شموس وأقمار سوريا

عمر كوجري

خرج قبل أيام وزير التربية السوري ليصرح للتلفزيون الوطني أن وضع طلبة سوريا بألف خير، والأمن والأمان يخيمان على البلد، ويظللانه بظلاله الوثيرة.
استغرب الوزير الدعايات المغرضة من «البعض» بأنه ربما تم تأجيل الامتحانات بسبب الظروف غير الطبيعية التي تمر بالبلد من خروج محافظات عديدة من برنامج الدراسة بسبب اجتياحها من قبل الجيش أو تعرض بعضها للقصف، وتهجير عشرات الآلاف من السكان سواء خارج سوريا في الملاذات غير الآمنة القريبة أو البعيدة نسبياً، وكذلك التهجير والتشرد ضمن البلاد، وتوزيعهم على المحافظات «الهادئة» نسبياً بسبب تعرض منازلهم للدهم أو الحرق وغيرها من الأسباب «الوجيهة والموضوعية»
  بل رش الوزير بارفان الأمان على مستضيفيه، وحاول أن يبث الطمأنينة في قلوب جميع السوريين، وان اعداد الطلبة المرشحين للتقدم للامتحانات هذا العام الدراسي أكثر من طلبة العام الذي مضى، وأنه ليس هناك ما يستدعي أي قلق جراء الوضع الحالي الذي يمر بالبلد، وكان لا علاقة لطلبة سوريا بكل ما يجري، وظروفهم أكثر من راقية ليبدعوا، ويقدموا امتحاناتهم في أجواء غاية في الراحة والأمان وخاصة الأمان النفسي!!
ويأتي تصريح الوزير في ظل أوضاع أكثر من استثنائية، فثمة العديد من الطلاب من تعرض للقتل، أو الاعتقال أو الفقدان بين حانا هذا الجهاز الامني ومانا الجهاز الآخر، وبين مركز الاعتقال هذا ومركز الاعتقال ذاك، فكيف سيكون الوضع النفسي لزملائه؟
ويبدو ان تصريحات الوزير تشبه إلى بعيد تصريحات باقي زملائه من الوزراء، وخاصة وزير النفط الذي في عز أزمة المازوت والغاز في الشتاء وحتى الآن يخرج للإعلام بأن كل من يقول ان هناك أزمة لا ينطلق من دوافع” وطنية” وأرض الواقع تقول إن الأزمة في عز اشتداداها، وان قنينة الغاز تباع الآن بأكثر من ألف ليرة، ومفقودة، أما مادة المازوت فلا تسأل؟؟
صباح أمس، توجه عشرات الآلاف من طلاب وطالبات سوريا، ولسان حالهم يتجاوز تطمينات سيادة الوزير، ويقول: إن ظروف دراستهم وتلقيهم للعلم في العام الدراسي الحالي كانت غاية في الصعوبة إن لم يكن من السوء، فالآلاف انقطعوا عن المدارس بسبب الأوضاع الأمنية غير المستتبة مطلقاً، وبسبب تحويل العديد من المدارس للحرق، او تحويلها إلى ثكنات عسكرية للجيش أو مراكز مؤقتة للاعتقال وغيرها.
في المناطق الساخنة لم يستطع الكثير العامل في السلك التربوي والتعليمي من متابعة مهامهم بسبب هذه الأوضاع الشاذة، وسبق لوزير التربية ان صرح للإعلام بأن الوزارة ليست مضطرة للمجازفة بأرواح المدرسين والمعلمين، والمهمة الاساس هي المحافظة على حياتهم!!
كيف ستكون ظروف البلاد مريحة وباعثة للاطمئنان في ظل هذا الواقع الأليم؟؟
هل يستوي في تصحيح علامة الامتحان طالب من الخالدية وبابا عمرو ودوما أو جاسم وناحتة مع طالب في طرطوس أو السويداء أو حتى دمشق؟
في هذا الصباح، نقول لكل طلبة سوريا، صباح الخير أيها الرائعون، أنتم أملنا في المستقبل، أنتم شموسنا وأقمارنا في سوريا المستقبل.
وللطلبة الشهداء أو المعتقلين أو المهجرين أو المغيبين نقول:
طوبى لسوريا بكم..

طوبى لكم أيها المثمرون في زمن اليباس..

يا ورود الرمل.
   emerkoceri@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…