمراره بين الشعب والنظام، وتضارب مصالح الفئات وتجاذبات المكونات المختلفة، وكثرة الأيادي المنغمسة في اللعبة السورية اليوم.
وإذا لم يتحرك العالم الخارجي لوقف هذه الكارثة الدموية، فإن سوريا قد تلحق الصومال واليمن في عدم الاستقرار وفي تعاظم المحاور المتصارعة، أما أن تعود البلاد إلى الحظيرة الأسدية كما كانت عليه قبل شهور، فهذا حلم أتباع الاسد وشبيحته ومجرميه الكبار، والحلم غير الحقيقة والواقع.