لانهم سياسيون

كلش

لست سياسياً ، وأحاول قدر الإمكان عدم الخوض في لعبتها! لكن تصريحات رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان الأخيرة ، حول الكرد وعدم وجود قضية كردية في جمهورية أتاتورك ( العنصرية ) على الأقل إلى الآن!! دفعتني إلى كتابة هذه الكلمات عساها تكون رداً مقنعاً ومنطقياً على تلك التصريحات وعذرًا من كل من يريد الرد على هذا ( الأتاتوركي حتى النخاع ) ، لم أكن في محل توقعاته .


فالمتتبع للوضع الكردي على وجه الخصوص في تركيا ، لابد وأنه يتذكر زيارة أردوغان لآمد قلعة الكرد الحصينة (وهي زيارة للطرف الكردي وبالضرورة دون اعتراف علني بذلك ) وتصريحاته فيها حول وجود قضية كردية ، وأنه يعتبر القضية الكردية قضيته الشخصية ، ووعد المحتشدين من البسطاء بحل عادل لهذه القضية كونها تستنفذ طاقات أبناء البلد الواحد ، وما لاقته هذه الدعوى و التصريحات في الإعلام التركي والكردي على السواء ، وزرع الأمل في نفوس الكثيرين من البسطاء ممن يتحاشون ممارسة السياسة أو الاقتراب منها؟؟

ومع مرور الزمن ، تحولت هذه التصريحات إلى مجرد كتابة على لوح جليدي ذاب مع حرارة الأحداث وتسارعها وتداخلها مع بعضها في المنطقة.


حيث كان هدفه من ذلك الضغط على الحركة السياسية الكردية، بشقيها ( الشرعي واللا شرعي ) والقصد هنا: حركة أحمد ترك وغيره [ الشرعية] وحركة أوجلان [ اللا شرعية ] والإرهابية ، طبعاً بحسب تصنيفهم ، لتقديم ما يمكن تقديمه من تنازلات للجانب التركي ، متناسياً أن المكاسب التي وصلت إليها حركة التحرر الكردية هي مكاسب شعبية قبل أن تكون حزبية، ومعروف أن المكاسب لايمكن التنازل عنها عندما يتبناها الشعب، كون الحركة الحزبية قابلة لأن تتنازل عن المكاسب بضغوط أو بصفقة معلنة و أكثرها في الخفاء، وما تجربة أكراد كردستان الجنوب إلا خير دليل.


هنا لا ننكر دور الحركة السياسية وتضحياتها في خدمة القضية المركزية لكن المكاسب الشعبية تصبح خطوط حمراء [ تابو ] لا يجوز الاقتراب منه ، بالنسبة لقضية تبناها شعب مضطهد.


وهنا بدأ الكرد باللعب بعد أن رمى أردوغان الكرة في ملعبهم بحرفية ومهنية كونهم تمرسوا على ميراث ضخم من التجارب السياسة الناجحة والفاشلة وما بينهما.


فمن الداخل بسط الكرد على امتداد الخارطة التركية ببناء المؤسسات والهيئات الأهلية لشرح قضيته الديمقراطية وأن القضية الكردية هي قضية ديمقراطية قبل أن تكون سياسية ، وأن الكرد يقبلون قدرهم كونهم من حوامل القضية الديمقراطية في الوطن الذي يضمهم وغيرهم في بوتقة الدولة الواحدة شرط قبول الآخر[ أي الطرف التركي ] بوجود شريك معه في هذا الوطن ، يتمتع بكافة امتيازات المواطنة العصرية؟؟
ومن الخارج ( المبعد قسراً) فهم حزب العمال مفردات رسالة أردوغان عبر فك طلاسمه، وأعلن وقف عمليات الكريلا شرط إلتزام الطرف التركي به وأنهم فقط في هدنة شرط الدفاع المشروع عن كل ما يهدد حياتهم وكيانهم كحركة سياسية- عسكرية.


ولا ننسى البعد الدولي للقضية الكردية، فليس من اليسير تقبل وجود دولة بحجم كردستان وشعب بعدد الكرد وما يتطلب ذلك من تغيير في الخارطة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط الكبير، وتعارض في المصالح والإرادات بين كافة الأطراف الإقليمية والدولية عامة ودول القرار العالمي بشكل خاص ، أقولها بصراحة عندما ترفض وجودك ، لا تنتظر من أحد أن يعترف بك.


وواضح للمتتبع الساحات التي يمكن أن تلعب فيها الحركة السياسية الكردية من خلال العمق الكردستاني ، وهي ما لم تلجأ إليها الحركات السياسية الكردية( في كل جزء) في نظرنا، كون كل طرف يحاول التمسك بكل ما يمكن أن تفيده في حل قضيته فلما لا يحاول الكرد ذلك ، ولن يعدموا الوسائل إن وجدت النية، وهذا ليس تدخلاً ، بل هي ألف باء السياسة وهي رغبة المواطن الكردي قبل كل هذا وذاك، والشعب الكردي أصبح يملك قيادات مجربة وتمتلك من الحنكة السياسية والدبلوماسية ما يؤهلها من كشف اللعب والمؤامرات الدولية والإقليمية بسهولة.


أسوق كل ذلك ،لأعود إلى تصريحات أردوغان الأخيرة (قبل يومين ) والتي يتبجح فيها بعدم قضية تسمى قضية كردية في تركية رغم قوله بوجود 50 نائب في البرلمان التركي ؟؟؟
قد يعتبره البعض [أقصد أردوغان] سياسياً لا مبدئياً ، لكن لم أتفاجأ بتصريحاته لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فليسأل كل كردي نفسه ما قيمة أردوغان ومن لف لفه في معادلة السياسة التركية؟؟
من يحكم تركيا في المقام الأول، من له كلمة الفصل في الامور المفصلية والمصيرية؟؟
ثم من ينتظر من أردوغان حلاً لقضية 45 مليون كردي، وهو إلى الآن مسلوب في إرادته بحل أصغر قضية في تركية، فرغم توجهه نحو الانضمام إلى الحديقة الأوروبية ، لكن أسياده أحفاد الإنكشارية لا يسمحون له بالتمادي أكثر، بل توجهه نحو إحياء منظومة التحالفات الإقليمية لهو دليل لا غبار عليه على تحركه تحت ظل أسياده العسكر، فمن تصريحاته أيضاً هو التهديد المبطن للكرد في كردستان الجنوب بعدم التوجه نحو إعلان الاستقلال كونهم وإلا واجهوا غضب دول الجوار ( المحيطة ) أليس هذا تدخل معلن في تحديد مصير الكرد دون إرادته؟؟ أين الديمقراطية التي يتواقح بالتحدث عنها ، ألا يمكن للكرد أن يستثمروا العمق الكردستاني للتدخل في شؤون الغير في الدول المحيطة ، ما سر هذا الرجل الذي يدّعي الاسلاموية، ويتوق إلى الحديقة الغربية، وفي نفس الوقت مرتداً عن ما قاله بالأمس في آمد ؟؟
هل هي من مبادىء كل سياسي يمتهن السياسة مهنة؟؟؟ ، أم أنه يعزف على وتر إن المبدأ الأساس للسياسة هي أنها بلا مبدأ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…