ابراهيم محمود لست المنبوذ فينا

علي صالح ميراني

      تذوقت كل قطرة عسل توسدت سطورك بأناة يا استاذ ابراهيم، وقرأت كل مفردة جاءت في منشورك المنثور فوق لوحك الفضي، الباسط لذراعيه بصمت عميق، منشورك الذي فتن وسحر محراب السكينة، وهالني كل الضباب الكثيف الذي زرعوه في روحك، وشعرت بطيف ناسك اسيف، بخطوات ثقيلة هده التعب، وقومه عنه لايزالون غير مكترثين، اجهده الصراخ باذان قوم يعيشون الام المخاض، فيما  هم سعداء ان يكونوا في حالة المجرور به، ناسك يحذرهم من الخنادق المحفورة للتسلل الى حصونهم في وقت هم عنها غافلون، يا استاذ انت اخترت شراء السلعة الاغلى، فلا تحزن لانك تدفع السعرالاعلى، ومن يحوز الاولية، من الطبيعي ان يمسه الضر الاكبر، ممن نضج دمله، وامتلأ بالقيح، من بنادق بيادق كتيبة الدرجة الثالثة.
     يا استاذ آلمني انقباض صدرك من بعض بني جلدتك، فيما نحن احوج ما نكون لكتاباتك الاشبه بالنسيج الذي يضمد جروحنا، فلا تلتفت الى من هم يريدون تعشيق التروس حتى يوقفوا سرعة دورات حركة التاريخ، ولا تبتئس لمعاولهم الصدأة، فشجرة دلبك الخضراء لاتزال ملعبا لعصافيرنا، ولا تحزن ان تحولت شجيرات بعضهم اوكارا لاسراب الجراد التي تغير مجتمعة على منطقة ما لتحيلها بورا، ولا تلم فزاعات، همها ان تكون جنيات في خدمة السحرة، فيما قلمك شاروبيم قد من شجر الكرز.

    جريمتك انت تكتب ما تشعر انه مستقر بجرابك بحرارة المتلهف لاكتشاف سر الكينونة الاولى، ولا تتقن فن كتابة مقالات مخرمة مليئة بالثقوب والفجوات يوعز بها، يدبجها من حرفته التزوير والتزييف في كل ساعة وحين، وذنبك الوحيد انك لم ترد ان تصبح فرشا ملمعا يستعمل داخل حذاء احدى الوجاهات لتوسيعه لها كيفما يشاء.
  دعني اصارحك، ان قلمك اصبح عند الكثيرين معولا لتقليب ارض المحظورات بغية اقتلاع جذور الكذب والرياء، فلا يحزنك من لاك وعلك سيرتك، لانها كائنات بأفواه والسنة تشبه المفاتيح المصممة لفتح كل الابواب على اختلاف اقفالها، اما انت فلا تصلح الا لفتح باب واحد، وليس ذنبك انك لم تخلق دودة تعيش على كبد الحقيقة، كما يعشعش بعض الديدان الاكثر من طفلية، او تتقمص دور الخنزير الذي يخصى ويربى للذبح، او تكون بيضة مسلوقة  ومعدة مسبقة لان تكسر في الاعياد والمناسبات، لقد اردت ان تشفينا من خللنا والتهيج الذي يصيبنا، غير اننا جعلناك مكبودا ، نطلب فروة رأسك بمشارط حججنا المتهافتة.
   لم ترد لقلمك ان يكون قلم احمر الشفاه او قلم تركيب المكياج والتجميل لمن لا تتوسم فيهم الخير اصلا، قلم همه ان يطنب في مدح الاخر، او ان تقف في صف المنتظرين لركوب باص احدهم، او ان تتحول الى غرنوق يرقص على سطح بيت متزلف، تهمتك يا استاذ انك تعودت العيش على الاقلال والنزر اليسير والكفاف، وهم المتعودون على ان يكونوا المتخمين، اتدري لماذا لم يعزوك في مصابك بامك؟ لان القاتل يشيح بوجهه عن منظر من قتله بجهله.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تمعنوا، وفكروا بعمق، قبل صياغة دستور سوريا القادمة. فالشعب السوري، بكل مكوناته، لم يثر لينقلنا من دمار إلى آخر، ولا ليدور في حلقة مفرغة من الخيبات، بل ثار بحثًا عن عدالة مفقودة، وكرامة منهوبة، ودولة لجميع أبنائها، واليوم، وأنتم تقفون على مفترق مصيري، تُظهر الوقائع أنكم تسيرون في ذات الطريق الذي أوصل البلاد إلى الهاوية….

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…